* ( اعتراف )
لى زمن أنظر خارجهُ ، آخذ أسلابَ الموتى
يا أنفاسَ الموتى :
تلك رياحٌ سمَّمَها طهرٌ لن أنحل بغير الماء
خذونى فى مطلقكم
اليوم جميلٌ إذ أبدأ موتى
منتقلاً من غابة روحى وعلاً برياً
يتسمع وقع خطاكم
( كان الموتى مندهشين اصطفوا فى فزعٍ
دخلوا أروقةَ الروحِ وغابوا
سأنادمهم فى الكتبِ الصفراء )
ـ ألأنك منذورٌ تتنفس أنفاسَ الموتى ؟
ـ ضدان اجتمعا ….. لا مهرب !!
أرأيتِ :
يداى على قبتُك العاليةِ ….. ولا مهربْ
وأنا حين وصلتك سابعَ مرة ، ما انهرتُ
ولا مهربْ
سأسمى المولودَ الأولَ حفارَ قبورٍ لا مهرب
وأدخن سيجاراً محشواً بالبارود ولا مهرب
نحن الأموات المبتذلون
لنا ….
زمنٌ ….
* ( عودة )
أفعى ..
خلال الغيم ، عبر اللوتس البرى
أفعى
هكذا جئتُ
بالضوء والكلمات
فى كفى حناء
وفى القدمين وشمٌ ..
ما عرفتُ
وهكذا نتعرف الأنسابَ بين سلالةٍ ذهبت
بأقمار السماء
وفى ارتطامِ بنفسج الألوان
عدتُ
والريحُ تعوى
وغير الريحِ
والأعشابُ
فى باطن البحرِ
ما غنَّت طيور الصبحِ
أصغى يا بحيرات الشمالِ
لأول القتلى
تحدَّر من وراء الغيم
كنتُ
أنا الأخيرُ زمانه .. آتٍ
ولكنى
دخلتُ ..
لباطن البحرِ
انصهارَ الوقتِ فى كوبٍ من البن
بعضَ طلاسمِ الموتى ..
دخلتُ
برغبةٍ محمومةٍ ..
تتدافع الأرواحُ
كلٌ عاد من مجراه ..
استعادوا بدئِهم ..
وأنا ..
استعدتُ :
* ( دوامة النورس )
دامت لنا الصحراء آلافاً من الأعوام يا قمراً
يقود الواصلين لقارةٍ فى الأرض سابعةٍ ..
وأنت مهاجر فى الأفق يا وجه الصباح إليك شوقا
تغرس الواحات فى أطرافها
وتمد إصبعها البلاد
شرك بكل الأفق .. لا أرض تكون بداية
قلنا تكون ، فكانت الأنهارُ ترقى نحو ..
منبعها ،
تصب مياهها أعلى ، وكنا لا نريد سوى اختلال ..
الوقت من حجبٍ ، وميلاد يكون .
فى أول الهجرات من تلك الصحارى
الشمس تغلق بحرها ، والروحُ متسعٌ محاجرها
خرجنا نبتغى عبر الفيافى القاحلات .
بيتاً عليه الله متكئٌ ،
وكنا أول البشرِ الغواة
خمسون ألفاً من سنين الضوء قلنا :
هاهى امرأة من الصلصال تحصن فرجها
فكشفت من ظمأ . ، وكان العرش محمولا على ماء ،
رجعنا هائمين
وأنا أراودها بخبز الله ..
ما قدت ، ولا فعلت طيور الأفق فى ..
طيرانها عبر البلاد .
معها استطال الوقت ، وانبهمت
دروب الأرض والأفلاك واخترقت حراب الوقت جمجمتى ، ونحو الشمس
مدهوشا ، ومأخوذا إلى رئة البلاد .
أسقى الرياحَ الحائرات دمى ..
وروحى فى البلاد .
قبسٌ بأعلى الطور ، صوت واضحٌ ، ووميض أنثى
شفَّنى زادُ المعاد
وأدق بابَ مدينةٍ لا تشبه المدنَ الشقيةَ ،
ما استطعت تسلق السوار من حراسها
ناديتُ يا إرمَ العماد :
دارت طواحين الهواء ، وكنت فى ألق أغيب ،
وأراك فى وجع البلاد أروح ، أغزو السير فى واد مهيب
فى ذرى الموج الذى يغتالنى :
ـ كم أنت ظمآن لك الموت الجليل
نام التراث على التراث، ونمت فى أرقى
ـ ( أظن هى البلاد استروحت ظلى ! )
ـ ونزلتَ فى الوادى القريب .
ـ عبر المسافات التى ما خانت الأسباب أجتاز الصحارى
لم أنم مذ ألف عام ـ
كانت سدود النيل تمنعنى الصمود .. تشدنى أرض لأرض ..
ـ ( إنما الصحراء غايتنا ، وبيتٌ من قديم فيه أطلال النبوة )
ـ ( ليس فيه من حياة )
ـ سقطت قرونُ الوهمِ ، وانبلجت بأسرار النحاه
وأنا بمملكةٍ أريم
لا الصبح يغزونى ولا الضوء القديم
والأسفل المغروس فى قلبى يشد إلى جناحى بضع
أحجار ، هى الأنات من أممٍ تموتُ على طواطمها
وتمضى فى الجحيم .
وتموت أشجارى وأمضى خلف أسرابٍ كخط فاصل
فى الأبيض النائى
( وصار الأزرق المعلوم فى البحر انشطارْ )
ظلت طيور النورس البحرى تهذى وانثنت صوبَ المدارْ .
وتبص من أفق وتشغلنى لألقى ظلى المخنوق فى البلد الأمين .
ورأيت أنى صاعد للبحر أجتاز البلادَ فهل أرى
خلف النهايات البداية .. أرتقى أفق البداية ؟!
هذه الشطآن والحيتان تتبعنى وأمضى خلفها
لا منتهى أجتازه أو سور وقت فاصل سُكِبَت عليه
من البنات الحور آلافٌ من الأجناس يوماً
( ما تراءى النورس المجنون فى ألق البحار ولا الأنوثة )
أنزوى خلف المحال
كان السديم سديم عشق مد الضياء فما ارتوى فى الظلمة
السوداء من وادى الملوكِ
أم الفراعين انمحوا ؟!
كان الفراعين استقاموا بغتةً وتدفقوا
فى كل إقليم إله
ولكل معبود طريقْ
آتون ليس يتبعنى ولا أتبع الأصنام
والآتون هم :
بعضُ ثوار الحداثة ، والحواة ، نهاية التاريخ
سلطة عسكر ، شبح الخليج ، عواصف الصحراء
آيتنا المضيئة ..
بين نجمٍ أو أفولٍ أو منام
وقف التراثيون ، وانتصب المدى :
من أنت فى هذا الزحام ؟!
يا أيها البلد الأمين
ثقلت عليك قصائدى ، ولربما جاءت بنا الأشعار يوما
بادئين بأرض مكة ، فى انتظار للصعود
ولربما نصحو على الوهج الذى يأتى
من القرن الأخير .
* ( الموتى )
شربتُ من ماء البحار برفقة الأشياء حول سمائها الأولى.
على مهل ..
سأمضى مدركاً موتى ، تحوط رغائبى عرق ،
وأجساد ، ورائحة الشادر حولنا الظلمات والكتب القديمة ..
فى رحيل النهر تأتى ملء فوضاى الينابيع الخفية ، والفتوحات، المتون
معاً
تُساقط مائها الأقمار ،
يسقط نيزك .
فى هذه الساعات أشهد فى انفساح العالم السفلى ..عن نار الكتابة..،
أستعيد القبة الزرقاء لا يأتى على نيرانى الفرسُ القدامى
أستعيد ممالك الأرواح أشهدُ نارهم .
أم أن من فرط التوهم أشهد القوسَ المهيأ
وانبلاجَ الشمس والأرضَ الفسيحة ، أم أنا المنفىُّ من زمن إلى زمن
بهندسة المكان :
تطير أشجارٌ ، وتجرى من حفائرها خيول
أودع الفنان ما قدرت من رمقٍ وألبسها
نسيج الروح ،
مرت منذ آلاف من السنين .
أنا امتدادٌ :
كلما لامست فرشاتى
يفر اللون مختبئاً
وتعدو فى الهواء .
مع التعاويذ القديمة ، والجعارين .. انتبهت :
هى البيوت مجنحات ، رصد أشباح
ونهر دائم الأحزان والغليان
نهر غامض الجسد
استرحت على الضفاف وقلت أرقب ماءه :
شاهدت أفراساً، وتماسيح ،
بدائيين ..
قد تركوا تواريخاً على الأحجار ..
والأخشاب والجلد القديم
نقوشهم تأوى إلى وتختفى
تهوى مدائن رعبهم
ويتم مرسم اللقاء ، كثانى اثنين ، المكان لدى متصل
ـ بما استنزفت من صور ـ ومتصل بهم .
ـ هل أنت متصل بنا ؟!
والأرض فى الوصل الحميم
تفتقت أحشائها ..
هل يخرجون ؟
صرخت فيهم .. دارت الأفلاك .. هل مائى بماء
النهر ممتزج ، وهل …
كان الشرابُ مهيأ ،
والنادلُ ارتعدت فرائصه
فأورقت التمائمُ، واستعدت حديقةَ الفوضى:
* رأيتُ السهم منفلتاً ـ أنا الرامى ـ
* وجمر الماء مشتعلاً
* أنا الرامى ، اشتهاءاتى على جمد الملامح
قارعاً كأسا بكأس :
اشربوا نخب الممات ..
تحدَّر الوقت البطئ ن وها هم الموتى :
ـ عليك طعامنا الأرضى قد نفدت ذخائرنا
ـ عليك الملح والليمون والخبز القديد ،
ـ وخذ عباءة شيخنا ، جلبابه الكشمير
ـ خذ عكازه ، قرطاسه الورقى ، والقلم الجديد
ـ وفقه سنتنا .. وإخوان الصفا .. زاد المعاد ..
ـ وخذ بداية موتنا ، لبداية الأرض الفسيحة :
هكذا……………….
(1)
هى نار ليست كالنيران ، وأنت تدخل فيها ولا تخرج
كما ولدتك أمك .. مبرأ من كل عيب ..
لا تحمل إرثاً ولا عائلة ..
أنت لا تبحث عن أحد ، كما أن لا أحد ..
يبحث عنك
هل تحلم بكل ما سبق ، وتطارد ميراثك
هل أنت آخر الخونة ؟
ـ ………………………..
(2)
ما حاجة الشاعر للأوزان إذا اختلط ماء النهر ..
بماء البحر ،وأنت مخمور برفقة الأشياء
تدور حول سمائها الأولى ..
ولا تلتقط إلا الحصى
ـ هكذا
ـ هكذا .. هكذا .. وهلم جرا
………………….
(3)
هكذا المنفيون يبدءون وهم الحقيقيون وحدهم
ذلك أن الظلام لهم كالمصباح ، إذ يشع من زجاجة
يمدها سبعة أبحر فلا ينفد الظلام ..
وهكذا ..يدورون فى العالم _ والعالم مستقر تحت أقدامهم _
_ وإذا شاءوا …؟
_ انفجروا..
_ وإذا هاموا ..؟
انتبهوا ..
_ وإذا ماتوا ..؟
_ بعثوا ………….. وهكذا
……………………
(4)
كنت فى سرب على جزيرة نصفها سمكة ، ونصفها ..
بلاد وناس يحلمون ..
خلف غيمه زرقاء ـ أرقب المشهد ـ قلت : أفرح ..
قليلاً
أخرج من حلمى مرة
بحثت عن قارب الأجداد
فى ليلة وحيدة فى العراء .. خبئوه فى دغل كثيف .
يفضى إلى فوهة البحر ـ اشتعلت نارا ـ
وقلت : أفرح قليلاص
ـ هذه آخر الأرض ..
ـ…………………
(5)
حدثتكم عن ملابسى الداخلية وعناوين الصحف الحزينة
وارتجلت قصيدة عمودية فى رثاء من عاشوا
كعادتى أثرثر كثيراً :
عن النساء ، وأشعار " رامبو " و " بودلير " و " العقد الاجتماعى "
ـ كنتَ
خارجاً
من كتب البراءة .
* ( أحلام )
* جسدٌ على الصحراء ينمو
قلت هذى الظلمة انقشعت
ولاحت فى الرمال خطىً
فتابعت الخطى
ألفاً من الأعوام ..
ـ مَنْ .. ؟
* خلق بدائيون ينحدرون من أعلى
خلال الضوءِ ينتعلون دنيانا
فنصحو حولنا الحَلفَاءُ
والغجرُ المقيمونَ اختفوا
ظلت طواطمهم تراقصُ فى الندى أطفالنا .
* ضوءٌ لأوله انفلات فى المدى
تأويله : بحرٌ
وناسٌ غير عاديين يرتحلون فى صمت
هم انطلقوا بطوطمهم
وجابوا الصخر بالوادى فمذ عبروا
لهم فى القلب ميعادُ
( سلاماً أيها البحر
السلام عليك يوم ولدت
سوف نكون فى حالٍ
فما عدتَ الذى ألقاه فى نومى )
* مدنٌ هى البحر الذى جئناه
قلنا يا بلاد افتحى
فتحت وقالت :
أنتم الأعلونَ
ألقت ظلها
فتسربت مدنُ الرمالِ
وأيقظتْ
حيتانها
* لغة
يغادرها الكلامُ وتفقد الينبوع
ما بين ارتحالِ الضوءِ والإظلام
مشنقةٌ تقام .
* لغةٌ
حبالُ حروفها مدت .
* لغةٌ
وينسرب الكلام
فى الليلِ فى الإيقاعِ فى النهرِ الإله
فهل اتحادك بى سدى وهل ابتلاؤك لى حياه ؟!!
* نجوى ألامسُ جرحها
فتلوذ بالصمتِ الكثيفْ
كى لا أرى الدمع المراوغ
فى مداه جنت الأشجار والخلق انمحوا
ورأيتها
ترتاد فى الصحو المدائن والقرى
وتنام ضاحكة النزيفْ .
* صعدت مياهُ البحرِ واشتعلت سماءْ
والروح طيرٌ شاردٌ يهوى على ورق الدماء
وتدفق المرجانُ فى مرجانِ روحى
وجهها نخلٌ وميمٌ تملك الأشياء
وانثالت مياهُ الخلق منها واشتعلْ
وطنٌ تدفق من يدىَّ إلى يديها واكتملْ
بدر تألق فى عيون الجائعين
ودخلت ضوءً
مازج الروح السلام
يا نهدها المنساب كم عانقت روحى فى الظلام
صلى إليك البحر وانسربت تهاويلُ المنام
من عابدٌ إلاىَ ما أشهى الكلام
فى الصمت يا لغة الكلام .
* ( جسد يحمله البحر )
لتلك الجزيرة روح تهدج روحى على اليابسة
على حجرها تستريح قناديلُ فضيةٍ وسَّدتها الرياحُ سريرَ الأمان
وعشبٌ تقرُّ فراشاته فى انفساح السديم إلى أبدِ الآبدين
وحقلٌ من الموج وامرأة جالسة .
هى المنتدى بعد نوم الهواجس والكائنات ، فمركبة النوم فى أعين الخلق
ألقت سلالَ المحبةِ هاتفةً فى الثبات الجميل : انسلخ عن مرايا
الرياءِ النهارىّ واصبغْ مياه الظلام بروحى النبيلة :
سطحُ اندهاشى يمام يفر من الأمسيات السراب
أمانٌ جناحاه فوق المدى يُدخل المستحيل دوائر حلمى
وينسحق الانتظار
سماءٌ طفولية السمت تنسج نارَ الحضور وتجدلُ فى الأفق
أزمنةَ الإنطلاق البرئ :
نجئ بذاكرتينا انبجاس مياه التكون والحب يومئذٍ شجرٌ طالعٌ
تتدفق فى رئتيه الطيور
فتحنا بلاد الزبرجد ـ كانت مدائنها فى اشتعال بجفنى ـ يا امرأة الضوء
تاريخنا انفرطت لؤلؤات ذكورته مدلج فى انبهار وآتية للزمان
السعيد خيولٌ مجنحةٌ تستعيد المروج ..
غصون من اللازورد الموَرَّق عند احتضار المسافة بينى وبينك
والكائنات فرشن أهازيجَ صمتٍ خطاه الحقول الوسيعة
طقس المحبة يبتدئ الخلق ، سربُ اللغات قطوف على شجر السنديان
المسافات لغو يبدده الاتحاد
مياه وليست مياهاً ويحملنا البحر
ليس اختلالاً بعين الرؤى بل هو الإنطلاق الوجودى يخلق كونا
لمن فى الفضاء الهيولى منفرداً
سابحاً فى
السديم
أنا أرشق الصحراء بسهم الحياة ؛ تفيض هوى
يتفجر فيها النبات
فيا صحراء ضممتُ مياهى إليك وقلت :
أنا النيل
مجراى .. مجراك
فيك البنات ارتمين على ظهرهن
أطلت سماء
وعشبٌ نما فوق أرض الجزيرة وانتبه الصخر ،
إنى امتدادُ البدايات فى أيك غربتنا والنهايات
دلتاى تمتدُّ من أضلعى
ويحدثك الماء والضوء :
لى سجدَ الطير
قلتِ :
أنا الصحراءُ لى الأزل امتد تحت جناحى
ونمتُ
أنا أولُ الخلق طراً وآخرهم
والطيورُ التى هجرتنى تؤوب
ولى سطوةُ النارِ
فادنُ ..
تكاثرت الطير .. ها إننى داخل فى الشروق ومنبعث من رمادى
محيط بى البحر :
نسرٌ على قمة الحلم اشتعلت فى قوادمه الريح
ألقى الينابيع للشمس والرمل وانطلقت
من جوانحه المستحيلات
أصطحب الشمسَ حين يجنُّ الظلامُ وأكتب للموج سيرتها
يكتبُ الموج سيرتها للشواطئ
تصحو الشواطئُ لابسةً حلمِىَ
انفرطت يابساتٌ
نجومٌ أرقن ..
تكاثرت الطيرُ والسنبلاتُ وعيناى ملء الفضاء
أراها مضمخةً بالعبير ،
عشقت التفاتتها ، ضوؤها يستريح بكفى
ضفائرها كالخيول تقاطرن من بعد خيل الفتوحات
أنتبهُ
انفرطَ
السوسنُ
المتشظى الخرافى
وانهمرَ الصمتُ
لا هى باحت
ولا أنا بحت .
* ( خمس أغنيات لشمس )
(1)
هى ذى الشمس تبدت ثانيةً
تشهقُ حين القمر يكمل دورته
فتحنُّ إلى جسدٍ يتحدَّر منه النسلُ
فتسَّاقط أنهاراً
تبقى فوق جبالِ البحر صدىً يسمعه البحارون ،
ويهتف رملُ الواحات :
هو ذا الخالقُ أيقظ فينا ألفَ شراع .
(2)
هى ذى سكنٌ
كلُّ قبيلٍ خلفَ امرأةٍ ـ شمسُ الله الأولى ـ
تنسكبُ الألوانُ فرادَى نحو فضاءِ الله
وتأخذ هيأَتها
تخضرُّ طيورُ الأرضِ وتسألُ :
أىُّ جبالٍ نصعد أىُّ سحابٍ نرقى ؟!
(3)
يا واحد هذا العالم :
شمس واحدة كانت كل الأجساد
غوايتها
وأنا من كل الأجساد .
(4)
وهى المخلوقُ الخالقُ من ريشته الأضواء
الشجرُ العائدُ
ينتفض /
تطلق من رئتيه المطرَ لألف من أعوام
هدأت /
( تلك تضاريسى تتحسسها )
(5)
العرق المالح سيد هذا العالم /
هذى الضجة فى قمم جبال البحر /
( تهشـ ….
ـمت اللـ ….
ـغة ) /
رجال تهتف تحت الماء :
يابسة أخرى !!
* ( الصيف السابع )
أى جبالٍ نصعد ولأى سحاب نرقى
ولأى مفازات تأخذنا هذى المرأة ؟
كانت إذ ضاجعها البحر تزغرد نشوى
فتهل طيور النورس عبر الأبعاد تحط على سرتها
وتقوم طيور أخرى لا شكل لها
وتحيط الدلتا
فتهز العرشَ وتُفقد كلَّ الواحات بكارتها كانت تمزج كونا داخلنا بالكون المفتوح
فنبكى النخل وأشجارا عائدة توا من أرض لا توجد
هل هذا النهر نهايتها …؟
فى الصيف نعودُ إلى البحرِ نقول : أبانا
هل ترسلُ قمراً آخر ؟ .. قمراً يأتى بالأسماكِ المتكلمةِ العجلى
فى الصيف السابعٍ أكملنا هيئَتنا
وركبنا أولَ إشعاع نحو امرأة .. أعرفها
سلمت فقالت : ياولد يأتى قبل الموعد فات الميعاد ،
النهر يغيِّر مجراه فلا تتبعنا
طارت كلُّ طيور النورس ، لم أسألها
كانت لغتى عاجزةً أن تفهمها
أنَّا البناؤون وأنَّا نبنى مدنا … نهدمها
نضرب فى التيه ، ونبحث عن
شمس
أخرى .
* ( هـالة )
لها آخر الضوء
ما يتبقى طيوراً على حافةِ القلب
تنهمرُ الساعةَ ، الدفءُ يخرج من بابه
اتسعت ساحة الوقتِ للأمنيات ، وعششَ فيها النهار
لإيقاعه اخضرت الأرض وسط حقول النجوم .
أنا كلما استيقظَ القلبُ رحت أعد المدارات أسأل :
أىُّ مدارٍ يقودُ خطايا إلى وجهها ..
أيهذا البريق على سغب نبدأ السير نكتشف الرحلة
المشتهاةَ إلى قلبها
علَّها
تطلع الشمسَ فى الليل
هل علمتْ
أننى عاشق لا يبارى ولا يجهل الحب كيف يكون ،
وكيف يقود إلى منبع
تستحم العصافير فيه فتلبس صوتى ..
أنا عاشق الضوء ياهالة :
الضوء أتبعه راكضا فى السحاب إلى القمر الأخضر ،
امتزجت هالة الضوء بى ، هكذا عشبنا يرتدى الضوء ،
ما باله القمر انشق عن لهب واعتراه الذبول
أينزل للأرض منطفئا وهى بين يدى
تفح وتشهق أنفاسها … ؟!
………………….
…………………
هالة اشتعلت ذاكرة
لها الضوء آخر ما يتبقى .
* ( اكتمال الدائرة )
توصد نافذة النوم وتتركنى مع نجم من آخر مدن الدنيا
يصطاد الضوء الغارق فى النهر
الأسماك الفضية فى القاع تراقص أهدابى
شجر يتدلى مدهوشا يحلم فى أفراس النهر
ووجه
يخضر على الماء نقاطا شفت عن مدنٍ طُمرت
فى الواحات
العرش الملكى الخاوى تحمله الأمواجُ
" الكازينو " الغارق فى النهر أرائِكَهُ ازدحمت
فى آخر ميعادٍ قالت :
" لن تتركنى بين الأصداف "
تناولنا كأسيْن اثنيْن على عجلٍ ونزلنا فى النهر
الباب الملكى الموصد ينفتحُ
الأسماك الفضية تحمل خمراً وسريراً
يتحول رمل القاع مروجا خضراء
وترمقنى
امرأة تحت جدائلها ثعبان يلتف
تحل إزارى تتشمم ورد العرق وتجهش باكية :
لست هو …
أقسمُ بالماء وبالقاع وسائر آلهة الدنيا
ما ازددت يقينا إلا الآن
المرأةُ فى المائدة الأخرى
هل تعرفنى .. ؟
فى عينيها مدن طمرت فى الواحات
أكادُ أسائلها :
هل أنتِ ...
لكن امرأة أخرى ترمقنى
مع نجم من آخر مدن الدنيا يبصق ضحكته فى النهر
الأسماك الفضية تتلاشى
العرش الملكى الخاوى تحمله الأمواج المنطفئة
أبصر فى مائدتى خمس نساء
أى امرأة منهن هى … ؟
تهمسُ إحداهن : هو ..
وتسائلنى :
من كتب التاريخ أتيت … ؟
الشجرُ السابح فى عينيها تتدفق فى
رئتيه طيورٌ بيضٌ
وبلادٌ كل ملامحها طُمرت فى الواحات
" الكازينو " الغارقُ يتلاشى
فى آخر ميعادٍ قالت :
" لن تتركنى ….
* ( متفرقاتٌ ..
للشمسِ والريح )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طيور الحجر
الهواءُ القديمُ استراحْ
أراه بأعلى النوافذِ
يكتب شعرا إلى الأقحوانْ
فمزقت روحى
وقلتُ :
إلهى القديم
تباركت
إيقاعك الرخوىُّ استباحَ القصيد
فمالت طيورى على السنديان
فعولن فعول ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دائرية الضوء والمستحيل
إلى صلاح والى
الصباح الفراش على سرة البحر يمضى وأنا بنفسجة تحلم باقتراب الشعاع ترى عبر نهر المسافة أعبر فى الزرقة الحالمة / البلا د الممالك تنساب مرجا ، نجوم بكفى تنقر جنية الضوء تشدو انبهارا بأشعة فى مرايا المغيب / الجسد امتلاء بنار الشروق الصباح الفراش مدائن من عنبر المستحيل ، ويقبل يفتح فى البحر بابا لمدينة أدخل أفقها الأرجوانى مستسلما لامرأة تفض على العرش بكارتى تنقش بالرصاص اسمها تسقنى خمرة المستحيل .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أغنية
قهوتى مرةٌ والسماء انفتحت بقايا من الشجن المستطيل
ثَمَّ أغنيةٌ :
" للتلال التى غنت الشمس مرقدنا "
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقش
ليس فى وجهها شجرا غامضا كل أشجارها فضة تستعير السموات أثوابها ترتدى البهجة ، تنبلج النهارات فى الزرقة لا ترى غير طير من الضوء يشرب أوراقها والصبايا الجميلات يفترشن سجادة الضحك استنفرت عصب العشب واشتعلت فى الفضاء المدارات
ليست سوى ضحكة واحدة لبنت " الأرابسك " تلمع فوق جدار
" أبى سنبل "
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بداية
ليست تلال الروح متكئ
إذن ..
فيم اشتعالى فى المدائن ليست
الأشجار أتبعها إذن .. !
فالأرض حائضة بلا جسد سوى
عشب الرياح لقاحها ينسل فى جسدى
ألا يا بحرها اصطفت عرائسُنا على شبق نجوما
( هل يرى النسل البدائى الذى ينساب بين سنابك الحلفاء والرمل العصى )
وأرخت كتبَ السماء وأومضت فى الأفق
لاح الضوءُ للنسلِ البدائى البحر منتظر
إذن
هذا العراك بدايةٌ …
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حالة أولى للجسد
القناديل فى الليل مطفأة ؟! أم ترانى إلى الماء أهوى بذاكرتى ، أحمل الضوء نبعا من الصور المشتهاة وأنتظر الشاطئ فى القصيد ؟! /
الأساطير من جسدى تبدأ دورة الانبلاج الأخيرة ، تسرى
مياه الصباح إلى الشجر الأخضر يكتب الجسد الليل ويكشف الأبدا
معه … لم أكن فى المفازات ولم أكن ……
كنت نيلا يتلون فيه إيقاع روحى بلون البرارى / الرؤى المستحيلة
للولد الأفعوان …………. أنا
أول المنتمين مع العشب والماء منفردا
معه ..
تشرق الشمس لنا تتخلل اللغة الجسدا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رباعيتان لليل والنهار
مشعل بالمروجْ
فى يدى ألف نهر وبحيرة للجحيم
وأرى وردة فى السديمْ
فامنحينى الولوجَ امنحينى الولوج
مشعل بالمروجْ
فى يدى ألف نهر وبحيْرة للجحيم
وأرى وردة فى السديمْ
تجذب الأرض من أردية الثلوج
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأصدقاء القدامى
ينسربون فى قدحى أصدقائى الذين اشتعلوا وهم يرقصون فأهتف : أيتها الريح لا ينبغى الآن أن يهدأوا
الأصدقاء القدامى ..
يجيئون كل مساء نقول كلاما كثيرا عن الغرفة الداخلية عن أول ليلة ينتصب الذى لا نسميه ويدخل فى التى لا تسمى
فنشهق
لكننا
آخر الليل
نمضى
وجوها
تنفسها الهواء .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القصيدة
كونٌ ومزولةٌ
لها ألفٌ من الأعوام
ما كتبتْ
ولا جفَّ المداد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتظار
ماذا على
لو أشرقت شمس
شمس لبيس يبصرها سواى
.ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أغنية الريح
تذكرنى الريحْ
وجها يطلع فوق الأرض
نجوماً ومصابيحْ
لامرأةٍ تغزل وجهَ الشمسْ
أبنى مدنى فوق البحر .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مدى
راحتى شجر والبلاد التى اساقطت
بين كفى مدى شبقى
إذن المياه التى للرياحين كهفا
وللأغنيات صدى ،
سبعة من بحار
ولؤلؤة فى جوارى .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نورس مشتعل
شربت قهوتها رأت فى البقايا دمَه وقاتلَه وتراءى لها نورس مشتعل
أمسكت الهواء ولم تلق شئ
نستطيع البقاء على متْن ريحٍ وضوء
………………………
( لم تكن تعلم أنَّ خنجرَها اخترق القلبَ والرئتيْن )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ينزلون فرادى
بعضُ عشاقِها رحلوا
فى سكونِ المساء رأيتهم
كانسياب الصباحِ إلى وردة
ينزلون فرادَى
إذا الليلُ أيقظهم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طيور
تذكر الريحُ آخرُ ما تتعشقه
الكائناتُ
طيوراً معلقةً بانتصاف المحيطِ
وطالعةً من كلامِ المياه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رحيل
هذه الإنسيابات بين العظام / دبيب الرمالِ على
صخرةٍ / صوت ريحٍ على وجهِ ماءٍ /
سيعدلُ قامته بعد هنيهةٍ / تشرق الشمسُ عليه
يسعى لأليفةٍ / يملأ الأرضَ نسلاً ،
وينظر أحفادَه :
هؤلاء المساكين كيف ابتنوا أول خيمةٍ ،
واستطابوا الرياح
لقد قلتُ ما ينبغى …… يرسلُ /
زفرةً /
يرحلً /
يتركُ آثارهُ فى الرمال //
المحتوى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) اعتراف ....................................
(2) عودة ....................................
(3) دوامة النورس ..........................
(4) الموتى ....................................
(5) أحلام ....................................
(6) جسد يحمله البحر .............................
(7) خمس أغنيات لشمس .........................
(8) الصيف السابع ..............................
(9) هالة ....................................
(10) اكتمال الدائرة ...............................
متفرقات
(1) طيور الحجر ................................
(2) دائرية الضوء والمستحيل ................
(3) أغنية ....................................
(4) نقش ....................................
(5) بداية ....................................
(6) حالة أولى للجسد .............................
(7) رباعيتان لليل والنهار .......................
(8) الأصدقاء القدامى ...........................
(9) القصيدة ....................................
(10) انتظار ....................................
(11) أغنية الريح .................................
(12) مدى ............……………………………………
(13) نورس مشتعل ..............................
(14) ينزلون فرادى ..............................
(15) طيور ....................................
(16) رحيل ....................................
هامش :
( هى نار ليست كالنيران ، وأنت تدخل فيها ولا تخرج
كما ولدتك أمك .. مبرأ من كل عيب ..
لا تحمل إرثاً ولا عائلة ..
أنت لا تبحث عن أحد ، كما أن لا أحد ..
يبحث عنك
هل تحلم بكل ما سبق ، وتطارد ميراثك
هل أنت آخر الخونة ؟ )
هذا المقطع ضمنته فصل المشاهد كلها
************************
من بداياتى
أعتقد أننى كتبت هذا الديوان فى الفترة من ١٩٨٥ - حتى ١٩٩٠ وفى نفس الفترة كتبت عدة دواوين أخرى عمودية وتفعيلية.
لى زمن أنظر خارجهُ ، آخذ أسلابَ الموتى
يا أنفاسَ الموتى :
تلك رياحٌ سمَّمَها طهرٌ لن أنحل بغير الماء
خذونى فى مطلقكم
اليوم جميلٌ إذ أبدأ موتى
منتقلاً من غابة روحى وعلاً برياً
يتسمع وقع خطاكم
( كان الموتى مندهشين اصطفوا فى فزعٍ
دخلوا أروقةَ الروحِ وغابوا
سأنادمهم فى الكتبِ الصفراء )
ـ ألأنك منذورٌ تتنفس أنفاسَ الموتى ؟
ـ ضدان اجتمعا ….. لا مهرب !!
أرأيتِ :
يداى على قبتُك العاليةِ ….. ولا مهربْ
وأنا حين وصلتك سابعَ مرة ، ما انهرتُ
ولا مهربْ
سأسمى المولودَ الأولَ حفارَ قبورٍ لا مهرب
وأدخن سيجاراً محشواً بالبارود ولا مهرب
نحن الأموات المبتذلون
لنا ….
زمنٌ ….
* ( عودة )
أفعى ..
خلال الغيم ، عبر اللوتس البرى
أفعى
هكذا جئتُ
بالضوء والكلمات
فى كفى حناء
وفى القدمين وشمٌ ..
ما عرفتُ
وهكذا نتعرف الأنسابَ بين سلالةٍ ذهبت
بأقمار السماء
وفى ارتطامِ بنفسج الألوان
عدتُ
والريحُ تعوى
وغير الريحِ
والأعشابُ
فى باطن البحرِ
ما غنَّت طيور الصبحِ
أصغى يا بحيرات الشمالِ
لأول القتلى
تحدَّر من وراء الغيم
كنتُ
أنا الأخيرُ زمانه .. آتٍ
ولكنى
دخلتُ ..
لباطن البحرِ
انصهارَ الوقتِ فى كوبٍ من البن
بعضَ طلاسمِ الموتى ..
دخلتُ
برغبةٍ محمومةٍ ..
تتدافع الأرواحُ
كلٌ عاد من مجراه ..
استعادوا بدئِهم ..
وأنا ..
استعدتُ :
* ( دوامة النورس )
دامت لنا الصحراء آلافاً من الأعوام يا قمراً
يقود الواصلين لقارةٍ فى الأرض سابعةٍ ..
وأنت مهاجر فى الأفق يا وجه الصباح إليك شوقا
تغرس الواحات فى أطرافها
وتمد إصبعها البلاد
شرك بكل الأفق .. لا أرض تكون بداية
قلنا تكون ، فكانت الأنهارُ ترقى نحو ..
منبعها ،
تصب مياهها أعلى ، وكنا لا نريد سوى اختلال ..
الوقت من حجبٍ ، وميلاد يكون .
فى أول الهجرات من تلك الصحارى
الشمس تغلق بحرها ، والروحُ متسعٌ محاجرها
خرجنا نبتغى عبر الفيافى القاحلات .
بيتاً عليه الله متكئٌ ،
وكنا أول البشرِ الغواة
خمسون ألفاً من سنين الضوء قلنا :
هاهى امرأة من الصلصال تحصن فرجها
فكشفت من ظمأ . ، وكان العرش محمولا على ماء ،
رجعنا هائمين
وأنا أراودها بخبز الله ..
ما قدت ، ولا فعلت طيور الأفق فى ..
طيرانها عبر البلاد .
معها استطال الوقت ، وانبهمت
دروب الأرض والأفلاك واخترقت حراب الوقت جمجمتى ، ونحو الشمس
مدهوشا ، ومأخوذا إلى رئة البلاد .
أسقى الرياحَ الحائرات دمى ..
وروحى فى البلاد .
قبسٌ بأعلى الطور ، صوت واضحٌ ، ووميض أنثى
شفَّنى زادُ المعاد
وأدق بابَ مدينةٍ لا تشبه المدنَ الشقيةَ ،
ما استطعت تسلق السوار من حراسها
ناديتُ يا إرمَ العماد :
دارت طواحين الهواء ، وكنت فى ألق أغيب ،
وأراك فى وجع البلاد أروح ، أغزو السير فى واد مهيب
فى ذرى الموج الذى يغتالنى :
ـ كم أنت ظمآن لك الموت الجليل
نام التراث على التراث، ونمت فى أرقى
ـ ( أظن هى البلاد استروحت ظلى ! )
ـ ونزلتَ فى الوادى القريب .
ـ عبر المسافات التى ما خانت الأسباب أجتاز الصحارى
لم أنم مذ ألف عام ـ
كانت سدود النيل تمنعنى الصمود .. تشدنى أرض لأرض ..
ـ ( إنما الصحراء غايتنا ، وبيتٌ من قديم فيه أطلال النبوة )
ـ ( ليس فيه من حياة )
ـ سقطت قرونُ الوهمِ ، وانبلجت بأسرار النحاه
وأنا بمملكةٍ أريم
لا الصبح يغزونى ولا الضوء القديم
والأسفل المغروس فى قلبى يشد إلى جناحى بضع
أحجار ، هى الأنات من أممٍ تموتُ على طواطمها
وتمضى فى الجحيم .
وتموت أشجارى وأمضى خلف أسرابٍ كخط فاصل
فى الأبيض النائى
( وصار الأزرق المعلوم فى البحر انشطارْ )
ظلت طيور النورس البحرى تهذى وانثنت صوبَ المدارْ .
وتبص من أفق وتشغلنى لألقى ظلى المخنوق فى البلد الأمين .
ورأيت أنى صاعد للبحر أجتاز البلادَ فهل أرى
خلف النهايات البداية .. أرتقى أفق البداية ؟!
هذه الشطآن والحيتان تتبعنى وأمضى خلفها
لا منتهى أجتازه أو سور وقت فاصل سُكِبَت عليه
من البنات الحور آلافٌ من الأجناس يوماً
( ما تراءى النورس المجنون فى ألق البحار ولا الأنوثة )
أنزوى خلف المحال
كان السديم سديم عشق مد الضياء فما ارتوى فى الظلمة
السوداء من وادى الملوكِ
أم الفراعين انمحوا ؟!
كان الفراعين استقاموا بغتةً وتدفقوا
فى كل إقليم إله
ولكل معبود طريقْ
آتون ليس يتبعنى ولا أتبع الأصنام
والآتون هم :
بعضُ ثوار الحداثة ، والحواة ، نهاية التاريخ
سلطة عسكر ، شبح الخليج ، عواصف الصحراء
آيتنا المضيئة ..
بين نجمٍ أو أفولٍ أو منام
وقف التراثيون ، وانتصب المدى :
من أنت فى هذا الزحام ؟!
يا أيها البلد الأمين
ثقلت عليك قصائدى ، ولربما جاءت بنا الأشعار يوما
بادئين بأرض مكة ، فى انتظار للصعود
ولربما نصحو على الوهج الذى يأتى
من القرن الأخير .
* ( الموتى )
شربتُ من ماء البحار برفقة الأشياء حول سمائها الأولى.
على مهل ..
سأمضى مدركاً موتى ، تحوط رغائبى عرق ،
وأجساد ، ورائحة الشادر حولنا الظلمات والكتب القديمة ..
فى رحيل النهر تأتى ملء فوضاى الينابيع الخفية ، والفتوحات، المتون
معاً
تُساقط مائها الأقمار ،
يسقط نيزك .
فى هذه الساعات أشهد فى انفساح العالم السفلى ..عن نار الكتابة..،
أستعيد القبة الزرقاء لا يأتى على نيرانى الفرسُ القدامى
أستعيد ممالك الأرواح أشهدُ نارهم .
أم أن من فرط التوهم أشهد القوسَ المهيأ
وانبلاجَ الشمس والأرضَ الفسيحة ، أم أنا المنفىُّ من زمن إلى زمن
بهندسة المكان :
تطير أشجارٌ ، وتجرى من حفائرها خيول
أودع الفنان ما قدرت من رمقٍ وألبسها
نسيج الروح ،
مرت منذ آلاف من السنين .
أنا امتدادٌ :
كلما لامست فرشاتى
يفر اللون مختبئاً
وتعدو فى الهواء .
مع التعاويذ القديمة ، والجعارين .. انتبهت :
هى البيوت مجنحات ، رصد أشباح
ونهر دائم الأحزان والغليان
نهر غامض الجسد
استرحت على الضفاف وقلت أرقب ماءه :
شاهدت أفراساً، وتماسيح ،
بدائيين ..
قد تركوا تواريخاً على الأحجار ..
والأخشاب والجلد القديم
نقوشهم تأوى إلى وتختفى
تهوى مدائن رعبهم
ويتم مرسم اللقاء ، كثانى اثنين ، المكان لدى متصل
ـ بما استنزفت من صور ـ ومتصل بهم .
ـ هل أنت متصل بنا ؟!
والأرض فى الوصل الحميم
تفتقت أحشائها ..
هل يخرجون ؟
صرخت فيهم .. دارت الأفلاك .. هل مائى بماء
النهر ممتزج ، وهل …
كان الشرابُ مهيأ ،
والنادلُ ارتعدت فرائصه
فأورقت التمائمُ، واستعدت حديقةَ الفوضى:
* رأيتُ السهم منفلتاً ـ أنا الرامى ـ
* وجمر الماء مشتعلاً
* أنا الرامى ، اشتهاءاتى على جمد الملامح
قارعاً كأسا بكأس :
اشربوا نخب الممات ..
تحدَّر الوقت البطئ ن وها هم الموتى :
ـ عليك طعامنا الأرضى قد نفدت ذخائرنا
ـ عليك الملح والليمون والخبز القديد ،
ـ وخذ عباءة شيخنا ، جلبابه الكشمير
ـ خذ عكازه ، قرطاسه الورقى ، والقلم الجديد
ـ وفقه سنتنا .. وإخوان الصفا .. زاد المعاد ..
ـ وخذ بداية موتنا ، لبداية الأرض الفسيحة :
هكذا……………….
(1)
هى نار ليست كالنيران ، وأنت تدخل فيها ولا تخرج
كما ولدتك أمك .. مبرأ من كل عيب ..
لا تحمل إرثاً ولا عائلة ..
أنت لا تبحث عن أحد ، كما أن لا أحد ..
يبحث عنك
هل تحلم بكل ما سبق ، وتطارد ميراثك
هل أنت آخر الخونة ؟
ـ ………………………..
(2)
ما حاجة الشاعر للأوزان إذا اختلط ماء النهر ..
بماء البحر ،وأنت مخمور برفقة الأشياء
تدور حول سمائها الأولى ..
ولا تلتقط إلا الحصى
ـ هكذا
ـ هكذا .. هكذا .. وهلم جرا
………………….
(3)
هكذا المنفيون يبدءون وهم الحقيقيون وحدهم
ذلك أن الظلام لهم كالمصباح ، إذ يشع من زجاجة
يمدها سبعة أبحر فلا ينفد الظلام ..
وهكذا ..يدورون فى العالم _ والعالم مستقر تحت أقدامهم _
_ وإذا شاءوا …؟
_ انفجروا..
_ وإذا هاموا ..؟
انتبهوا ..
_ وإذا ماتوا ..؟
_ بعثوا ………….. وهكذا
……………………
(4)
كنت فى سرب على جزيرة نصفها سمكة ، ونصفها ..
بلاد وناس يحلمون ..
خلف غيمه زرقاء ـ أرقب المشهد ـ قلت : أفرح ..
قليلاً
أخرج من حلمى مرة
بحثت عن قارب الأجداد
فى ليلة وحيدة فى العراء .. خبئوه فى دغل كثيف .
يفضى إلى فوهة البحر ـ اشتعلت نارا ـ
وقلت : أفرح قليلاص
ـ هذه آخر الأرض ..
ـ…………………
(5)
حدثتكم عن ملابسى الداخلية وعناوين الصحف الحزينة
وارتجلت قصيدة عمودية فى رثاء من عاشوا
كعادتى أثرثر كثيراً :
عن النساء ، وأشعار " رامبو " و " بودلير " و " العقد الاجتماعى "
ـ كنتَ
خارجاً
من كتب البراءة .
* ( أحلام )
* جسدٌ على الصحراء ينمو
قلت هذى الظلمة انقشعت
ولاحت فى الرمال خطىً
فتابعت الخطى
ألفاً من الأعوام ..
ـ مَنْ .. ؟
* خلق بدائيون ينحدرون من أعلى
خلال الضوءِ ينتعلون دنيانا
فنصحو حولنا الحَلفَاءُ
والغجرُ المقيمونَ اختفوا
ظلت طواطمهم تراقصُ فى الندى أطفالنا .
* ضوءٌ لأوله انفلات فى المدى
تأويله : بحرٌ
وناسٌ غير عاديين يرتحلون فى صمت
هم انطلقوا بطوطمهم
وجابوا الصخر بالوادى فمذ عبروا
لهم فى القلب ميعادُ
( سلاماً أيها البحر
السلام عليك يوم ولدت
سوف نكون فى حالٍ
فما عدتَ الذى ألقاه فى نومى )
* مدنٌ هى البحر الذى جئناه
قلنا يا بلاد افتحى
فتحت وقالت :
أنتم الأعلونَ
ألقت ظلها
فتسربت مدنُ الرمالِ
وأيقظتْ
حيتانها
* لغة
يغادرها الكلامُ وتفقد الينبوع
ما بين ارتحالِ الضوءِ والإظلام
مشنقةٌ تقام .
* لغةٌ
حبالُ حروفها مدت .
* لغةٌ
وينسرب الكلام
فى الليلِ فى الإيقاعِ فى النهرِ الإله
فهل اتحادك بى سدى وهل ابتلاؤك لى حياه ؟!!
* نجوى ألامسُ جرحها
فتلوذ بالصمتِ الكثيفْ
كى لا أرى الدمع المراوغ
فى مداه جنت الأشجار والخلق انمحوا
ورأيتها
ترتاد فى الصحو المدائن والقرى
وتنام ضاحكة النزيفْ .
* صعدت مياهُ البحرِ واشتعلت سماءْ
والروح طيرٌ شاردٌ يهوى على ورق الدماء
وتدفق المرجانُ فى مرجانِ روحى
وجهها نخلٌ وميمٌ تملك الأشياء
وانثالت مياهُ الخلق منها واشتعلْ
وطنٌ تدفق من يدىَّ إلى يديها واكتملْ
بدر تألق فى عيون الجائعين
ودخلت ضوءً
مازج الروح السلام
يا نهدها المنساب كم عانقت روحى فى الظلام
صلى إليك البحر وانسربت تهاويلُ المنام
من عابدٌ إلاىَ ما أشهى الكلام
فى الصمت يا لغة الكلام .
* ( جسد يحمله البحر )
لتلك الجزيرة روح تهدج روحى على اليابسة
على حجرها تستريح قناديلُ فضيةٍ وسَّدتها الرياحُ سريرَ الأمان
وعشبٌ تقرُّ فراشاته فى انفساح السديم إلى أبدِ الآبدين
وحقلٌ من الموج وامرأة جالسة .
هى المنتدى بعد نوم الهواجس والكائنات ، فمركبة النوم فى أعين الخلق
ألقت سلالَ المحبةِ هاتفةً فى الثبات الجميل : انسلخ عن مرايا
الرياءِ النهارىّ واصبغْ مياه الظلام بروحى النبيلة :
سطحُ اندهاشى يمام يفر من الأمسيات السراب
أمانٌ جناحاه فوق المدى يُدخل المستحيل دوائر حلمى
وينسحق الانتظار
سماءٌ طفولية السمت تنسج نارَ الحضور وتجدلُ فى الأفق
أزمنةَ الإنطلاق البرئ :
نجئ بذاكرتينا انبجاس مياه التكون والحب يومئذٍ شجرٌ طالعٌ
تتدفق فى رئتيه الطيور
فتحنا بلاد الزبرجد ـ كانت مدائنها فى اشتعال بجفنى ـ يا امرأة الضوء
تاريخنا انفرطت لؤلؤات ذكورته مدلج فى انبهار وآتية للزمان
السعيد خيولٌ مجنحةٌ تستعيد المروج ..
غصون من اللازورد الموَرَّق عند احتضار المسافة بينى وبينك
والكائنات فرشن أهازيجَ صمتٍ خطاه الحقول الوسيعة
طقس المحبة يبتدئ الخلق ، سربُ اللغات قطوف على شجر السنديان
المسافات لغو يبدده الاتحاد
مياه وليست مياهاً ويحملنا البحر
ليس اختلالاً بعين الرؤى بل هو الإنطلاق الوجودى يخلق كونا
لمن فى الفضاء الهيولى منفرداً
سابحاً فى
السديم
أنا أرشق الصحراء بسهم الحياة ؛ تفيض هوى
يتفجر فيها النبات
فيا صحراء ضممتُ مياهى إليك وقلت :
أنا النيل
مجراى .. مجراك
فيك البنات ارتمين على ظهرهن
أطلت سماء
وعشبٌ نما فوق أرض الجزيرة وانتبه الصخر ،
إنى امتدادُ البدايات فى أيك غربتنا والنهايات
دلتاى تمتدُّ من أضلعى
ويحدثك الماء والضوء :
لى سجدَ الطير
قلتِ :
أنا الصحراءُ لى الأزل امتد تحت جناحى
ونمتُ
أنا أولُ الخلق طراً وآخرهم
والطيورُ التى هجرتنى تؤوب
ولى سطوةُ النارِ
فادنُ ..
تكاثرت الطير .. ها إننى داخل فى الشروق ومنبعث من رمادى
محيط بى البحر :
نسرٌ على قمة الحلم اشتعلت فى قوادمه الريح
ألقى الينابيع للشمس والرمل وانطلقت
من جوانحه المستحيلات
أصطحب الشمسَ حين يجنُّ الظلامُ وأكتب للموج سيرتها
يكتبُ الموج سيرتها للشواطئ
تصحو الشواطئُ لابسةً حلمِىَ
انفرطت يابساتٌ
نجومٌ أرقن ..
تكاثرت الطيرُ والسنبلاتُ وعيناى ملء الفضاء
أراها مضمخةً بالعبير ،
عشقت التفاتتها ، ضوؤها يستريح بكفى
ضفائرها كالخيول تقاطرن من بعد خيل الفتوحات
أنتبهُ
انفرطَ
السوسنُ
المتشظى الخرافى
وانهمرَ الصمتُ
لا هى باحت
ولا أنا بحت .
* ( خمس أغنيات لشمس )
(1)
هى ذى الشمس تبدت ثانيةً
تشهقُ حين القمر يكمل دورته
فتحنُّ إلى جسدٍ يتحدَّر منه النسلُ
فتسَّاقط أنهاراً
تبقى فوق جبالِ البحر صدىً يسمعه البحارون ،
ويهتف رملُ الواحات :
هو ذا الخالقُ أيقظ فينا ألفَ شراع .
(2)
هى ذى سكنٌ
كلُّ قبيلٍ خلفَ امرأةٍ ـ شمسُ الله الأولى ـ
تنسكبُ الألوانُ فرادَى نحو فضاءِ الله
وتأخذ هيأَتها
تخضرُّ طيورُ الأرضِ وتسألُ :
أىُّ جبالٍ نصعد أىُّ سحابٍ نرقى ؟!
(3)
يا واحد هذا العالم :
شمس واحدة كانت كل الأجساد
غوايتها
وأنا من كل الأجساد .
(4)
وهى المخلوقُ الخالقُ من ريشته الأضواء
الشجرُ العائدُ
ينتفض /
تطلق من رئتيه المطرَ لألف من أعوام
هدأت /
( تلك تضاريسى تتحسسها )
(5)
العرق المالح سيد هذا العالم /
هذى الضجة فى قمم جبال البحر /
( تهشـ ….
ـمت اللـ ….
ـغة ) /
رجال تهتف تحت الماء :
يابسة أخرى !!
* ( الصيف السابع )
أى جبالٍ نصعد ولأى سحاب نرقى
ولأى مفازات تأخذنا هذى المرأة ؟
كانت إذ ضاجعها البحر تزغرد نشوى
فتهل طيور النورس عبر الأبعاد تحط على سرتها
وتقوم طيور أخرى لا شكل لها
وتحيط الدلتا
فتهز العرشَ وتُفقد كلَّ الواحات بكارتها كانت تمزج كونا داخلنا بالكون المفتوح
فنبكى النخل وأشجارا عائدة توا من أرض لا توجد
هل هذا النهر نهايتها …؟
فى الصيف نعودُ إلى البحرِ نقول : أبانا
هل ترسلُ قمراً آخر ؟ .. قمراً يأتى بالأسماكِ المتكلمةِ العجلى
فى الصيف السابعٍ أكملنا هيئَتنا
وركبنا أولَ إشعاع نحو امرأة .. أعرفها
سلمت فقالت : ياولد يأتى قبل الموعد فات الميعاد ،
النهر يغيِّر مجراه فلا تتبعنا
طارت كلُّ طيور النورس ، لم أسألها
كانت لغتى عاجزةً أن تفهمها
أنَّا البناؤون وأنَّا نبنى مدنا … نهدمها
نضرب فى التيه ، ونبحث عن
شمس
أخرى .
* ( هـالة )
لها آخر الضوء
ما يتبقى طيوراً على حافةِ القلب
تنهمرُ الساعةَ ، الدفءُ يخرج من بابه
اتسعت ساحة الوقتِ للأمنيات ، وعششَ فيها النهار
لإيقاعه اخضرت الأرض وسط حقول النجوم .
أنا كلما استيقظَ القلبُ رحت أعد المدارات أسأل :
أىُّ مدارٍ يقودُ خطايا إلى وجهها ..
أيهذا البريق على سغب نبدأ السير نكتشف الرحلة
المشتهاةَ إلى قلبها
علَّها
تطلع الشمسَ فى الليل
هل علمتْ
أننى عاشق لا يبارى ولا يجهل الحب كيف يكون ،
وكيف يقود إلى منبع
تستحم العصافير فيه فتلبس صوتى ..
أنا عاشق الضوء ياهالة :
الضوء أتبعه راكضا فى السحاب إلى القمر الأخضر ،
امتزجت هالة الضوء بى ، هكذا عشبنا يرتدى الضوء ،
ما باله القمر انشق عن لهب واعتراه الذبول
أينزل للأرض منطفئا وهى بين يدى
تفح وتشهق أنفاسها … ؟!
………………….
…………………
هالة اشتعلت ذاكرة
لها الضوء آخر ما يتبقى .
* ( اكتمال الدائرة )
توصد نافذة النوم وتتركنى مع نجم من آخر مدن الدنيا
يصطاد الضوء الغارق فى النهر
الأسماك الفضية فى القاع تراقص أهدابى
شجر يتدلى مدهوشا يحلم فى أفراس النهر
ووجه
يخضر على الماء نقاطا شفت عن مدنٍ طُمرت
فى الواحات
العرش الملكى الخاوى تحمله الأمواجُ
" الكازينو " الغارق فى النهر أرائِكَهُ ازدحمت
فى آخر ميعادٍ قالت :
" لن تتركنى بين الأصداف "
تناولنا كأسيْن اثنيْن على عجلٍ ونزلنا فى النهر
الباب الملكى الموصد ينفتحُ
الأسماك الفضية تحمل خمراً وسريراً
يتحول رمل القاع مروجا خضراء
وترمقنى
امرأة تحت جدائلها ثعبان يلتف
تحل إزارى تتشمم ورد العرق وتجهش باكية :
لست هو …
أقسمُ بالماء وبالقاع وسائر آلهة الدنيا
ما ازددت يقينا إلا الآن
المرأةُ فى المائدة الأخرى
هل تعرفنى .. ؟
فى عينيها مدن طمرت فى الواحات
أكادُ أسائلها :
هل أنتِ ...
لكن امرأة أخرى ترمقنى
مع نجم من آخر مدن الدنيا يبصق ضحكته فى النهر
الأسماك الفضية تتلاشى
العرش الملكى الخاوى تحمله الأمواج المنطفئة
أبصر فى مائدتى خمس نساء
أى امرأة منهن هى … ؟
تهمسُ إحداهن : هو ..
وتسائلنى :
من كتب التاريخ أتيت … ؟
الشجرُ السابح فى عينيها تتدفق فى
رئتيه طيورٌ بيضٌ
وبلادٌ كل ملامحها طُمرت فى الواحات
" الكازينو " الغارقُ يتلاشى
فى آخر ميعادٍ قالت :
" لن تتركنى ….
* ( متفرقاتٌ ..
للشمسِ والريح )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طيور الحجر
الهواءُ القديمُ استراحْ
أراه بأعلى النوافذِ
يكتب شعرا إلى الأقحوانْ
فمزقت روحى
وقلتُ :
إلهى القديم
تباركت
إيقاعك الرخوىُّ استباحَ القصيد
فمالت طيورى على السنديان
فعولن فعول ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دائرية الضوء والمستحيل
إلى صلاح والى
الصباح الفراش على سرة البحر يمضى وأنا بنفسجة تحلم باقتراب الشعاع ترى عبر نهر المسافة أعبر فى الزرقة الحالمة / البلا د الممالك تنساب مرجا ، نجوم بكفى تنقر جنية الضوء تشدو انبهارا بأشعة فى مرايا المغيب / الجسد امتلاء بنار الشروق الصباح الفراش مدائن من عنبر المستحيل ، ويقبل يفتح فى البحر بابا لمدينة أدخل أفقها الأرجوانى مستسلما لامرأة تفض على العرش بكارتى تنقش بالرصاص اسمها تسقنى خمرة المستحيل .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أغنية
قهوتى مرةٌ والسماء انفتحت بقايا من الشجن المستطيل
ثَمَّ أغنيةٌ :
" للتلال التى غنت الشمس مرقدنا "
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقش
ليس فى وجهها شجرا غامضا كل أشجارها فضة تستعير السموات أثوابها ترتدى البهجة ، تنبلج النهارات فى الزرقة لا ترى غير طير من الضوء يشرب أوراقها والصبايا الجميلات يفترشن سجادة الضحك استنفرت عصب العشب واشتعلت فى الفضاء المدارات
ليست سوى ضحكة واحدة لبنت " الأرابسك " تلمع فوق جدار
" أبى سنبل "
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بداية
ليست تلال الروح متكئ
إذن ..
فيم اشتعالى فى المدائن ليست
الأشجار أتبعها إذن .. !
فالأرض حائضة بلا جسد سوى
عشب الرياح لقاحها ينسل فى جسدى
ألا يا بحرها اصطفت عرائسُنا على شبق نجوما
( هل يرى النسل البدائى الذى ينساب بين سنابك الحلفاء والرمل العصى )
وأرخت كتبَ السماء وأومضت فى الأفق
لاح الضوءُ للنسلِ البدائى البحر منتظر
إذن
هذا العراك بدايةٌ …
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حالة أولى للجسد
القناديل فى الليل مطفأة ؟! أم ترانى إلى الماء أهوى بذاكرتى ، أحمل الضوء نبعا من الصور المشتهاة وأنتظر الشاطئ فى القصيد ؟! /
الأساطير من جسدى تبدأ دورة الانبلاج الأخيرة ، تسرى
مياه الصباح إلى الشجر الأخضر يكتب الجسد الليل ويكشف الأبدا
معه … لم أكن فى المفازات ولم أكن ……
كنت نيلا يتلون فيه إيقاع روحى بلون البرارى / الرؤى المستحيلة
للولد الأفعوان …………. أنا
أول المنتمين مع العشب والماء منفردا
معه ..
تشرق الشمس لنا تتخلل اللغة الجسدا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رباعيتان لليل والنهار
مشعل بالمروجْ
فى يدى ألف نهر وبحيرة للجحيم
وأرى وردة فى السديمْ
فامنحينى الولوجَ امنحينى الولوج
مشعل بالمروجْ
فى يدى ألف نهر وبحيْرة للجحيم
وأرى وردة فى السديمْ
تجذب الأرض من أردية الثلوج
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأصدقاء القدامى
ينسربون فى قدحى أصدقائى الذين اشتعلوا وهم يرقصون فأهتف : أيتها الريح لا ينبغى الآن أن يهدأوا
الأصدقاء القدامى ..
يجيئون كل مساء نقول كلاما كثيرا عن الغرفة الداخلية عن أول ليلة ينتصب الذى لا نسميه ويدخل فى التى لا تسمى
فنشهق
لكننا
آخر الليل
نمضى
وجوها
تنفسها الهواء .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القصيدة
كونٌ ومزولةٌ
لها ألفٌ من الأعوام
ما كتبتْ
ولا جفَّ المداد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتظار
ماذا على
لو أشرقت شمس
شمس لبيس يبصرها سواى
.ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أغنية الريح
تذكرنى الريحْ
وجها يطلع فوق الأرض
نجوماً ومصابيحْ
لامرأةٍ تغزل وجهَ الشمسْ
أبنى مدنى فوق البحر .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مدى
راحتى شجر والبلاد التى اساقطت
بين كفى مدى شبقى
إذن المياه التى للرياحين كهفا
وللأغنيات صدى ،
سبعة من بحار
ولؤلؤة فى جوارى .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نورس مشتعل
شربت قهوتها رأت فى البقايا دمَه وقاتلَه وتراءى لها نورس مشتعل
أمسكت الهواء ولم تلق شئ
نستطيع البقاء على متْن ريحٍ وضوء
………………………
( لم تكن تعلم أنَّ خنجرَها اخترق القلبَ والرئتيْن )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ينزلون فرادى
بعضُ عشاقِها رحلوا
فى سكونِ المساء رأيتهم
كانسياب الصباحِ إلى وردة
ينزلون فرادَى
إذا الليلُ أيقظهم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طيور
تذكر الريحُ آخرُ ما تتعشقه
الكائناتُ
طيوراً معلقةً بانتصاف المحيطِ
وطالعةً من كلامِ المياه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رحيل
هذه الإنسيابات بين العظام / دبيب الرمالِ على
صخرةٍ / صوت ريحٍ على وجهِ ماءٍ /
سيعدلُ قامته بعد هنيهةٍ / تشرق الشمسُ عليه
يسعى لأليفةٍ / يملأ الأرضَ نسلاً ،
وينظر أحفادَه :
هؤلاء المساكين كيف ابتنوا أول خيمةٍ ،
واستطابوا الرياح
لقد قلتُ ما ينبغى …… يرسلُ /
زفرةً /
يرحلً /
يتركُ آثارهُ فى الرمال //
المحتوى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) اعتراف ....................................
(2) عودة ....................................
(3) دوامة النورس ..........................
(4) الموتى ....................................
(5) أحلام ....................................
(6) جسد يحمله البحر .............................
(7) خمس أغنيات لشمس .........................
(8) الصيف السابع ..............................
(9) هالة ....................................
(10) اكتمال الدائرة ...............................
متفرقات
(1) طيور الحجر ................................
(2) دائرية الضوء والمستحيل ................
(3) أغنية ....................................
(4) نقش ....................................
(5) بداية ....................................
(6) حالة أولى للجسد .............................
(7) رباعيتان لليل والنهار .......................
(8) الأصدقاء القدامى ...........................
(9) القصيدة ....................................
(10) انتظار ....................................
(11) أغنية الريح .................................
(12) مدى ............……………………………………
(13) نورس مشتعل ..............................
(14) ينزلون فرادى ..............................
(15) طيور ....................................
(16) رحيل ....................................
هامش :
( هى نار ليست كالنيران ، وأنت تدخل فيها ولا تخرج
كما ولدتك أمك .. مبرأ من كل عيب ..
لا تحمل إرثاً ولا عائلة ..
أنت لا تبحث عن أحد ، كما أن لا أحد ..
يبحث عنك
هل تحلم بكل ما سبق ، وتطارد ميراثك
هل أنت آخر الخونة ؟ )
هذا المقطع ضمنته فصل المشاهد كلها
************************
من بداياتى
أعتقد أننى كتبت هذا الديوان فى الفترة من ١٩٨٥ - حتى ١٩٩٠ وفى نفس الفترة كتبت عدة دواوين أخرى عمودية وتفعيلية.