عبدالله زيود - عِقد الفقد.. شعر

(١)
- أعود إلى حيث تَركتكَ منذ ستة أعوام؛
ها قد صرتَ في الثانية والعشرين، بنطالك الجينز ما انفكّ نظيفًا ويضعُ ساقًا على الأخرى عند طرف السّرير
-والسّرير بلا زعيقٍ تحتَ الأنقاض-
قميصكَ يُكتّفُ يديه وراء ظهره، وابيضَّتْ عين الضوء في غرفة المعيشة.
ـ ـ
لقد كبرتَ يا حبيبي وضاقت الغرفة عليك، وكَبر إخوتك وعادوا؛ عادوا إلى الحرب بأكتاف صلبةٍ، وعزيمة أشدّ.
ـ ـ
أعود إليك وكلّي أملٌ بأن تسمع نداء العائلة، أرجوك يا بنيّ، لقد طرزتُ ثوب تخرّجكَ بيديّ، ودرَّبتُ نَفَسي لأطْولِ زغرودةٍ تصْدَح في حنجرة امرأة ...
عُدْ
عُدْ يا بنيّ ..
ليس من البرّ أن تتركني
هكذا
في كلّ عامٍ
آتي إليكَ لأحضنَ الشّـــــــــــاهـدة !
.
(٢)
- حبيبي:
أكتب إليك من حيث أجلس؛
حين فُجعنا بخبر استشهادك ركضتُ بلا عقلي إلى العتبة
-والعتبة بلا بيت-
ركضتُ، ركضتُ كثيرًا حتّى وصلتُ إلى جسدك المسجّى أمام الــ بـيــتْ
.
.
ركضتُ كثيرًا يا حبيبي، وركضَ البيت
.
(٣)
-للمرّةِ الألف أنفضُ الغبارَ عن ثيابكْ !
قم يا بنيّ
ها قد فاتك الطّابور مجدّدًا .. والنَّشيد
- وكان النَّهار يُكَاغِي في ساحة المدرسة -
لا هواءَ تَرضَعُهُ في الزّقاق ؛ خذ ما يكفيكَ من رئتي لتملأ قِربَتَكْ ! ثمّ عُد
عد يا بنيَّ .. إليْ
قُمْ ، وعُد إليَّ - إن استطعتَ - بساقين كاملتين
كم مرّة عليّ أن أنفُضَ الغُبار عن ثيابك ؟!
قم يـا بني
( قُوْمْ ) ! منْ فرّغَ الهواءَ في رِئتيك ؟
( قُوْم ) ! منْ جفَّفَ قِرْبَتكْ ؟
قم .. يا ثقيلَ النوم
"المـُزمِّل طوال الليل
المتلحِّفِ بالأنقاض
المدّثِّر بسقف البيت لا يصحو"
من أين يأتي صوت الكمنجة في كلّ هذا الخراب ؟
"دللول .. يا الولد ي ابني دللول"


* النص الفائز بجائزة مؤسسة محمود درويش 2015



https://soundcloud.com/abdullah-zioud%2Fbnm8ujym1tax
  • Like
التفاعلات: فائد البكري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى