ليس فقط دهن العود و البخور و الأرز ( البسمتي ) هو ما تبعثه الهند للهضبة النجدية ، لكن هناك المنخفض الصيفي الحار ، المحمل باللوافح و الأتربة و أمسيات خانقة تداهم الأمزجة فتعطبها .
يغض أهل نجد الطرف عن هذا الهجير الهندي ، بل يحاولوون أن يبررونه فيقولون ليس هذا سوى وقود النخيل و ( طباخ التمر ) .
و يتندرون فيما بينهم بقصة سليمان باشا التركي ، الذي غزا الدرعية في القرن الماضي ، و عندما لسعت بشرته البيضاء حرارة القيظ في نجد ، ثارت أعصابه التركية النارية و سأل أهلها :- لماذا الحر لديكم مهلك هكذا ؟
فأجابوه :- أن هذا ( طباخ التمر ) ، يأتي كي ينضج التمر .
فما كان من دماغه التركي العسكري الذي كان يغلي آنذاك إلا أن قال :- إذا لماذا لا تقطعون جميع أشجارالنخيل ... حتى يتوقف عن الحضور ؟؟ و يزيد البعض بأنه لربما أصدر ( فرمانا ) بهذا الخصوص .
* * *
و لكن هيفاء مبطنة عن جميع هذا ، كم من بطانة تشرنق هذه الفتاة الشاحبة ذات الحواجب الجميلة المقوسة ، و الصوت المنسرب بين شفتيها كتنهيدة ما قبل النوم ؟
تطوق أسوار منزلهم الخارجية أشجار ( الكينا ) التي تنتظم باستبسال و ثبات أمام مردة الغبار التي تباغت نجد في الشهر الخامس من العام ، و في الداخل هناك خادمتان تتابعان ذرات الغبار بدأب آسيوي و انتظام لا يكون سوى لآلة ، و لربما نستطيع أن نضيف هنا بطانة السلوك الصحيح المهادن لابنة التاسعة عشرة المسترخية بداخل لزوجة شرنقتها ، و التي لم تداهم يوم ما بأسئلة ملحة أو مستفسرة من أم أو نظرة مستربية من أب ، هي لم تتعمد أن تكون كذلك ، لكن الجميع يعلم بأن ( هيفاء ) تخرجت من الثانوي و لم تصدر عنها تلك الفرقعة التي تصدر عن الفتيات عندما يرتطم بهن نيزك الصبا .
فكانت تشعر بأنها فوق خشبة مسرح و الجمهور يصفق لها بحماس على دور لم تؤده ، بل انزلقت فيه بسهولة و يسر دون أن تعرقلها كثيرا لواعج الصبا و توثبات الشباب .
لم يكن والداها متيمين ببعضهما البعض كثيرا ، و لكن علاقتهما كفلت لها بيتا هادئا فاترا ، يحتفل بالأعياد بهدوء و المناسبات بخفر ، و من ثم تنغلق نوافذه المسائية على طمأنينة العادة ، تلك الطمأنينة التي تطفر من أرجاء البيت و التي من خلالها لم تحتج هيفاء إلى أن تبعث برسالة حائرة إلى مجلة سيدتي تقول فيها ( أنا فتاة في التاسعة عشرة من عمري ، أمي و أبي يتشاجران دائما ... لذا أحببت ابن خالتي أو لربما أحد الجيران ) .
لم تكن أمها و أبوها سوى أحد البطانات السميكة التي دثرت هيفاء عن أمزجة الأيام و صفاقة تقلباتها ، و لأنها لم تكن الأولى في صفها فلم تصب الأم بالقلق خوفا من العين و الحسد ، كانت تكتفي باحتلال أحد المراكز العشر الأولى في القسم العلمي ، هيفاء متماسكة لامعة كدمية البورسلان بلا ثقوب أو شروخ أو كدمات يتسلل من خلالها حزن أو قلق أو لربما عشق !!
ترتكب هيفاء الواجب كل يوم و تنخرط فيه لعله خيارها الوحيد ، أو لعلها لم تجرب أن تقرأ الرسالة من الأخير إلى الأول ، فقط هيفاء و غرفتها و حقيبتها المدرسية مصففة و متوائمة كما يجب .
* * *
وحين تزوجت لم تتح الظروف لأبيها ( التكنوقراطي ) المتعب ذي الدخل المبدد بين عائلة كبيرة و مغامرات عقارية فاشلة ، أن يقيم لها زفاف ( الكما يجب ) ، فتداركت الموضوع أم العريس المتصابية التي أصرت على أن يكون زفاف ابنها فاقعا صاخبا كألوان أرديتها في حفلة الزفاف ، فحظيت الفتاة بزفاف نادر ! زين في حصان ( يوني كورن ) أبيض و بأجنحة فخمة خلفية المقعد الذي جلست عليه ، و المغنية ( عتاب ) صدحت في القاعة بحبور و بهجة فرقصت الصبايا و المقاعد و سلال الشوكولا الفاخرة .
وفي الفجر امتطت هيفاء و عريسها حصان ( اليوني كورن ) و حلقا باتجاه جزر الكناري ..........
و في القصص تدفع السند ريلا الثمن مقدما من ذل و بؤس و مهانة لتصل إلى منزل ابن الملك و لكي يتسنى للنهاية أن تغلق على سعادة مبررة للمتلقين و مدفوعة الثمن ، و في أجندة أقدار هيفاء لم يكن هناك من حيز لهذا ، فعندما عادت إلى الوطن كان في انتظارها منزل أندلسي مقوس في حي الورود شمال الرياض ، و عندما كانت تتعثر في إدارته كانت أمها تنجدها بكل الذي يجب .
* * *
و لو أن القصة استدارت على نفسها و عضت على ذنبها كثعبان أو كحلقة، و تغلقت نوافذ بيت الورود على هدوء العادة المطمئنة .. لما أصبح لهيفاء قصة و لما رويتها لكم !!
ولكن في تلك اللحظة التي هم فيها المساء الخريفي أن يهطل على فيلا الورود ، أخذ العريس مجددا يعبئ جيوبه بمحفظته و جواله و مسبحته و يتأهب للخروج ، فسألته بنزق و هي ما تزال مضمخة بدلال شهر العسل : إلى أين ؟
أجابها و هو يبدو منهمكا في مهمته :- إلى الاستراحة
أصرت على نبراتها المرتفعة النزقة : و لكن ألم نتفق البارحة على الذهاب إلىالمطعم الإيطالي في شارع التحلية ؟؟ و قفزت و طوقت عنقه ، ألصقت وجهها بوجهه ، كفكف يديها عن عنقه بهدوء و ثبات و قال : سنؤجل هذا إلى نهاية الأسبوع ، فهل تودين الذهاب إلى منزل أهلك الآن ؟؟
أجابت بفتور : لا فقد زرتهم أمس .
ماذا أفعل ؟؟ لم تكن هيفاء قد تورطت بسيناريوهات ( اللو ) في السابق ، تلك السيناريوهات المشتهاة و التي تملأ نهار الفتيات و جزءا من ليلهن ، لو أن جسدي أكثر نحافة ، و أكثر طولا و شعري أكثر سمكا ، و والدي برازيلي و أمي إيطالية !! و لكن في تلك الليلة و في قشعريرة فيلا حي الورود أمضت هيفاء ليلتها و هي تنسج عشرات السيناريوهات التي تخرجها من خيبتها ... لو كنت أشد بياضا و شفتاي أكثر امتلاء و عنقي أطول لما امتصت الأبواب الخارجية زوجي كل مساء .
تريد أن تتكئ و لكن و قتها مقعد برجل منكسرة !! كيف ترممها ؟؟ و ما هي الأدوات التي تستعمل في هذه الحالة ؟؟ لربما أدواتها لا تفعل شيئا سوى التشذيب و النمنمة ، أشد أسلحتها فتكا هو مبراة تبري الأقلام و تجعلها رقيقة و منمنمة .
و حدست ... أو لربما ألقت الأم الكونية في قاع روحها أن أسلحتك الحالية هزيلة و مضحكة ، و مواجهتك تحتاج أنيابا من طراز مختلف . لكنها فضلت أن تنتظره لعله يستدير و يعود كما تستدير جميع الأشياء و تعود إليها ، و كما كانت ثيابها المتسخة تستدير و تعود إليها نظيفة و مصففة في خزانتها .
* * *
تفترش كل صباح كوابيسها فوق صفحات كتاب تفسير الأحلام ( لابن سيرين ) ، و لكن كل الجسور و الأجوبة تذوب مع لون النهار و قعقعةالأحياء .
ذات مساء كانت عضلاتها واهنة و قطيع من الخيول يركض بين غرفات قلبها ، و ابتدأ طقوس الرحيل ... المحفظة تنزلق بداخل جيوب ثوبه الجوال و السبحة .
هتفت به : هل بدأ الرجل الوطواط في ارتداء حلته ؟
أجابها بابتسامة نشطة و قد أعجبه التشبيه : نعم أنا ذاهب لنشر العدل في المدينة و متابعة المجرمين .
- ولكن ماذا عن الظلم القائم في منزلك ؟
- ليس في منزلي سوى نعامة ( مدلعة ) .
أشاحت وجهها عنه بسخط و نقمة ، عندها تنبهت لمقاعد الصالة الصفراء التي تشاركها وجومها كل ليلة و اكتشفت أنها تتشهى و لعابها يقطر بانتظار لحمها لتفترسه في مآدب الوحشة ، و ازداد قرع الخيول في قلبها فقفزت من مكانها و جرت إلى الخارج كأنها تفر من قدر محتوم أو رصاصة طائشة و فتحت باب المنزل الخارجي و استلقت أمام سيارته و أخذ جسدها ينتفض في بكاء محموم عجيب !! أبيض وجهه .. و جفت شفتاه و أسرع إليها قبل أن يبدأ الجيران في مد رؤوسهم المتلصصة ، لف يديه حول خصرها و قادها إلى الداخل و سجاها برفق على أحد المقاعد و من ثم احتضنها برفق و قبل جبينها و أخذ يغمغم : هل أنت طفلة ؟ لماذا كل هذا ؟ هل سيأتي الذئب ويلتهمك في غيابي ؟ هل تريدين الذهاب عند أمك ؟ ماذا يقصد في قوله هل تريدين الذهاب إلى أمك ؟ هل يشير إلى ذهاب دائم ؟ هل يلمح إلى شئ ما ؟ و من بين حيرتها و دموعها و تنهداتها لمحته يعاود الانسراب إلى الخارج !! فعلمت بأنها دفعت ثمنا باهظا لفستان معطوب لن يغطي وحدتها ذاك المساء .
هل هو يسن القوانين الأولى لمنزله ؟ و لكن أبي كان يلتئم بنا كل مساء يجلب خبز العشاء !! و من ثم يستغرق في ملاحقة نشرات الأخبار بين التلفاز و المذياع .
ابنة عمتها لمياء تقترح تغيير لون شعرها و لكنه لم يعتده بعد حتى يمله ، و لكنها العادة النسوية الراسخة التي تقابل نزق الرجال و طيشهم و غرابتهم بتدابير سريعة لتدارك الشكل و الهندام و التكفير عن تقصير محتمل !!
و في صالون التجميل كان غالبية العاملات مغربيات مبتهجات و لامعات كعسل ( كازابلانكا ) و كانت التي تصفف شعرها مبتسمة دافئة كنجمة البحر ، فتشجعت و سألتها : هل صحيح بأنكن انتن المغربيات تسحرن رجالكن ؟؟
اندهشت المصففة للوهلة الأولى و لكن أجابتها بنبرة تشوبها بعض السخرية ؛ نعم ، نسرحهم في الداخل في المغارة ، هنالك في المنجم حيث سطوتك و قوتك ، سوقيه إلى هناك بدهاء و مهارة و سيصبح خاتما في يديك طوال العمر .
و من ثم أضافت بما يشبه الهمس : المرأة التي لا تكتشف الأرقام السحرية لمنجمها تظل جدارا قصيرا طول العمر .
و لأن هذا الموضوع حتما ستخجل أن تسأل عنه أمها أو لمياء فقد حاولته وحيدة مستعينة بخيالها و بعض من لقطات الأفلام .
قميص نوم دانتيل عنابي يتخلله بعض الريش ، و سائد مضمخة بدهن العود ، سلة فواكه و أكواب مذهبة للعصير بجانب السرير ، و عندما عادت من الحمام التركي الذي دلكت به جسدها وزعت هذه الترتيبات الكثيرة على ساعات الليل بطوله .. الحصة الأولى للموسيقى .. الحصة الثانية لتناول العصير .. أما الحصة الأخيرة فستكون للبخور الذي سيفقده رشده أمام منجمها .
امتص المكيف عطور الغرفة ، و تكفل الوقت بامتصاص زهورها و حماسها ، و في الثانية فجرا و عشرين دقيقة هدرت سيارته ، لم يتبين التدابير بوضوح فقد كان نعسا فاترا و تم كل شيء بهدوء و صمت ، و قبل أن تغمض عينيها تذكرت جملة قالها الممثل ( هارسون فورد ) لإحدى بطلات أفلامه : ( لإنني استغرب تلك التدابير التي تشبه السيرك ، و التي تصنعها النساء في اجتذاب الرجل ، إن أهم شيء تصنعه الأنثى هو أن تحضر فقط ، و بعدها ستتكفل الطبيعة بالباقي !! ) ، تنهدت و أحست بانها كانت الليلة دبا في سيرك مجهد و مكلف ........
عجينة الوقت التي ترتمي بين يديها كل ضحى لزجة و رخوة و صعبة التشكل ، ماذا تفعل بها ؟ هل هذه روح المشكلة ؟ و عندما اخذت تستحث الذاكرة بحثا عن صديقات قديمات عندها اكتشفت بأنها لا تمتلك أجندة هاتف !! و عن طريق استعلامات الهاتف أخذت تعصر الأسماء و الوجوه القديمة بحثا عن النجوى أو الشكوى أو لربما فقط أيد تشاركها في عجن عجينة الوقت ، لهفتها و وحدتها جعلتها مقتحمةلأجواء صديقاتها القدامى ، و دون أن تفكر في توظيف الدهاء الاجتماعي أو المناورات المطلوبة ، زميلات دراسة لم تستطع عبر مكالمات هاتفية متقطعة أن تستحث شجرة الصداقة أن تورق .. و لربما هندسن حياتهن بطريقة لا يوجد حيز بها لعروس وحيدة بحاجة إلى ترفيه ، و بعد دعوات و مآدب متكررة في منزلها ، يختفين خلف الاعتذارات المهذبة و اختفاء الهم المشترك الذي توفره حصص اليوم المدرسي في السابق .
و لأن الناس لا يقولون لبعضهم البعض صراحة أشياء تتعلق بخفة الظل أو الحضور الباهت ، فلم تعنى هيفاء بهذا !!
فقط كانت سواقي حديثها تجف سريعا و ترتخي أجواؤها و تبهت هالات الحيوية حول جسدها ، تلك الهالات التي منعت تكونها بطانتها المنيعة ، و منعت أيضا تكون تلك الأجساد الأثيرية التي تشع من بعض البشر فتجعلهم يلتهبون فرحا أو حزنا جموحا أو بالتحديد يلتهبون ....حياة !!
عندما يغفو زوجها تتسلل إلى هاتفه الجوال و تستعيد الأرقام التي صدرت و التي وردت و التي تكررت أكثر من مرة و على الغالب كانت تجد رقمها هو الأكثر وجودا و إصرارا .
تتلطف مع سكرتير مكتبه لعله ينقل لها أخباره أولا بأول ، و يسجل المكالمات التي ترد إليه ، و لكن السكرتير يبدو خائفا متحفظا ، و رفض بعض هداياها و قبل الأخرى على مضض ، تراجعت عن هذا ، تدابير مبكرة لزوجة باغت زوجها أزمة منتصف العمر بعد عشرين عاما من الزواج ، و هي التي لم تكمل أسبوعها العشرين بعد .
ماذا يريدون ؟ الناس تصطف معها فوق مقاعد الصالة الصفراء كل ليلة !! ماذا يريدون ؟ حلبة و أضواء و فلاشات قوية ولكن ماذا علي أن أفعل ؟؟ هل أبدأ الملاكمة أم أرقص أم أقدم عرضا للسيرك ؟
أرائك فيلا الورود تطالبها بأن تكون زوجة محبوبة مرغوبة ، و هي تود أن تستدير و ترجع إلى غرفتها حيث تستدير الأشياء و تعود لها مصففة مكوية .
قالت أمها و خالتها : ( عيون الناس حارة ، و ما تخلّي أحد ، كم تنهيدة حسد و حسرة انطلقت ليلة عرسك ؟؟ )
ـ (و لكن يا يمّه كان في شهر العسل متدلها هائما ، اسألي شوارع برشلونة .. و شواطئها ، لم يكن يمشي بجانبي بل كان يمشي أمامي و يعطي العالم ظهره ، كان يقول لا أريد أن أرى من هذا العالم سوى وجهك . )
و ارتجفت لهذه الذكرى و شمت رائحة البحر و مقاهي برشلونة ، و انخرطت في بكاء عميق ، شاركتها فيه أم ملتاعة لم تجد شيئا تقوله سوى :
ـ هاتي بعض ثيابه نكشف عليه لعله مسحورا أو ( مصروف ) عنك بصرف شيطاني .
كانت هيفاء مقبولة في بيت أخوالها لأنها بنت أختهم ( حصة ) ، و في بيت أعمامها مقبولة لأنها بنت أخيهم ( محمد ) ، و هي لم تكن تطالب بالكثير لذا لم تنغرس بها الأيام لتكون تلك ( السواقي ) التي تشق الأرواح يحفرها رعبنا و جزعنا بأن نهجر أو نرفض أو نصبح غير مقبولين ، التحدي الذي يقودنا كي ننغرس بجنون في حمى الحفر ، الابتسامة المرسومة في الوقت المناسب ، و الأحاديث التي تطرز الوقت و تجمله ، المشاريع و الهدايا و الهبات الصغيرة من الحب و الود و اللطف التي نوزعها على من حولنا تسولا لمزيد من القبول كانت أمها تقوم بهذه المهام عنها ، تقنيات الكر و الفر و الغياب بينها و بين رجلها و عدم التحول إلى كلبة بوليسية خلفه ... فقط إتقان للغياب الذي يمنع غيابا محتمل .
* * *
ننطلق في هذه الحياة شهابا بدائيا و جامحا و لا تثق بنا الحياة إلا عندما نمرق من بوابة الحزن عندها فقط ننجو و تتجوهر أرواحنا بلهيبه و سخونته ، و تشف مرايانا و تصفو ، و تعكس لنا أماكننا الحقيقية و أماكن الآخرين من حولنا .
هيفاء المبطنة الرقيقة فتاة الكما يجب ، لا تمتلك سوى ( مبراة ) وحيدة للأقلام الرفيعة الرقيقة ، و لكنها لا تحفر السواقي عميقا في دهاليز الروح .
لربما زوجها هو بوابتها الأولى ، و لربما في أوقات لاحقة هذا العام ستبتدئ في البحث عن مستودع الذخيرة بداخلها ، و لربما ستعود إلى أمان غرفتها التي تعيد لها الأشياء مكوية و مصففة ، و لكنها حتما لم تعد فتاة الكما يجب و التي يصفق لها الجمهور لبطولة لا تعلمها !! .
يغض أهل نجد الطرف عن هذا الهجير الهندي ، بل يحاولوون أن يبررونه فيقولون ليس هذا سوى وقود النخيل و ( طباخ التمر ) .
و يتندرون فيما بينهم بقصة سليمان باشا التركي ، الذي غزا الدرعية في القرن الماضي ، و عندما لسعت بشرته البيضاء حرارة القيظ في نجد ، ثارت أعصابه التركية النارية و سأل أهلها :- لماذا الحر لديكم مهلك هكذا ؟
فأجابوه :- أن هذا ( طباخ التمر ) ، يأتي كي ينضج التمر .
فما كان من دماغه التركي العسكري الذي كان يغلي آنذاك إلا أن قال :- إذا لماذا لا تقطعون جميع أشجارالنخيل ... حتى يتوقف عن الحضور ؟؟ و يزيد البعض بأنه لربما أصدر ( فرمانا ) بهذا الخصوص .
* * *
و لكن هيفاء مبطنة عن جميع هذا ، كم من بطانة تشرنق هذه الفتاة الشاحبة ذات الحواجب الجميلة المقوسة ، و الصوت المنسرب بين شفتيها كتنهيدة ما قبل النوم ؟
تطوق أسوار منزلهم الخارجية أشجار ( الكينا ) التي تنتظم باستبسال و ثبات أمام مردة الغبار التي تباغت نجد في الشهر الخامس من العام ، و في الداخل هناك خادمتان تتابعان ذرات الغبار بدأب آسيوي و انتظام لا يكون سوى لآلة ، و لربما نستطيع أن نضيف هنا بطانة السلوك الصحيح المهادن لابنة التاسعة عشرة المسترخية بداخل لزوجة شرنقتها ، و التي لم تداهم يوم ما بأسئلة ملحة أو مستفسرة من أم أو نظرة مستربية من أب ، هي لم تتعمد أن تكون كذلك ، لكن الجميع يعلم بأن ( هيفاء ) تخرجت من الثانوي و لم تصدر عنها تلك الفرقعة التي تصدر عن الفتيات عندما يرتطم بهن نيزك الصبا .
فكانت تشعر بأنها فوق خشبة مسرح و الجمهور يصفق لها بحماس على دور لم تؤده ، بل انزلقت فيه بسهولة و يسر دون أن تعرقلها كثيرا لواعج الصبا و توثبات الشباب .
لم يكن والداها متيمين ببعضهما البعض كثيرا ، و لكن علاقتهما كفلت لها بيتا هادئا فاترا ، يحتفل بالأعياد بهدوء و المناسبات بخفر ، و من ثم تنغلق نوافذه المسائية على طمأنينة العادة ، تلك الطمأنينة التي تطفر من أرجاء البيت و التي من خلالها لم تحتج هيفاء إلى أن تبعث برسالة حائرة إلى مجلة سيدتي تقول فيها ( أنا فتاة في التاسعة عشرة من عمري ، أمي و أبي يتشاجران دائما ... لذا أحببت ابن خالتي أو لربما أحد الجيران ) .
لم تكن أمها و أبوها سوى أحد البطانات السميكة التي دثرت هيفاء عن أمزجة الأيام و صفاقة تقلباتها ، و لأنها لم تكن الأولى في صفها فلم تصب الأم بالقلق خوفا من العين و الحسد ، كانت تكتفي باحتلال أحد المراكز العشر الأولى في القسم العلمي ، هيفاء متماسكة لامعة كدمية البورسلان بلا ثقوب أو شروخ أو كدمات يتسلل من خلالها حزن أو قلق أو لربما عشق !!
ترتكب هيفاء الواجب كل يوم و تنخرط فيه لعله خيارها الوحيد ، أو لعلها لم تجرب أن تقرأ الرسالة من الأخير إلى الأول ، فقط هيفاء و غرفتها و حقيبتها المدرسية مصففة و متوائمة كما يجب .
* * *
وحين تزوجت لم تتح الظروف لأبيها ( التكنوقراطي ) المتعب ذي الدخل المبدد بين عائلة كبيرة و مغامرات عقارية فاشلة ، أن يقيم لها زفاف ( الكما يجب ) ، فتداركت الموضوع أم العريس المتصابية التي أصرت على أن يكون زفاف ابنها فاقعا صاخبا كألوان أرديتها في حفلة الزفاف ، فحظيت الفتاة بزفاف نادر ! زين في حصان ( يوني كورن ) أبيض و بأجنحة فخمة خلفية المقعد الذي جلست عليه ، و المغنية ( عتاب ) صدحت في القاعة بحبور و بهجة فرقصت الصبايا و المقاعد و سلال الشوكولا الفاخرة .
وفي الفجر امتطت هيفاء و عريسها حصان ( اليوني كورن ) و حلقا باتجاه جزر الكناري ..........
و في القصص تدفع السند ريلا الثمن مقدما من ذل و بؤس و مهانة لتصل إلى منزل ابن الملك و لكي يتسنى للنهاية أن تغلق على سعادة مبررة للمتلقين و مدفوعة الثمن ، و في أجندة أقدار هيفاء لم يكن هناك من حيز لهذا ، فعندما عادت إلى الوطن كان في انتظارها منزل أندلسي مقوس في حي الورود شمال الرياض ، و عندما كانت تتعثر في إدارته كانت أمها تنجدها بكل الذي يجب .
* * *
و لو أن القصة استدارت على نفسها و عضت على ذنبها كثعبان أو كحلقة، و تغلقت نوافذ بيت الورود على هدوء العادة المطمئنة .. لما أصبح لهيفاء قصة و لما رويتها لكم !!
ولكن في تلك اللحظة التي هم فيها المساء الخريفي أن يهطل على فيلا الورود ، أخذ العريس مجددا يعبئ جيوبه بمحفظته و جواله و مسبحته و يتأهب للخروج ، فسألته بنزق و هي ما تزال مضمخة بدلال شهر العسل : إلى أين ؟
أجابها و هو يبدو منهمكا في مهمته :- إلى الاستراحة
أصرت على نبراتها المرتفعة النزقة : و لكن ألم نتفق البارحة على الذهاب إلىالمطعم الإيطالي في شارع التحلية ؟؟ و قفزت و طوقت عنقه ، ألصقت وجهها بوجهه ، كفكف يديها عن عنقه بهدوء و ثبات و قال : سنؤجل هذا إلى نهاية الأسبوع ، فهل تودين الذهاب إلى منزل أهلك الآن ؟؟
أجابت بفتور : لا فقد زرتهم أمس .
ماذا أفعل ؟؟ لم تكن هيفاء قد تورطت بسيناريوهات ( اللو ) في السابق ، تلك السيناريوهات المشتهاة و التي تملأ نهار الفتيات و جزءا من ليلهن ، لو أن جسدي أكثر نحافة ، و أكثر طولا و شعري أكثر سمكا ، و والدي برازيلي و أمي إيطالية !! و لكن في تلك الليلة و في قشعريرة فيلا حي الورود أمضت هيفاء ليلتها و هي تنسج عشرات السيناريوهات التي تخرجها من خيبتها ... لو كنت أشد بياضا و شفتاي أكثر امتلاء و عنقي أطول لما امتصت الأبواب الخارجية زوجي كل مساء .
تريد أن تتكئ و لكن و قتها مقعد برجل منكسرة !! كيف ترممها ؟؟ و ما هي الأدوات التي تستعمل في هذه الحالة ؟؟ لربما أدواتها لا تفعل شيئا سوى التشذيب و النمنمة ، أشد أسلحتها فتكا هو مبراة تبري الأقلام و تجعلها رقيقة و منمنمة .
و حدست ... أو لربما ألقت الأم الكونية في قاع روحها أن أسلحتك الحالية هزيلة و مضحكة ، و مواجهتك تحتاج أنيابا من طراز مختلف . لكنها فضلت أن تنتظره لعله يستدير و يعود كما تستدير جميع الأشياء و تعود إليها ، و كما كانت ثيابها المتسخة تستدير و تعود إليها نظيفة و مصففة في خزانتها .
* * *
تفترش كل صباح كوابيسها فوق صفحات كتاب تفسير الأحلام ( لابن سيرين ) ، و لكن كل الجسور و الأجوبة تذوب مع لون النهار و قعقعةالأحياء .
ذات مساء كانت عضلاتها واهنة و قطيع من الخيول يركض بين غرفات قلبها ، و ابتدأ طقوس الرحيل ... المحفظة تنزلق بداخل جيوب ثوبه الجوال و السبحة .
هتفت به : هل بدأ الرجل الوطواط في ارتداء حلته ؟
أجابها بابتسامة نشطة و قد أعجبه التشبيه : نعم أنا ذاهب لنشر العدل في المدينة و متابعة المجرمين .
- ولكن ماذا عن الظلم القائم في منزلك ؟
- ليس في منزلي سوى نعامة ( مدلعة ) .
أشاحت وجهها عنه بسخط و نقمة ، عندها تنبهت لمقاعد الصالة الصفراء التي تشاركها وجومها كل ليلة و اكتشفت أنها تتشهى و لعابها يقطر بانتظار لحمها لتفترسه في مآدب الوحشة ، و ازداد قرع الخيول في قلبها فقفزت من مكانها و جرت إلى الخارج كأنها تفر من قدر محتوم أو رصاصة طائشة و فتحت باب المنزل الخارجي و استلقت أمام سيارته و أخذ جسدها ينتفض في بكاء محموم عجيب !! أبيض وجهه .. و جفت شفتاه و أسرع إليها قبل أن يبدأ الجيران في مد رؤوسهم المتلصصة ، لف يديه حول خصرها و قادها إلى الداخل و سجاها برفق على أحد المقاعد و من ثم احتضنها برفق و قبل جبينها و أخذ يغمغم : هل أنت طفلة ؟ لماذا كل هذا ؟ هل سيأتي الذئب ويلتهمك في غيابي ؟ هل تريدين الذهاب عند أمك ؟ ماذا يقصد في قوله هل تريدين الذهاب إلى أمك ؟ هل يشير إلى ذهاب دائم ؟ هل يلمح إلى شئ ما ؟ و من بين حيرتها و دموعها و تنهداتها لمحته يعاود الانسراب إلى الخارج !! فعلمت بأنها دفعت ثمنا باهظا لفستان معطوب لن يغطي وحدتها ذاك المساء .
هل هو يسن القوانين الأولى لمنزله ؟ و لكن أبي كان يلتئم بنا كل مساء يجلب خبز العشاء !! و من ثم يستغرق في ملاحقة نشرات الأخبار بين التلفاز و المذياع .
ابنة عمتها لمياء تقترح تغيير لون شعرها و لكنه لم يعتده بعد حتى يمله ، و لكنها العادة النسوية الراسخة التي تقابل نزق الرجال و طيشهم و غرابتهم بتدابير سريعة لتدارك الشكل و الهندام و التكفير عن تقصير محتمل !!
و في صالون التجميل كان غالبية العاملات مغربيات مبتهجات و لامعات كعسل ( كازابلانكا ) و كانت التي تصفف شعرها مبتسمة دافئة كنجمة البحر ، فتشجعت و سألتها : هل صحيح بأنكن انتن المغربيات تسحرن رجالكن ؟؟
اندهشت المصففة للوهلة الأولى و لكن أجابتها بنبرة تشوبها بعض السخرية ؛ نعم ، نسرحهم في الداخل في المغارة ، هنالك في المنجم حيث سطوتك و قوتك ، سوقيه إلى هناك بدهاء و مهارة و سيصبح خاتما في يديك طوال العمر .
و من ثم أضافت بما يشبه الهمس : المرأة التي لا تكتشف الأرقام السحرية لمنجمها تظل جدارا قصيرا طول العمر .
و لأن هذا الموضوع حتما ستخجل أن تسأل عنه أمها أو لمياء فقد حاولته وحيدة مستعينة بخيالها و بعض من لقطات الأفلام .
قميص نوم دانتيل عنابي يتخلله بعض الريش ، و سائد مضمخة بدهن العود ، سلة فواكه و أكواب مذهبة للعصير بجانب السرير ، و عندما عادت من الحمام التركي الذي دلكت به جسدها وزعت هذه الترتيبات الكثيرة على ساعات الليل بطوله .. الحصة الأولى للموسيقى .. الحصة الثانية لتناول العصير .. أما الحصة الأخيرة فستكون للبخور الذي سيفقده رشده أمام منجمها .
امتص المكيف عطور الغرفة ، و تكفل الوقت بامتصاص زهورها و حماسها ، و في الثانية فجرا و عشرين دقيقة هدرت سيارته ، لم يتبين التدابير بوضوح فقد كان نعسا فاترا و تم كل شيء بهدوء و صمت ، و قبل أن تغمض عينيها تذكرت جملة قالها الممثل ( هارسون فورد ) لإحدى بطلات أفلامه : ( لإنني استغرب تلك التدابير التي تشبه السيرك ، و التي تصنعها النساء في اجتذاب الرجل ، إن أهم شيء تصنعه الأنثى هو أن تحضر فقط ، و بعدها ستتكفل الطبيعة بالباقي !! ) ، تنهدت و أحست بانها كانت الليلة دبا في سيرك مجهد و مكلف ........
عجينة الوقت التي ترتمي بين يديها كل ضحى لزجة و رخوة و صعبة التشكل ، ماذا تفعل بها ؟ هل هذه روح المشكلة ؟ و عندما اخذت تستحث الذاكرة بحثا عن صديقات قديمات عندها اكتشفت بأنها لا تمتلك أجندة هاتف !! و عن طريق استعلامات الهاتف أخذت تعصر الأسماء و الوجوه القديمة بحثا عن النجوى أو الشكوى أو لربما فقط أيد تشاركها في عجن عجينة الوقت ، لهفتها و وحدتها جعلتها مقتحمةلأجواء صديقاتها القدامى ، و دون أن تفكر في توظيف الدهاء الاجتماعي أو المناورات المطلوبة ، زميلات دراسة لم تستطع عبر مكالمات هاتفية متقطعة أن تستحث شجرة الصداقة أن تورق .. و لربما هندسن حياتهن بطريقة لا يوجد حيز بها لعروس وحيدة بحاجة إلى ترفيه ، و بعد دعوات و مآدب متكررة في منزلها ، يختفين خلف الاعتذارات المهذبة و اختفاء الهم المشترك الذي توفره حصص اليوم المدرسي في السابق .
و لأن الناس لا يقولون لبعضهم البعض صراحة أشياء تتعلق بخفة الظل أو الحضور الباهت ، فلم تعنى هيفاء بهذا !!
فقط كانت سواقي حديثها تجف سريعا و ترتخي أجواؤها و تبهت هالات الحيوية حول جسدها ، تلك الهالات التي منعت تكونها بطانتها المنيعة ، و منعت أيضا تكون تلك الأجساد الأثيرية التي تشع من بعض البشر فتجعلهم يلتهبون فرحا أو حزنا جموحا أو بالتحديد يلتهبون ....حياة !!
عندما يغفو زوجها تتسلل إلى هاتفه الجوال و تستعيد الأرقام التي صدرت و التي وردت و التي تكررت أكثر من مرة و على الغالب كانت تجد رقمها هو الأكثر وجودا و إصرارا .
تتلطف مع سكرتير مكتبه لعله ينقل لها أخباره أولا بأول ، و يسجل المكالمات التي ترد إليه ، و لكن السكرتير يبدو خائفا متحفظا ، و رفض بعض هداياها و قبل الأخرى على مضض ، تراجعت عن هذا ، تدابير مبكرة لزوجة باغت زوجها أزمة منتصف العمر بعد عشرين عاما من الزواج ، و هي التي لم تكمل أسبوعها العشرين بعد .
ماذا يريدون ؟ الناس تصطف معها فوق مقاعد الصالة الصفراء كل ليلة !! ماذا يريدون ؟ حلبة و أضواء و فلاشات قوية ولكن ماذا علي أن أفعل ؟؟ هل أبدأ الملاكمة أم أرقص أم أقدم عرضا للسيرك ؟
أرائك فيلا الورود تطالبها بأن تكون زوجة محبوبة مرغوبة ، و هي تود أن تستدير و ترجع إلى غرفتها حيث تستدير الأشياء و تعود لها مصففة مكوية .
قالت أمها و خالتها : ( عيون الناس حارة ، و ما تخلّي أحد ، كم تنهيدة حسد و حسرة انطلقت ليلة عرسك ؟؟ )
ـ (و لكن يا يمّه كان في شهر العسل متدلها هائما ، اسألي شوارع برشلونة .. و شواطئها ، لم يكن يمشي بجانبي بل كان يمشي أمامي و يعطي العالم ظهره ، كان يقول لا أريد أن أرى من هذا العالم سوى وجهك . )
و ارتجفت لهذه الذكرى و شمت رائحة البحر و مقاهي برشلونة ، و انخرطت في بكاء عميق ، شاركتها فيه أم ملتاعة لم تجد شيئا تقوله سوى :
ـ هاتي بعض ثيابه نكشف عليه لعله مسحورا أو ( مصروف ) عنك بصرف شيطاني .
كانت هيفاء مقبولة في بيت أخوالها لأنها بنت أختهم ( حصة ) ، و في بيت أعمامها مقبولة لأنها بنت أخيهم ( محمد ) ، و هي لم تكن تطالب بالكثير لذا لم تنغرس بها الأيام لتكون تلك ( السواقي ) التي تشق الأرواح يحفرها رعبنا و جزعنا بأن نهجر أو نرفض أو نصبح غير مقبولين ، التحدي الذي يقودنا كي ننغرس بجنون في حمى الحفر ، الابتسامة المرسومة في الوقت المناسب ، و الأحاديث التي تطرز الوقت و تجمله ، المشاريع و الهدايا و الهبات الصغيرة من الحب و الود و اللطف التي نوزعها على من حولنا تسولا لمزيد من القبول كانت أمها تقوم بهذه المهام عنها ، تقنيات الكر و الفر و الغياب بينها و بين رجلها و عدم التحول إلى كلبة بوليسية خلفه ... فقط إتقان للغياب الذي يمنع غيابا محتمل .
* * *
ننطلق في هذه الحياة شهابا بدائيا و جامحا و لا تثق بنا الحياة إلا عندما نمرق من بوابة الحزن عندها فقط ننجو و تتجوهر أرواحنا بلهيبه و سخونته ، و تشف مرايانا و تصفو ، و تعكس لنا أماكننا الحقيقية و أماكن الآخرين من حولنا .
هيفاء المبطنة الرقيقة فتاة الكما يجب ، لا تمتلك سوى ( مبراة ) وحيدة للأقلام الرفيعة الرقيقة ، و لكنها لا تحفر السواقي عميقا في دهاليز الروح .
لربما زوجها هو بوابتها الأولى ، و لربما في أوقات لاحقة هذا العام ستبتدئ في البحث عن مستودع الذخيرة بداخلها ، و لربما ستعود إلى أمان غرفتها التي تعيد لها الأشياء مكوية و مصففة ، و لكنها حتما لم تعد فتاة الكما يجب و التي يصفق لها الجمهور لبطولة لا تعلمها !! .