الصديق العزيز يوسف إدريس
تحياتى وتقديرى وشكرا كثيرا على كلماتك
فى مجلة «شموع»
أن مجلة يكتب فيها يوسف إدريس تستحق منى أن اشتريها وأقرأها..
بل وأرسل إليها هذه القصة القصيرة ومقدمة مسرحية «ازيس» لقد قاطعت معظم المجلات والصحف المصرية قراءة وكتابة لأسباب متعددة، وكنت أنوى طبع مسرحيتى «إزيس» دون نشر فى المجلات لولا ظهور «شموع» وكلماتك فيها.
كذلك كنت أنوى نشر مجموعتى القصصية الجديدة دون نشر فى المجلات والصحف.
لكنى أرسل إليك قصة منها وهى «بيوتيفول» إذا رأيت بعد قراءة المقدمة أن المسرحية يمكن أن تنشر على حلقات مثلا، فأرجو إخبارى لأرسل إليك المسرحية، لكن يهمنى نشر المقدمة كمقال قبل نشر المسرحية على أى حال إذا لم يمكنك نشر أى شيء فى «شموع» فإنى أقدر لك جهودك الكبيرة لتشجيع الفن الحقيقى.
لك تحياتى وتحيات شريف
نوال السعداوى
=============
عزيزى الدكتور يوسف ادريس
فى مقالك بالأهرام 12 يناير 1987 تحدثت عن مشاكلنا. جعلت أول أسبابها غياب العدل. وأنا معك تماما. العدل غائب فى حياتنا العامة والخاصة. فلا يمكن أن يظلم الإنسان فى بيته ثم يفتح الباب ويخرج فيصبح عادلا فى مكاتب الدولة أو البرلمان.
وأنا معك أن الناس تكتب كل يوم. الذين يعرفون الكتابة والذين لا يعرفون. والمشاكل تزيد لا تقل. ولم يعد هناك من لا يكتب عن غياب العدل وانتشار الظلم والمحسوبية والاختلاس والرشوة والديون والمجاعة ومذابح الحروب. صحف الحكومة تكتب. وصحف المعارضة تكتب. لكن الحلقة المفرغة تدور إلى الخلف. إلى مزيد من ظلم الفئات الأفقر والأضعف، رجالا أو نساء، إلى مزيد من الهوة بين الفقير والغنى وبين الرجل والمرأة وانعدام تكافؤ الفرص وغياب قيمة الكفاءة والعمل والابداع.
أخطر ما فى الأمر أن هذه الردة نحو الظلم تحدث تحت اسم العدل. وإذا غاب العدل باسم العدل؟ وإذا غابت كلمة الله باسم كلمة الله؟ فماذا يفعل الناس؟
لماذا يتبارى الجميع لارتداء عباءة الاسلام وامتلاك كلمة الله؟ وإذا كانت كلمة الله مكتوبة والناس لا تعرف القراءة فماذا يكون المصير؟
إن الفقهاء يتنافسون اليوم على كلمة الله. من يعرفها أكثر؟ من يقرأها ويفسرها؟ وأيهما عند الله الصواب بناء قبة جامع أم بناء بيت وتقديم طعام لأطفال بلا مأوى جياع. أيهما عند الله الصواب قطع يد السارق أم القضاء على الفقر والظلم.
وينشغل الفقهاء ويشغلون الناس معهم بالألفاظ. هل الخمار يعنى النقاب أم الحجاب. هل العدل يعنى الحق أو المساواة.
قرأت لأحد الفقهاء الذى أصبح يملك كلمة الله ويملك معها صفحة كاملة ينشر فيها كل يوم أو كل يومين. كتب يقول إن العدل ليس هو المساواة، لأن المساواة ضد كلمة الله، فالله أمر بالتوازن ولم يأمر بالمساواة. ولم يشرح لنا ما هو التوازن، والتوازن بين مَنْ ومَنْ؟ وهل هذا التوازن أمر ثابت فى كل زمان ومكان؟ ثم يقول إن الله أمر بالتساوى فى حقوق المواطنة فقط وليس فى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية. شيء غريب فعلا أن نقرأ هذا الكلام تحت اسم الله. ولا أحد يرد. ويواصل الفقيه مقاله قائلا: هل يمكن أن يتساوى الحاكم بالمحكوم فى الأجر؟ وهل يمكن أن يتساوى الرجل البالغ بالطفل؟ وهل يمكن أن تتساوى المرأة بالرجل؟ هذا كله ضد الفطرة. وضد كلمة الله. والمساواة فى هذه الأمور تخالف العدل.
أرسلت ردا إلى الجريدة لم ينشر بالطبع. فالجريدة يملكها أحد أحزاب المعارضة. والحزب لا يريد أن يغضب القوى الإسلامية المنظمة.
وهكذا تختفى المعارضة الحقيقية داخل أحزاب المعارضة. لا أحد يحترم الرأى المخالف إلا إذا كان مدججا بقوة سياسية أو عسكرية أو دينية. القوة فوق الحق، هذا شعار الجميع. ولهذا يغيب العدل.
إن العدل هو الحق، والحق هو المساواة بين البشر على أساس العمل والكفاءة والإنتاج وليس على أساس القرابة أو النوع أو الجنس أو الصلة بالحاكم وذوى السلطة. والعدل ليس مطلقا مائة فى المائة فى أى مجتمع. لكن العدل هو السعى نحو مزيد من العدل. نحو مزيد من تكافؤ الفرص بين الفقراء والأغنياء الرجال والنساء الحاكمين والمحكومين.
إن مفهوم الحاكم أو الرئيس لا يعنى المزيد فى الأجر. ولكنه يعنى المزيد من المسئولية. رئيس الجيش يسير فى المقدمة وليس فى المؤخرة. يتلقى الضربات الأولى. القائد أول من يضحى ويعطى وآخر من يأخذ ويغتنم.
فى مقالك كتبت أن الأطباء الاجتماعيين التقليديين ينشغلون بمشاكل فرعية مثل الانفجار السكانى الذى لا يشغل بال إلا ٪1 من الناس فى مصر. وأنا معك فى هذا لكن ما هو السبب؟ هل هو الجهل بالمشاكل الأساسية؟ هل هو الخوف من التصدى للأسباب الحقيقية؟ هل هو التقرب إلى السلطة العليا؟أذكر أن الرئيس تحدث مرة عن الانفجار السكانى فإذا بنا لا نقرأ شيئا إلا عن المشكلة السكانية. وتحدث مرة عن الصحوة الكبرى. ولم يهدأ قلم فى مصر حتى كتب عن الصحوة الكبرى.
لماذا يسعى الناس فى مصر للتقرب من السلطة؟ لأن السلطة فى بلادنا تعنى المكسب. صاحب السلطة آخر من يضحى وأول من يأخذ. هو أول من يُصدر القرار وهو آخر من يحاسب. ويقتضى العدل أن الحساب يزيد بازدياد السلطة. لكن العكس عندنا يحدث. نحن نحاسب المرؤوس ولا نحاسب الرئيس.
الفلسفة فى بلادنا لم تتغير منذ نشوء العبودية. فلسفة تقوم على محاسبة العبد على أخطاء السيد. ومعاقبة المرأة على أخطاء الرجل. فلسفة تقوم على تقديم كبش الفداء للذبح بدلا من المذنب الأكبر. فلسفة تقوم على الفصل بين السلطة والمسئولية. فى الدولة وفى العائلة على حد سواء. هذا الانفصام الخطير بين السلطة والمسئولية هو المرض العضال الذى يطرد العدل من كل شبر فى حياتنا العامة أو الخاصة. هذا الانفصام يحدث تحت ستار الدين. وتحت ستار كلمة الله. مع أن الدين هو العدل. هدف الدين الوحيد هو العدل. وكلمة الله العليا هى العدل. ولا تزر وازرة وزر أخرى. وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل. أنتم أعلم بشئون دنياكم. إذا تعارض النص مع مصلحة الناس غُلبت المصلحة على النص.
لكنهم يشغلون الناس بالنصوص والألفاظ ويتجاهلون مصالح الناس ومشاكلهم الملحة. وأنا لست معك فى أن مشاكلنا لا تحدث لأى شعب فوق الأرض. لقد سافرت إلى افريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية. وجدت المشاكل ذاتها. الديون الخارجية والحروب والتبعية وصعود التيارات الدينية المتعصبة.
أموال المعونات الأجنبية ترسل إلى بلاد العالم الثالث لبناء المساجد أو الكنائس وليس لبناء المصانع أو المدارس أو البيوت. تكلف طلاء قبة كنيسة فى جوانتمالا ما يزيد على تكاليف بناء مساكن لقرية تهدمت فى الحرب.
أكبر عبء ديون خارجية فى العالم هو فى البلاد الافريقية. نحو مائتى مليار دولار عام 1986، تدهورت صادرات افريقيا من ستين مليار دولار عام 1980 إلى أربعين مليارا عام 1986 كل عام ترتفع الفوائد على الديون وتنخفض أسعار المواد الخام ومنها البترول. ندفع أكثر مما نأخذ. ونبيع بأرخص مما نشترى. وننتج ما لا نأكل. ونأكل ما لا ننتج.
هذه هى الحلقة المفرغة التى تدور فيها جميع البلاد النامية التابعة للقوى الرأسمالية العالمية. كيف نكسر هذه الحلقة؟ كيف تتحرر الدولة الأضعف من الدولة الأقوي؟ كيف تتحرر الفئة الأضعف فى المجتمع الواحد من الفئة الأقوي؟ كيف يتحرر الفرد الأضعف فى العائلة الواحدة من الفرد الأقوى؟
كيف يمكن أن يكون الحق فوق القوة؟ سؤال له جواب واحد. على الأضعف صاحب الحق أن يسعى للحصول على القوة. فالحق بغير قوة عجز وفشل. والقوة بغير حق إرهاب وظلم. الحق بغير سلطة ضائع. والسلطة بغير مسئولية طاغية وباطشة. ،أول خطوة أن نضع القواعد أو النظام الذى يكفل محاسبة صاحب السلطة مهما كان وفى أى مكان.
تحياتى وتقديرى وشكرا كثيرا على كلماتك
فى مجلة «شموع»
أن مجلة يكتب فيها يوسف إدريس تستحق منى أن اشتريها وأقرأها..
بل وأرسل إليها هذه القصة القصيرة ومقدمة مسرحية «ازيس» لقد قاطعت معظم المجلات والصحف المصرية قراءة وكتابة لأسباب متعددة، وكنت أنوى طبع مسرحيتى «إزيس» دون نشر فى المجلات لولا ظهور «شموع» وكلماتك فيها.
كذلك كنت أنوى نشر مجموعتى القصصية الجديدة دون نشر فى المجلات والصحف.
لكنى أرسل إليك قصة منها وهى «بيوتيفول» إذا رأيت بعد قراءة المقدمة أن المسرحية يمكن أن تنشر على حلقات مثلا، فأرجو إخبارى لأرسل إليك المسرحية، لكن يهمنى نشر المقدمة كمقال قبل نشر المسرحية على أى حال إذا لم يمكنك نشر أى شيء فى «شموع» فإنى أقدر لك جهودك الكبيرة لتشجيع الفن الحقيقى.
لك تحياتى وتحيات شريف
نوال السعداوى
=============
عزيزى الدكتور يوسف ادريس
فى مقالك بالأهرام 12 يناير 1987 تحدثت عن مشاكلنا. جعلت أول أسبابها غياب العدل. وأنا معك تماما. العدل غائب فى حياتنا العامة والخاصة. فلا يمكن أن يظلم الإنسان فى بيته ثم يفتح الباب ويخرج فيصبح عادلا فى مكاتب الدولة أو البرلمان.
وأنا معك أن الناس تكتب كل يوم. الذين يعرفون الكتابة والذين لا يعرفون. والمشاكل تزيد لا تقل. ولم يعد هناك من لا يكتب عن غياب العدل وانتشار الظلم والمحسوبية والاختلاس والرشوة والديون والمجاعة ومذابح الحروب. صحف الحكومة تكتب. وصحف المعارضة تكتب. لكن الحلقة المفرغة تدور إلى الخلف. إلى مزيد من ظلم الفئات الأفقر والأضعف، رجالا أو نساء، إلى مزيد من الهوة بين الفقير والغنى وبين الرجل والمرأة وانعدام تكافؤ الفرص وغياب قيمة الكفاءة والعمل والابداع.
أخطر ما فى الأمر أن هذه الردة نحو الظلم تحدث تحت اسم العدل. وإذا غاب العدل باسم العدل؟ وإذا غابت كلمة الله باسم كلمة الله؟ فماذا يفعل الناس؟
لماذا يتبارى الجميع لارتداء عباءة الاسلام وامتلاك كلمة الله؟ وإذا كانت كلمة الله مكتوبة والناس لا تعرف القراءة فماذا يكون المصير؟
إن الفقهاء يتنافسون اليوم على كلمة الله. من يعرفها أكثر؟ من يقرأها ويفسرها؟ وأيهما عند الله الصواب بناء قبة جامع أم بناء بيت وتقديم طعام لأطفال بلا مأوى جياع. أيهما عند الله الصواب قطع يد السارق أم القضاء على الفقر والظلم.
وينشغل الفقهاء ويشغلون الناس معهم بالألفاظ. هل الخمار يعنى النقاب أم الحجاب. هل العدل يعنى الحق أو المساواة.
قرأت لأحد الفقهاء الذى أصبح يملك كلمة الله ويملك معها صفحة كاملة ينشر فيها كل يوم أو كل يومين. كتب يقول إن العدل ليس هو المساواة، لأن المساواة ضد كلمة الله، فالله أمر بالتوازن ولم يأمر بالمساواة. ولم يشرح لنا ما هو التوازن، والتوازن بين مَنْ ومَنْ؟ وهل هذا التوازن أمر ثابت فى كل زمان ومكان؟ ثم يقول إن الله أمر بالتساوى فى حقوق المواطنة فقط وليس فى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية. شيء غريب فعلا أن نقرأ هذا الكلام تحت اسم الله. ولا أحد يرد. ويواصل الفقيه مقاله قائلا: هل يمكن أن يتساوى الحاكم بالمحكوم فى الأجر؟ وهل يمكن أن يتساوى الرجل البالغ بالطفل؟ وهل يمكن أن تتساوى المرأة بالرجل؟ هذا كله ضد الفطرة. وضد كلمة الله. والمساواة فى هذه الأمور تخالف العدل.
أرسلت ردا إلى الجريدة لم ينشر بالطبع. فالجريدة يملكها أحد أحزاب المعارضة. والحزب لا يريد أن يغضب القوى الإسلامية المنظمة.
وهكذا تختفى المعارضة الحقيقية داخل أحزاب المعارضة. لا أحد يحترم الرأى المخالف إلا إذا كان مدججا بقوة سياسية أو عسكرية أو دينية. القوة فوق الحق، هذا شعار الجميع. ولهذا يغيب العدل.
إن العدل هو الحق، والحق هو المساواة بين البشر على أساس العمل والكفاءة والإنتاج وليس على أساس القرابة أو النوع أو الجنس أو الصلة بالحاكم وذوى السلطة. والعدل ليس مطلقا مائة فى المائة فى أى مجتمع. لكن العدل هو السعى نحو مزيد من العدل. نحو مزيد من تكافؤ الفرص بين الفقراء والأغنياء الرجال والنساء الحاكمين والمحكومين.
إن مفهوم الحاكم أو الرئيس لا يعنى المزيد فى الأجر. ولكنه يعنى المزيد من المسئولية. رئيس الجيش يسير فى المقدمة وليس فى المؤخرة. يتلقى الضربات الأولى. القائد أول من يضحى ويعطى وآخر من يأخذ ويغتنم.
فى مقالك كتبت أن الأطباء الاجتماعيين التقليديين ينشغلون بمشاكل فرعية مثل الانفجار السكانى الذى لا يشغل بال إلا ٪1 من الناس فى مصر. وأنا معك فى هذا لكن ما هو السبب؟ هل هو الجهل بالمشاكل الأساسية؟ هل هو الخوف من التصدى للأسباب الحقيقية؟ هل هو التقرب إلى السلطة العليا؟أذكر أن الرئيس تحدث مرة عن الانفجار السكانى فإذا بنا لا نقرأ شيئا إلا عن المشكلة السكانية. وتحدث مرة عن الصحوة الكبرى. ولم يهدأ قلم فى مصر حتى كتب عن الصحوة الكبرى.
لماذا يسعى الناس فى مصر للتقرب من السلطة؟ لأن السلطة فى بلادنا تعنى المكسب. صاحب السلطة آخر من يضحى وأول من يأخذ. هو أول من يُصدر القرار وهو آخر من يحاسب. ويقتضى العدل أن الحساب يزيد بازدياد السلطة. لكن العكس عندنا يحدث. نحن نحاسب المرؤوس ولا نحاسب الرئيس.
الفلسفة فى بلادنا لم تتغير منذ نشوء العبودية. فلسفة تقوم على محاسبة العبد على أخطاء السيد. ومعاقبة المرأة على أخطاء الرجل. فلسفة تقوم على تقديم كبش الفداء للذبح بدلا من المذنب الأكبر. فلسفة تقوم على الفصل بين السلطة والمسئولية. فى الدولة وفى العائلة على حد سواء. هذا الانفصام الخطير بين السلطة والمسئولية هو المرض العضال الذى يطرد العدل من كل شبر فى حياتنا العامة أو الخاصة. هذا الانفصام يحدث تحت ستار الدين. وتحت ستار كلمة الله. مع أن الدين هو العدل. هدف الدين الوحيد هو العدل. وكلمة الله العليا هى العدل. ولا تزر وازرة وزر أخرى. وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل. أنتم أعلم بشئون دنياكم. إذا تعارض النص مع مصلحة الناس غُلبت المصلحة على النص.
لكنهم يشغلون الناس بالنصوص والألفاظ ويتجاهلون مصالح الناس ومشاكلهم الملحة. وأنا لست معك فى أن مشاكلنا لا تحدث لأى شعب فوق الأرض. لقد سافرت إلى افريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية. وجدت المشاكل ذاتها. الديون الخارجية والحروب والتبعية وصعود التيارات الدينية المتعصبة.
أموال المعونات الأجنبية ترسل إلى بلاد العالم الثالث لبناء المساجد أو الكنائس وليس لبناء المصانع أو المدارس أو البيوت. تكلف طلاء قبة كنيسة فى جوانتمالا ما يزيد على تكاليف بناء مساكن لقرية تهدمت فى الحرب.
أكبر عبء ديون خارجية فى العالم هو فى البلاد الافريقية. نحو مائتى مليار دولار عام 1986، تدهورت صادرات افريقيا من ستين مليار دولار عام 1980 إلى أربعين مليارا عام 1986 كل عام ترتفع الفوائد على الديون وتنخفض أسعار المواد الخام ومنها البترول. ندفع أكثر مما نأخذ. ونبيع بأرخص مما نشترى. وننتج ما لا نأكل. ونأكل ما لا ننتج.
هذه هى الحلقة المفرغة التى تدور فيها جميع البلاد النامية التابعة للقوى الرأسمالية العالمية. كيف نكسر هذه الحلقة؟ كيف تتحرر الدولة الأضعف من الدولة الأقوي؟ كيف تتحرر الفئة الأضعف فى المجتمع الواحد من الفئة الأقوي؟ كيف يتحرر الفرد الأضعف فى العائلة الواحدة من الفرد الأقوى؟
كيف يمكن أن يكون الحق فوق القوة؟ سؤال له جواب واحد. على الأضعف صاحب الحق أن يسعى للحصول على القوة. فالحق بغير قوة عجز وفشل. والقوة بغير حق إرهاب وظلم. الحق بغير سلطة ضائع. والسلطة بغير مسئولية طاغية وباطشة. ،أول خطوة أن نضع القواعد أو النظام الذى يكفل محاسبة صاحب السلطة مهما كان وفى أى مكان.