محمد علي شمس الدين - ثُلاثيّة على مقامِ الحجاز.. شعر

النخيل

سبحانَ من خلقَ النخيلَ تهزُّهُ في الليلِ «مريمُ» كي يؤانسَ خوفها أو يسُدَّ جوعَ المريميّة بالذي عقد الثمارَ على الإزار ومدّ كفّاً غضّةً بيضاء نحو الطفلِ كانَ الطفلُ يضحك من تهافت نجمتين على السريرِ وحوله وقف المجوس محدقين كأنهم جِنٌّ من الصحراء جاءوا فوق أسنمة الجمالِ كأنّ هذا الشرقَ موسيقى ولم يخطرْ ببال المريميّة أن أغصان النخيل تجفّ فوق الطفل تخدش جسمه العاري وتسلمه إلى ليل الجزيرةِ لم يكنْ في بال «مريم» أن يسيل النخل أنهاراً وتشربه الرمالُ فلا يُرى في الأرضِ غير قوافل العطشى ودمدمةِ الذئاب.

عوّامة على النيل

ما للسفينة وهي تمخر في العباب خفيفةً وكأنها تعلو وتهبط ثم تعلو كي تطير بجانحين من الخيالِ ولا تُرى إلاّ كطاووسٍ يسافرُ في مياهِ النيل ناووسٍ ترصّعه النجوم ويرتدي من كهرباءِ الليل زينته الغريبةَ؟ أرسَلَ الرُّبانُ نظرته إلى الأُفُقِ البعيد ومال منتشياً على أرض السفينة إنه ثَمِلٌ وبحّاروهُ خلف خُطاهُ سكْرى فوقهم طير تدور كأنّها ثَمِلتْ وجُنّ جنونُ هذا الماءِ والأسماكُ شاردة وسكْرى والنجومُ تعوم هائمةً على سبحاتِ هذا النيل.

طريق مكّة

سيمرُّ عصفوران يستبقانِ وجهَكِ طائرين إلى الحجاز ويحملانِ بشائر النُعمى إلى حيث السماء قريبة وتكاد تُلمَسُ بالأصابعِ أو تُشَمُّ كأنها ريح الشمالِ على التلالِ كأنها بين الصفا والركنِ بارقة الخيالِ كأنها في الغيم هودج حسنِكِ العالي أنا مَنْ نامَ منطرحاً على عتباتِ جسمِكِ في النخيلِ ومَنْ روى من ماءِ زمزم غِلّة الصادي ومَنْ سالت على طرق الحجيج دماؤه في أرض مكّةَ فاستفاق مكلّلاً بالغار من رمي الجِمار على الجدارِ فحيثما خيّمتِ أنصب خيمتي وسعيتِ إنّ الريح تنشرني هناك.


محمد علي شمس الدين
مايو 2010
  • Like
التفاعلات: فائد البكري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى