لستُ ممن يتعلق بالماضي ولو كان جميلا زاهيا واعرف تماما ان ماضينا كانت سماؤه مرصّعة بالنجوم اللامعة رغم شدة اسودادها لسبب بسيط جدا هو ان الهيام بالماضي لايعدو كونه تعطيلا للطاقة البشرية الفردية والجمعية الساعية لترميم حاضر منهك وبناء مستقبل رصين خاصة إننا امام مسؤوليات كبيرة لأصلاح ماخرّبته الحروب والنزاعات وصناعة مقبل زاهر معافى لاجيالنا اللاحقة .
لكني احب ان اقول لجيلنا الحالي اننا جهدنا وشقينا كثيرا حينما كنّا طلبة وتعلّقنا بالمعرفة وسعينا مشيا على اقدامنا مسافات طويلة جدا للوصول الى مقاعد الدراسة اذ كنا نقطعها بكل عزم ونشاط ونتعثر في الاوحال في الايام الممطرة دون ان نتذمر يوما ما ، وكنا نحترم معلمينا الى حد القداسة ولم نطلب عونا من مدرس خصوصي او نستعين بكراسات الملازم التي أضحت شائعة الان ، نفرح كثيرا ايامالامتحانات على قساوتها وكثرة المواضيع والمواد المطلوب حفظها ولم نتأفف يوما حينما يطلب منك معلمك ان تكتب القطعة الاملائية وفي درس القراءة والخط ان تكتبها عدة مرات وقد تصل الى ملء دفترك لأجل قطعة واحدة حتى تتقنها تماما .
لم نكن نشكو يوما من كثرة وكثافة المنهج الدراسي او الواجبات البيتيةوعبء الكراسات والقراطيس الثقيلة التي نحشرها في حقائبنا حشرا ونحملها على اكتافنا برحابة صدر رغم وزنها وأحمالها الحانية لظهورنا
يزاد على هذا الاهتمام والحرص على التعلّم ؛ فقد كانت مدارسنا حلبة للنشاط الادبي ونتنافس في كتابة المقالات والقصائد والقصص ونبرع في اظهار النشرات الحائطية ونعلقها أمام الأنظار زهوا وابتكارا ، امافي الرياضة فقد كنا سباقين في كل شئ ولانتوانى في تشكيل الفرق الرياضية في المحلة وفي المدرسة ونتبارى مع المدارس الاخرى أملا في الحصول على الصدارة ، ومع ان عصا المعلم الخيزران كانت تلسعنا لأدنى هفوة لكنها لم تكن توقف عزائمنا وتحبط طموحاتنا للارتقاء نحو الأفضل والأجدر .
جيلنا وان تلقّى الكثير من فلَقات المعلم وتورّمت راحة يدنا وأصابعنامن ضربات تلك العصا القاسية في وقعها لكنها لم تثنِنا عن الدراسة الفائقة وحدنا دون عون من أب كان يكدح طوال نهاره وأم لم تتعلم قبلا كي تكمل مابدأه معلمنا لحفظ وتدريس المواد ، كنا معا يسأل احدنا الاخر عن اي شيء لم نفهمه ليجيبنا زميلنا ويشرحه لنا فلا دروس تقوية ولا كراسات اضافية ولا معلم يأتينا بعد انتهاء الدوام كي يستذكر لنا الدروس بمقابل مادي ، وطبعا ليس في حوزتنا حاسبة تعيننا ولا ايّ شئ من تقنيات هذا الزمان من الاجيال الجديدة من مبتكرات الاي فون والاي باد والنقّالات الذكية والهواتف وملحقاتها العولمية المتعددة الأغراض ومع ذلك تفوّقنا وبرزنا وارتقينا في الصدارة ولم اسمع يوما من قال لنا انكم ادنى مستوى من جيلنا الحالي بل يقولون بملء فمهم إننا الأقدر علما وأدبا وثقافة وعلوا في مستوياتنا العقلية .
في عطلاتنا وأوقات فراغنا كنا نستثمر الوقت لتنمية مواهبنا وصقل نفوسنا بالقراءة النافعة المغذية للعقل واللعب البرئ ، فكم سهرنا على روايات خالدة وعشنا مع شخوصها وأصغت مسامعنا الى أغانٍ ساحرة أصقلت ذائقتنا وحفظنا من الشعر أجمله وأحببنا بعضنا بعضا وعشنا آمنين مطمئنين ولم يوقفنا في طرقاتنا الضيقة لص اومجرم أو عابث ولم نلحظ ألاعيب الخيانة للوطن والناس وكنا نحترم القانون ونعبر الشارع في الخطوط الخاصة بالسابلة ونمشي على الارصفة المخصصة لنا في الطريق ونحترم رجل المرور الذي يساعدنا على التنقل ويأخذ بيد الكبار والعاجزين وأطفال المدارس ليوصلهم آمنين الى الجهة الاخرى من الشارع .
اجل لم نكن في يسرٍ مادي لكن ثراءنا بقي زاخرا في رقيّنا العقلي ونفوسنا المهذبة التي صقلناها بكل ماهو نافع بدءا من ترسيخ المهابة والتقدير والاعتزاز بوالدينا وأخوتنا وجارنا ومعلمنا واصدقائنا وكل من يحيط بنا.
ليتكم تعيدون لنا ماافتقدناه الان وخذوا كل زركشاتكم العولميةوأغانيكم الناشزة وهزال علاقاتكم المجتمعية والاسرية وصخب القنوات التلفزيونية ومناكفات سياسيي الغفلة وهرج المحللين السياسيين وكل ماهو شائن ، لست بحاجة اليها ، فقط ردّوا الينا ولو شيئا يسيراً مما افتقدناه وأعدكم حتما بجيلٍ يسمو بوطنه عاليا ويصفّه في مصاف الدول الراقية ، ذلك هو رهاننا الرابح الذي لايخيب .
كل التحية لمعلمينا الاوائل على قساوتهم معنا قائلا لمعلمي زماننا هذاليتكم تكونون بنصف الجهد الذي بذله الاولون السابقون فانتم مفتاح العقل ليدخل جيلنا الحالي رحاب النماء والتطور والارتقاء ولا أخفي اننا الان نبكي بدل الدموع دما لانحدار المستوى التعليمي ، وبيدكم انتم يامن ترفعون سلالم العقل ؛ فارفعوا سراجكم أعلى وأعلى لينير طريق اولادنا مشيا الى مقبل زاهر .
جواد غلوم
لكني احب ان اقول لجيلنا الحالي اننا جهدنا وشقينا كثيرا حينما كنّا طلبة وتعلّقنا بالمعرفة وسعينا مشيا على اقدامنا مسافات طويلة جدا للوصول الى مقاعد الدراسة اذ كنا نقطعها بكل عزم ونشاط ونتعثر في الاوحال في الايام الممطرة دون ان نتذمر يوما ما ، وكنا نحترم معلمينا الى حد القداسة ولم نطلب عونا من مدرس خصوصي او نستعين بكراسات الملازم التي أضحت شائعة الان ، نفرح كثيرا ايامالامتحانات على قساوتها وكثرة المواضيع والمواد المطلوب حفظها ولم نتأفف يوما حينما يطلب منك معلمك ان تكتب القطعة الاملائية وفي درس القراءة والخط ان تكتبها عدة مرات وقد تصل الى ملء دفترك لأجل قطعة واحدة حتى تتقنها تماما .
لم نكن نشكو يوما من كثرة وكثافة المنهج الدراسي او الواجبات البيتيةوعبء الكراسات والقراطيس الثقيلة التي نحشرها في حقائبنا حشرا ونحملها على اكتافنا برحابة صدر رغم وزنها وأحمالها الحانية لظهورنا
يزاد على هذا الاهتمام والحرص على التعلّم ؛ فقد كانت مدارسنا حلبة للنشاط الادبي ونتنافس في كتابة المقالات والقصائد والقصص ونبرع في اظهار النشرات الحائطية ونعلقها أمام الأنظار زهوا وابتكارا ، امافي الرياضة فقد كنا سباقين في كل شئ ولانتوانى في تشكيل الفرق الرياضية في المحلة وفي المدرسة ونتبارى مع المدارس الاخرى أملا في الحصول على الصدارة ، ومع ان عصا المعلم الخيزران كانت تلسعنا لأدنى هفوة لكنها لم تكن توقف عزائمنا وتحبط طموحاتنا للارتقاء نحو الأفضل والأجدر .
جيلنا وان تلقّى الكثير من فلَقات المعلم وتورّمت راحة يدنا وأصابعنامن ضربات تلك العصا القاسية في وقعها لكنها لم تثنِنا عن الدراسة الفائقة وحدنا دون عون من أب كان يكدح طوال نهاره وأم لم تتعلم قبلا كي تكمل مابدأه معلمنا لحفظ وتدريس المواد ، كنا معا يسأل احدنا الاخر عن اي شيء لم نفهمه ليجيبنا زميلنا ويشرحه لنا فلا دروس تقوية ولا كراسات اضافية ولا معلم يأتينا بعد انتهاء الدوام كي يستذكر لنا الدروس بمقابل مادي ، وطبعا ليس في حوزتنا حاسبة تعيننا ولا ايّ شئ من تقنيات هذا الزمان من الاجيال الجديدة من مبتكرات الاي فون والاي باد والنقّالات الذكية والهواتف وملحقاتها العولمية المتعددة الأغراض ومع ذلك تفوّقنا وبرزنا وارتقينا في الصدارة ولم اسمع يوما من قال لنا انكم ادنى مستوى من جيلنا الحالي بل يقولون بملء فمهم إننا الأقدر علما وأدبا وثقافة وعلوا في مستوياتنا العقلية .
في عطلاتنا وأوقات فراغنا كنا نستثمر الوقت لتنمية مواهبنا وصقل نفوسنا بالقراءة النافعة المغذية للعقل واللعب البرئ ، فكم سهرنا على روايات خالدة وعشنا مع شخوصها وأصغت مسامعنا الى أغانٍ ساحرة أصقلت ذائقتنا وحفظنا من الشعر أجمله وأحببنا بعضنا بعضا وعشنا آمنين مطمئنين ولم يوقفنا في طرقاتنا الضيقة لص اومجرم أو عابث ولم نلحظ ألاعيب الخيانة للوطن والناس وكنا نحترم القانون ونعبر الشارع في الخطوط الخاصة بالسابلة ونمشي على الارصفة المخصصة لنا في الطريق ونحترم رجل المرور الذي يساعدنا على التنقل ويأخذ بيد الكبار والعاجزين وأطفال المدارس ليوصلهم آمنين الى الجهة الاخرى من الشارع .
اجل لم نكن في يسرٍ مادي لكن ثراءنا بقي زاخرا في رقيّنا العقلي ونفوسنا المهذبة التي صقلناها بكل ماهو نافع بدءا من ترسيخ المهابة والتقدير والاعتزاز بوالدينا وأخوتنا وجارنا ومعلمنا واصدقائنا وكل من يحيط بنا.
ليتكم تعيدون لنا ماافتقدناه الان وخذوا كل زركشاتكم العولميةوأغانيكم الناشزة وهزال علاقاتكم المجتمعية والاسرية وصخب القنوات التلفزيونية ومناكفات سياسيي الغفلة وهرج المحللين السياسيين وكل ماهو شائن ، لست بحاجة اليها ، فقط ردّوا الينا ولو شيئا يسيراً مما افتقدناه وأعدكم حتما بجيلٍ يسمو بوطنه عاليا ويصفّه في مصاف الدول الراقية ، ذلك هو رهاننا الرابح الذي لايخيب .
كل التحية لمعلمينا الاوائل على قساوتهم معنا قائلا لمعلمي زماننا هذاليتكم تكونون بنصف الجهد الذي بذله الاولون السابقون فانتم مفتاح العقل ليدخل جيلنا الحالي رحاب النماء والتطور والارتقاء ولا أخفي اننا الان نبكي بدل الدموع دما لانحدار المستوى التعليمي ، وبيدكم انتم يامن ترفعون سلالم العقل ؛ فارفعوا سراجكم أعلى وأعلى لينير طريق اولادنا مشيا الى مقبل زاهر .
جواد غلوم