ظلت عيناه تتنقلان بين الرضيع الغافي على صدر امه وبين الصحراء المترامية الاطراف عن يمينه وشماله فيما يتهادى الباص كهودج فوق بعير سكران . ما أن اسند رأسه على المقعد المرتج عله يحظى بأغفائة اسوة ببقية المسافرين حتى تجمعت حوله ذكريات قريبة وبعيدة كقطيع كلاب سائبة لكن ذكرى زواجه المشؤوم كانت الاكثر نباحا بوجه ذاكرته المهترئة .
لم يجد مبررات كافية لأصراره على الزواج من أرملة تكبره بعشرة اعوام سوى أعجابه بخطابها الثوري عن الحرية والمساواة والبحث عن عوالم جديدة وأعادة أكتشاف الكون كان حديثها يشبه كوكتيلا ثقافيا أو تجميعا لعناوين كتب ومقولات استهلكها رواد الموائد في نادي الادباء بعاصمتيه الشتوية المغلقة والصيفية تحت نخلة الجواهري الذي سيزور قبره فور وصوله مقبرة الغرباء .
يقطع صوت مساعد السائق نباح ذكرياته ليدعوا الركاب للنزول في استراحة كتب على مدخلها مطعم محمد الكردي فيما شاهد صبية يبدلون لوحات ارقام السيارات المغادرة بأرقام أخرى فيتسائل من يستطيع ابدال لوحة ذكريات الخيبة بلوحة فارغة لا تحتوي اسماء الأصدقاء الذين رحلوا مبكرا جدا منهم من اكلته الحروب ومنهم من أكلته الحروب ايضا فلا احد يموت بلا حرب الموت والحرب وجهان لشخص واحد جناحان لطائر واحد .
عند المركز الحدودي يلاطفه الموظفون بعد قرائتهم لمهنته المثبتة على جوازه <نصاص>
– استاد ماذا تعني كلمة نصاص
يجيب بتثاؤب على السؤال الاكثر قرفا في حياته المقرفة اصلا
– نصاص كلمة معناها كاتب النص .
وبألحاح يمتاز به الرجال الذين لا ينظفون اسنانهم يردفه بسؤال ثان
– وما هو النص الذي كتبته حضرتك .
– كتبت عن السيد مسؤول المراكز الحدودية كلها .
وبأنبطاح يليق بموظف مسلكي سلمه جوازه مع ابتسامة غبية كقطعة خبز مغمسة بزيت حار يحيط بها الدود من كل جانب .
مسحت عيناه الارض الجرداء الفاصلة بين المكان الذي جاء منه والمكان الذاهب اليه والتي يسمونها حدودا من اطلق عليها هذه التسمية ومن حددها ومن اكسب هذه الارض جنسية غير تلك وبم تختلف احداهما عن الاخرى فكلاهما قاحلة موحشة فجأة لفت انتباهه عشرات الخيم المتراصة بشكل هندسي ذكره بمعسكرات التدريب التي دخلها عشرات المرات ,
تبرع احد المسافرين المحترفين بشرح سياحي لهذه الخيم .
– انهم فلسطينيون عالقون هنا فلا بقاء لهم هناك ولا دخول لهم هناك .
كان يؤشر بكلتا يديه كمن يريد بيع بضاعة بائرة . واستطرد يشرح للركاب
– انا أذهب وأعود اسبوعيا حتى صرت زبونا حدوديا يعرفني السائقون ورجال الكمارك وأصحاب المطاعم .
دون ان يغلق أذنيه تلاشى صوت المسافر المحترف فيما تعالت اصوات اخرى محدثة دويا هائلا في جمجمته العطشى لكأس من العرق حتى لو كان مغشوشا
غريب ماتفعله الخمرة في رأسه فهي الصديقة والام الحنون وأي حديث عن مضار الكحول والتدخين ليست اكثر من هذيان لحمقى يتركون ايامهم تتسرب من بين ايديهم وسط مختبرات ودوارق وجراثيم وأوهام .
– وأنت فيم افنيت ايامك التي هربت منك زرافات ووحدانا . هربت منك بالجملة <شلع> . متى زاغت منك ايام الصبا ام تراها ايام الصبابة ، ايام كنت تفلق الحجر بمخيالك الخصب اللذيذ , لم تخلق المرأة التي تقاوم نظرة عينيك الساحرة . نامت معك الاف النساء جلهن نجمات السينما ، وحدها سعاد حسني نجحت في أغوائك مرتين ، وبالتأكيد لن تنسى تلك المطربة الشابة السمراء التي توسط لها كل اصدقائك من اجل ليلة واحدة معها ، ولكنك بعنادك ونرجسيتك رفضت .
ولم أحزن على ايامي التي ولت بلا رجعة . لقد كانت ايام نحس وفقر وعذابات لاتنتهي ، فمن النهوض المبكر والتوجه لمسطر العمالة الى ايام علوة الفواكه والخضر ، فخدمة العلم فالحرب فالأسر فالشيخوخة المبكرة والعودة الى اصدقاء غربتهم الطرقات ودجلة الذي ضاق حتى عاد كالعرجون القديم .
اللعنة على تلك الايام ، لاعادت ولا اريدها ، اللعنة على ما فات ، واللعنة على ما هو آت ، والعمر فات فات وفي نفسي سبع خيبات .
خيبتي في شهادتي التي ظلت معلقة ولم تحمني من تنظيف القاذورات في الزنازين الموحشة الرطبة القاسية .
خيبتي في حبيبتي التي رفعت شعار < لو ملازم لو ملازم > فتزوجت اول ملازم عاكسها في سوق المدينة ومات بعد زواجهما بأسبوعين لينشز ايامها بجدارة .
خيبتي بأصدقائي الذين استبدلوا رفاق الأمس بكراسي المؤسسات وسكرتيرات يفهمن سياسة المص والنفخ بأمتياز يحسب لهن لا عليهن .
خيبتي بأسناني المتساقطة تباعا كعقاب جماعي لفصيل مشاكس .
خيبتي بمدينتي المتربة دوما وكأنها تطين ايامها لتعاقب ابنائها العاقين .
خيبتي بك ايها الحصان الهرم لقد خططنا لغزوات ومعارك نخوضها وها أنت تتخلى عن فارسك بعد ان رفعت المدن تنانيرها لتعلن استسلامها الطوعي
خيبتي بالكتابة التي أزالت حكومات في اماكن اخرى فيما لم تنجح ان تدخل البطاقة التموينية اسوة بمفردات الحياة الاساسية كالعدس والفاصولياء .
– أخوان وصلنا كراج السيدة حمد الله على السلامة .
قطع الصوت الاجش مسلسل خيباته ليواجه ازمة المبيت لما تبقى من هذه الليلة
بعد جولة قصيرة كان يلقي بجسده على سرير وسط غرفة يشاركه فيها ستة مسافرين كانوا معه وقد ملأت رائحة البيض المسلوق قبل عام الفيل اجواء المكان . وبعد صراع لم يدم طويلا انتصر الاعياء على غاز البيض والمسافرين معا فراح يكمل سمفونية الشخير التي ابتدأها اصغر المسافرين عمرا
بدا شارع العراقيين مدخل السيدة زينب كأبن غير شرعي لزواج خفي بين شارعي السعدون والكفاح وبدت خطوات العابرين اسرع وهم يتوزعون بين المطاعم الرخيصة والبحث عما جلبه القادمون من بضائع محلية كالعنبة الهندية
كان هاجس الوصول لجرمانا هو الأكسير الوحيد الذي يحرضه على البقاء والصمود وتحمل كل غباء الاخرين ، وحين أحس بقرب نفاد صبره أشار لأول سيارة أجرة لتقله على بساط الريح الاصفر الى هناك الى جرمانا حيث تسكن أخته الوحيدة والتي هربت منذ سنين وتناهى الى سمعه من أحد السكارى أنه رأها في جرمانا وقرر حينذاك ان يأتي ليراها ويطمئن على أخر نساء نسله المنقرض
كانت الحيرة تلصق شفتيه ببعضهما فلم يجد اجابة لأسئلة السائق اللجوج عن مكان نزوله فطلب النزول قبالة اول مطعم كتب عليه < اكلات عراقية >
دلف الى المطعم واضعا حقيبته التي سقطت عجلاتها في أزقة السيدة ورمى جسده على اول كرسي ليجد النادل واقفا فوق رأسه ليرمي بورقة ملونة
ذكرته بأوراق الانتخابات مع ابتسامة باهتة
– شتاكل عمي ؟
بوغت بالسؤال على بساطته . كان يكره الاسئلة بل يخافها فمذ صفعه ابوه في طفولته بعد أن سأل عن معنى كلمة من حرفين ضل يتحاشى الاسئلة حتى في مدرسته حين لم يكن يفهم شيئا من مدرسه ضل هاجس الصفعة قرينه الذي يأبى الفراق .
لايذكر ماذا او كيف تناول طعامه لكن حرقة في معدته اثبتت نظريته المزمنه حول عدم صلاحية طعام المطاعم ونساء المواخير والكتب التي توزع مجانا
تنور يسجر ناره بضراوة في صدره الذي هدته السجائر التي التهمها عبر نصف قرن حتى ان اصدقاءه كانوا يقولون له لم لا تصنع شطيرة سجائر وتأكلها بدلا من تدخينك المفرط وكان يرد بشاعرية غريبة
– السجائر أمي التي أرضعتني هواءها ولن أكون عاقا معها كحال من أرضعتني حليبها .
لهيب النار يتزايد بدا له ان اقراصا نارية استقرت في رئتيه وأن الدخان بدأ يظهر من أذنيه وما عاد يرى سوى اشباح لاناس يقفون فوق جثته قائلين
– خطية هذا جاء ليبحث عن أخته التي قتلت فجر اليوم في الملهى
ما عاد يفرق بين ألم نيرانه وجراح كلماتهم وهولها لكنه أقنع نفسه كعادته انا لست مريضا وأختي لم تقتل في الملهى وهولاء اشباح في كابوس سيء سيخرج كالغازات من مؤخرتي
ضاق تنفسه وانقبضت يداه وبدأ يصغي بأنتباه عجيب لشخيره المموسق كسلام وطني أحس بروحه تحلق عاليا فوق العشرات الذين تحلقوا فوق جثته كذباب المجازر
حلق عاليا
عاليا
ماعاد يرى شيئا سوى بضع غيمات بيضاء فيما تراءت له من بعيد عاصفة ترابية تتجه صوب بيته القديم وربما كان شبح اخته يمتطي صهوة العاصفة .
* عن
جرمانا
لم يجد مبررات كافية لأصراره على الزواج من أرملة تكبره بعشرة اعوام سوى أعجابه بخطابها الثوري عن الحرية والمساواة والبحث عن عوالم جديدة وأعادة أكتشاف الكون كان حديثها يشبه كوكتيلا ثقافيا أو تجميعا لعناوين كتب ومقولات استهلكها رواد الموائد في نادي الادباء بعاصمتيه الشتوية المغلقة والصيفية تحت نخلة الجواهري الذي سيزور قبره فور وصوله مقبرة الغرباء .
يقطع صوت مساعد السائق نباح ذكرياته ليدعوا الركاب للنزول في استراحة كتب على مدخلها مطعم محمد الكردي فيما شاهد صبية يبدلون لوحات ارقام السيارات المغادرة بأرقام أخرى فيتسائل من يستطيع ابدال لوحة ذكريات الخيبة بلوحة فارغة لا تحتوي اسماء الأصدقاء الذين رحلوا مبكرا جدا منهم من اكلته الحروب ومنهم من أكلته الحروب ايضا فلا احد يموت بلا حرب الموت والحرب وجهان لشخص واحد جناحان لطائر واحد .
عند المركز الحدودي يلاطفه الموظفون بعد قرائتهم لمهنته المثبتة على جوازه <نصاص>
– استاد ماذا تعني كلمة نصاص
يجيب بتثاؤب على السؤال الاكثر قرفا في حياته المقرفة اصلا
– نصاص كلمة معناها كاتب النص .
وبألحاح يمتاز به الرجال الذين لا ينظفون اسنانهم يردفه بسؤال ثان
– وما هو النص الذي كتبته حضرتك .
– كتبت عن السيد مسؤول المراكز الحدودية كلها .
وبأنبطاح يليق بموظف مسلكي سلمه جوازه مع ابتسامة غبية كقطعة خبز مغمسة بزيت حار يحيط بها الدود من كل جانب .
مسحت عيناه الارض الجرداء الفاصلة بين المكان الذي جاء منه والمكان الذاهب اليه والتي يسمونها حدودا من اطلق عليها هذه التسمية ومن حددها ومن اكسب هذه الارض جنسية غير تلك وبم تختلف احداهما عن الاخرى فكلاهما قاحلة موحشة فجأة لفت انتباهه عشرات الخيم المتراصة بشكل هندسي ذكره بمعسكرات التدريب التي دخلها عشرات المرات ,
تبرع احد المسافرين المحترفين بشرح سياحي لهذه الخيم .
– انهم فلسطينيون عالقون هنا فلا بقاء لهم هناك ولا دخول لهم هناك .
كان يؤشر بكلتا يديه كمن يريد بيع بضاعة بائرة . واستطرد يشرح للركاب
– انا أذهب وأعود اسبوعيا حتى صرت زبونا حدوديا يعرفني السائقون ورجال الكمارك وأصحاب المطاعم .
دون ان يغلق أذنيه تلاشى صوت المسافر المحترف فيما تعالت اصوات اخرى محدثة دويا هائلا في جمجمته العطشى لكأس من العرق حتى لو كان مغشوشا
غريب ماتفعله الخمرة في رأسه فهي الصديقة والام الحنون وأي حديث عن مضار الكحول والتدخين ليست اكثر من هذيان لحمقى يتركون ايامهم تتسرب من بين ايديهم وسط مختبرات ودوارق وجراثيم وأوهام .
– وأنت فيم افنيت ايامك التي هربت منك زرافات ووحدانا . هربت منك بالجملة <شلع> . متى زاغت منك ايام الصبا ام تراها ايام الصبابة ، ايام كنت تفلق الحجر بمخيالك الخصب اللذيذ , لم تخلق المرأة التي تقاوم نظرة عينيك الساحرة . نامت معك الاف النساء جلهن نجمات السينما ، وحدها سعاد حسني نجحت في أغوائك مرتين ، وبالتأكيد لن تنسى تلك المطربة الشابة السمراء التي توسط لها كل اصدقائك من اجل ليلة واحدة معها ، ولكنك بعنادك ونرجسيتك رفضت .
ولم أحزن على ايامي التي ولت بلا رجعة . لقد كانت ايام نحس وفقر وعذابات لاتنتهي ، فمن النهوض المبكر والتوجه لمسطر العمالة الى ايام علوة الفواكه والخضر ، فخدمة العلم فالحرب فالأسر فالشيخوخة المبكرة والعودة الى اصدقاء غربتهم الطرقات ودجلة الذي ضاق حتى عاد كالعرجون القديم .
اللعنة على تلك الايام ، لاعادت ولا اريدها ، اللعنة على ما فات ، واللعنة على ما هو آت ، والعمر فات فات وفي نفسي سبع خيبات .
خيبتي في شهادتي التي ظلت معلقة ولم تحمني من تنظيف القاذورات في الزنازين الموحشة الرطبة القاسية .
خيبتي في حبيبتي التي رفعت شعار < لو ملازم لو ملازم > فتزوجت اول ملازم عاكسها في سوق المدينة ومات بعد زواجهما بأسبوعين لينشز ايامها بجدارة .
خيبتي بأصدقائي الذين استبدلوا رفاق الأمس بكراسي المؤسسات وسكرتيرات يفهمن سياسة المص والنفخ بأمتياز يحسب لهن لا عليهن .
خيبتي بأسناني المتساقطة تباعا كعقاب جماعي لفصيل مشاكس .
خيبتي بمدينتي المتربة دوما وكأنها تطين ايامها لتعاقب ابنائها العاقين .
خيبتي بك ايها الحصان الهرم لقد خططنا لغزوات ومعارك نخوضها وها أنت تتخلى عن فارسك بعد ان رفعت المدن تنانيرها لتعلن استسلامها الطوعي
خيبتي بالكتابة التي أزالت حكومات في اماكن اخرى فيما لم تنجح ان تدخل البطاقة التموينية اسوة بمفردات الحياة الاساسية كالعدس والفاصولياء .
– أخوان وصلنا كراج السيدة حمد الله على السلامة .
قطع الصوت الاجش مسلسل خيباته ليواجه ازمة المبيت لما تبقى من هذه الليلة
بعد جولة قصيرة كان يلقي بجسده على سرير وسط غرفة يشاركه فيها ستة مسافرين كانوا معه وقد ملأت رائحة البيض المسلوق قبل عام الفيل اجواء المكان . وبعد صراع لم يدم طويلا انتصر الاعياء على غاز البيض والمسافرين معا فراح يكمل سمفونية الشخير التي ابتدأها اصغر المسافرين عمرا
بدا شارع العراقيين مدخل السيدة زينب كأبن غير شرعي لزواج خفي بين شارعي السعدون والكفاح وبدت خطوات العابرين اسرع وهم يتوزعون بين المطاعم الرخيصة والبحث عما جلبه القادمون من بضائع محلية كالعنبة الهندية
كان هاجس الوصول لجرمانا هو الأكسير الوحيد الذي يحرضه على البقاء والصمود وتحمل كل غباء الاخرين ، وحين أحس بقرب نفاد صبره أشار لأول سيارة أجرة لتقله على بساط الريح الاصفر الى هناك الى جرمانا حيث تسكن أخته الوحيدة والتي هربت منذ سنين وتناهى الى سمعه من أحد السكارى أنه رأها في جرمانا وقرر حينذاك ان يأتي ليراها ويطمئن على أخر نساء نسله المنقرض
كانت الحيرة تلصق شفتيه ببعضهما فلم يجد اجابة لأسئلة السائق اللجوج عن مكان نزوله فطلب النزول قبالة اول مطعم كتب عليه < اكلات عراقية >
دلف الى المطعم واضعا حقيبته التي سقطت عجلاتها في أزقة السيدة ورمى جسده على اول كرسي ليجد النادل واقفا فوق رأسه ليرمي بورقة ملونة
ذكرته بأوراق الانتخابات مع ابتسامة باهتة
– شتاكل عمي ؟
بوغت بالسؤال على بساطته . كان يكره الاسئلة بل يخافها فمذ صفعه ابوه في طفولته بعد أن سأل عن معنى كلمة من حرفين ضل يتحاشى الاسئلة حتى في مدرسته حين لم يكن يفهم شيئا من مدرسه ضل هاجس الصفعة قرينه الذي يأبى الفراق .
لايذكر ماذا او كيف تناول طعامه لكن حرقة في معدته اثبتت نظريته المزمنه حول عدم صلاحية طعام المطاعم ونساء المواخير والكتب التي توزع مجانا
تنور يسجر ناره بضراوة في صدره الذي هدته السجائر التي التهمها عبر نصف قرن حتى ان اصدقاءه كانوا يقولون له لم لا تصنع شطيرة سجائر وتأكلها بدلا من تدخينك المفرط وكان يرد بشاعرية غريبة
– السجائر أمي التي أرضعتني هواءها ولن أكون عاقا معها كحال من أرضعتني حليبها .
لهيب النار يتزايد بدا له ان اقراصا نارية استقرت في رئتيه وأن الدخان بدأ يظهر من أذنيه وما عاد يرى سوى اشباح لاناس يقفون فوق جثته قائلين
– خطية هذا جاء ليبحث عن أخته التي قتلت فجر اليوم في الملهى
ما عاد يفرق بين ألم نيرانه وجراح كلماتهم وهولها لكنه أقنع نفسه كعادته انا لست مريضا وأختي لم تقتل في الملهى وهولاء اشباح في كابوس سيء سيخرج كالغازات من مؤخرتي
ضاق تنفسه وانقبضت يداه وبدأ يصغي بأنتباه عجيب لشخيره المموسق كسلام وطني أحس بروحه تحلق عاليا فوق العشرات الذين تحلقوا فوق جثته كذباب المجازر
حلق عاليا
عاليا
ماعاد يرى شيئا سوى بضع غيمات بيضاء فيما تراءت له من بعيد عاصفة ترابية تتجه صوب بيته القديم وربما كان شبح اخته يمتطي صهوة العاصفة .
* عن
جرمانا