محمود مفلح - أمي!.. شعر

مالي سمعتُ كأنْ لم أسمعِ الخبرا = هل صار قلبيَ في أضلاعه حَجرا ؟
مالي جمدتُ فلم تهتزَّ قافيتي = ولا شعرتُ ولا أبصرتُ من شعرا
كأنَّ كلَّ سواقي الشعر قد أسِنت = من جففَّ الشعرَ من بالشعرِ قد غدرا ؟
أنا الذي عزفت أوتارُه نغماً = هزَّ الورى والذُرا والطيرَ والشجرا
مالي سكتُ فلم أنطقْ بقافية = ولا رأيت بعيني الدمعَ منحدرًا ؟
هل جففَّ الرملُ إحساسي وجففّني = فأصبح الشعرُ لا علماً ولا خبرا ؟
وهل عجزتُ عن التعبير واأسفي = كأنني لم اصغْ للغادةِ الدُررا ! ؟
أمي تموت ويُمناها على كبدي = يا أمُّ رُحماك إنَّ القلبَ قد فُطِرا
هزّي سريري إني لم أزلْ ولداً = ودّثرينيَ إن الريحَ قد زأرا ..
وجفّفي عَرَقي فالصيفْ ألهبني = وسلسلي الماءَ كي أقضي به وطرا
مُدي يَديّكِ كما قد كنت ألثمها = فقد نهضتُ وَوَجْهُ الصبح قد سفرا
وحّوطيني .. تلك العيُن خائنة = وكم رأيتُ عيوناً تقدح الشررا
ولوّني أغنياتِ الصيف في شفتي = وقرّبي من وسادي النجم والقمرا
ما زال صوتك يا أماه يتبعني = يا ربُّ رُدَّ حبيباً أدمنَ السفرا
يا ربِّ صُنْهُ من الأشرارِ كلهمُ = ورُدَّ عنه الأذى والكيْد والخطرا
واجبرْ إلهي كسْراً ، حلَّ في ولدي = فأنتَ تجبرُ يا مولاي ما انكسرا
يا ربِّ جفّت دموع الأمهات هنا = فأنزلنَّ علينا الغيث والمطرا
كلُّ العصافير عادت من مهاجرها = متى نعودُ إلى أعشاشِنا زُمرا
وارحم إلهيَ زوْجاً غاص عائلها = في ظلمة السجن لم تبصرْ له أثرا
وطفلةً كلما قالت زميلتها = أتى أبوك ؟ تشظّى القلبُ وانفجرا
وارحم إلهي شيخاً دبَّ فوق عصاً = قد كاد من طول ليل يفقد البصرا
يا من رددتَ إلى يعقوب يوسفَه = لا تتركِ الشيخَ فرْداً لا يُطيق كرى
يا ربّ ما ذنبُ أحرارٍ إذا وقفوا = مثلَ الجبالتِ وموج الظلم قد سكِرا ؟ !
ما زال صوتك يا أماه يجلدُني = إني أسأتُ وجئتُ اليوم معتذرا
لا والذي خلق الدنيا وصورّها = ما خنتُ عهدك يوماً ، ما قطعت عُرى
لكنها مِحَنٌ حلت بساحتنا = أودت بفكر الذي قد روّض الفِكرا
أمي تموت ولم أفزع لرؤيتها = ولا قرأتُ على جثمانها سُورا
ولا حملتُ على كِتْفي جِنازتها = ولا مشيتُ مع الماشين معتبرا

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى