شهادات خاصة جعفر الديري - مدينة المنامة في خمسة قرون.. كتاب

أصدر الفنان التشكيلي عبدالكريم العريض كتابه «مدينة المنامة في خمسة قرون» العام 2006 ضمن سلسلة كتاب البحرين الثقافية التي يصدرها قطاع الثقافة والتراث الوطني بوزارة الثقافة، واشتمل الكتاب على خمسة فصول تناول أولها مجتمع البلاد القديم، ثم عرج المؤلف بعد ذلك على تناول بعض الأحداث التاريخية بدءاً من القرن الثامن عشر حتى المنامة التي وصفها جيمس بلجريف. ثم تطرق الكتاب إلى المناخ الثقافي في منامة القرن العشرين والحياة الاجتماعية والتجارية، منتقلاً بعد ذلك للحديث حول مرحلة بدء التنظيم الإداري الحديث في البحرين وموقع المنامة منه، مختتماً كتابه بالحديث عن المجتمع المدني في العاصمة البحرينية، ومتوقفاً أخيراً عند الأسواق والمناطق والأسر ودور العبادة لمختلف الطوائف والمذاهب.
وقامت كريمة المؤلف لونا العريض بتدشين الترجمة الإنجليزية للكتاب باسم «المنامة، الإنسان والتراث»، في طبعتين عادية وفاخرة، بثلاث مقدمات الأولى للكتاب بنسخته العربية والثانية لعبدالكريم والثالثة للونا. وجاء في مقدمة الأخيرة «في المنامة، نجد المسلمين بمذاهبهم المختلفة يعيشون جنباً إلى جنب مع اليهود والمسيحيين والهندوس والزرادشتيين، والبهائيين والسيخ وسواهم. وقد شكلوا مجتمعين مجتمعاً متشابكاً على رغم أن لكل مجموعة أماكنها الخاصة». وتناول الكتاب موضوعات: البلاد القديم، المنامة في عيون الأجانب، المناخ الثقافي في المنامة، التطورات الاقتصادية والإدارية، والأديان في المنامة، المجتمع المدني في المنامة.
ونقرأ في كتاب «مدينة المنامة في خمسة قرون» للعريض «إن سوق المنامة لها تاريخها المتميز قبل إنشاء البلدية في العشرينيات من القرن الماضي، حيث كانت لها إدارتها الخاصة المتمثلة في أمير السوق، وهو المسؤول عن حفظ الأمن والحراسة الليلية، وكان يعاونه عدد من الرجال الذين يسهرون طوال الليل وهم يتجولون بين الأزقة في السوق، والبعض منهم يقف في مداخل السوق المنتهية عند الحارات السكنية المحيطة بها لمنع الدخول إلى السوق أثناء الليل. يمر العسس للتفتيش على أقفال الدكاكين للتأكد من أنها مقفلة، وعندما يجد العسس (الحارس) أن أحد تلك الأقفال قد نسى صاحبه إقفاله فإنه يقوم بوضع قفل خاص على الدكان يطلق عليه (هفكري)، وذلك القيد لا يفتح إلا إذا قام صاحب الدكان بدفع غرامة على ترك الدكان دون قفل، ومقدار الغرامة «أربع بيزات»».
ويضيف: «في السوق لوحة كبيرة من الخشب على شاكلة سبورة المدرسة، توضع عليها إعلانات الحكومة ونشرات إخبارية يتعرف من خلالها أصحاب السوق على مايدور من حركة تجارية، وقدوم مراكب الشحن القادمة من بومبي أو تلك التي تحمل بضائع من البصرة، وموعد سفر المسافرين، وعن إفلاس التجار وأخبار الغوص. وفي عام 1914 م كانت تلصق نشرة إخبارية عن سير السوق يقرؤها الناس من على تلك اللوحة، وكان موقع تلك اللوحة في «شارع باب البحرين»». كان في السوق مخفر للحرس وكانت به خشبة توضع فيها رجلا المذنب، وقد رفعت تلك الخشبة فيما بعد، فقد رأيتها معلقة في المحكمة المختلطة في القنصلية البريطانية وقد كتب بجانبها عبارة تقول (لقد رفع هذا القيد عن أهل البحرين بأمر من صاحب الجلالة ملك المملكة المتحدة البريطانية).
وتتألف السوق بحسب العريض من وحدات للبيع والمفرق، ولكل نوع من البضاعة سوقه الخاص به وهي: أسواق المنامة: سـوق الطواويش: وهي المركز المالي للبحرين وبها كبار تجار اللؤلؤ ومستوردو البضائع وصرافو العملة، سـوق البز: وهي خاصة ببيع الأقمشة، سـوق العجم: تباع فيهـا البهارات والمكسرات وأكثر البضائع من منتوجات إيران، سـوق الغنـم: سـوق الحمير، سوق الماء، سـوق الودج: تباع فيه الشحومات ومواد الطلاء للسفن (الـودج والعيـل)، سـوق الحدادة: سوق الصفافير، سوق التناكـة وينتشر في السوق أصحاب المهن الخاصة، كمصلح الساعات والصاغة والحلاقين، سـوق الحواجة: (الحواويج) يقوم أصحاب تلك المحلات مقام الطبيب المعالج للأمراض بالأعشاب والأدوية الشعبية.
وحول الكهرباء يذكر العريض: بدأ التفكير في إدخال الكهرباء في البحرين عام 1920، ولكن نظراً لعدة عوامل فنية ومالية تأجل المشروع إلى عام 1928م، حيث استقر الرأي على أن تقوم الحكومة وبلدية المنامة بإدارة ذلك المرفق الحيوي المهم، وقبل دخول الكهرباء للبحرين كانت تستخدم المصابيح التي تعمل بالكيروسين، وكان يطلق على تلك المصابيح (فنر)، أما في المساجد وبعض الطرقات كانت تستخدم مصابيح من الحجم الكبير التي تعمل بواسطة ضغط الهواء، ويسمى (تريك) في البداية أخذت الكهرباء تعمل على إضاءة الشوارع وبعض المصالح الحكومية، وكانت بعض بيوت الأثرياء تستخدم مولدات كبيرة وصغيرة خاصة (موتورات) ثم أصبحت تلك المولدات تحت إشراف إدارة الكهرباء. في العام 1931، افتتحت أول محطة كهرباء في المنامة وكان موقعها في «رأس الرمان» شرق مبنى السفارة البريطانية، وقـد استعمل أول مكيف هـواء في البحرين في عام 1941، وبلغ مجموع المكيفات عام 1941 خمسين مكيفاً، وكان ثمن الوحدة الكهربائية عند بداية التشغيل نص روبية.
ويضيف: تزود البحرين بالطاقة الكهربائية من محطة الحكومة للكهرباء والتي تقع في الجهة الجنوبية من مضمار سباق الخيل القديم والنادي البريطاني، وتزود المدينة بالمياه من عدد الآبار الارتوازية من مختلف مناطق المنامة، ويضخ الماء بواسطة مضخات كبيرة إلى خزانات مرتفعة ثم توزع بشبكة أرضية إلى جميع أنحاء المدينة، وذلك النظام انتهى العمل به العام 1949.
الوطن البحرينية الجمعة 28 فبراير 2014

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى