خطفت مني قلبي
سلبت مني نفسي
أخذت مني العالم
فرت مني
لم تترك لي غير الشوق الواري وفؤادي الظمآن
((عبد الوهاب البياتي))
سقط نيزك على الأرض، تناثرت أحجار فوق أمواج النهر كأنها النذور تلقى فوق رأس العروس، مويجات النهر امتطت إحداها الأخرى آنئذ -انطلقت زغاريد الفرح، حينها طبع النيزك فوق خد الأرض قبلة من: ألم، شوق، لحظة ابتسامة امرأة حال ولادتها طفلاً جميلاً، بصرخات الطفل وبكاء الأم تولد النجوم من رحم السماء... بسقوط النيزك ولدت: شهرزاد.
مويجات النهر، نساء الحي، نيازك السماء، كلها زغردت فرحاً بمولد: شهرزاد!
**
تجلس شهرزاد على ضفة النهر، يتراقص القصب سعيداً بمغازلته أشجار الصفصاف الفتية، يحضر ((طائر الهزار)) إلى ضفاف المواويل الجنوبية، يحيِّيها بصوته الموسيقي:
-مرحباً شهرزاد!
تبتسم شهرزاد لتبتسم معها الدنيا، كأن في ابتسامتها عناق الشمس وهي تحتضن الأرض بضفائرها الذهبية، وتقول له:
-مرحباً بك يا طائري الجميل!
شيء أكبر من النهر، أروع من كل حورياته، جعل الماضي كله يلحق بالحاضر، يدفع الطائر الجميل على أعتاب الجمال، أمام قيس الحب، ليقول لها بمودة:
-إنك رائعة في عيوني... و
ترمقه بنظرات عجب، ليستطرد قائلاً:
- بين أضلاع صدري جياد قوية، تسابق بعضها للفوز بنظرة من عينيك الساحرتين.
تغضب لتقول محذرة:
-حذارِ! أتغازلني يا طائري الصغير؟!
ارتبك ((طائر الهزار)) أصبح كفرخ بط دفعته أمه إلى المياه، لتجبره على السباحة، يرتبك، يصيح، يضرب بجناحيه الصغيرين أمواج النهر العملاقة، فيقول بارتباك طيور الحب ساعة السحر:
-نعم أغازلك..
تشيح بوجهها بعيداً إلى أفق النهر، الغارق تعبداً في معبد الشمس الغاربة، يقول بثقة:
-إنهما عيناك يا غالية، وقوامك الممشوق، وخالك البديع...
تقاطعه بحدة:
-ما هذا الكلام يا طائري الصغير؟
اخترقته سهام عينيها السوداوين، تحطم كقدح من الكرستال فوق صخور كلامها القاسي، زرع قلبه بجانب صفصافة شابة، تحدى كل طقوس معبد الشمس، ليقول كأنه ينتزع نجوم السماء ليصنع عقداً بديعاً من الكلمات:
-إنك حلمي الدائم، فأنا أتنفس أنفاسك وأصوم بعدها عن التنفس، ألتقط فتافيت الخبز من يديك فأصبح عنقاء لا تعرف غير استغراق النظرات للإلهة التي تتعبد فوق جنات خدك الأيسر.
تقول له:
-أراك تبالغ كثيراً، وفي عينيك انهزام الذكر أم أنثاه!!
يحلق عالياً، بتحليقه الرشيق كأنه يرسم حروفاً تقول لها، بالحرف الواحد:
-أنا أملك ثمن عينيك يا غالية.
تضحك شهرزاد بضحكتها الطفولية، يتلألأ ضياء وهاج تبعثه روحها الصافية الكرستالية، تجدها حين ذاك كأنها ريحانة صغيرة تداعبها قطرات الندى في صباح ربيعي دائم، تقول بعدما فرغت من ضحكتها:
-كلماتك دافئة... دافئة يا طائري الجسور.
يقول لها كأنه يقلدها قلادة صنعها من ريشه الساحر:
-كم أنا سعيد! كلماتك الرقيقة جعلتني كزورق دونما شراع، أبحر في مياه عينيك، مطمئناً إلى شواطئك الدافئة.
تصدر شفتيها الناريتين كلمات كأنها اللؤلؤ:
-إنك مغازل من الطراز الأول.
يقف طائر الهزار على كفي شهرزاد ليقول منتشياً:
-أشعر بك دائماً كدموعي التي تأبى السقوط عزة.
كل قصب النهر، وصفصافه، وغربه, وشمسه المتوهجة ترقص معهما على أجنحة الحلم الوردية، تنحني لتطبع قبلة حانية فوق ريشه الزاهي وتقول له بهدوء:
-إنها الحياة يا طائري، قدرنا هكذا!
عندها تألق شوقه محمولاً على نقاط المطر، ليصرخ بها مودعاً:
-لن أيأس أبداً... أبداً.
حرك جناحيه مودعاً أن:
-إلى اللقاء!
**
تنظر إلى أمواج النهر الذاهبة إلى معبد الشمس عند عتبات الأفق الشمسية، وفي عينيها سحر كل نساء هذا العالم، وجمال كل نساء الأرض في خالها الأسود.
علي السباعي
سلبت مني نفسي
أخذت مني العالم
فرت مني
لم تترك لي غير الشوق الواري وفؤادي الظمآن
((عبد الوهاب البياتي))
سقط نيزك على الأرض، تناثرت أحجار فوق أمواج النهر كأنها النذور تلقى فوق رأس العروس، مويجات النهر امتطت إحداها الأخرى آنئذ -انطلقت زغاريد الفرح، حينها طبع النيزك فوق خد الأرض قبلة من: ألم، شوق، لحظة ابتسامة امرأة حال ولادتها طفلاً جميلاً، بصرخات الطفل وبكاء الأم تولد النجوم من رحم السماء... بسقوط النيزك ولدت: شهرزاد.
مويجات النهر، نساء الحي، نيازك السماء، كلها زغردت فرحاً بمولد: شهرزاد!
**
تجلس شهرزاد على ضفة النهر، يتراقص القصب سعيداً بمغازلته أشجار الصفصاف الفتية، يحضر ((طائر الهزار)) إلى ضفاف المواويل الجنوبية، يحيِّيها بصوته الموسيقي:
-مرحباً شهرزاد!
تبتسم شهرزاد لتبتسم معها الدنيا، كأن في ابتسامتها عناق الشمس وهي تحتضن الأرض بضفائرها الذهبية، وتقول له:
-مرحباً بك يا طائري الجميل!
شيء أكبر من النهر، أروع من كل حورياته، جعل الماضي كله يلحق بالحاضر، يدفع الطائر الجميل على أعتاب الجمال، أمام قيس الحب، ليقول لها بمودة:
-إنك رائعة في عيوني... و
ترمقه بنظرات عجب، ليستطرد قائلاً:
- بين أضلاع صدري جياد قوية، تسابق بعضها للفوز بنظرة من عينيك الساحرتين.
تغضب لتقول محذرة:
-حذارِ! أتغازلني يا طائري الصغير؟!
ارتبك ((طائر الهزار)) أصبح كفرخ بط دفعته أمه إلى المياه، لتجبره على السباحة، يرتبك، يصيح، يضرب بجناحيه الصغيرين أمواج النهر العملاقة، فيقول بارتباك طيور الحب ساعة السحر:
-نعم أغازلك..
تشيح بوجهها بعيداً إلى أفق النهر، الغارق تعبداً في معبد الشمس الغاربة، يقول بثقة:
-إنهما عيناك يا غالية، وقوامك الممشوق، وخالك البديع...
تقاطعه بحدة:
-ما هذا الكلام يا طائري الصغير؟
اخترقته سهام عينيها السوداوين، تحطم كقدح من الكرستال فوق صخور كلامها القاسي، زرع قلبه بجانب صفصافة شابة، تحدى كل طقوس معبد الشمس، ليقول كأنه ينتزع نجوم السماء ليصنع عقداً بديعاً من الكلمات:
-إنك حلمي الدائم، فأنا أتنفس أنفاسك وأصوم بعدها عن التنفس، ألتقط فتافيت الخبز من يديك فأصبح عنقاء لا تعرف غير استغراق النظرات للإلهة التي تتعبد فوق جنات خدك الأيسر.
تقول له:
-أراك تبالغ كثيراً، وفي عينيك انهزام الذكر أم أنثاه!!
يحلق عالياً، بتحليقه الرشيق كأنه يرسم حروفاً تقول لها، بالحرف الواحد:
-أنا أملك ثمن عينيك يا غالية.
تضحك شهرزاد بضحكتها الطفولية، يتلألأ ضياء وهاج تبعثه روحها الصافية الكرستالية، تجدها حين ذاك كأنها ريحانة صغيرة تداعبها قطرات الندى في صباح ربيعي دائم، تقول بعدما فرغت من ضحكتها:
-كلماتك دافئة... دافئة يا طائري الجسور.
يقول لها كأنه يقلدها قلادة صنعها من ريشه الساحر:
-كم أنا سعيد! كلماتك الرقيقة جعلتني كزورق دونما شراع، أبحر في مياه عينيك، مطمئناً إلى شواطئك الدافئة.
تصدر شفتيها الناريتين كلمات كأنها اللؤلؤ:
-إنك مغازل من الطراز الأول.
يقف طائر الهزار على كفي شهرزاد ليقول منتشياً:
-أشعر بك دائماً كدموعي التي تأبى السقوط عزة.
كل قصب النهر، وصفصافه، وغربه, وشمسه المتوهجة ترقص معهما على أجنحة الحلم الوردية، تنحني لتطبع قبلة حانية فوق ريشه الزاهي وتقول له بهدوء:
-إنها الحياة يا طائري، قدرنا هكذا!
عندها تألق شوقه محمولاً على نقاط المطر، ليصرخ بها مودعاً:
-لن أيأس أبداً... أبداً.
حرك جناحيه مودعاً أن:
-إلى اللقاء!
**
تنظر إلى أمواج النهر الذاهبة إلى معبد الشمس عند عتبات الأفق الشمسية، وفي عينيها سحر كل نساء هذا العالم، وجمال كل نساء الأرض في خالها الأسود.
علي السباعي