جعفر الديري - المفكر المصري د. محمد عمارة: بقدر ما كانت عظمة القرآن وتأثيراته كان الهجوم عليه.. فكر

كتب – جعفر الديري

أكد المفكر المصري د. محمد عمارة أنه بقدر ما كانت عظمة القرآن وتأثيراته، كان الهجوم عليه، وهو الرحم الذي ولدت منه الأمة الاسلامية، ونحن أمة ولدت من بين دفتي القرآن الكريم، فوحدة الأمة خرجت منه، وشريعة وعقيدة وقيم الأمة وأخلاقياتها خرجت من سوره وآياته، فهو اذا مرجعيتنا ولهذا السبب كان القرآن الكريم موضوعا لسهام الأعداء منذ ظهوره.
جاء ذلك خلال المحاضرة التي ألقاها د. عمارة في بيت القرآن في العاصمة المنامة تحت عنوان (حقائق وشبهات حول القرآن الكريم)، على هامش زيارته مملكة البحرين لاستلام جائزة يوسف بن أحمد كانو للتفوق والابداع في دورتها الثالثة في مجال الثقافة الاسلامية.

قراءة التاريخ والوعي به

وقال د.عماره: لقد كتبت ضمن ما كتبت عن التاريخ ودعوت الى التمييز بين قراءة التاريخ وبين الوعي بالتاريخ. اذ من الممكن أن يتحول التاريخ الى معلومات. والقضية ليست قضية معلومات فأنت قد تجد عالما ممتلئا بالمعلومات ولكن الوعي غائب عنه ولا يعرف كيف يضع المعلومة في سياقها لنرى ثمرات لتلك المعلومات. فبقدر ما كانت عظمة القرآن وتأثيرات القرآن كان الهجوم على القرآن الكريم ولذلك عندما نرى هذه القضية في سياقها التاريخي لا نقف عند ما نراه الآن على شبكة الانترنت وعلى بعض الفضائيات مثلا في التشكيك في القرآن وفي الهجوم على القرآن وفي تقليد القرآن وانما أرى كل هذا في سياق الموقف من القرآن.
وأضاف: بعض الناس يتسائلون عن السبب في الاهتمام بكل هذه الأمور، مع أن المنهج القرآني قد اهتم بذلك فالمنهج القرآني لم يصادر ما يقوله الآخرون ولم يتجاهل ما قاله الآخرون حتى عندما كان ما قالوه متهافتا وانما القرآن يسجل كل الدعاوى المعادية ويناقش. فيسأل هل عندكم من برهان، وهل عندكم من علم أو اثارة من علم. فالقرآن اذا لم يتجاهل ما قاله الآخرون وانما قام بتسجيل كل الدعوى المعادية وقام بمنقاشتها فالذين كانوا يصمون آذانهم ليس المسلمين وانما أولائك الذين كانوا يدعون الى عدم الاستماع الى القرآن فمن الواجب علينا أن نرتكز على منهج الرد على هذه الاتهامات وليس تجاهلها.
وتابع المفكر المصري: ان هناك كلمة أعجبتني بهذا الصدد للقائد الانجليزي للجيش الأردني في العراق الى العام 1956 حينما قام الملك حسين بعزلة استجابة الى الشارع العربي اذ قال جلوب: "ان تاريخ مشكلة الشرق الأوسط مع الغرب تعود الى القرن التاسع للميلاد بظهور الاسلام". لذلك نجد أن التشكيك بالقرآن الكريم له تاريخ طويل فكل محاولات التشكيك لها تاريخها لذلك عندما نعود الى حقيقة ثقافة الكراهية من الغرب للاسلام نجد له جذورا مكبوتة قامت بايقاظها أحداث الحادي عشر من سبتمبر. فعلينا اذا أن نعي ذلك ونتحاور بالهدوء والحكمة وبالتي هي أحسن. كذلك يجب علينا الالتفات الى عدم الوقوع في مطب التعميم فحديثنا عن الغرب يجب أن لا يكون معمما فالقرآن الكريم يقول (ليسو سواء). اذ لا مشكلة لنا مع الانسان الغربي انما من المهم أن نتتلمذ على العلم الغربي وانما المشكلة مع هيمنة المشروع الغربي. لذلك تجد أن الذين يتحدثون عن الغرب فيعممون الأحكام يجب عليهم أن يراجعوا انطلاقا من منهاج القرآن الكريم (ليسوا سواء).

صورة الاسلام في الغرب

عن صورة الاسلام في التراث الغربي قال د. عماره: نحن نعلم أنه كانت هناك أفكار غربية كثيرة منذ أعوام عن مشروع دراسي بألمانيا. وكان فريق العمل لهذا المشروع يرأسه شخص غير مسلم. وعندما أقرأ كتاب (صورة الاسلام في التراث الغربي) الذي كتبه كاتبان سويسريان من أن الغرب كان يصور رسول الاسلام تصويرا يكاد يثير الضحك من أن الرسول كان كاردينالا كاثوليكيا رشح نفسه في الانتخابات الباباوية فسقط في الانتخابات فقام بعمل انشقاق في الديانة المسيحية وأن النبي محمد (ص) هو المرتد الأكبر على المسيحية وقام بأخذ الشرق كله من المسيحية. بينما هذا الكلام كلام ملاحم شعبية. فمرحلة رولان في العام 1100 كانت تتحدث عن مسلمين يعبدون ثالوثا فبازاء التوحيد الذي بلغ في الاسلام درجة التنزيه والتجريد فكل ما خطر على بالك فالله ليس كذلك - يصورون هم المسلمين على أنهم يعبدون ثالوثا وكل ذلك تشويش ضمن تشويهات كثيرة للاسلام ولرسوله وللقرآن الكريم في ثقافة صنعتها هذه المؤسسات. ونحن نضطر أحيانا لقراءة بعض الكلمات التي تؤذي المسامع ولكنها حقائق يلزم علينا معرفتها. فتوما الأكويني الذي كان أكبر فلاسفة الكاثوليكية في الغرب في العصور الوسطى قال عن الرسول (ص): "لقد أغوى محمد الشعوب من خلال وعوده لها بالمتع الشهوانية وحرّف جميع الأدلة الواردة في التوراة والأناجيل من خلال الأساطير والخرافات التي كان يتلوها على أصحابه ولم يؤمن برسالته الا المتوحشون من البشر الذين كانوا يعيشون فبي البادية". كما قال رأس البورتستانية مارتن لوثر: "ان محمدا هو خادم العاهرات وصائد المومسات وأن القرآن كتاب بغيض وفظيع وملعون وان ازعاج محمد والاضرار بالمسلمين يجب أن تكون هي المقاصد وراء ترجمة القرآن وتعرف المسيحيين عليه". وقد يكون من الطريف أن نعرف أن مارتن لوثر حرم القهوة. وأسمى حبة البن حبة محمد. وكان يعتقد أنها تخدّر الجنود الصليبين في حربهم مع الاتراك. وهذا نوع من التفكير في عقول قواد لا يزال تاثيرهم في التفكير الغربي قائما.
وأضاف د. عمارة: كذلك الرجل الذي كتب كتابا أسماه (العظماء مئة أولهم محمد). وهو توماس كارلاي والذي كتب بايجابية عن الرسول (ص) ولم يكن يؤمن بالنبوة وبالرسالة وانما رأى أن محمدا (ص) هو الوحيد بين هؤلاء المئة الذين بينهم أنبياء ورسل الذي طبق مشروعه ورسالته. وتلك حقيقة أدركتها عبقرية هذا الرجل. فنحن نتساءل هل أن عيسى (ع) أقام دولة وصنع حضارة وهل قام موسى أيضا بذلك. فالرسالة الخاتمة هي التي وضعت في الممارسة والتطبيق. بل أنه لا يوجد هناك تاريخ حقيقي لأية نبوة من النبوات الا نبوة نبينا (ص). فأنت لو سألت عن الأنبياء والمرسلين أين دفنوا فلن تجد تاريخا موثقا. فالرسالة المحمدية هي الرسالة الخاتمة والخالدة فشاء الله سبحانه وتعالى أن تكون هي الموثقة. فلهذا السبب وجد ذلك الرجل أن الرسول هو أعظم المئة المختارة لأنه طبق دعوته. بينما كان موقفه من الاسلام ومن القرآن موقفا مختلفا اذ قال عن القرآن: "ان محمدا شيء والقرآن شيء، فالقرآن هو خليط طويل وممل ومشوش جاف وغليظ فهو باختصار غباء لا يحتمل. كذلك قال رئيس وزراء انجلترا في القرن التاسع عشر: "لن نستطيع هزيمة المسلمين طالما ظلوا متمسكين بالقرآن" كما يقول فوكوياما الذي لايزال حيا موجودا حين كتب في مجلة نيوزويك في عدد ديسمبر من العام 2001: "نريد حربا داخل الاسلام تجعله اسلاما ليبراليا حداثيا علمانيا يقبل المبدأ المسيحي دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله".

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى