جعفر الديري - مؤتمر ابن خلدون: ابن خلدون لم ينشغل بفكرة الإصلاح.. فكر

كتب – جعفر الديري

أشاد المشاركون في اليوم الختامي من مؤتمر ابن خلدون "الفكر الخلدوني وخطاب الاصلاح" بالمكانة التي تحظى بها مقدمة ابن خلدون، لافتين الى ان ابن خلدون لم ينشغل بفكرة الاصلاح المباشر وإنما بالعلل التي تبحث في أسباب العمران الانساني.
وكان مؤتمر "الفكر الخلدوني وخطاب الاصلاح" اختتم أعماله في كلية الآداب بجامعة البحرين بمائدة مستديرة شارك فيها مجموعة من المفكرين العرب.
وافتتح المائدة المستديرة عميد كلية الآداب رئيس المؤتمر أ. د إبراهيم عبدالله غلوم بالتأكيد: أن هناك عدة مستويات من التقاطع والتلاحم تدور حول الخطاب الخلدوني. وهو خطاب ذو تاريخ قريب من مشروع النهضة العربية. والمهم الآن أن هذا الخطاب يثير سجالات حول مفهوم الاصلاح ويقيم تقاطعات شتى مع الوضع الراهن. وبالأمس القريب كان هذا الخطاب مرفوضا بينما هو الآن أمر مطلوب ذلك أن المبادرات الداخلية والخارجية تفرض هذه المؤتمرات حول هذا الموضوع اليوم.

لماذا تقوم الدول؟

بينما أوضح المفكر د. محمد عابد الجابري أن فكرة الاصلاح لم تكن قد شغلت فكر ابن خلدون وإنما ذهب الى خط مناهض لها، موضحا: لقد كان ابن خلدون ملتصقا بحياته التي مرّت بأربع محطات: 20 عاما قضاها في تونس يدرس الفلسفة والمنطق. ومحطته الثانية كانت في المغرب التي مكث فيها 16 عاما، ومن ثم الى الجزائر التي قضى فيها 16 عاما أيضا. ومن ثم الى مصر التي قضى فيها 25 عاما حتى توفي.
أما اشتغال ابن خلدون على مقدمته فسببه أنه أراد أن يكتب باسمه كتابا عن تاريخ البربر، لأنه عرف مجتمعهم ودرسه من المراجع وكان السؤال الاساسي الذي شغله: لماذا تقوم الدول ولماذا تسقط؟ فجاءت المقدمة اجابة على هذه الأسئلة. لقد يأس ابن خلدون من الاصلاح لأنه اكتشف أنه بدون عصبية لا تقوم الدول. ولكنه كان يأس عالم تحول الى البحث عن اجابة وللفهم.

أسئلة حول مفهوم الاصلاح

في حين أثار المفكر د. برهان غليون عدة تساءلات عن مفهوم الاصلاح وكيف نفهم سلوك وسياسات الدول العربية التي نطالبها بالاصلاح. وأجاب على ذلك بقوله: ليست هناك سياسة دون إصلاح، فعملية تحسين أدوار النظم عمل روتيني ويحصل في جميع البلدان الا ان استخدامنا لهذا المصطلح بدأ يأخذ مفهوما أيديولوجي. وقد اكتشفتا خلال الفترة بين الحربين العالميتين أننا متأخرون. وعندما انتقلنا من مفهوم النهضة الى مفهوم الثورة كرهنا السلطات لأنها سلطات في نظرنا لا تهتم بمصالح شعوبها وانها مسئولة عن تأخرنا وانه لا يمكن الاصلاح دون ازالة تلك السلطات. وأننا اليوم أصبحنا نشعر أننا نعاني الجهل والفرق والمرض والانتهاك لحقوق الانسان تحت ادارة النظم الشمولية. وأعتقد أننا شيئا فشيئا نصوغ مفاهيم جديدة حول الاصلاح منذ السبعينيات.
وتساءل مرة أخرى: هل النظم العربية قادرة على الاصلاح وهل تستطيع تحقيق المطالب الكبرى؟ انه من الصعب إجمال العالم العربي هنا وانما هناك شرطين لتحقيق ذلك: الأول أن تكون النظام قابل بتكوينه لأن يستجيب الى الضغوط. الثاني أن يكون النظام يملك استقلالية في اتخاذ القرار فنحن نعيش في مناطق من أكثر الدول خضوعا للنظم العظمى.

خطاب الإصلاح أهم العقبات

أما المفكر د. أبو يعرب المرزوقي فحذر من أن أهم عقبات الاصلاح هو خطاب الاصلاح الذي نتناوله نحن. وقال بهذا الصدد : لكأن المثقفين العرب حولوا أنفسهم الى متاخمين للدولة. أي الى سلطة ترادف سلطة السياسي أي أنهم تصورو أن الاصلاح هو سياسي بالأساس. ومن ثم كانت رؤيتنا تحول دون رؤية مجالات الاصلاح ذلك أننا نريد الاصلاح المباشر في حين أن سلطتنا هي سلطة العمران. فما هي وظيفة الاصلاح غيرالمباشر؟ فهذا هو السؤال الذي أراد أن يتحدث عنه ابن خلدون حين اكتشف ما كان ينبغي اصلاحه؟ لذلك قال في مقدمته ان هذا العلم الذي اكتشفه هو علم بذاته فهو علم مبني على الوظائف الأساسية.

نظم عربية قائمة

من ناحيته تحدث المفكر د.فهمي جدعان عن النظم العربية القائمة اليوم حين أوضح : ان هناك ثلاث نظم: نظم الاسلاميين، نظم الليبراليين، ونظم العلمانيين. ولا أقول القوميين لأنه وصل الى طريق مسدود. فعلى هذا النظام القومي أن يراجع نفسه من أجل أن يسابق المسيرة فهو حتى الآن عاجز عن التقدم الى مناطق أكثر حضورا وارتباطا.
وما أعتقده أنه يجب أن تسير هذه النظم جنبا الى جنب واحدة باثر واحدة فلن أي منها بمفرده أي شيء، ولا يستطيع أي واحد منها أن يقوم بخطوة لوحده. فنظام الاسلاميين وليس الاسلام على وجه التحديد اتخذ مفهوم الحاكمية أي اصلاح العالم العربي وما حدث هو الانفصام بينه وبين الدولة كما نعاني نحن اليوم من نفس تالظاهرة وهو انفصال وبالتالي لن نصل الى نتيجة.
وبشأن العلمانيين أضاف جدعان: ان هناك مفهوما واحدا بشأن العلمانيين وهو ان يكون هناك عملية فصل بين الدولة والدين بينما هناك مفهوم آخر يرى أن تكون الدولة حيادية بشان الدين. وأن تكون هناك استقلالية للعقل العربي عن أية سلطة خارجية. ولكن لا يمكن التسليم بأية سلطة نهائية لا حدود لها فالعقل قوة في الانسان تقابلها قوة أخرى لا تسمح له بالاستقلال تمام الاستقلال. بينما النظام اللييرالي هو بالأساس نظام يرفض جميع النظم السياسية مع أنه عدة أنواع وهي اليبرالية التكاملية والاجتماعية الى آخر الليبرالات.

شهادات في مؤتمر ابن خلدون

د. محمد عابد الجابري: ما يتبقى من ابن خلدون هو موضوع العصبية الذي تناوله من خلال دراسته تاريخ العربي على اساس العصبية. فهو قد تناول موضوع التاريخ العربي من زاويته وسيبقى ابن خلدون وما زال باقيا لأن العصبية انبعث من جديد.

د. برهان غليون: ان موضع الاصلاح هو الموضوع الأهم اليوم في العالم العربي. وهو موضوع الادراك الرئيسي لأننا تحولنا اليوم الى الرجل المريض فعلينا البحث عن الوسائل والأهداف.

د.سعيد هاشم: المؤتمر يأتي فرصة للتفاعل والتلاقح بين الامكانات البشرية الفكرية التي تستضفيها الجامعة وبين أساتذة الجامعة فالى أي مدى تستطيع الجامعة الاستفادة من تفعيل ما يطرح من آراء تتعلق خصوصا باستراتيجية التعليم وتفعيلها في مجال وضع مقررات تتمشى مع متطلبات السوق المرتبطة بالتطورات الاقليمية والى مدى يمكن تفعيل الاطروحات التي طرحها ابن خلدون في مجال التعليم أطروحات في كيفية تعامل الأستاذ مع الطالب عندما أحاول أن أخلق طالبا ناقدا ومثقفا.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى