عبدالله زيود - ما بعد منتصف الليل / تحت تأثر الريتالين

الثانية بعد منتصف الليل؛
ما زلت أنتظر ما سيحدث، أشعر به، سيحدثُ لا محالة، تذكّرتُ المرأة التي أنجبت نورًا، واستحضرت إيماني كاملًا ولم يحدث شيء حتى الآن، إشارة، أي إشارةٍ كانت ستعطيني - لشدة حاجتي - أملًا بشيء ما، كأن يطرق الباب أحدهم، وإن كان هذا مستبعدًا إذ تخيّلتُ الشقّة التي أسكن بها مكانًا نائيًا يستحيل وصول أحدٍ إليه.
حينها، أقصد عند الثانية بعد منتصف الليل، احتلّ وجه الدّونْ المكان! ليس وجهه تماماً، كان أشبه بسمكة يعلو وجهها شامة، ولكنه الدّونْ، أنا متأكدٌ من ذلك، وقد شُحن الجوُّ بكآبة لذيذة وصمت، ما الذي جاء بك في هذه الساعة؟ لم يُجب، لم أكن أراه ولكنه هنا، أشعر به من حولي، برائحة تبغه الرديئة، حينها يا وُوْ أتاني ذلك الصوت مرّة أخرى: "أيها الأزرق، حرّر منكبيك" وسال لونٌ أحمرٌ من علبة الألوان، تلفّتُ حولي فلم أجد أحدًا، كانت الموسيقى تعلو، وأظن أن الدّونْ كان يغنّي شيئًا ما يشبه الأوبرا، لكنني لا أعرف صوته، لم التق به من قبل، لكنّه هو، تذكّرتُ في أوج الحالة قصةً لم أكمل كتابتها عن رجلٍ استيقظ في الصباح وقد برزتْ براعم من جسده تشبه البثور، حاول أن يتخلّص منها بأظافره وكريماتٍ ابتاعها من الصيدلية فلم يستطع، ثم تطوّرت الحالة إلى أن توقّف عن الذهاب إلى الحمام وصار يشعر بعطش دائمٍ، في صبيحة اليوم الخامس أراد أن يستيقظ فلم يستطع، إذ كانت الجذور قد حفرتْ من ظهره مكانًا لها في السرير، وعلق الرّجل الشجرة فيه إلى الأبد، ربما كان الدّونْ يرسمه، لا أدري تمامًا يا وُوْ ، وأنت يا بري لا أظنّك تدري.
كانا ينصتان وينظران إلى بعضهما، بري يلفُّ سيجارة تبغ، وُوْ يطأطئ رأسه ويلوك قشّة في فمه، ولم ينبسا ببنت شفة


* من المجموعة القصصية: ( باولا قصص عن غير الناطيقن بها )

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى