كنت أجلس على الكرسي صاغيًا إليه،
وحين أنهى هذا الأخرس حديثه الطويل،
طقطق أصابع يديه!
فبين حديث وآخر ترتجفُ أصابعه
كما لو أنها تجر نفَسًا،
صحيح أنه لم يتذوق طعم الكلمة من قبل
ولكنه وحده من يستطيع الإمساك بها،
أنا أتحدث عن الكلمات الخشنة
فالكلمات اللطيفة والمعسولة تنزلق من بين اصابعه
هذا الأخرسُ، صديقي
وهو أيضًا لا يلفظ حرف “الراء”!
ففي حربِ 2003 حينَ كُنا بِمتناول الشظايا،
خسر أحد أصابعه!
هذا الكائنُ المهجور
يعيشُ الصمتَ وكأنه في عبورٍ مستمرٍ للشارع!
ودائمًا عندما أتحدث معه، لا يحرك يديهِ أبدًا،
فلقد عرفتُ هذا الرجل مؤدبًا ولا يقاطعُ كلامَ أحد!
صديقي الأخرس هذا،
حاول مرة أن يقول كلمة “لغم”،
كانت المرة الأولى التي يستخدم فيها أخرس قدمه للتعبير!
إثر ذلك سقطتُ عن الكرسي،
وأنا على الأرض
رأيتُ امرأة بثوبٍ أسود
تُمسك ورقةً ممزقةً وقلمًا،
فرسائل الجنود التي تدخل حقل الألغام،
تخرجُ منه ممزقة
مثل لعبة الكلمات المتقاطعة،
هكذا هُم الجنود أيضًا
تخرجُ أجسادهم بأكثر من ظل!
عدت وجلست ثانيةً على الكرسي
رأيتُ صديقًا قديمًا
عادوا به من الجبهةِ
كان بقدمين سليمتين،
أنا أتحدثُ عن النصفِ الممتلئِ من الكأس!
الآن وبعد كل هذه الألغام،
كيف يمكنني أن أقنع الكرسي الذي أجلسُ عليه الآن
بأن لا تتحول أرجلهُ إلى عجلات!
* العراق.
موقع ك ت ب
كرسي في الحديقة العامة .. أكرم الأمير - ك ت ب
وحين أنهى هذا الأخرس حديثه الطويل،
طقطق أصابع يديه!
فبين حديث وآخر ترتجفُ أصابعه
كما لو أنها تجر نفَسًا،
صحيح أنه لم يتذوق طعم الكلمة من قبل
ولكنه وحده من يستطيع الإمساك بها،
أنا أتحدث عن الكلمات الخشنة
فالكلمات اللطيفة والمعسولة تنزلق من بين اصابعه
هذا الأخرسُ، صديقي
وهو أيضًا لا يلفظ حرف “الراء”!
ففي حربِ 2003 حينَ كُنا بِمتناول الشظايا،
خسر أحد أصابعه!
هذا الكائنُ المهجور
يعيشُ الصمتَ وكأنه في عبورٍ مستمرٍ للشارع!
ودائمًا عندما أتحدث معه، لا يحرك يديهِ أبدًا،
فلقد عرفتُ هذا الرجل مؤدبًا ولا يقاطعُ كلامَ أحد!
صديقي الأخرس هذا،
حاول مرة أن يقول كلمة “لغم”،
كانت المرة الأولى التي يستخدم فيها أخرس قدمه للتعبير!
إثر ذلك سقطتُ عن الكرسي،
وأنا على الأرض
رأيتُ امرأة بثوبٍ أسود
تُمسك ورقةً ممزقةً وقلمًا،
فرسائل الجنود التي تدخل حقل الألغام،
تخرجُ منه ممزقة
مثل لعبة الكلمات المتقاطعة،
هكذا هُم الجنود أيضًا
تخرجُ أجسادهم بأكثر من ظل!
عدت وجلست ثانيةً على الكرسي
رأيتُ صديقًا قديمًا
عادوا به من الجبهةِ
كان بقدمين سليمتين،
أنا أتحدثُ عن النصفِ الممتلئِ من الكأس!
الآن وبعد كل هذه الألغام،
كيف يمكنني أن أقنع الكرسي الذي أجلسُ عليه الآن
بأن لا تتحول أرجلهُ إلى عجلات!
* العراق.
موقع ك ت ب
كرسي في الحديقة العامة .. أكرم الأمير - ك ت ب