رشا بكر - رفيق

"في الصباح احزم أمتعتك وارحل".. تراودني فكرة واحدة تخمش بقدم نسر في أكوام أفكاري.. الابتعاد عن هذه القفار.. "احزم أمتعتك وارحل".. على قارب من قوارب الموت "ارحل" لا يهم تهتز في رأسي كبندول الساعة، قال أبي: "ارحل"، وكذلك خالي العجوز محني القامة، وهو يستند بيد على الجدران في ظلمة الليل الحالك، يدا بكيا بها على كبد السماء، ويدا تمسح على جبينه الأجعد "ارحل ربما تعيش هانئاً ".. ولكن أمي متململة قالت مستميتة على صدري باكية كعادتها: "لا .. يا ولدي لا ترحل"!

الليل يتوارى.. هبَّت أنسام الرحيل بللت جبهتي القبلية الناصعة.. أصارع العشب النافر من الأرض، يلطم وجهي في تبرم وعناد، اللطمات المسددة لوجهي حافز يثير لديَّ الرغبة أكثر في الرحيل وأكثر.. تزيد رغائبي كلما اشتدت تضاعيف الألم.

مضيت.. وخلعت عاداتي البربرية وعلقتها على جبال جريرة لم أجرها خلفي.. حقول نخيل وأعناب وزيتون خضر وبيض، تكاثفت ظلمة الجهل خلفي حيث احترقت الأماني والأحلام .. تركتها عبر الحقول الممتدة على مسافة واسعة، في آخر ساعات الليل لم أكن اسمع سوى صوت سكان الأرض صراصير الحقول، نقيق ضفادع، ولمحت في البعيد شخصا يقف على قدر كاف من الثبات، مال كالسكران للأمام.. ثم للخلف وظل يهتز كان الضباب يتخلل ذراعيه، فبدا أنه هو الذي يحركه أو يتلاعب به، وظل يتبعني بناظريه، فجريت كما لم أجر من قبل، وحينما ابتعدت نظرت خلفي متمعنا فوجدته لم يكن سوى خيال مآتة يهش الغربان.

أسرعت السير مصمما.. تنادني أصوات.. "عد".. وأصوات أخرى تحدثني أن أستمر.

جلست على الأرض دقائق أعد أشيائي.. هذه أوراق ومداد، ثلاث سيجارات بلا علبة، وأصدقائي المحبوسون داخل الصور.. وصورتها الصغيرة.. وضعت يدي على قلبي.. هنا كانت تسكن تلك الخائنة، وآليتها برعاية مطردة وإخلاص لا يكلّ، تركتني ولم تبر بوعدها، بل عايرتني بفقري وباعت روحها لرجل يكبرها بعشرين عاما، مدعية أنه سيوفر لها الحماية والأمان أكثر مني.. مزقت صورتها.. سأرحل.. ومزقت صور الفتيات اللاتي عرفت بعدها.. وانتصرت عليها في معارك ضد بني جنسها.. حواء.. أنا الفتى الوسيم الحاذق.. لا أنهزم.. عاهدت نفسي ألا أحب مرة أخرى.. لن يجرح قلبي مجددا.. سأنتزع حقي وأرحل وسأستمر.

ذبح نور الصبح عنق السماء.. فتساقطت قطرات ضوء النهار الدامية على الغابات.. على الحقل من بعيد.. على اليمين الجبل الشاهق يجثم فوق رأسه قصر الرجل الثري، كنت أظن هذا البلد لي عندما كان رأسي فارغا كالجرة.. لم أكن أعلم أن الحياة شقاء محتم.. لم يعد في هذا المكان أحدا يبتسم.. التجار وقد خبأوا ابتساماتهم في الخزائن وأحكموا الغلق.. لم يبتسم أحد لي سوى حارس الميناء الذي أسلمته أمري.. أعيش أو أموت لم يعد هذا الأمر يشغل قلبي فقط أردت الرحيل كان الحارس جسده عملاقًا.. ماردًا.. أنفه يلتهم وجهه.. ووجهه يلتهمني متفرِّسًا.. نفث داخن سيجارته في وجهي ثم أطلع على الأوراق ماطًّا فمه.. "إمم.. رفيق".

- نعم

ونبتت ابتسامة أخرى من السم سالت على شفتيه.

- أتعرف ما يتوجب عليكَ قوله عند الوصول؟ لا تذكر اسمك الحقيقي مفهوم ؟

- وان أمسكت بي السُلطات لن اذكر اسمك .. اعرف ..اعرف .. وفهمت.

دهس عُقب سيجارته تحت قدمه في حركة آلية

- لماذا تريد الرحيل؟

- لا أريد تقديم كشف حساب عن مصاعب الحياة وأسباب الرحيل.

- ألا تخاف الموت غرقا على تلك القوارب ؟

..إممم.. لا جواب محدد.. إذا لا مانع.. ارحل.. فلدينا أناس أكثر من الهم في البلاد.. فماذا سيحدث إذا قلُّوا؟ رحلوا إلى بلد أخر أو ماتوا؟ إن هذا أفضل.

نفحته دراهم رد لي الأوراق وأشار إلى مكان خرب على رصيف الميناء بلا سقف انتظرت فيه مع المنتظرين وهز رأسه باستهزاء ينظر لي .. قال بسخرية متوحشة: "ارحل.. فهذا أفضل لنا.. دع الزحام يخف.. ههههه.. رفيق يرحل باحث عن رفيقة شقراء".. وتعالت قهقهاته المرعبة كشيطان طلع لتوه من جُبّ سحيق.

كانت بجواري شخوص من كل الأعمار أرادو الرحيل نظر بعضهم إلى بعض في وجوم وصرخ أحدهم باكيا مخاطبا مراكب الموت بلهجته الجزائرية باحثا عن إخوته الذين رحلوا عليها بالأمس: "يا مركب الموت وين الخاوه اللي ديتي البارح"

ربما هربوا من فاقة من جوع لطعام من جوع لحب كلنا كنا ننتظر قوارب الموت .. الموت حقا سيحدث من هنا يتهم فأنا الميت وإن غرقت، وانا الميت وإن نجوت،عند وصولي سالما فسأكون المقتول بسيف غربتي مرات فائز مهزوم خاسر منتصر لا يهم هل انا خائف .. لا يهم شعرت مؤخرا أن دقات قلبي صارت تنبض بلا أحساس، أعيش بلا حياة لا أبالي

جلست منتظرًا وشردت ببصري.. فتنهدت وأسندت رأسي للحائط خلفي، فنمت، وليت وجهتي للغرب تاركًا خلفي العشب الذي دفنت فيه حفنة من وميضات الذكريات.. تسللت من تحت باب حديدي ثقيل لكوخ ذي واجهات بيضاء.. شاطرت فيه أهلي الأفراح والأتراح.. ستة عشر عامًا أدرس.. وأدركت أخيرًا أنني أدور في حلقة مفرغة.. حبيس جدران من الرمال تتكاثف طوابقها المرصوصة بعناية وإتقان.. حولي وفوقي.. تعلو وتعلو بمرور الوقت، فإذا قاومتها بنبشة من ظفر واحد فلسوف تنهار فوقي.. أنا خائف ؟.. لا أنا فطن.

****************************************************

سفينة رحلتي أقلعت مطلقة صافرتين قاسيتين.. واحتكَّت مقدمتها برصيف الميناء.. وابتعدت وانكمشت.. هل خائف كنت أنا؟ فضحكت البر صار كحصوة في البعيد.. تركته كي أسترجع كرامتي وامتيازاتي.. شاغلتني الشقراء في حكايات المغتربين الذين سبقوني ورحلوا.. حينما يأتوا لزيارة البلاد يُحكى انهم يعيشون هناك حياة هانئة وسعيدة.

كانت الرياح تداعب خد سفينتي بلطف كنغمة تتداعب وترًا في لحن بديع.. دبرت قلمي وأوراق وكتبت.. وكلما انتهيت من ملء أوراقي أحتفظ بإحداها وأترك الأخرى من نصيب الريح.. على سطح الأمواج الصغيرة تطفو الأوراق بلا إرادة.. ماذا أقول.. وددت لو أن البحر قافيتي والغيم محبرتي والأفق أشعاري.. الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم.. المجد للسيف ليس المجد للقلم.. سأكون ثعبانا ضاريا.. وكانت خطتي.. "سأحطم عشر نساء في شهر.. يضحين بأنفسهن كليا على مذبح وسامتي.. وسأوطد مكانتي الاجتماعية هناك بصرامة".

وسطع نور فجأة من شدته تخلل مآقي.. أغمضت عيني ورفعت يدي متفاديا سطوعه الذي كاد أن يأخذ بصري.. حاولت الهروب منها.. لكن هذا النور كان يخترقني.. ولما غاب قليلًا وجدتها.. لم تك سمراء ولا بيضاء.. لكنها كانت ذات بريق مشع.. تلمع كنجمة.. شعر بديع.. قوام لا نحيف ولا سمين، كانت لؤلؤتا عينيها اللوزيتان ذهبيتين.. أهدابها طوال تكاد أن تلامس حاجبيها البديعين، على كرسي جالسة تقرأ.. أصابعها رائعة.. تقلب الصفحة تلو الأخرى في رقة.

- سلاما..

ولم تجب.

- سلاما..

نظرت ولم تهتم.

أخرجت تفاحة من حقيبة بجوارها ونظرت لي ثم دحرجتها على الأرض.. وقالت:

- اسعَ..

يا لها من ندٍّ.. !

فسعيت وراءها.. لكن تفاحتها جرت وعند حافة السفينة قررت الانتحار، قلت: "لا بأس إن لم أدرك تفاحتك يا حواء.. فلديَّ واحدة مخلوقة في عنقي".. والتفتُّ فلم أجدها.. قامت.. هربت.. اختبأت مني.. درت حول نفسي دورتين.. ورأسي لف معي سبعة آلاف لفة، عطرها متسرب على الأرض.. على المقاعد حولي.. حول جسدي.. يحتضنني.. تغلَّبت في قلبي شهوة أن اقتفي أثرها.. أثير عطرها غامض.. مفعم.. يُسكر.. يصعب تحديد مصدره.. "أين أنتِ؟"

وتغوَّل في نفسي إصرار.. واستبسلت بحثًا.. ركضت متحديًا.. هرولت.. نزلت.. طلعت.. نبحت.. عويت.. أنادي.. سيَّرت طائرًا.. لا أسمع.. لا أرى.. تعثرت.. نهضت أئن.. كدت أجن.. أعلو وأهبط.. "ماذا تظنين نفسك أيا هيسيتا .. أيا إيزا..." ثم.. ثم هدأتُ.. واستكنتُ.. فوجدتها بجواري منتصرة.. صكت وجهي بضحكات مشرقة..

نصف وجهها تماما كنصف وجهي.. نصف شرقي يقف على حافة مبادئ متحجِّرة يبحث عن الهرب .. ونصف غربي متطلع وفاجر يبحث عن الحقيقة.

.. ولكن...

على أي حال.. فهي واحدة من معشر النساء.. وأنا المهزوم في بطولات الحياة.. لكني في معارك النزوات دومًا أنا المنتصر..

أنا الذي لا يقنع بشم الوردة.. بل مولع بتفجير ميسمها..

همسَتْ:

- من أنت؟

- أنا شبح يهيم ما بين أغلال وأسوار.

- وما اسمك؟

- رفيق.

- وأنت؟

- بنت فجر جميلة.. ولا يشبهني أحد.

- تعجبينني.

- هل تحب التطلع والاكتشاف؟

- قليلا ..إلى أين وجهتكِ؟

- عَينَاك بريئتان يا رفيق.

- هل لديكِ مانع من تناول العشاء معي؟

- لا أعتقد.

- اممم .. حسناً ..أتجيدين الرقص؟

- تانجو؟

- لا.. الرقص الشرقي وهز البطن؟

- يبدوا أنك تعرف أشياء عن فلسفة الذرائع؟

- شفتاك.. عيناك.. يداك...

- هل تعتقد بوجود سكان على كواكب أخرى؟

- فستانك جذاب ومثير.

- أنا أحب القراءات التاريخية.

- وأنا أحب النساء.

- هل تعشق السفر والاستكشاف؟

- نعم.. عرفت أنك حاذقة.. عموما إن هذا لا يهمني.

- هل تعرفت عن عادات الناس في بلدان الإغريق والصين وتاريخ الفرس؟

- نهداك نافران.. و.. اسمعي...

- ماذا ؟

- أنا لن أُلزِمك بالإخلاص لي يا صغيرتي.. اطمئني.. فأنا رجل لا أتمسك بضحايا عواطفي، أطردهن حينما أملّ.

- ماذا تقصد يا...؟ أنت... ااا

فقبل أن تنهي جملتها مددت يدي لأسرق من ثمار أنوثتها قطفات، فصفعت وجهي بنظراتها الحادة، تبرق وتصعق، قلت متصنعًا اللامبالاة:

- لا أخاف من شراسة الحسناوات

- تأدَّب يا رجل.. أين عقلك؟

- إمم.. لا تدَّعي الشرف يا أجنس.. فكلكن خلقتن لإمتاع الرجال اشغلي نفسك برحلة تسعدين بيها وتُسعدين شابا فتيا مثلي ولبي نداء الطبيعة.

- والله.. ألا تخشى عقابه؟

- الله وحده العليم بما سأفعله بك الآن.

كنت أحتضنها في وحشية، في حالة ضاع فيها عقلي، أشيح بيديها بعيدًا.

- ابتعد.. أنت كالحيوانات تماما.. حل عني.. أيها المتسفِّل.

- حيوان! هذه ليست طريقة السلوك السديدة معي يا.. حلوة.. أتعرفين أنك شهية كالغزلان؟ فاذهبي وسلي الغزالة لما التهمها الأسد فلن تجيبك.. أما الأسد إذا سألته سيجيب شامخًا في هياج مسعور: لتغذيني.. أنا الأمازيغي الذي غرس نصله في وديان النساء.. فانبثقت سيقانهن غابات من أشجار ونخيل تناطح السحاب، وسكبت في أخاديدهن من عبير الشهوة أنهارا.. فهيا.. هيا ولا تتدلي أكثر من هذا.

- أنت ضعيف .. حياتك هزمتك

عضضت على أصابعي من الغيظ وجذبتها بعنف محاولا اقتيادها إلى حجرتي.. فجربت الدفاع عن نفسها.. لكني أحكمت حلقتي حولها.. نظرات عينيها قويتان.. لا تُغتصب.. متحدية.. على شفتيها ابتسامات خبيثة تعلن عن انتصارها مرة أخرى.. فنحو السماء دارت عينيها غريزيا.


تبددت الصحوة بغيم استترت خلفه شمس ترتدي نقاب، هبت العاصفة رمادية عاتية.. هزيم الريح العاوي يحدق بي.. ومض البرق سدد ضرباته للسفينة.. دوى الرعد صاخبًا.. كدت أصم.. هزتنا أمواج تلامس السحاب، تأرجحت السفينة ودارت حول نفسها مرات بعنف تلطمها الأمواج .. فقدت توازنها وفقدت اتزاني.. تميل يمينا ويسارا ثملة الي أن شقت طريقها في فم البحرالهائج في فم البحر الجائع نغرق

- لماذا رحلت؟

فزعا اصطكت كلماتي متلعثمة:

- ربما هاربا من الحب باحثا عنه، خائفا منه.

لقد طردنا من رحمته وضاعت التفاحةا وضعنا أيضا.. رأيتني بين الموج الهائج مفزوعا لا أرض تحتي الموج صار قيدي وملحفتي .. الموج غدار الطوية لا يعطنا الخلاصة ابدا مترددا في حكمه على الغارق المتململ..هو يقرر من سيلفظه على الشاطيء ميتا ومن سيصفح عنه ويمنحه فرصة اخرى .. لا ضمان معه ولا كلمة له ولا عهد والبحر الملهم غاضب يكاد يبتلعني متعمدا.. يا ليته يلفظني.. لكني أغرق.. شخصان كنت أنا بين الحياة والموت.

ماذا كان يمثل البحر لأمثالي؟ لا أعرف منه سوى طبق من المحار والحبار، تركت بين رمال البيد أغنيتي.. وعند شاطئك المسحور أسماري.. لا أعلم عن عالم الأسماك إلا ألوانها وطبق الفيليه الذي شاهدتها ذات مرة، هاج الموج غاضبا مجددا متحيزا لسيده البحر ضدي.. قلاب يا قلب الموج.. انقلب على رأسي.

أنا أغرق.. والطير هاجر الأغصان شاحبة.. والورد أطرق يبكي عهد آذار.. يا بنت فجر.. أنا الزاهد.. أنا الضاري.. أنا المزدري لكل خلجة عطف.. بل أنا الحاني.. أنا التائب.. يا عالم الغيب ذنبي أنت تعرفه وأنت تعلم إعلاني.. وإسراري.

هل تراني قد أحببتك؟ "نعم أحببتك".. تسفَّلت معكِ يا دنيا هاربًا.. فلا أريد أن أذبح مرتين.. أفتقدك.. وأنا الذي أبحث عنك منذ زمن بعيد.. لا تذهبي.. وأدركيني.. إنهم من علموني أنه لا شيء يعيب الرجال فذهب حيائي، وهم من علموني أن الرجال لا تبكي.. "لماذا لا أبكي؟ ألست بشرا يشعر؟"

أنا أبكي.. وماذا سيجري إذا بكيت؟ أخفيت حبكم فأخفاني أسى.. حتى لعمري كدت عني أختفي.. يا إلهي.. أحببت لقياك.. حسن الظن يشفع لي.. أيرتجى العفو إلا عند غفار؟

من سكان العابرين كنت أنا.. ورغم ذلك لا أجيد العوم.. لا أعرف كيف تتخلل المياه إلى رئة الرمل.. واقف طول حياتي على شاطئ الحياة مكتفيا به.. يا بنت فجر.. يا رفيقة دربي.. لو لدي سوى عمري لقلت فدى عينيك أعماري.. "أين أنت؟ وإلى أين ذهبت؟ لا تتركيني.. أدركيني.. ردي.. أجيبيني".. أنا قوي.. اخترت الفرار.. وإن الموج يسحبني لأسفل.. أحاول الطفو.. شُلَّت إرادتي.. أين دقات قلبي؟ أين أنفاسي؟ أتسمعينني؟ إن سألوك فقولي: لم أبع قلمي.. ولم أدنِّس بسوق الزيف أفكاري.. وجَّهت وجهي إليك.. ألقى المشقة في اجتياز دروب الحياة.. ونفسي معلقة برغائب العيش.. "لماذا لم أحزم أمتعتي وأرحل إذا؟".. "ارحل".. هربت من القسوة ومن المشاعر المصابة بالجفاف.. هربت بعيدا أسوح في بلاد الناس باحثا عن قبلة الحب.

هل أنا الآن ميت؟ يا حبيبتي.. وإن مضيت فقولي: لم يكن بطلا.. لكنه لم يقبل جبهة العار.. إني منهك مهزوم.. يا لشماتة أعدائي.. ويا بلادا نذرت العمر زهرته لعزها.. دمت.. إني حان الآن إبحاري.. وأنت يا بنت فجر فسلاما.. سلاما.. أجيبيني.. أدركيني.. وإن لم تسمعيني فاقرئي كتبي فبين أورقها تلقاك أخباري.. وقولي: لم يكن بطلا.. وكان يمزج أطوارا بأطوار.. أنا غارق.. أنا عاشق.. سلاما.. سلاما.. فلم تجب.

فتحت عيني على صوت حارس الميناء المزعج.. "قم.. القارب يمتلىء برفقائك آن موعد المغادرة هيا اسرع ".

كان حلما ينام متيقظا هام بعقل غائب .. لكني قررت رغم ذلك الرحيل

" أيا مراكب الموت" نزلت الي القارب وأشرت إليه بأعلى صوتي

"يا حارس الميناء يا من يُربي الموت في قواربِه أعلم أن الجحيم على هذه الأرض بينما الحياة في مكان آخر."

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى