أدلى القطّ العجوز بتصريح للجريدة الصادرة في الغابة، أعلن فيه توبته عن مطاردة العصافير وعزمه على الامتناع عن أكل لحمها والاكتفاء بسماع أغانيها، ودعا العصافير إلى وليمة سيقيمها في بيته احتفالاً بتوبته، فعقدت العصافير اجتماعاً لمناقشة تصريحات القطّ، وكان أوّل المتكلمين عصفوراً شرهاً لا يعرف الشبع، وصاح قائلاً : أنا جائع، وسأذهبُ إلى وليمة القطّ.
فتعالت صيحات العصافير مستنكرةً محذّرةً، ونصحته قائلةً : كلام العصفور خادع، ويجب ألاّ نصدقه، فالعدوّ سيظل عدوّاً ولن يصير صديقاً.
فسخر العصفور الشره من نصائح رفاقه العصافير، وذهب إلى وليمة القطّ، فاستقبله القطّ مرحباً، وقدم إليه سيجارةً، فرفضها العصفور لأنّ تدخين السجائر يؤذي حنجرته ويسبب له السعال.
وراح القطّ يتحدث مع العصفور بودّ والفة، وعندما تأكد أنّ العصفور هو الوحيد الذى لبّى دعوته، انقضّ عليه، وأمسك به، فبكى العصفور، فقال له القطّ مزهواً : أتبكي خوفاً مني؟
فأجاب العصفور قائلاً : أنا أبكي ندماً، ولكني في المرة القادمة سأعملُ بنصائح رفاقي العصافير.
فضحك القطّ، وقال للعصفور : لن يتاح لك أن تندم ثانيةً.
فصرخ العصفور مرعوباً، وقال للقطّ مهدداً : سأشكوك إلى الشرطة.
فلم يأبه القطّ لتهديد العصفور، وأكله في لقمة واحدة.
( لماذا سكت النهر 1973 )
