ميدان التحرير الذي نحتاجه في كل قطر عربي

تعتبر ثورة 25 يناير حلقة من مسلسل حراك الربيع العربي ، التي أطاحت بشرذمة من الحكام الظلمة ، صنعت احداثها في ميدان التحرير بقلب قاهرة المعز .. و سرقتها عصابة الاخوان ، التي نزلت بكل ترسانتها الاعلامية والدعائية الشعبوية المتباكية، وحشدت لها جيوشا من المدونين الذين أرخوا لها بيوميات اتسمت بوافر من التهويل والمكر والخداع والغرابة. واستغلال الخرافة والرموز الدينية للتأثير في المتخيل الشعبي، وايهام المتظاهرين بحضور الملاك جبرائيل للصلوات ومشاركة الملائكة في مؤازرة المتظاهرين وأشياء أخرى لا يكاد يقبلها العقل ولا تطابق المعقول، مما حول تلك اليوميات الى تحفة سردية غاية في الطرافة والفكاهة والتخييل.. وتدخل ضمن اللعب بالعقول والحيل والدهاء الديني الذي يستخدمه الاخوان معززا بالخطاب الشعبوي ، والبكاء والزعيق والدموع والمسكنة ابتداء من هرطقة القرضاوي وتباكي صفوت حجازي و أكاذيب باقي الدعاة الأفاكين ، إلى خطابات أحمد منصور واثير الجزيرة التي سخرت اعلامها لمناصرة الاخوان

وقد حاولت تلك اليوميات في تلك الظرفية الحرجة من تارخ مصر التي ما مر عام بها من دون تسلط حكم العسكر وبطشهم وجبروتهم .. ولا مرت مناسبة من دون تحرك الاخوان وانتعاش أطماعهم الضيقة وجشعهم وحقدهم ، وخبث نواياهم التي يعافرون من اجل دهنها بماء السياسة العكر والطين لا يفوتون فرصة من دون تلويث سمعة مصر وقتل المفكرين والمعارضين وجر مصر الى الفتنة والتطرف
ابتدأ سطوع نجم الاخوان ، وهوى مجدهم الزائف الذي لم يدم سوى سنة بائسة من ميدان التحرير بقلب قاهرة المعز ، الذي يعد شاهدا ورمزا للثورة والانعتاق والحرية وعزة الشعب المصري العريق الذي يشهد التاريخ الانساني منذ القدم على كبرياء فلاحيه وانتفاضتهم بوجه الاستعباد والاستغلال والاستبداد
ولقد برهن الشعب المصري - على غرار الشعب التونسي - بتشاكل فئاته وشرائحه الدينية والجنسية والاثنية والعمرية والطبقية على تماسك صفوفه ونضجه الايديولوجي وثباته وايمانه بعدالة قضيته النضالية، صفات ومواقف تكتيكية تماثل نضج الانتفاضات التاريخية الكبرى ابان الثورة الفرنسية وكومونة باريس وثورة ماي 68، وثورة عرابي، وتعيد صياغتها بحسن نيتها وتنظيمها وانخراط الشباب الواعي بثقة فيها، وتصميمهم الاكيد على المضي الى اخر المشوار بالنضال الجماهيري الموحد، بانتفاء الحزازات والتباينات العقائدية والفكرية، وبتنوع مظاهر وتباين صيغ الاحتجاج ضد القمع والترهيب والفساد، مستعينين بكل اليات التعبير من شعر وحلقيات ومسرح وغناء ورسم وبالحجارة والهراوات والشعارات لاسقاط نظام فاشي ظالم وكاذب جثم على قلوبهم لمدة ثلاثين سنة وكاد ان يستغفلهم لتوريث الحكم لجروه..
من الاشياء الجميلة والمثيرة للدهشة هو المشاركة الرائعة والمنقطعة النظير للمراة المصرية الى جانب الثوار، يهيئن الشاي الساخن، يوزعن المياه والفطائر والاكلات السريعة، يكنسن الساحة، ويشاركن في الشعارات الثورية، وفي امداد المتظاهرين بالبطانيات والاسعافات الاولية، والانخراط الكلي في الحياة اليومية للميدان، نساء يصدق فيهن بيت ابي الطيب المتنبي الشهير..
والمتتبع لكرونولوجيا احداث ميدان التحرير من خلال يوميات وشهادات الذين عايشوا تلك الاحداث وطرزوها بالدم والروح والاقدام وبالتصميم على التغيير وقهر المفسدين واذلالهم.. صنعون التاريخ مجددا من أجل مصر حرة ومتحررة من كل تبعية ، شعارها الأكيد
لا لحكم وجبروت العسكر
لا لأطماع ومكر عصابة الاخوان


نقوس المهدي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى