لم يكن ترعاه يوما في الطّريق أو تمتدّ له يدٌ كريمة تصافح أو تبعده عن خطر فيها به يحوق.كان واحداممّن تمتلىء بهم الشّوارع و تزدان و تفرح إذْ بهم تضيق.إذا عمّروها تجمّلت و احتفلت و إذا ساقهم اللّيل إلى البيوت صارت كمن تزيّنت و تجمّلت ثمّ مسّحت عن وجهها آخر النّهار ما جمّلها من طلاء و مساحيق.
كان واحدا من عامّة هذه الأيدي التّي تطعم أفواهها بتعبها و قد تستنقص من حقّ الأفواه لتُلاَعبَ به في الرّأس خيالا و نشوة و ارتخاء مفاصل و اقتناص محارم اللذّات و المتع.وكان أيضاواحدا من هذه القلوب العامرة بالإيمان و إن بدت في جدرانها ثقبٌ يطلّ من بعضها العصيان و النسيان و اللّعب . رجل لا شقاء في البحث عنه.رجل بسيط قد يكون من بسطاء القاهرة القاهرة, أفئدة العرب و عقولهم .وقد يكون ممّن تألفه الأعين.
في بغداد مدينة الإنكسار و الجبر والنهوض التي ما قطف فيها رأس إلاّ أينعت فيها رؤوس. وقد يسير إلىجوار غيره و يرافقه و يزاحمه في المدينة, المدينة السّاهرة حمدا و تسبيحا و تهليلا ,أو في عزّة عزَّةَ كلّ كثيّر و قيس و جميل. رجل بسيط من العاملين المتعبين تضحك لهم و بهم المدن و ترخي لهم ثدييها يرضعون حبّها دون غيرهم ممّن يزعمون البطولة و يدّعون الإمامة و الفحولة فانْصبّ عشقها في أركانهم انصبابا و نحتت أجسامهم و عقولهم و ضمائرهم من صفاء عشقها لم يكن يعبأ به أحد .وهل يعبأ بسيطٌ ببسيطٍ؟ و هل يهتمّ همٌّ بمثله؟بسطاء عاملون قد يفرحون وقد يغتمّون.
لم يكن ترعاه يوما عين في الطّريق فصارت ترهب منه وتخافه بعض العيون، وقد تمتدّ له بعض الأيادي فيضمّ كفّه كالقابض على ثمين يخاف السّارق أو عصف الرّيح.لم يخلع عنه ثياب البسطاء يحاذر قذارة الطّريق .ألفه النّاس في شارعين يعدّ الخطى.
بين منزلين متباعدين عدّ المخطئ المصرّ على الصّواب فيعيد ..عيناه في قدميه و عدّ الخطى في شفتيه .و شفتان مقضومتان بناب .و يد تعصر الأخرى بعسر.و خدّ فيه حرث الأضافر .و ركبتان تتدافعان جَهدا .ينظر في الوجوه فيبكي غصّة و نشيجا.ويبرك مستندا إلى جدار يخفي عينيه منتحبا .و يشهق شهقة المخدوع المحيّر و قد ينزع الحذاء يدقّ قدميه بالحجارة دقّ المسكون بالوهم ,و يحكّ رأسه حكّ القاطن في شعره الخبث و يسلّ شعره سلّ الغضوب المتحيّر .
عودٌ أغصانه رقّتْ و دقّتْ و تقشّرتْ ما وقفت به أقدام أمام باب منزل إلاّ استدعاه باب منزل آخر يعدّ الخطا في صمت و نشيج و نحيب .
ألفته الوجوه فاعتادت منه ذلك و ما درى دار لذلك الهيكل الباكي المتهدّم من سبب ألاّ امرأة عجوز تكسّر ظهرها وارتعشت يدها و غار بصرها و قد أخبرت فقالت:
"لقد ترك منزلي منذ أعوام كثيرة في هيأته التي ترى ,كان بعض الرّجال يختلسون المتعة في بيتي .كان يشرب و طلب متعة أخرى .تركته و الخمر .و ترصّدت في الطريق الإناث فدلّتني الخبرة على عين طالبة فملت إلى البيت أبشّره بجمال ذي فَتَن فرآها فصاح: ابنتي؟وبكى ثمّ خلط الضحك بالبكاء.فهو إلى اليوم ما تراه العيون، إنّه واحدٌ ممّن زلّتْ به قدم و انزلقتْ ساقه نحو بيتي فهوى".
كان واحدا من عامّة هذه الأيدي التّي تطعم أفواهها بتعبها و قد تستنقص من حقّ الأفواه لتُلاَعبَ به في الرّأس خيالا و نشوة و ارتخاء مفاصل و اقتناص محارم اللذّات و المتع.وكان أيضاواحدا من هذه القلوب العامرة بالإيمان و إن بدت في جدرانها ثقبٌ يطلّ من بعضها العصيان و النسيان و اللّعب . رجل لا شقاء في البحث عنه.رجل بسيط قد يكون من بسطاء القاهرة القاهرة, أفئدة العرب و عقولهم .وقد يكون ممّن تألفه الأعين.
في بغداد مدينة الإنكسار و الجبر والنهوض التي ما قطف فيها رأس إلاّ أينعت فيها رؤوس. وقد يسير إلىجوار غيره و يرافقه و يزاحمه في المدينة, المدينة السّاهرة حمدا و تسبيحا و تهليلا ,أو في عزّة عزَّةَ كلّ كثيّر و قيس و جميل. رجل بسيط من العاملين المتعبين تضحك لهم و بهم المدن و ترخي لهم ثدييها يرضعون حبّها دون غيرهم ممّن يزعمون البطولة و يدّعون الإمامة و الفحولة فانْصبّ عشقها في أركانهم انصبابا و نحتت أجسامهم و عقولهم و ضمائرهم من صفاء عشقها لم يكن يعبأ به أحد .وهل يعبأ بسيطٌ ببسيطٍ؟ و هل يهتمّ همٌّ بمثله؟بسطاء عاملون قد يفرحون وقد يغتمّون.
لم يكن ترعاه يوما عين في الطّريق فصارت ترهب منه وتخافه بعض العيون، وقد تمتدّ له بعض الأيادي فيضمّ كفّه كالقابض على ثمين يخاف السّارق أو عصف الرّيح.لم يخلع عنه ثياب البسطاء يحاذر قذارة الطّريق .ألفه النّاس في شارعين يعدّ الخطى.
بين منزلين متباعدين عدّ المخطئ المصرّ على الصّواب فيعيد ..عيناه في قدميه و عدّ الخطى في شفتيه .و شفتان مقضومتان بناب .و يد تعصر الأخرى بعسر.و خدّ فيه حرث الأضافر .و ركبتان تتدافعان جَهدا .ينظر في الوجوه فيبكي غصّة و نشيجا.ويبرك مستندا إلى جدار يخفي عينيه منتحبا .و يشهق شهقة المخدوع المحيّر و قد ينزع الحذاء يدقّ قدميه بالحجارة دقّ المسكون بالوهم ,و يحكّ رأسه حكّ القاطن في شعره الخبث و يسلّ شعره سلّ الغضوب المتحيّر .
عودٌ أغصانه رقّتْ و دقّتْ و تقشّرتْ ما وقفت به أقدام أمام باب منزل إلاّ استدعاه باب منزل آخر يعدّ الخطا في صمت و نشيج و نحيب .
ألفته الوجوه فاعتادت منه ذلك و ما درى دار لذلك الهيكل الباكي المتهدّم من سبب ألاّ امرأة عجوز تكسّر ظهرها وارتعشت يدها و غار بصرها و قد أخبرت فقالت:
"لقد ترك منزلي منذ أعوام كثيرة في هيأته التي ترى ,كان بعض الرّجال يختلسون المتعة في بيتي .كان يشرب و طلب متعة أخرى .تركته و الخمر .و ترصّدت في الطريق الإناث فدلّتني الخبرة على عين طالبة فملت إلى البيت أبشّره بجمال ذي فَتَن فرآها فصاح: ابنتي؟وبكى ثمّ خلط الضحك بالبكاء.فهو إلى اليوم ما تراه العيون، إنّه واحدٌ ممّن زلّتْ به قدم و انزلقتْ ساقه نحو بيتي فهوى".