عمر شبلي - غرفةٌ بلا نوافذ: إلى السيدة " كورونــــــا".. شعر

هبطتْ في الليلِ "كورونا" على الأرضِ، وحَلّتْ
غرفةً عمياءَ ما فيها نوافذْ.
لم يكنْ في يدِها أيُّ سلاحٍ،
لم يكنْ في حَلْقِها أيُّ نواجِذْ.
سَوَّتِ العالَمَ غرفةْ،
بعدَ أن كان لدى التُجّارِ قرْيةْ.
هزمَت مجدَ الحضاراتِ،وقالتْ:
إنني قادمةٌ من كوكبٍ، نَظَّفْتُ فيه الناس
من كلِّ وَباء.
وأنا مُرْسَلَةٌ منهُ إليكُمْ،
إنَّ فيكمْ قبلَ أنْ آتي إليكمْ
ألفَ كورونا وكورونا،
وأخشى أن تُصيبوني فأرْدَى
قبلَ أن أُفْرِغَ في أجسادِكم أمرَ السماءْ
***
هزَمتْ في الشرقِ آلافَ الكُتُبْ.
وجميعَ الأوصياءْ.
لم نكنْ نحتاجُ يوماً أن نقولْ:
هزمتْ كلَّ العربْ.
إنّهمْ من قبلُ مهزومون من ألفِ "كورونا"،
أيُّ فرقٍ كان ما بينَ زعيمٍ عرَبيٍّ و"كورونا".
أيُّ فرقٍ بينَ تُجّارِ الطوائفْ،
و"كُرونا؟
أيُّ فرقٍ بين لصٍّ يسرقُ اللهَ وحُرّاسِ الهياكلْ.
أيُّ فرقٍ بين "يوضاسَ" على مائدة اللهِ
ومن قد أجَّرَ الهيكلَ والمسجدَ للساسةِ
سُرّاقِ جيوب الناس والمالِ الحرامْ.
هزمتْ "كسرى" و"دارا"
هزمتْ "بوذا" و"غاندي" و"زرادشتَ" الحكيمْ.
قطعت "دربَ الحرير".
دخلتْ في الصينِ جهراً رغمَ "ماوْ"
رغمَ كونفشيوسَ و"السورالعظيم"
أغلقتْ كلَّ المساجدْ،
أغلقتْ كلَّ الكنائسْ.
بلغتْ جُرْأتُها أنْ تمنعَ الحجّ إلى البيتِ العتيق.
هزمتْ كلَّ الجيوشْ،
هزمتْ أبَّهَةَ "ترمبَ" و"بوش"،
قَطّعتْ أوْصالَ أوروبا العجوز.
هزمَتْ أعتى الأساطيلِ، ونامت في الجنودْ،
لم يَعُدْ قُدّامَها أيُّ حدودْ.
أطفأتْ كلَّ القناديلِ التي يشعلها فينا الغِناءْ،
لم تدعْ أغنيةُ لم تستلِبْ منها الفرحْ.
كَوْرَنَتْ حتّى الأغاني.
عَوْلَمتْ ما كان يخشاهُ ملوكُ الشَرِكاتْ،
عَوْلَمَتْ داءً، ولكنْ أيُّ داءْ
خَبَطَتْ في كلِّ أرجاءِ الوجودْ
خبطَ عشواءَ، فقلنا: يا سماء،
أنقذينا، ثمّ صَلَّيْنا، وتُبْنا، وتَضَرَّعْنا،
ولكنْ ألفُ بابٍ وحجابْ
كان فيما بيننا يُرْخَى، وأبوابِ السماءْ.
وعرفْنا أنَّ ما قمْنا بهِ مَحْضُ رياءْ
وبَدَتْ للناس كورونا، وقالتْ:
عندما يَتَّسِخُ العالمُ يحتاجُ وباءْ،
إنَّ بعضَ الشرِّ خيرٌ حين لا يقتنعُ الإنسانُ فيكمْ
أنَّ ما يفعلُه كان الوباءْ،
وأنا أسألُكمْ من قبلِ أنْ آتي إليكمْ:
ما الذي يفعلُهُ في اليَمَنِ الجَوْعانِ تُجّارُ الحديدْ؟
ما الذي قدّمَه بوشُ لأطفالِ العراقْ؟
هل أنا آذَى أمِ الفوسفور في أجسادِ أطفالِ العراق؟
ما هو الجُرْمُ الذي أحدثه الأطفالُ في غزّةَ حتى
يُقْصَفوا صُبْحَ مساء؟
إنني أسألُكمْ من قبلِ أنْ آتي إليكمْ:
من هو المسؤولُ أنتمْ أم أنا؟
عن فراغِ القلبِ من عطفٍ،وحُبٍّ، وضياءْ؟
ومن المسؤولُ عن هذا الشقاء؟
وعن الدولارِ إذْ يبحثُ عن حربٍ جديدةْ؟
وعن الجوعى وأيتامِ الحروبْ
نِصفُ أهلِ الأرضِ من غيرِ غذاءٍ
وكِساء ودواء.
سوفَ لن أرحلَ عنكمْ طالما لم تطردوا من
دمِكم كلَّ المُرابينَ وتُجّارِ السماءْ




عمر شبلي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى