لما خسر الزنج الفقراء المعركة الأولى ،
انتزعَ البحارة من جسدي أيقونةَ مَنْ أهواهُ ورائحة البحر
.. البرية ، صرتُ غريباً في البحر
والبحرُ غريباً صار ، حنى عينيهِ الماءُ حزيناً ، مثلي كان الماء
في البحر ، المحنة أن لا ساحل للنوتيّ المطرود
فكتبتُ لمحبوبي في صدر قميصي ما قد كان وما سيكون
وكتبتُ : يا محبوبي .. اطرحْ كفيك سواحلَ من دفلى
علقتُ قميصي فوق الماء
ودعوت طيورَ النورس مأخوذاً بمجيء الفجر ، لتحملَ
للمحبوب قميصي ،
مرتْ حاملةً أسباخ البحر إلى
الصحراء
الماءُ يعيد إلى كتفيَّ قميصي مكتوفاً ، أبيضَ
من يحملُ للمحبوب قميصَ النوتيّ ؟
مَنْ يمنح في هذا البحر الممتدّ لهذا النوتيّ المطرود طريقاً
للبر ؟
مَنْ يحملُ جثةَ هذا النوتي المقتولِ إلى البصرة ؟
مَنْ؟ لا غير البحر ... !
البحرُ غريبٌ مسدود الشطآن ، وزنج البصرة مستبخون ،
... يجرون السفن الهندية حتى أبواب التجار
فالصاحب لم يرسلْ للزنج نوارسه ببشارات العتق
الصاحب محكوم بالصلب لتحريض الزنج الفقراء
على التجار
الليلة لن يخفيه نخيل البصرة أو صلوات الزنج عن الدرك
... السري وإيماءات فوانيس الجند
يا محبوبي
لا عاصمَ في هذا الليل
للصاحب من لوح الجلد
لا عاصم في هذا الويل
للعاشق من طوفان الوجد
يا محبوبي ..
ويموت العاشق في جسد النوتي ، فكل المعشوقات
هربن مع البحارة في سفن الهند
والزنج عصافير تتدلى راعشة فوق القطط الوحشيات
والصاحب مصلوب في قمصان التجار
يا محبوبي ، لو كنت هناك أتبكي ، أم تتشفى من ...
... معشوقٍ مات ؟
لما دخل الزنج الفقراء المعركة الأخرى ،
ناديت على محبوبي ، إذ منحتني المحنة صوتاً محتجاً
لا توقفه شارات طريق القلب :
يا محبوبي المتأرجح بين الوصل وبين الهجر ولا تختار
إني أتعذبُ في الما بين ، وليل البصرة ممتدّ كالبحر ، ...
... وزنج البصرة يقتتلون مع التجار ، وقلبي
فانوس في حضرة عشقك مشتعلٌ تحت الأمطار
يا محبوبي .. إما أن تمنح عشقكَ للزنج الفقراء وإما
للتجار
الليلة حين مررتُ تحاور بينهمو عمال البحر ، أشاروا لي
... بأصابعَ مُذْهبةٍ بالتبغ :
هذا النوتي البارحةَ البحارةُ قد قتلوه ..!!
هذا النوتي له ـ صهْ لا تسمعه ـ له محبوب يقتله تجار البصرة في هذي الليلة .
في هذي الليلة أغفو في جسدي ،
لا خوفاً من دركيٍّ في الدركِ السري يلاحقني ويعدّ
خطايَ ، ...
... ويكتبُ : مَرَّ على زنجيّ صافَحَه ، اختبأتْ
بين الكفين حمامةُ طفلٍ زنجي ، ثم افترقا ..!
لكن لأراك ، فحضرة عشقكَ في جسدي
ورأيتكَ ـ طاوعتُ الكلمات وقلتُ رأيتك فانوساً
يتوهج في ليل البصرة
ورأيتُ طيور النورس وهي محملة برسائل عشق للعشاق
... تعود لتذهب وهي محملة برسائلهم للمعشوقات ،
... تعود لتذهب ، ثم تعود لتذهب ، ثم ،
بأجنحةٍ لا تثقلها الأسباخ تعود لتذهب ...
... بين البحر وبين الميناء
ورأيت الصاحب ملتفاً بالماء وبالعشب البري ،
مساء ...
... يخرج مصطحباً عشاقَ وزنجَ البصرة والآتين
من المدن الأخرى ومغني البصرة ( تومانَ )
المفتونَ بألفِ هوىً ، بقواربَ مفروشاتٍ بالدفلى
للنزهةِ ...
يخرجُ في ضفةِ العشّار .
* نشرت في مجلة الأقلام / العدد 11 ـ السنة الثامنة 1973
انتزعَ البحارة من جسدي أيقونةَ مَنْ أهواهُ ورائحة البحر
.. البرية ، صرتُ غريباً في البحر
والبحرُ غريباً صار ، حنى عينيهِ الماءُ حزيناً ، مثلي كان الماء
في البحر ، المحنة أن لا ساحل للنوتيّ المطرود
فكتبتُ لمحبوبي في صدر قميصي ما قد كان وما سيكون
وكتبتُ : يا محبوبي .. اطرحْ كفيك سواحلَ من دفلى
علقتُ قميصي فوق الماء
ودعوت طيورَ النورس مأخوذاً بمجيء الفجر ، لتحملَ
للمحبوب قميصي ،
مرتْ حاملةً أسباخ البحر إلى
الصحراء
الماءُ يعيد إلى كتفيَّ قميصي مكتوفاً ، أبيضَ
من يحملُ للمحبوب قميصَ النوتيّ ؟
مَنْ يمنح في هذا البحر الممتدّ لهذا النوتيّ المطرود طريقاً
للبر ؟
مَنْ يحملُ جثةَ هذا النوتي المقتولِ إلى البصرة ؟
مَنْ؟ لا غير البحر ... !
البحرُ غريبٌ مسدود الشطآن ، وزنج البصرة مستبخون ،
... يجرون السفن الهندية حتى أبواب التجار
فالصاحب لم يرسلْ للزنج نوارسه ببشارات العتق
الصاحب محكوم بالصلب لتحريض الزنج الفقراء
على التجار
الليلة لن يخفيه نخيل البصرة أو صلوات الزنج عن الدرك
... السري وإيماءات فوانيس الجند
يا محبوبي
لا عاصمَ في هذا الليل
للصاحب من لوح الجلد
لا عاصم في هذا الويل
للعاشق من طوفان الوجد
يا محبوبي ..
ويموت العاشق في جسد النوتي ، فكل المعشوقات
هربن مع البحارة في سفن الهند
والزنج عصافير تتدلى راعشة فوق القطط الوحشيات
والصاحب مصلوب في قمصان التجار
يا محبوبي ، لو كنت هناك أتبكي ، أم تتشفى من ...
... معشوقٍ مات ؟
لما دخل الزنج الفقراء المعركة الأخرى ،
ناديت على محبوبي ، إذ منحتني المحنة صوتاً محتجاً
لا توقفه شارات طريق القلب :
يا محبوبي المتأرجح بين الوصل وبين الهجر ولا تختار
إني أتعذبُ في الما بين ، وليل البصرة ممتدّ كالبحر ، ...
... وزنج البصرة يقتتلون مع التجار ، وقلبي
فانوس في حضرة عشقك مشتعلٌ تحت الأمطار
يا محبوبي .. إما أن تمنح عشقكَ للزنج الفقراء وإما
للتجار
الليلة حين مررتُ تحاور بينهمو عمال البحر ، أشاروا لي
... بأصابعَ مُذْهبةٍ بالتبغ :
هذا النوتي البارحةَ البحارةُ قد قتلوه ..!!
هذا النوتي له ـ صهْ لا تسمعه ـ له محبوب يقتله تجار البصرة في هذي الليلة .
في هذي الليلة أغفو في جسدي ،
لا خوفاً من دركيٍّ في الدركِ السري يلاحقني ويعدّ
خطايَ ، ...
... ويكتبُ : مَرَّ على زنجيّ صافَحَه ، اختبأتْ
بين الكفين حمامةُ طفلٍ زنجي ، ثم افترقا ..!
لكن لأراك ، فحضرة عشقكَ في جسدي
ورأيتكَ ـ طاوعتُ الكلمات وقلتُ رأيتك فانوساً
يتوهج في ليل البصرة
ورأيتُ طيور النورس وهي محملة برسائل عشق للعشاق
... تعود لتذهب وهي محملة برسائلهم للمعشوقات ،
... تعود لتذهب ، ثم تعود لتذهب ، ثم ،
بأجنحةٍ لا تثقلها الأسباخ تعود لتذهب ...
... بين البحر وبين الميناء
ورأيت الصاحب ملتفاً بالماء وبالعشب البري ،
مساء ...
... يخرج مصطحباً عشاقَ وزنجَ البصرة والآتين
من المدن الأخرى ومغني البصرة ( تومانَ )
المفتونَ بألفِ هوىً ، بقواربَ مفروشاتٍ بالدفلى
للنزهةِ ...
يخرجُ في ضفةِ العشّار .
* نشرت في مجلة الأقلام / العدد 11 ـ السنة الثامنة 1973