قَدَمَايَ هُنَا..
عَيْنَايَ هُنَاكْ.
كَيْفَ أفِرُّ أَنَا مِنْ قَدَمَيَّ
...
وَكَيْفَ أَصِيرُ أَنَا شَفَّافاً
أَتَرَاءَى عَبْرَ زُجَاجِ الذَّاتِ خَيَالاً
يَمْخُرُ أَحْلاَمَ الطِّفْلِ الشَّارِدِ لَيْلاً.
قَدَمَايَ هُنَا..
صَارَ الْجَسَدُ الْمُثْخَنُ بِالذَّهَبِ الوَهّاجِ ثَقْيلاً بِِهِمَا..
مَنْ يَحْمِلُ عَنِّي قَدَمَيَّ
لِأَسْبِقَ دَهْشَةَ عَيْنَيَّ
وَأَرْكَبَ ظَهْرَ الوَجْنَاءِ
لَعَلََّّ صَبَا نَجْدٍ تُحْيِي فِي غَابَةِ قَلْبِي
وَصْلَتَهَا الرَّقْرَاقَهْ.
****
هَذَا الإِسْمَنْتُ احْتَلَّ بِعُنْفٍ هَذَا الْمَرْفَأَ
طارَدَ فِي الَْجَوِّ طُيوراً..
طارَدَ في الْجَوِّ شُعَاعَ الشَّمْسِ. وَخَبَّأَ
عَنَّا بِلَّوْرَ القَمَرِ الْحَالِمِ
كُلُّ الشُّقَقِ الْمَفْرُوشَةِ
مَا عَادَ الإِنْسَانُ بِهَا يَلْقَى مُتَّكَأَ.
كَانَ الْحُبُّ قَوِيّاً يَرْبِطُ أَشْجَارَ القَرْيَةِ
لَكِنَّ لَهِيبَ الْحُبِّ بِهَا اليَوْمَ قَدِ انْطَفَأَ
....................................
هَذِي طُرُقَاتٌ تَتَأَجَّجُ إِنْساً
طُرَقَاتٌ لَيْسَ بِهَا أَثَرٌ لِلْوَحْشِ
وَلَكِنْ، وَأَنَا أَمْخُرُ هَذِي الطُّرُقَاتِ
لِمَاذَا أَشْعُرُ أَنَّ بَقَايَا شَعَرِي
صَارَتْ حَفْنَةَ شَوْكٍ
تَعْلُو رَأْسِي الضّائِعَ مِنِّي !
لَيْتَكَ يَا هَذَا الوَحْشُ،
بِهَذِي القَرْيَةِ
تَرْبِضُ عَلَّ تَحُطُّ بِقَلْبِي الْمَجْرُوحِ
طُيُورُ الأُنْسِ فَأَهْدَأَ
مِثْلَ هُدُوءِ النَّهْرِ إِذَا مَا بِالْحُبِّ امْتَلأَ
ليْتَ البَيْضَاءَ تُغادِرُ مَرْفَأَهَا
وَتَحُطُّ بَعِيداً فِي جُزُرِ الوَقْوَاقِ
وَلَيْتَ الغَابَةَ تَحْتَلُّ الْمَرْفَأَ
عَلَّ الطَّيْرَ تَعُودُ وَعَلّ الشَّمْسَ تُغَادِرُ هَوْدَجَهَا
فَتُغَطّي سَوْءَتَهَا بِوُرَيْقَاتِ الغَابَةِ
عَلَّ القَمَرَ الْحَالِمَ يَعْلَقُ بِالشَّمْسِ
فَيَمْتَصَّ رَحِيقَ غَلاَئِلِهَا
****
قَدَمَايَ هُنَا..
عَيْنَايَ هُنَاكْ.
بَحْرٌ مِنْ إِسْمَنْتٍ
يَفْصِلُ عَيْنَيَّ عَنِ القَدَمَيْنْ.
لَيْتَ القَمَرَيْنِ
يَهُزّانِ جِهَاراً جَسَدِي
يسَّاقَطُ مِنْ كَبِدِي
هَذَا البَحْرُ الإِسْمَنْتِيُّ
فتَنْبُتَ لِي أَجْنِحَةٌ مِنْ مَاءٍ
عَلَّ صَبا نَجْدٍ تَحْمِلُ لِلْقَلْبِ عَبِيرَ غَزَالٍ
طَوَّقَ جِيدَ الصَّحْرَاءِ بِقَرْنَيْهِ العَذْبَيْنْ
وَسَقَى الرَّمْلَ دِمَاهُ؛ فَكَانَ الْمِسْكُ
وَكَانَ العَنْبَرُ(...)
لَيْتَ صَبَا نَجْدٍ (...)
آهِ مَتَى امْتَلأَ القَلْبُ الظَّمْآنُ بِـ"لَيْتْ"؟
****
يَا بَيْضَاءُ
غُرِّي غَيْرِي .
سَاخَتْ قَدَمَايَ بِرَمْلِكِ هَذَا الرَّطْبْ
وَحَبِيبُ القَلْبِ أَمَامِي
غَطَّتْ مَوْكِبَهُ خَيْمَةُ نُورْ.
سَاخَتْ قَدَمَايَ. وَخَلْفِي الأَحْبَابُ
أسِنَّتُهمْ زُرْقٌ زُرقَةَ أَنْيَابِ الدَّيْجُورْ
تَبْحَثُ فِي حَبَّاتِ الرَّمْلَةِ عَنِّي.
كَيْفَ أَفِرُّ أَنَا مِنِّي؟
كَيْفَ تَفِرُّ البَيْضَاءُ مِنَ الإِسْمَنْتِ
لِتَسْأَلَ عَنّي؟
كَيْفَ يَكُونُ فِرَارٌ وَالصَّحْراءُ احْتَلَّتْ كُلَّ جِهَاتِي
احْتَلَّتْ كُلَّ دُرُوبِي؟ !
آهِ حَبِيبِي..
هَذَا الشَّكُّ يُطَوِّقُنِي
بِلَهِيبِ الطَّعَنَاتِ
هَذَا الْخَوْفُ يُهَدِّدُنِي
بِامْرَأَةٍ زَرْقَاءَ مُدَجَّجَةٍ
بِسِلاَلِ الْوَرْدِ الفَاقِعِ
فَافْتَحْ لِي فِي صَدْرِكَ هَذَا الوَاسِعِ
بَيْتاً يَأْوِينِي
وَأَجِرْنِي مِنْ خَوْفِي وَظُنُونِي
وَاجْعَلْ قدَمَيَّ هُنَاكْ
اِِجْعَلْ قَدَمَيّ هُنَاكْ.
قَدَمَيَّ هُنَاكْ.
الدار البيضاء: 12/10/1996
عَيْنَايَ هُنَاكْ.
كَيْفَ أفِرُّ أَنَا مِنْ قَدَمَيَّ
...
وَكَيْفَ أَصِيرُ أَنَا شَفَّافاً
أَتَرَاءَى عَبْرَ زُجَاجِ الذَّاتِ خَيَالاً
يَمْخُرُ أَحْلاَمَ الطِّفْلِ الشَّارِدِ لَيْلاً.
قَدَمَايَ هُنَا..
صَارَ الْجَسَدُ الْمُثْخَنُ بِالذَّهَبِ الوَهّاجِ ثَقْيلاً بِِهِمَا..
مَنْ يَحْمِلُ عَنِّي قَدَمَيَّ
لِأَسْبِقَ دَهْشَةَ عَيْنَيَّ
وَأَرْكَبَ ظَهْرَ الوَجْنَاءِ
لَعَلََّّ صَبَا نَجْدٍ تُحْيِي فِي غَابَةِ قَلْبِي
وَصْلَتَهَا الرَّقْرَاقَهْ.
****
هَذَا الإِسْمَنْتُ احْتَلَّ بِعُنْفٍ هَذَا الْمَرْفَأَ
طارَدَ فِي الَْجَوِّ طُيوراً..
طارَدَ في الْجَوِّ شُعَاعَ الشَّمْسِ. وَخَبَّأَ
عَنَّا بِلَّوْرَ القَمَرِ الْحَالِمِ
كُلُّ الشُّقَقِ الْمَفْرُوشَةِ
مَا عَادَ الإِنْسَانُ بِهَا يَلْقَى مُتَّكَأَ.
كَانَ الْحُبُّ قَوِيّاً يَرْبِطُ أَشْجَارَ القَرْيَةِ
لَكِنَّ لَهِيبَ الْحُبِّ بِهَا اليَوْمَ قَدِ انْطَفَأَ
....................................
هَذِي طُرُقَاتٌ تَتَأَجَّجُ إِنْساً
طُرَقَاتٌ لَيْسَ بِهَا أَثَرٌ لِلْوَحْشِ
وَلَكِنْ، وَأَنَا أَمْخُرُ هَذِي الطُّرُقَاتِ
لِمَاذَا أَشْعُرُ أَنَّ بَقَايَا شَعَرِي
صَارَتْ حَفْنَةَ شَوْكٍ
تَعْلُو رَأْسِي الضّائِعَ مِنِّي !
لَيْتَكَ يَا هَذَا الوَحْشُ،
بِهَذِي القَرْيَةِ
تَرْبِضُ عَلَّ تَحُطُّ بِقَلْبِي الْمَجْرُوحِ
طُيُورُ الأُنْسِ فَأَهْدَأَ
مِثْلَ هُدُوءِ النَّهْرِ إِذَا مَا بِالْحُبِّ امْتَلأَ
ليْتَ البَيْضَاءَ تُغادِرُ مَرْفَأَهَا
وَتَحُطُّ بَعِيداً فِي جُزُرِ الوَقْوَاقِ
وَلَيْتَ الغَابَةَ تَحْتَلُّ الْمَرْفَأَ
عَلَّ الطَّيْرَ تَعُودُ وَعَلّ الشَّمْسَ تُغَادِرُ هَوْدَجَهَا
فَتُغَطّي سَوْءَتَهَا بِوُرَيْقَاتِ الغَابَةِ
عَلَّ القَمَرَ الْحَالِمَ يَعْلَقُ بِالشَّمْسِ
فَيَمْتَصَّ رَحِيقَ غَلاَئِلِهَا
****
قَدَمَايَ هُنَا..
عَيْنَايَ هُنَاكْ.
بَحْرٌ مِنْ إِسْمَنْتٍ
يَفْصِلُ عَيْنَيَّ عَنِ القَدَمَيْنْ.
لَيْتَ القَمَرَيْنِ
يَهُزّانِ جِهَاراً جَسَدِي
يسَّاقَطُ مِنْ كَبِدِي
هَذَا البَحْرُ الإِسْمَنْتِيُّ
فتَنْبُتَ لِي أَجْنِحَةٌ مِنْ مَاءٍ
عَلَّ صَبا نَجْدٍ تَحْمِلُ لِلْقَلْبِ عَبِيرَ غَزَالٍ
طَوَّقَ جِيدَ الصَّحْرَاءِ بِقَرْنَيْهِ العَذْبَيْنْ
وَسَقَى الرَّمْلَ دِمَاهُ؛ فَكَانَ الْمِسْكُ
وَكَانَ العَنْبَرُ(...)
لَيْتَ صَبَا نَجْدٍ (...)
آهِ مَتَى امْتَلأَ القَلْبُ الظَّمْآنُ بِـ"لَيْتْ"؟
****
يَا بَيْضَاءُ
غُرِّي غَيْرِي .
سَاخَتْ قَدَمَايَ بِرَمْلِكِ هَذَا الرَّطْبْ
وَحَبِيبُ القَلْبِ أَمَامِي
غَطَّتْ مَوْكِبَهُ خَيْمَةُ نُورْ.
سَاخَتْ قَدَمَايَ. وَخَلْفِي الأَحْبَابُ
أسِنَّتُهمْ زُرْقٌ زُرقَةَ أَنْيَابِ الدَّيْجُورْ
تَبْحَثُ فِي حَبَّاتِ الرَّمْلَةِ عَنِّي.
كَيْفَ أَفِرُّ أَنَا مِنِّي؟
كَيْفَ تَفِرُّ البَيْضَاءُ مِنَ الإِسْمَنْتِ
لِتَسْأَلَ عَنّي؟
كَيْفَ يَكُونُ فِرَارٌ وَالصَّحْراءُ احْتَلَّتْ كُلَّ جِهَاتِي
احْتَلَّتْ كُلَّ دُرُوبِي؟ !
آهِ حَبِيبِي..
هَذَا الشَّكُّ يُطَوِّقُنِي
بِلَهِيبِ الطَّعَنَاتِ
هَذَا الْخَوْفُ يُهَدِّدُنِي
بِامْرَأَةٍ زَرْقَاءَ مُدَجَّجَةٍ
بِسِلاَلِ الْوَرْدِ الفَاقِعِ
فَافْتَحْ لِي فِي صَدْرِكَ هَذَا الوَاسِعِ
بَيْتاً يَأْوِينِي
وَأَجِرْنِي مِنْ خَوْفِي وَظُنُونِي
وَاجْعَلْ قدَمَيَّ هُنَاكْ
اِِجْعَلْ قَدَمَيّ هُنَاكْ.
قَدَمَيَّ هُنَاكْ.
الدار البيضاء: 12/10/1996