(1) مهاتفة المدن والمدى
تسألني المرأة, تسألني "داليا" يناشدني صوتها في الهاتف الدولي:
- من أنت؟.. أأنت السيدة برتقالة؟
وأضحك..- لم لا.. سأكونها..!
وتضحك هي الأخرى من دهشة الاستجابة السريعة وأطيح باستغرابها :
- من أنت في اشتباك الأصوات المرصودة بأقمارهم ؟؟ من أنت ونبرات صوتي يصطادونها كمايصطادون الفراشات من الهواء؟
- من أنت؟
وتجهش بأشواقها لبغداد:
- ألا تعرفينني؟ يا لهول السهو, يا لهول البقاء في الأسى, يا لهول غربتي, ترغمني على الاكتفاء بأصواتكم في وحشتي فلا أراكم ولا أسمع سوى ضحكة وشهقة ألم وسيل تحايا تمطرني باللوم.. تلومين! أدري! ولكن يا لهول الغربة ماذا فعلت بي, الوحشة تقضم حروفي, الحوادث تغدر بالوقت, وأنت ابنة البساتين الشجية, تتجاهلين صوتي وتنكرينه, فهل تخالينني غريقة في خلاصات الفولاذ ومدن الكوكايين؟ ،المسافات تعدو بي في الدنيا فلا أتقي بطش غضون الزمن ،آفة الحنين تحفر طرقها في جوارحي.. فهل أنت هي؟ أأنت السيدة برتقالة؟ أفصحي قولي الحقيقة؟ أأنت هي؟.. أعرف أنك هي, والا ما واصلت هذري على الهاتف حتى تنفدالبطاقة ، قولي انك هي والا.. ماذا؟.. لقد اعتنقت مدن الهجرة جنات لأيامي ولا خيار لي سوى هذا ولا عودة لي إليكم .. أأنت هي؟.. ولن أعودا! ولماذا أعود؟..
- سأكونها, أنا السيدة برتقالة فأنا الآن مالكة بستان بشجر تغذيه العجائب، وبستان البرتقال بحجم بلدة وغابة, بستان نخيل وبرتقال وحامضيات من كل صنف وسوره أسلاك يشوّكها الجوري البري ونباتات العليق تنشب أبرها في أذرع المتسللين ،ثمارها توت أسود أحمر لذته توقظ شهوات الصبا وكنت أشم رائحة التوت عبيرا حلوا حامضا يطوق جسدي والبستان ،يختلج له فمي والعشب المسحوق يفوح في الخطى وتطير الفراشات في هيام شمسي ،جسدي المرتجف يخاف الأفاعي الصغيرة تزحف على جذوع التين وأتبع في انسحاري مسرى الثعلب الصغير بعينيه الذهبيتين ، يأخذني برقهما الناري الى شجرة البهجة التي كنت أستولد منها وجه رجل يقوم في صباي من الريح والغيم والنجوم ثم تبدده المخاوف بعد برهة افتتان ويراني الثعلب الصغير المتربص وأراه مستريباً بي وكأن سجايا الثعلب انهمرت من نظرتي, من يرتاب بمن؟..
أيكون وهم الرجل الذي افتتنت به تراءى للثعلب كما تراءى لي؟ أتدرين؟ كنت اضحك منه هذا المتربص خفيف الخطى لشروط السلام المتواطىء بيني وبينه, هل نرتاب الآن ببعضنا كما الثعالب؟
لم لا؟.. فقد حاقت بنا التحولات وإنمسخ القلب في المسافات ولكن من أنت الآن؟.. وماذا صار إليه الاسم والفؤاد؟..
تقول لي : من أنت؟
- أنا السيدة برتقالة إن شئت!
يستبد الحزن والشوق بصوتها على السفح الآخر من العالم واراها تلوذ بغرفة صغيرة تجمع فيها فتات الذاكرة من صور ورسائل وروائح وتعصب رأسها بمنديل هنود مرقش (أرسلت لي صورة تتشبه في وقفتها بهندية حمراء ذات جدائل وارتياب).أراها الآن في أقاليم الغربة وقد تشظى (تمثال الحرية) قربها الى ألف مدية تنغرس في لحم القارات والمدن .. من أنت؟
أنا هي .. وأنت تهاتفيننا , نحن الذين لبثنا نرعى الأغاني والأحلام ونتحدث بلغة عتيقة عن قيثارات الهوى والغائبين, أو نغني لليل ونحن نطوف في زوارق وسط (دجلة) نقرأ الشعر الدارمي وغزليات أبي نؤاس وعلي بن الجهم تحت اقمار متكاثرة تهاطلت من قمر انفطر فؤاده إلى سبع كواكب.
أنت تهاتفين امرأة اسمها (سمية) جبلت من رحيق البلاد والحكايات التي تحفظ النساء على شواطىء الحداد .. ماذا بوسعك ان تفعلي- و أنت في (الهناك ) - لمن هم في قاع الفجيعة؟.. ما هي هذه (الهناك)؟ ماذا؟ هل أنت في (سدني) أم انك في (مرنتريال)؟ او لعلك لجأت الى (مالمو)؟ أو كأنك في (ديترويت)؟ أو (امستردام) بعضهم قال لي انك في (ولنغنون) في نيوزيلندا على الحافة القصوى لجنوبات العالم, أين تراك؟..
كم تطوي هذه الأين من دهور ونقائض وغصص وحروب.
أنا؟ أنا هي نفسها .. إنني هنا في البلاد حيث أرواح الذين يطاردون الموت ويطلقون عبير الطمي والجوري وبنفسج السحنات في النسائم العذراء. الوجوه محروقة يعلوها غبار المعارك وليس لنا من قمح او زاد للعابرين في جهة الأين إلى الأين الآخر.. في هذا الوقت ورثت عن أسرتي (بستان برتقال) تركه شقيقاي المهاجران لي, وذهبا الى (الهناك) حيث انتم, والبستان كان مهجوراً فنسيته بعد سفرهما عامين أو أكثر وفارقته المياه والمطر فالجفاف آخر ما أتت به الأيام لنا وكاد يفني شجر البرتقال والنخل لولا ان مهرجانات الموت هبت علينا في الشتاء نهاية عام (1998) ودامت رقصة الصواريخ والقذائف المشعة أربع ليال, هبات عام جديد موشح بالسموم ومرت شهور اربعة: ذهبنا الى البساتين بعد زيارة مقابر الذين غادرونا في الحرب, فإذا بالشجر يقوم الى معجزة اخضرار ونضارة وتنمو الشجيرات الهزيلة وتزهر قداحا ابيض يكلل هاماتها مما لم نألفه في بساتيننا المهجورة, وأثمرت برتقالا هائل الحجم, الثمرة بحجم خمس برتقالات مما عهدناه في سني السلام الغابرة.
وذهبت مرة أخرى لأرى ما يحدث وتساءلت وتساءل الناس عما حدث ولم نجد أجوبة عن المعجزة وسرت أخبار الأعجوبة في البلدات القريبة وحملت الأطواف والزوارق في نهر (ديالى) حكاية معجزة البرتقال الى القرى والأرياف ، وسمع بها متاجرون وباعة غلال وأحضر خال لي واحداً منهم برع في فنون التجارة وقيل في التهريب عبر حدود البلاد شمالها وشرقها وغربها وجنوبها وقيل أنه متمرس في خرق المسافات الحرام والزمان وطوع تجارته وجسارته, وعرض علي شراء ثمار الموسم بثمن وجدته بخساً فأمهلته الى حين استشارة من أثق بهم, لكنه رفض المهلة وزاد الثمن مضاعفا وسمعت من يقول انه يهرب الغلال الى مدن الحدود حتى نصيبين وديار بكر وصولا الى (انجيرليك) وسواها.. وربما ابعد من ذلك الى مدن الشرق والجنون..
(2) عجائب وحدود :
المهربون أمثالي لا يكررون الخطأ مرتين وإلا انقرض نوعهم من مدارج الحدود المتغيرة بين البلدان وقد علمتني المآزق ان لا أثق بغير نفسي وشهوة الثراء تسدد خطواتي والحدود تؤدي بي الى مهالك مرة والى ممالك وثروات ومخاوف واسمي.. اسمي (عامر بن جاسم الماهود) وأمي تسميني (عبد الباقي) وهبتني هذا الاسم بعد ولادتي لتضلل الموت عن طريقي فقد مات خمسة أولاد في عمر الرضاعة ورأت ان تحصنني باسم سري لا يسجل في تاريخ الولادات المعلنة وأورثتني هذا الاسم عن أحد أجداد قبيلتها المعمرين من سكان البوادي الغربية أبناء الرمال والريح ،سادة الحداء الحزين ،واسمي المعلن يستخدمه الجميع وهو الذي ينسب الى أبي الذي انحدرت من صلبه والجأ في المخاطر الى الاسم السري عندما أرى نذراً تلوح لي وها أنا الآن رجل تتداوله المخاطر والحدود, مدمن نقود ومغامرات وكنت مدمن قراءة وحفظت من الكتب عشرات مما زوقته أقلام الوراقين وأبي كان بائع تبغ وعاشق تصوف وأذكار ولديه مع التبوغ خزين كتب ثمينة داهمتني في صباي وحشدتني بالأفكار والانبهارات ولكنها لم تأخذ بيدي الى غايات عيش, فهجرتها الى كتاب الدنيا الكبير يدونني في الطرقات والليالي وها أنا الآن لي شأن بين ذوي الثراء الجدد وأنا عامر جاسم الماهود المحصن باسمه السري (عبد الباقي) لدى ما ورثته عن أبي دكان تبغ وسجائر من كل صنف يبعد عني ارتياب الناس فيما يرونه من ثرائي ويموه عملي في مغامرات التصدير بين الحدود وبيع الغلال والثمار لمدن ووكلاء ووسطاء منهم (يشار) و(مراد) و(سردار) و(غلام) يستلمون مني الغلال ثماراً وحبوباً بما هو أدنى سعراً أربع مرات من أسعارها في (الأناضول) والسهول والجبال الشرقية وعرفت انهم يبيعونها لمتعهدي المعسكرات والقواعد الأميركية لذلك ساومتهم وضاعفت أسعار غلالي وتناهي الى أن الأميركان من سود وشقر ومجندات اعجبوا بالبرتقال العملاق واعتبروه أعجوبة من أعجوبات الشرق وطلبوا من سردار أن ياتيهم بالمزيد منه وصنع لهم الطهاة الإيطاليون أصناف حلوى غربية وشرقية, مهلبيات وفالوذج وفطائر وكان رحيق الثمرة الواحدة يترع قدحين كبيرين وهكذا أرسلت لهم عبر وسطائي صناديق برتقال سلمها (سردار) أما أنا فعدت الى السيدة (سمية) أحاول معرفة سر أعجوبة البرتقال ولكنها كانت تضحك من فضولي وتلوذ بالصمت. وسألت من حولها فلم أجد جوابا أو فكرة مقبولة استفيد منها في معالجة البساتين الأخرى. فاتفقت معها على شراء غلة بستانها لسنة قادمة وهي تضحك ضحكتها الحازمة وتطش المال أمام دهشتي على أيدي بناتها المراهقات وتقول لهن على مسمع مني:
- خذن ريع البستاان, خذن ما جاءت به الحروب من عجائب وتزودن بما حرمنا منه موت أبيكن وحصارات القاتلين..
وأنظر الى وجهها الكاسر وأتعذب لفرط غيظي من هذا السفه كيف تبذر المال كأنها تطش حبوباً للعصافير وهذا المال جنيته من مخاطرات ومخاوف وكنت في جحيم التسلل عبر الحدود اثقب جلاميد القوانين باخضرار النقود العالمية, وهي أمامي تبث المال حماقة, وتوجعني يدي, كيف تطاوعها أصابعها فعل التبذير وهي تنثر المال على أقدام بناتها اليتيمات واتركها في غيظى منها حاملا وثيقة وعد بثروة جديدة من بستانها وأطوف في بغداد منتشيا بنعمة البرتقال.
(3) بنات من تمر وبرتقال
أنا سمية, أقول للمرأة التي تخاطبني في الهاتف الدولي, أنا هي ، أزودها بأخبار الذين لبثوا في المدينة والبلاد يصدون أجنحة الموت عن سلالتنا ا لناجية وتسألني:
- هل سأراك ذات سفر في الجهات البعيدة حيث أنا والبحار؟ أضحك: أنا سمية المجذورة هاهنا وانتم تعالوا الينا, انتم الذين ترودون المتاهات, أعيدوا وجوهكم الى محاريب رائحة الأمهات والغرف ونسيم الشرفات المحبوكة من ياسمين وعنب, تعالوا: فأنا حارسة ظلال الغائبين والبرتقال والبنات..
- وداعا – تقول .. أقول ايضا – وداعا.
وامضى مع بناتي الى السوق وهن يرددن أناشيد قلوبهن , تعلو وجناتهن وردة النضوح وقد ضفرن الجدائل السودالطويلة بشرائط ،المسرات التي لم يعرفنها غيبها موت الأب في طفولتهن عندما غادرهن في ليلة قصف قبل ثماني سنوات, انظر إليهن وقد تعطرن بشذا الطلع النخلي وغبار اليتم ،العاصفة تشكل هالات حمراء حول وجوههن ويضحكن من بطلان أحلامهن التى أراها تسيل وراء خطواتهن ، يحدقن بالأفق فلا وجه لفتى يتراءى في عيونهن, الشباب غدروا بأنفسهم وبنا عندما ابتلعتهم الحرب و المهاجر وقدت أرواحهم من دخان المسافات ،الخوف واللغة الغريبة تتلجلج على أفواههم مهشمة المعاني ،ولغة بناتي غضة لها طراوة عشب, لغة البنات مثلهن من تمر رطب وتين وكمثرى ،لغة البنات بها أشواق مكبوحة الى من ضاعوا في بغداد والبنات الكمثريات منسيات بلا عشاق– أدري والله ادري ما شكل أحلام الشباب المغادرين : نساء مقدودات من حليب وليل عابق بخمور وهن يتراقصن متعاليات على أحلام الشباب يتبادلن مواقع البنات الكمثريات المهجورات ويضحكن نافرات من الرجال الملونين الطارنين بأصواتهم الصحراوية الحادة, وبناتي ينشجن وهن يندبن غياب الرجال.. والمال؟.. ما المال؟..
يأتي لهن المال ولا يبتكر لهن رجالا ولا مستقبلا من صغار يضحكون في الحدائق والمهود.. والمال ما المال؟.. يأتي لهن بأيام عابرة ومباهج هشة ولكن الوحشة تنضح من دفاترهن ويقضمن الأصابع أسى ويأساً وياويلي من حروب الروح في فداحة ما ينتظر البنات غدا ، ويسألنني: ما سر برتقالنا العجيب يا أم ياسمية يا برتقالة عمرنا؟
ولا أدري بم أجيب عن فضول البنات, وبم أعلل التحول الذي أدرك البستان عقب ليالي القصف الأخيرة في شتاء 1998 فماذا اعرف أنا من تحولات الطبيعة والمعجزات؟
هل يكمن السر في دم أخي الذي اندفق في أول الحرب على تراب البستان؟ أم في دم أبيهن الذي صهرته القذيفة في مبنى مدكوك ؟؟ لا ادري وهن يتراجفن تحت مسرى القذائف والرعب ونلوذ ببعضنا وعيوننا شاخصة إلى السماء.
ماذا أقول لهن والضحى يأخذهن الى الشمس والمدارس شاهرات مع الكتب أحزان الصبا وفي النظرات خوف ورغبات يهددها العابرون وأصوات الشباب في المسلسلات تذيب أرواحهن.. وأبقى وحدي احرس ظلال الغائبين التي حفرها حزني على الجدران والستائر وجذوع النخل وينادونني كل حين:
- سمية, يا أم.. يا برتقاله, يا سمية, احرسي ما تبقي لك منا, يا أم .. يا سمية..
هزجا أغني ،وأتفادى غوايات الحياة وبالنبرة الأسيانة أذود التوابيت عن بناتي واجمع لهن الزنابق والحكايات وأرش الربيع فوق وسائدهن الباردة والناس يسألون: ما سر بستانكم ياسمية تقول النساء المتربصات بالنساء: شعوذات .. ساحر غريب فعل لها هذا وجعل بستانها يثمر الأعاجيب.
تقول آخر النمامات: سمية كما سمعت سخرت الريح والماء والتعاويذ فقام بستانها من الموت..
أضحك واتغاضى عن الهذر ثم انصرف الى تعليم كبرى بناتي اسرار جسدها الذي ينضج في الربيع الدافىء وتأتيها دورة النساء وتزجها دون ان تعى في نفق النساء المخيف.
اقول لها : لا تخافي ستحدث لك أشياء غريبة, سترين انك مختلفة عن نفسك, سيتغير الجسد والروح الطفلة, فلا تفزعي, تعلمي أن تكوني المرأة التي تحبين أن تكونيها , وتحمّر وجنتها وتضع رأسها علي كتفي ثم تقبلني, وتمشي.. فأعود لأحرس ظلال الغائبين.
(4) رحيق المنايا ..
لم يعد للبرتقال طعم البرتقال ولا للقمر بهاؤه الكوكبي الذي يسحر البنات ولم تعد للبيت تلك الرائحة القوية التي يتركها مرور الرجال في الغرف والممرات وفوق مفارش الأسّرة ، تغير كل شيء بعد وفاة الأب, لذلك اقسمت سمية وأقسمت معها البنات ان لا يتذوقن ثمار برتقال البستان كأسلوب حداد يفرضنه على أنفسهن مشاركة لروح الأب في حرماناته الايدية.
في ضوضاء العالم المريع كان على سمية أن تحمي البنات الذائبات في رحيق المراهقة وان تنفق المال لشراء ما يهدىء غصص اليتم ونزوعات التمرد وأن تتربص بحركاتهن في الطرق مخافة ان يصيبهن هوس الهجرة بالعقوق المبكر. وتنصت الى خفق قلوبهن ممتزجا بهسيس الظلال القلقة وتغادرها البنات الى المدارس وهي تتقدم في الزمن من خلال وحشتها وتستدرج النعاس في الظهيرة بسماع الإذاعات لعلها ترتاح برهة من يقظتها في حراسة ظلال الغائبين والظهيرة قيلولة ومدى فسيح يتسع لأغنية شجية من ناظم الغزالي ولأخبار الأرض ومن عليها مسابقات جمال في لبنان وكوارث تتوالد من اصابع الحاكمين وهي تستلقي على الاريكة واخبار البشر تبثها (رويترز) حرائق في مزارع المستوطنين في موزمبيق, بانكوك والصومال وغزة .. دارفور تتأكل في المجاعة وسمية تنعس قليلا وتحاول ان تمد يدها لتسكت المذياع لكن المذيعة تعلن بصوتها الصادح خبرا عن اصابة جنود في قاعدة (أنجرليك) بأعراض غريبة تطلبت فرض الحجر على القاعدة الاميركية, واستبعد الناطق المسؤول حدوث أي تسرب للاشعاع من مخازن الأسلحة التي تتزود بها الطائرات الأميركية وهي تقصف العراق. ويقول شهود عيان, تضيف المذيعة. أن عدداً من مدن جنوب تركيا أعلنت حالة الطوارىء وجرى فحص عينات من الأغذية والفواكه والمشروبات التي تناولها الجنود في مختبرات الجيش لتحديد مصدر الإصابة.. ويضيف مسؤول انهم صادروا شاحنة محملة بثمار البرتقال كانت متوقفة دون سائق داخل الأراضي التركية.
وصرح آخر.. وأضاف طبيب القاعدة الأميركية بأن الأعراض تماثل أعراض التسمم بالإشعاع..
هل سمعت سمية؟.. ربما سمعت. وتراخت أطرافها وتخدرت حواسها في لذة أول النوم وهي ترى ثمار برتقال عملاقة تتساقط من السماء وتمحو بمطرها ظلال الغائبين عن الجدران التي بدت مشبعة بوهج اصفر, دفع سمية لان تضع منديلا على عينيها وتروح في سكون النوم وتدخل باب حلم تفوح فيه أشذاء البرتقال.
