جعفر الديري - البحرين في كتابات الرحالة الأوروبيون 1507-1914.. كتاب.. تاريخ وآثار

يعرض أ.د.طارق نافع الحمداني لعدد من الرحالة الأوروبيين كتبوا عن البحرين، وذلك في كتاب «البحرين في كتابات الرحالة الأوروبيون 1507-1914». وقد رتب موضوعات كتابه بالشكل الآتي: الفصل الأول: البحرين.. أرضها وسكانها، مقدمة: الرحلات الأوربية كمادة لكتابة تاريخ البحرين، تسمية البحرين ودلالاتها، موقع البحرين وجغرافيتها، مدن البحرين وسكّانها. الفصل الثاني: نشأة إمارة البحرين والتنافس الأجنبي حولها، البحرين قبل وصول آل خليفة وبعد، البحرين 1521-1783، البحرين في ظل آل خليفة، الصراع الدولي حول البحرين، البحرين والقوى العربية، البحرين وعمان، البحرين والنفوذ السعودي، البحرين والقوى الأجنبية، البحرين وفارس، البحرين والنفوذ البريطاني. الفصل الثالث: الحياة الاقتصادية والاجتماعية في البحرين، الحياة الاقتصادية، تطور صناعة اللؤلؤ وتقاليدها، أماكن وجود اللؤلؤ وحقوق اصطياده، عمليات صيد اللؤلؤ واستخراجه، مواسم صيد اللؤلؤ، طرق الغوص وتقاليدها، عملية استخراج اللؤلؤ ومخاطرها، مياه البحرين العذبة وزراعتها، الزراعة الثروة الحيوانية، تجارة البحرين وتطورها، الملاحة البحرين في البحرين ومخاطرها، صادرات البحرين وواردتها، الصادرات، اللؤلؤ تجارته وموارده، الصادرات الأخرى، الواردات، الحياة الاجتماعية.

سيرة ذاتية لقطر عربي

ويقول الحمداني في مقدمة الكتاب: تشكل روايات الرحالة الأوروبيين المادة التي اعتمدنا عليها في كتابة هذا المؤلف، لأن معلوماتها في مجالات الحياة المختلفة تشهد عراقة البحرين وازدهارها، رغم الظروف الصعبة التي مرّت بها خلال الفترة التي تناولتها الدراسة ما بين 1507-1914. وعلى ذلك، فإن الدراسة ليست إلا نوعاً من السيرة الذاتية لتاريخ قطر عربي من خلال ما سجّله عنه الرحالة الأوربيون، الذين تركوا روايات مختلفة في قيمتها التاريخية والعلمية. وهنا حاولت أن أقرّب الأحداث للقارئ، وذلك بمقارنة الروايات بعضها بالبعض الآخر، زمنياً وعلمياً، لمعرفة مدى التطوّر أو المحافظة الذي أصاب هذا الجانب أو ذلك، وقد تركت الأصول في كثير من الأحيان كي نتحدّث عن نفسها، وتكشف عن تاريخ هذا البلد وملامحه العامة.
ويؤكد الباحث إلى أنه ليس ميالاً إلى القول بأن كل ما كتبه الرحالة الأوربيون، يمثّل بالأصل مادة دقيقة لتاريخ هذا البلد أو ذاك، «لعلمي بأن كثيراً من رواياتهم إنما جاءت خدمة لأهداف البلاد التي يمثّلونها، ولكني في الوقت نفسه أرى أن بالإمكان إضافة معلومات جديدة لتاريخ البحرين، من خلال تقصّي كتب الرحلات الأوربية، والتعامل معها بالتحليل والنقد مثل أية مادة تاريخية أخرى»، مشيراً إلى أنه لعلّ ما يزيد في قيمة الرحلات الأوربية، أن معظم الوثائق الأوربية، خصوصا الإنكليزية، لم يكشف عنها إلا بعد الحرب العالمية الأولى، وعندئذٍ كانت مادة الرحلات التي بين أيدينا، بديلاً لكثير من المعلومات التي ضمّتها الوثائق الأوربية، فالرحلات البرتغالية، على سبيل المثال، إلى جانب الوثائق والمذكرات البرتغالية، حفلت بمادة تاريخية هامة عن الخليج العربي عامة والأوربية خاصة، طوال القرنين السادس والسابع عشر، وهذا ما نجده في رحلة البرتغالي ديورات باربوسا(1518)، وبيدرو تكسيرا العام(1604)، بحيث إن هاتين الرحلتين وغيرهما قد ترجمت إلى عدد من اللغات الأوربية ومن بينها الإنكليزية، إذ حاول الإنجليز الاستفادة من مادتها القيمة من جهة، والتعرّف على وسائل وأساليب البرتغاليين الاستعمارية من جهة أخرى. ويمكن أن يقال الأمر ذاته بالنسبة للرحلات الفرنسية والهولندية والإنجليزية والألمانية والأمريكية، التي غطت القرون التالية حتى الحرب العالمية الأولى، فهي وإن اختلفت من حيث أهدافها والفترات التي دوّنت فيها، إلا أنها احتوت بشكل أو بآخر على مادة لا غنى للباحث التاريخي عنها. فرحلات نيبور العام 1764-1765، وولستبد العام 1830، وبلكريف العام 1862-1863، وزويمر 1895 وغيرها كثير، أعطت تفصيلات مهمة عن تاريخ البحرين، لن تضمنها أيّة وثيقة تاريخية، اللهم إلا ما كتبه سلدانا ولوريمر وممثلو حكومة الهند البريطانية في منطقة الخليج العربي، علماً بأن مؤلفات الأخيرين طلت في عداد الوثائق التاريخية، وبعيدة عن متناول الباحثين، حتى مطلع القرن العشرين.

صيد اللؤلؤ وموارده

ويقول الحمداني: في تتبعنا لمادة الرحلات الأوروبية المتعلقة بالبحرين، نجد أنها تدور بالدرجة الأولى حول ناحيتين أساسيتين هما: صيد اللؤلؤ وموارده، وأهمية المنطقة الاستراتيجية والاقتصادية، فقد شغلت الناحية الأولى الأوروبيين منذ القرن السادس عشر، حتى أن الرحالة البرتغالي ديورات باربوسا، وقد لمح العام 1518 إلى أن الاحتلال البرتغالي للبحرين في القرن السادس عشر إنما كان نتيجة طبيعية لثروة اللؤلؤ الضخمة التي تنتج فيها. وانعكست هذه الناحية في كتابات الرحالة الآخرين -الذين كانوا في كثير من الأحيان ممثلين لبلادهم- في معرفة الجوانب الاقتصادية في البلاد التي زاروها وإمكانية الاستفادة منها أو الاستحواذ عليها، وظلت هذه الناحية قائمة في معظم كتب الرحلات الأوربية منذ القرن السادس عشر ولغاية القرن العشرين، بحيث يندر أن نجد رحالة أوروبياً مرّ بمنطقة الخليج العربي، إلا وذكر لؤلؤ البحرين، وأشار على أهميته. أما الناحية الثانية، والتي تجلت بوضوح في القرن التاسع عشر، فكانت موقع البحرين الاستراتيجي، وما دار حولها من صراعات بين كثير من الدول مثل بريطانيا وروسيا وألمانيا. وقد دفع هذا الأمر بعض الرحالة كما سنرى فيما وضع المميزات الاستراتيجية الكبيرة التي تتمتع بها جزر البحرين، وهي مميزات أريد بها دفع بعض الإطراف كبريطانيا مثلاً إلى وضع يدها على المنطقة لأهميتها الإستراتيجية من جهة، ولموارد اللؤلؤ الضخمة الموجودة فيها من جهة أخرى. وحري بالقول، بأن الدراسة قد توقفت عند هذه الجوانب المهمة حيثما توقفت الرحلات الأوربية، من أجل عرضها، وتحليلها، وتبيان مواطن ضعفها وقوتها خدمة للحقيقة التاريخية المجرّدة.
ويذكر كتاب الحمداني أن البحرين وردت في كتابات الرحالة البرتغاليين في مطلع القرن السادس عشر، لتعني مجموعة جزر، سميت نسبة إلى الجزيرة الرئيسة فيها المعروفة بالبحرين، أمـا الرحالة الدنماركي الشهير نيبور في القرن الثامن عشر، فذكر اسم البحرين كما جاءت عند الجغرافيين العرب. فهو يقول «وفي الجانب الغربي للخليج توجد جزيرة، أو بالأحرى مجموعة من الجزر تعرف لدى الأوروبيين باسم البحرين، ويطلق العرب على أكبر هذه الجزر اسم أوال ولكل من الجزر الصغرى اسمها الخاص بها». وبذلك يكون نيبور قد استعمل كلمة (أوال) للدلالة على جزيرة البحرين نفسها، وعلى الجزر الصغيرة الأخرى التابعة لها، أما الأراضي الواقعة في شرق جزيرة العرب، فقد ظلت تحمل اسم البحرين، قبل أن يقيم آل خليفة سيادتهم على البحرين العام 1783.
ويضيف: أصبحت تسمية البحرين وحدودها تأخذ شكلاً واضحاً في كتابات الرحالة الأوروبيين، خصوصاً أولئك الذين مكثوا فيها لفترات طويلة، وتعرّفوا على أوضاعها عن كثب. فهذا و.ج بلجريف يؤكد بأن جزر البحرين: "قد سميت نسبة إلى الجزيرة الجنوبية التي هي أكبر حجماً، لا باسم الجزيرة الشمالية التي تحمل اسم المحرق. وتقع على أرضها العاصمة".
الوطن البحرينية الاثنين 6 يناير 2014

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى