علاء حمد - حركة ما وراء المحدود في نصوص الشاعر التونسي فتحي مهذب

الإهداء إلى ثوّار انتفاضة التحرير المجيد

أشارة :
أمام هذا النشاط الثر والمُثقل بالأطروحات الجديدة للناقد العراقي المبدع “علاء حمد” لابُدّ من تقديم التحية له على هذه السلسلة من الكتب والدراسات التي تحمل بصمة نقدية مُميّزة وسمة أسلوبية خاصة ، والأهم هو وفاؤها للابداع العراقي ورموزه التي تعاني قلّة الاهتمام من نقّاد وطنها برغم علوّ كعب منجزها. تحيي أسرة موقع الناقد العراقي الناقد علاء حمد وتشكره على ما يخص به الموقع من دراسات وتتمنى له الصحة الدائمة والإبداع المتجدد. كما تحيي روحه العراقي الغيور وهو يهدي دراساته (إلى انتفاضة ساحة التحرير المجيدة).

المقالة :

عندما نذهب مع المتعة الخيالية، نكون قد تجاوزنا المتعة الواقعية، فالأخيرة حاضرة ومنظورة ولا تحتاج إلى منظور تصوّري، وخصوصا عندما نتجاوز المعني في المقاربة المعرفية المباشرة، لذلك ومن خلال المعني نتشعب إلى اللامتناهي، ونحن نتسابق مع المحدود في تجسيد أهداف النصّ الشعري قبل كلّ شيء؛ ويسبقنا إلى ذلك حركة المتخيّل الذي لايستقرّ بزاوية معينة، فهو يتجه باتجاهات عديدة، حيث يجعلنا نتبعه وفي نفس الوقت يكون الشاعر أحد أدواته، فالعالم الذي يملكه، عالم الأحلام غير المستقرة، ومن خلال هذا العالم، يبني مملكته ويتجاوز حدودها، فيعتني بمفاهيم الإنسان من خلال الشيء، يقابله اللاشيء.. ومن خلال المحدود؛ ويقابله اللامحدود.. وفي جميع الأحوال لعبة الحلم ترافقها لعبة الكتابة خارج الوعي، فالكائنات المتواجدة، تصبح كائنات الشاعر وهو يوجهها ويبدل طبائعها من حالة إلى حالة.. إذن يتحوّل الشاعر من كائن له وعيه المطلق إلى كائن يحتسي الحلم احتساء، فيؤدي إلى ذات لها قيمتها وتوجهاتها في عالم الشاعر الجديد.. لو حددنا بعض المفاهيم التي نعيشها وهي على صلات ببعضها، فتؤدي إلى حاجة هذا المفهوم لمفهوم آخر، من الممكن هنا أن تشغل هذه المفاهيم عالما واحدا، أو تتفرع من عوالم متقاربة، ولكلها علاقات مع الذات بشكلها الطبيعي.. ولكن وجه الاختلاف عندما تكون الذات بعالم خاص بها، حيث تعلن تمردها أو تحولاتها، وكما سنتطرق إليه بعالم التأويل والاستدلال من خلال بعض الأبعاد السريالية التي يميل لها خارج المحدود الشاعر التونسي فتحي امهذب..
نذهب إلى الكليات والمكوّنات للعوامل الذاتية ومساحتها التي تعنينا ونحن نخوض حربا غير ممكنة مابين الذات والعوالم الخارجية المحيطة بها؛ ولكي نعلن الحرب نحتاج إلى تبريرها.. وأقرب الممكنات لنا هي بُعد الرغبة الذاتية وتوجهاتها نحو الآخر ونحو التقاط الممكن بمحفظة الذات ومحفظة العين الباصرة، فالبعد التخييلي يداهمنا من اتجاهين وفيما بعد يتوجه إلى اتجاهات عديدة، ومنها الاتجاه الذهني والاتجاه البصري، فالعين تتخيل الأشياء وتحضرها كعالم مستقل من العوالم العائمة حول الذات.. لذلك لانفصل اللغة عن الخيال، عندما نكون بعالم انتقالي، ولكن نتجاوز التقليد الممكن، والتصورات المعتقة التي لاتؤدي إلا إلى الضيق والتضايق النفسي، فالانفتاح الذاتي ، وتحرر الذات، من علامات التغييرات والتحولات التي تؤدي إلى أعمال تجددية في رحلتنا مع النصّ التونسي الحديث .. يقول والاس فاولي، في كتابه عصر السريالية (( إنّ اللغة التي تكمن في أعمق مناطق كياننا، في حالتها السابقة للتشكل اللفظي، تقدر أن تبرز إلى وعينا حرة طليقة. يحدث هذا عندما يكون الشاعر قادرا على أن يقيم علاقة مابين العالم الواقعي والعالم الخيالي )).
إنّ العلاقة في العالم الواقعي قائمة، ولكن عندما نبرر هذه العلاقة، فسوف نلاحظ أنّها، علاقة يومية وتتكئ على المسلمات، ونحن نبحث عن علاقة التحدّي حتى في عالمنا الواقعي، فهي الوسيلة للتحوّل الذي يعلنه الشاعر نحو التغيير والميول إلى أوضاع جديدة، قد تكون هذه الأوضاع ثقيلة، نعم ثقيلة بحكم التناقضات المتواجدة بشكلها المعتاد واليومي، ونحن نخوضها، بل في وسطها نعاني مانعانيه بشكل يومي..
النصّ السريالي مع كلّ نصّ، نلاحظ هناك ذات جديدة، إذن مركزية النصّ والعمل به من خلال الهدم والبناء، هي الذات المتحولة حسب زمنيتها ومكانيتها، فالأماكن تختلف باختلاف بيئة الشاعر، لذلك ستختلف مركزية الذات الاستدلالية، طالما نحن نختلف مع الذات المكررة من جهة والذات العادية من جهة أخرى.. ونختلف مع النصّ أيضا إذا اعتمد التكرار المملّ والذي نعتبره خارج أسبابه، ونختلف مع الشاعر عندما يلتزم بأيديولجية ذاتية، وهي غير قابلة للتحوّلات، طالما مركزيتها أيديولوجية محدودة، وبما أنّنا خارج المحدود، ونذهب إلى ماوراء المحدود، إذن نحن في عالم خاص خلقه الشاعر لذاته وتجاوز كلّ العوالم المعقلنة والتي تؤدي إلى الملل الحتمي.. عندما تعيد النصّ لمرات عديدة، فكلّ مرة ستكون مع واقعة متغيرة، إذن لنبقى مع هذه المتغيرات ونتجاوز الممكنات الجاهزة، فعملية الخلق، تخلق مالا سبقنا إليه أحد..
عندما نعيّن الأشياء، فيتم تعيينها بشكل أولي، ومن خلال هذا التعيين تنطلق اللغة التي لها علاقة ديمومة تفكرية خارج العقلنة المتاحة، فلا نحتاج مثلا إلى من يدلنا على أصابعنا، فهي متواجدة ضمن الجسد ونلوّح بها، كذلك لايحتاج الشاعر السريالي أن يتجه نحو الآخرين لكي يفسحوا له المجال بإدلاء رأيه، سيموت هذا الرأي، إذا اعتمد اعتمادا كليا خارج جسد الذات، فالعلاقة السريالية علاقة واقع حزين، واقع لم يحقق للمرء متطلباته البسيطة، وكذلك الشاعر يبحث عن هذه المتطلبات، فيجدها في عالم آخر، ولكي يغزو العالم الواقعي بسلاح نوعي، ومختلف كلّ الاختلاف عن الأسلحة الذهنية المعتادة، نلاحظ اتجاهاته غير طبيعية، وهي اتجاهات الأحلام والخيال، والاتجاه النفسي الذي يشتدّ أكثر عند زيارته للعالم الجديد.. سنبحر مع بعض الاتجاهات ونحن نزور الواقعية القصائدية للشاعر التونسي فتحي مهذبي، فهو ذلك القنديل المحمول، ويتجول بنا من نصّ إلى آخر، ويقتحم ذواتنا، واقتحاماته اقتحامات عنف بديلة للواقع القصائدي الذي يحمله مع الذات المتحوّلة، وفي كلّ مرة يمتلكها من جديد.. فالمتخيّل لديه لايهدأ في زاوية معينة، وهذا ما تتطلبه القصائدية وعنف اللغة من زوايا حادة وهو يقودنا إلى اللامألوف في المعاني المسخّرة لكي يتجاوز الأصناف المكررة..
لايخرج الفكر من الذات ليفكر؛ ولكن مانلاحظه في حالة التفكر الذاتي أنّ الفكر يخرج ليفكر، وهي حالة التكرار التي تصطحب الشاعر عادة، وعند الانتقال إلى حالة أخرى أو عالم آخر، يصطحب هذه الأفكار معه، وهي دروسه التفكرية التي أنجزها قبيل التحول إلى عالمه الجديد.. إذن العالم الجديد من العوالم الفارغة يملأه الشاعر بما يصطحبه معه خارج الذات، ويملأ ذاته من خلال التفكر الجديد، ففي كلّ حالة صورة مجرّدة، والأعمال التجريدية هي من دواعي سرور الباث، وتبعث البهجة والأريحية؛ عندما يكون النتاج الشعري لايعتمد على العلاقات المألوفة.. فتخرج العلاقة التي يؤسسها الشاعر، علاقة مابين الدال والمدلول، لأن المبدأ الدلالي من الممكن تواجده، ومن هنا تتم عملية علاقات التغيير أو الانزياح اللغوي، لذلك الاعتماد على اللغة المألوفة، سيكون الشاعر خارج تلك العلاقات فيندفع إلى الكلام العادي من جهة الدلالة..
لانضيّع في عملنا هذا الضرورة العينية، نحن مع النصّ المقروء، ونستطيع أن نؤلف أو تخزن الذات الكثير من النصوص المقروءة، وهي نصوص قرأها الشاعر السريالي بوسائل عديدة، ومنها الوسيلة البصرية والتي تحتفظ الذات البصرية بتلك النصوص، وكذلك الأشياء المنظورة والأشياء التخييلية كلها من النصوص المقروءة، تصطحبها الذات والبصرية معهما إلى عالم خلاق جديد، فتبدأ مرحلة جديدة، مرحلة اللاواقع، وخارج المحدود، فنحصل على حركة اللامحدود في خلق نتاجات لاتصطدم بالتقيّد ولا بالعنف، فنحن بحالات استدلالية ونحاول أن نجد البرهنة لتلك النصوص المأخوذة من العالم الطبيعي..
كلّ ليلة
أملأ بيتي بشواهد القبور..
اختلسها من مقبرة مجاورة..
لأبيعها إلى نحّات مهووس
ينحت تماثيل مدهشة
لأموات شرفاء..
لاحقا أشتري بثمنها سجائر
وخمورا جيدة ..
أعتلي تلة صغيرة..
أشرب أنا وحصاني
الذي مزقته الحروب والعاهات..
نتسلى بمشية العالم العرجاء..
وضباب الميتافيزيق..
آخر الليل ننام مثل صديقين أبديين..
*****
كم بكيت أنا وحصاني الحزين
حين اكتشفت ضريح أمي
دون شاهدة..

قصيدة: سارق شواهد القبور – أضمومة رقم 02- لفتحي مهذبي
عندما يكون العالم الواقعي غامضا، من الطبيعي أن يتعامل الشاعر مع عالمه بغموض، وهو عكس الفكرة على الفكرة وإيجاد البدائل المختلفة بالعالم الجديد، وبما أننا مع مساحة من الخيال، والتي تؤدي إلى الأحلام والأحلام المضافة، إذن نحن مع عمل الذات والذات المضافة في رحلتنا مع الشاعر التونسي فتحي مهذبي ..
كلّ ليلة + أملأ بيتي بشواهد القبور.. + اختلسها من مقبرة مجاورة.. + لأبيعها إلى نحّات مهووس + ينحت تماثيل مدهشة + لأموات شرفاء.. + لاحقا أشتري بثمنها سجائر + وخمورا جيدة ..
كتحليل استقرائي وضمن التحولات من الخاص إلى العام، ومن الأجزاء إلى الجزء الكبير، يميل الشاعر عبر منهج استقرائي لموضوعية المعنى وتأويله وما تواجد في شطوره الشعرية.. لذلك نلاحظ أن الشاعر فتحي مهذبي، خرج من العام ودخل إلى الخاص (أملأ بيتي بشواهد القبور )، شواهد القبور وتعني جمعها من المقبرة، والمقبرة تشكل( العام ) بينما وهو يحتفظ بها في بيته، وهنا يشكل البيت ( الخاص )..
صورة واحدة من خلال هذا المشهد الشعري المباغت للقارئ، شدّ المتلقي ونحن ندخل إلى جزئيات الصورة التي رسمها الشاعر التونسي فتحي مهذبي، حيث أنّ اللغة المختلفة هي التي اقتحمت المشهد، وأعلنت كبطاقة كتابية، وعندما تتجلى الذات، نلاحظ رنين الجسد يبيّن لنا تفاصيله، فكلّ جزء له رنينه اللغوي ولحظته الدهشوية والتي من خلالها نستطيع أن نقول إنها لحظة التفاتة الطائر نحو الأشياء، حيث المنظور التفاعلي جاء ببطءٍ لكي يهتزّ المتلقي من خلال المعاني ومن خلال المتعة الذاتية المعكوسة علينا كرآة في حالة ولادة..
أعتلي تلة صغيرة.. + أشرب أنا وحصاني + الذي مزقته الحروب والعاهات.. + نتسلى بمشية العالم العرجاء.. + وضباب الميتافيزيق.. + آخر الليل ننام مثل صديقين أبديين..
دائما يتم التأكيد على انجازات الصورة الشعرية بأنها ضمن المحدود؛ ولكن بما أن الصورة حالة من التصوير المشهدي، فنلاحظ بأنّها لم تكتف بحدود معينة، لأنّنا نعتبر التصوير من الحالات الكونية، ولغة التصوير والبصرية، حركة متشابهة بين شعراء العالم، فالذي يفرّق بينهم هي اللغة وحدها.. إذن نحن في منطقة غاية من الأهمية عندما نتجاوز تلك الحدود ونلغي تفاعلاته، لنكون في منطقة أخرى خارح الحدود وخارج المحدود من الناحية المبدئية في تشييد بناء التصوير – البصري والذهني – فيتم تحويل الأشياء المادية إلى وسائل للاتصال مابين الحاضر وبين الأشياء، وأهم تلك الوسائل؛ باعتبار المادة حالة محفوظة في التفكر الذهني ولانحتاج إلى غزوها خارج الذهنية، فتتحول لغة الصورة إلى لغة الأحلام لبناء صور جديدة لها خصوصيتها الجدلية؛ فالاتصال يحدث بين ماهو مُدرَك وبما لايمكن إدراكة، وهو نوع من التواصل الكوني.. ومن خلال المشهد الشعري الذي أمامنا، نلاحظ بأن الشاعر التونسي فتحي مهذبي يتطرق إلى نوع من العبارات المتضمنة معنى القول؛ وهي التي قادتنا إلى لغة مختلفة، فمعنى القول لدى الشاعر نعتبره كمنظور كوني، وهويتطرق إلى الحروب في كلّ مكان، بينما من اصدقائه كان الحصان، والذي حمل رمزية التواصل مابينه وبين العالم..
كم بكيت أنا وحصاني الحزين + حين اكتشفت ضريح أمي + دون شاهدة..
عندما يذهب الشاعر إلى التماثل مابين الشواهد المتواجدة في المقبرة، وشاهدة أمه، هنا من الممكن أن نقول بأنّ الشاعر فتحي مهذبي قادنا إلى المطابقة التعبيرية من خلال لغته التي وظفها لإحياء الواقع المحيط به، فالسرقة التي حدثت شملت ( أمه ) أيضا، بالإضافة إلى الحقيقة الموضوعية التي تبناها لإثارة الجدل من خلال المشهد الأخير للقصيدة الشعرية.. مانلاحظه من خلال النصّ كمنظور أوّلي هناك عدة نصوص بناها الشاعر، وهو يعتمد على بعض الأفعال الانتقالية والتي تؤدي إلى امتداد المعاني .. فتارة يضعنا مع نظرية الإشارة:
المدلول = الفكرة .. الدال = الرمز.. كما رمز بصديقه الحصان.. وتارة أخرى يقودنا إلى نظرية الدلالة، وبالأحرى مع مجموعة من المفاهيم والتي تؤدي إلى تجميع بعض الأفكار، مما يدخلنا إلى الحقول الدلالية.. وهي تلك المفاهيم التي تبني علاقات لسانية مشتركة.. وكما ذكرنا هناك علاقات مابين المشاهد الشعرية التي كتبها الشاعر؛ وهي علاقة الجزء بالكلّ..
الليلة
فرّت أبواب بيتي إلى الغابة
الواحد تلو الآخر..
مثل رهائن في معتقلات نازيين..
ضجيج دراجات عبثية..
وصرير عظام مومياءات..
دخلت حمامة مطوقة..
بصوت رخيم..
ألقت قصائد سركون بولس
ثم اختفت في كتاب كليلة ودمنة..

من قصيدة : يحدث الآن – أضمومة رقم 02- لفتحي مهذبي
عندما نتطرق إلى اللامعقول، كحالة معرفية، نلاحظ بأن توظيف اللغة في النصّ الشعري، تتجاوز المعقول، لذلك نحن في مناطق عديدة من خلال اللامحدود وخارج الوقائع الشعورية المباشرة، وبين الإدراك الشعوري والذي له علاقة بالمحسوس.. فيرافق المحسوس الأشياء غير المعقولة، حيث اشتغالاته تكون ( وإن كانت جزئية ) داخلية ولاتخرج عن الذات المتحوّلة.. حيث يعتقد السرياليون بأن الذات المتحوّلة تم اكتشافها من خلال الباث، وإلا هي ذات عادية للتعامل اليومي والتعامل اللغوي المعتاد..
نلاحظ من خلال المطلع الأول للقصيدة (الليلة + فرّت أبواب بيتي إلى الغابة )، طالما هناك فرار، وهناك غابة، فإذن لدينا مساحة واسعة غير مكشوفة، حيث الغابة مزدحمة بالأشجار، ولا نستطيع رؤية الأشياء بسهولة؛ لذلك ومن خلال سياق الجمل التي وظفها الشاعر فتحي مهذبي، ليس فقط اعتماده الانزياحيات، وإنما اعتمد اللامألوف في المعاني من جهة، واللامألوف في توظيف اللغة من جهة أخرى، حيث ينقلنا من خلال الواقع ( الغابة ) إلى رؤى ماوراء الواقع… إذن نحن بأضمومة من الخيال الذاتي يقودنا الشاعر من خلاله لكي يدجّن مقاصده في سياق الجمل المتواصلة..
من خلال بعض التأسيسات التي اعتمدها الشاعر التونسي فتحي مهذبي في النصّ الشعري الحديث؛ وبعض العلاقات المتبادلة مابين العنونة ( حركة مابعد المحدود ) وبين جسد النصّ الشعري، نلاحظ بأننا نستطيع أن نذهب إلى عناوين أخرى لكي نقسّم عملنا وعلاقة اللامحدود بالمحدود، لأننا عندما طرحنا ماوراء المحدود، فإذن هناك المحدود الذي مرّ بنا، ولعبور هذا الجزء من المحدود.. فالطاقة الخاصة والتي تتكوّن من القدرة الذاتية للباث، تختلف من طاقة إلى أخرى، ومن حالة ذاتية إلى حالة ذاتية جديدة، ومن هنا تختلف اللغة التعبيرية واللغة التعيينية وعلاقتهما مع اللغة الرمزية والسريالية، تختلف من حالة إلى أخرى، ومن الممكن جدا ونحن نبحر في النصّ الشعري الحديث، هناك أكثر من لغة يوظفها الباث في النصّ الواحد، وهي الرؤى التي يمتلكها، والتي تكون مفتوحة وخارج المحدود، وكذلك البعد البصري الذي يتحلّى به الشاعر، وتختلف أبعاده وتختلف أيضا تقدير المسافات من شاعر إلى آخر.. ومن خلال هذا الكمّ من المسالك، فسوف نميل أيضا إلى أنواعية من الموضوعات المهمة ونحن في بحر من الرؤى، وفي منتوج السحر السريالي في النصّ الشعري الحديث، لذلك نهدم العلاقات الطبيعية بين الصورة والصورة، ونعتمد على سحر كتابي آخر في بنية اللغة، حيث الممكنات العجائبية في الطرح النصّي للشاعر التونسي فتحي مهذبي..

إشارات :
جزء من مادة مطولة لكتاب عربة الشعر – الجزء الثالث –
المادة : خاصة بالناقد العراقي
علاء حمد : عراقي مقيم في الدنمارك.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى