من يستطيع أن يدرك تلك البلاد البعيدة ، التي كنا نسكنها ثم هجرناها دون رجعة؟ من حفظ اسمها ، ودروبها وثناياها وطريق الرجوع إليها؟
تلك البلاد بعجائبها وغرائبها و زهورها الغابرة وشموسها المنقضية ،بلاد الدهشة والاستغراب ، بلاد الفرح والزهو وعدم الاكتراث ، حين كان كل شيء ممكنا ،جائزا حتى ملامسة القمر وتشييد قصور من الرمال تكون شبيهة بقصور السلاطين والأمراء وملاحقة الفراشات شغفا بجمالها والتقرب من الحيوانات ومعرفة أسرارها واكتشاف إشاراتها و رشم الأمكنة رقعة رقعة حسب أنواع الأشجار ، فجهة الصنوبر غير جهة السرو وهي غير جهة الزياتين ، والتسكع بين أزهار الأقحوان ،والافتتان بأشكال الحجر البحري منه والبري والصخري .
من يتذكر تلك البلاد بعبادها وما كانوا يبدونه من محبة واهتمام ؟
كنا أبرياء آنذاك ، أبرياء من كل ذنب، من كل خطيئة من جميع النوايا الطيبة منها و الخبيثة ،كيف بلينا بعد ذلك بكل تلك المقاصد وذاك الانتظار؟
فمنذ كبرنا أصبحت الحياة رغبات لا تنتهي، لا نرى الدنيا إلا من منظار ما هو خير أو شر منذ ذلك الزمن ،فقدنا البراءة وأصبنا بالحيرة والقلق والحزن والتشاؤم والغضب وعدم الرضا ،لم نتخلص منها أبدا.
فأين منا براءة الأطفال وقد ولّت ؟
إن البريء ليس من لم يرتكب جرما قط ،بل من شفي من مرض أصابه ،كذلك تخبرنا اللغة رجوعا إلى فعل برأ.
لا أدري كيف برأ الأطفال مما ليس فيهم، ألا وهو مرض المقاصد والأحكام و الهوس بالأفكار .
أتكون الطفولة الجنة المفقودة قبل ارتكاب أول ذنب بالأكل من الشجرة المحرمة : شجرة المعرفة ؟
من الذي يعيدنا إلى ذلك البلد بعد أن أصبحنا كهولا ؟ أو ليس الاغتسال بالماء ،كي نشفى من كل ما علق بنا من ذكريات حزينة ومظالم وخيبات ونكسات ومآسي وخيانة ؟
فقد يرد إلينا الماء أيام الطفولة التي ضاعت منا ،فلا نرى الآخرين إلا بعيون المحبة والصدق والوفاء والعفوية ،حينئذ يصبح العالم جديدا كأنه بعث لتوه فتنتابنا أحاسيس لم نعرفها من ذي قبل وتحملنا إلى ذلك الفرح العميق القديم قدم الدنيا ، ذلك الذي ما انفكت تغنيه الطيور ،يعلنه طلوع الفجر في آخر كل ليلة ، ترويه السحب الممطرة و تحمله بين طياتها الرياح العاصفة .
إن الدنيا بما لها وما عليها ، ما انفكت تتجدد ، تبعث فتية من قدمها ، غير عابئة ولا معنية
بمشاغلنا ، لا يهمها سوى أن تكون شامخة وقوية .
إن الدنيا لا تهرم أبدا ، تولد كي تغرم بشبابها وجمالها ، وإن عصفت فلغاية ما : أن تقتلع كل ما يحزنها، كل ما يشوبها ويهرم فيها وينهار .
لذلك كان الماء الشفاف الفاقد للون والرائحة هو باعثها .
كيف البرء إذا ،من كل ما يبعدنا عن صبا الدنيا ويحجب عنا شمس صفائها ؟
- أن لا تسكننا المقاصد والمعاني و ما يتصل بها من رغبات وتصورات ، حتى تعود إلينا دموعنا فنبكي ثم نبكي وتنهمر دموعنا وجدا، فلا يبقى داخلنا أي أسى ثم نضحك نضحك ونرقص ونحكي كل ما يجري لنا ، كما هو شأن الصبيان عادة .......
كذلك كانت صلواتنا: أن ندرك سحر العالم وأن نستعيد الطفولة البريئة من كل غاية ، عدا أن نحيا ،أن نرى وجه الأرض وعشبها الأخضر الداكن وصفاء زرقة السماء ولون الشمس الذهبي الخالص وأن لا ننتظر أي غد مقبل يخرجنا من جنتنا الآنية ،لا تلك الموعودة .
تلك البلاد بعجائبها وغرائبها و زهورها الغابرة وشموسها المنقضية ،بلاد الدهشة والاستغراب ، بلاد الفرح والزهو وعدم الاكتراث ، حين كان كل شيء ممكنا ،جائزا حتى ملامسة القمر وتشييد قصور من الرمال تكون شبيهة بقصور السلاطين والأمراء وملاحقة الفراشات شغفا بجمالها والتقرب من الحيوانات ومعرفة أسرارها واكتشاف إشاراتها و رشم الأمكنة رقعة رقعة حسب أنواع الأشجار ، فجهة الصنوبر غير جهة السرو وهي غير جهة الزياتين ، والتسكع بين أزهار الأقحوان ،والافتتان بأشكال الحجر البحري منه والبري والصخري .
من يتذكر تلك البلاد بعبادها وما كانوا يبدونه من محبة واهتمام ؟
كنا أبرياء آنذاك ، أبرياء من كل ذنب، من كل خطيئة من جميع النوايا الطيبة منها و الخبيثة ،كيف بلينا بعد ذلك بكل تلك المقاصد وذاك الانتظار؟
فمنذ كبرنا أصبحت الحياة رغبات لا تنتهي، لا نرى الدنيا إلا من منظار ما هو خير أو شر منذ ذلك الزمن ،فقدنا البراءة وأصبنا بالحيرة والقلق والحزن والتشاؤم والغضب وعدم الرضا ،لم نتخلص منها أبدا.
فأين منا براءة الأطفال وقد ولّت ؟
إن البريء ليس من لم يرتكب جرما قط ،بل من شفي من مرض أصابه ،كذلك تخبرنا اللغة رجوعا إلى فعل برأ.
لا أدري كيف برأ الأطفال مما ليس فيهم، ألا وهو مرض المقاصد والأحكام و الهوس بالأفكار .
أتكون الطفولة الجنة المفقودة قبل ارتكاب أول ذنب بالأكل من الشجرة المحرمة : شجرة المعرفة ؟
من الذي يعيدنا إلى ذلك البلد بعد أن أصبحنا كهولا ؟ أو ليس الاغتسال بالماء ،كي نشفى من كل ما علق بنا من ذكريات حزينة ومظالم وخيبات ونكسات ومآسي وخيانة ؟
فقد يرد إلينا الماء أيام الطفولة التي ضاعت منا ،فلا نرى الآخرين إلا بعيون المحبة والصدق والوفاء والعفوية ،حينئذ يصبح العالم جديدا كأنه بعث لتوه فتنتابنا أحاسيس لم نعرفها من ذي قبل وتحملنا إلى ذلك الفرح العميق القديم قدم الدنيا ، ذلك الذي ما انفكت تغنيه الطيور ،يعلنه طلوع الفجر في آخر كل ليلة ، ترويه السحب الممطرة و تحمله بين طياتها الرياح العاصفة .
إن الدنيا بما لها وما عليها ، ما انفكت تتجدد ، تبعث فتية من قدمها ، غير عابئة ولا معنية
بمشاغلنا ، لا يهمها سوى أن تكون شامخة وقوية .
إن الدنيا لا تهرم أبدا ، تولد كي تغرم بشبابها وجمالها ، وإن عصفت فلغاية ما : أن تقتلع كل ما يحزنها، كل ما يشوبها ويهرم فيها وينهار .
لذلك كان الماء الشفاف الفاقد للون والرائحة هو باعثها .
كيف البرء إذا ،من كل ما يبعدنا عن صبا الدنيا ويحجب عنا شمس صفائها ؟
- أن لا تسكننا المقاصد والمعاني و ما يتصل بها من رغبات وتصورات ، حتى تعود إلينا دموعنا فنبكي ثم نبكي وتنهمر دموعنا وجدا، فلا يبقى داخلنا أي أسى ثم نضحك نضحك ونرقص ونحكي كل ما يجري لنا ، كما هو شأن الصبيان عادة .......
كذلك كانت صلواتنا: أن ندرك سحر العالم وأن نستعيد الطفولة البريئة من كل غاية ، عدا أن نحيا ،أن نرى وجه الأرض وعشبها الأخضر الداكن وصفاء زرقة السماء ولون الشمس الذهبي الخالص وأن لا ننتظر أي غد مقبل يخرجنا من جنتنا الآنية ،لا تلك الموعودة .