رستم عبد الله عبدالجليل - يموتون بؤساء.. قصة قصيرة

دمرت الحرب كل شيء وقضت على الأخضر واليابس أخذ فرح يتأمل ما تبقي من أطلال منزله وهو يغالب دموعه التي تساقطت من عينيه رغما عنه واخذ يطوف في أنحاء ذلك الركام ويستعيد حياته الجميلة الهادئة قبل أن يرحل محمد سياد بري عن الحكم ويرحلان معه السلام والسكينة هنا كانت غرفة الاستقبال وهنا كان مكان أبي المفضل وهناك كانت تقعد آمي تعجن لنا وهي تغني بتلك الأغاني الصومالية الجميلة التي طالما أحببتها آه كم اشتاق إليك ياأمي وكم احن أليك يا أبي وقفز إلي خراب آخر هذه غرفة أخواتي الصغار هنا كانت تضحك وتكركر ملاء البيت أختي الصغيرة خدوج ذات العامين وهناك كان قاسم يقعد يتفرج التلفاز كم كان شغوفا بأفلام الكارتون وقعت عيناه على بقايا لعبة ممزقة لخديجة وازداد جريان الدموع في عينيه لا لا استطيع البقاء بكي يا مقديشو لا مكان لي بعد أن دمرت الحرب حياتي وقتلت أسرتي وتركتني وحيدا اقاسي لوعة الشوق والحنين لماذا أنا الوحيد الذي نجوت من تلك المجزرة البشعة ؟ليتنا مت وعشتم انتم يا أبي وأمي وإخوتي ياتاج راسي يا أحب الي من نفسي روحي فداكم آه آه سارحل غدا صباحا مضي عبر ازقة مقديشو الترابية الجافة حتي وصل الي احدي مدن الصفيح التي تكونت بعد الحرب الشرسة التي اندلعت العام1992م ووقف تحت احدي العشش المبنية من بقايا المجنزرات والسيارات التي احترقت بالحرب و نادي على شولوف خرج شولوف الفارع الطول الهزيل وقد اشتمل بفوطة صفراء مزركشة فاقعة اللون وكان يرتدي فانيلا بيضاء بعلاقي خرج وهو يهش الذباب الذي يحوم حول وجهه وهو يغالب النعاس وعندما أبصر شولوف العملاق فرح قال في ضجر ويش فيك فرح اش تشتي هذا الوقت؟ رد عليه فرح سأسافر غدا صباحا الي بربرة وسأهجر الي اليمن لم يعد لي عيش في الصومال كل أسرتي ماتت وبيتي دمر ومزرعتي أحرقت ولا يوجد عمل والجفاف قضي على مابقي لي من ماشية نجت من الحرب ماذا اجلس اعمل هنا لا ماء لا كهرباء لا امن لا استقرار وعصابات حركة الشباب تسلب وتنهب من بقي له شيء يقتات به ساسافر بعد صلاة الفجر الي بربرة وفيها سالتقي بالقرصان ادريس وسااعطيه أسورة ذهبية تعود لامي رحمة الله عليها و التي نجت من دمار منزلنا بأعجوبة وسألتقي به حدثني عنه صلاد ابن عمي الذي رحل منذ سنوات وهو الآن يعيش في اليمن يغسل السيارات في صنعاء اليمن بحي يدعي الصافية وعيشته جيدة بل من حديثه قال أنها صومال نبتت بوسط صنعاء ويطلق عليها اليمنييون مقديشو لقد شوقنا للرحيل والهجرة بل انه جاء بوقته لينقذنا من كل الحزن والآسي الذي يحيط بي ويعتصر قلبي ويفتت أكبادي وسحب الذكريات التي تكاد تصيبنا بالجنون حتي كدت اهلك شوقا لأهلي الذين اقتنصتهم يد المنون والعصابات المتناحرة طار النوم من عين شولوف وانفجر ضاحكاً مستطردا الي أين سترحل يا أخي فرح اعد عليا ماسمعته قال فرح وش فيك أخي شولوف قلنا لك لليمن هي لا تبعد سوي رمية حجر عن بربرة وهرجيسة كتم شولوف ضحكته وقال كان الرحيل في الماضي ممتعا وجميلا الي اليمن أيام كانت منظمات الإغاثة والأمم المتحدة يهتمون بنا ويلقون لنا بالا ويعتبرونا بشر أما ألان فمعسكرات استقبال اللاجئين أصبحت تشكو الزحام وتضيق بمن فيها والمانحون تراجعوا عما كانوا يعطوه بالسابق كما إن اليمنيون الآن صاروا يهاجرون من اليمن واصبحت اليمن صومال أخري لاماء لا كهرباء وأصبح المشايخ يتقطعون للناس وارزقهم تماما كأمراء الحرب عندنا وأصبح اللاجئون اليمنييون ينافسون اللاجئون الصومال ولا يقلون عنهم معاناة لقد اصبحو لاجئيين ومشردين في وطنهم فكما لدى إخواننا اللاجئون الصومال في اليمن معسكر خرز بلحج والبساتين بعدن وجحين بابين لديهم لاجئون في مدارس عدن وابين نتيجة حرب اليمن مع القاعدة ومخيمات للاجئين اليمنيين في حرض سواء الذين شردتهم حرب صعدة أو الذين هجرتهم ورحلتهم المملكة العربية السعودية وأصبح معسكر حرض كالحقل الذي يسقي من ساقيتين قبل يومين كنت بمقهي كملخيه للانترنت وجلست جوار الصحفي محبوب وشاهدته يتصفح قصيدة شعرية لشاعر يمني كان عنوان القصيدة هي الصوملة ويقول فيها:
الي صومالنا اليمني أخيرا صرت في وطني
جلبنا بؤسك الاشقي الي صنعاء الي عدن
فعفوا يا سعيدتنا هذا البؤس والمحن
ولا تسعفني الذاكرة بتذكر بقيت الأبيات
رد عليه فرح لقد عزمت على الرحيل وأردت أن أودعك وأوصيك تنتبه للأرض حتي وان كانت خراب ومحروقه والسماء لازالت تمطر جهاما ستظل ارضنا ومازلت احلم بتحرر الصومال من أمراء الحرب وأنانيتهم وتناحرهم على الحكم حتما سيعود صومال كما كان وستمتلي المروج والشعاب بالخضرة وستضج السفوح والمراعي بالتيوس والبرابر والماشية وسيتدفق من جديد نهري جوبا وشيلي
امتلاء ذلك الزورق المتداعي والمتهالك عن بكرة أبيه بعشرات الأجساد من النساء والأطفال والشيوخ كانوا فرحين ومتفائلين بتلك الرحلة واخذ الزورق يمخر عباب البحر ويشق بطنه بقوة وراح فرح يمسح سطح القارب الصغير بعينيه ويتفحصه بفضول وتوقفت عيناه عند منظر لام ترضع طفلتها ذات العامين من أثداء يابسة هزيلة لم يتبقي منهما إلا جلد والطفلة ترنو اليه بحيرة وعتاب كانها تستنجد به وتستفسره عما حل بضروع أمها التي لم تالفها هكذا يوم ولدت وأكثر ما أبكاه تلك الدمعة بعين الطفلة وتحديها لها ورفضها البكاء والصراخ وذلك القهر والانكسار بوجه المرأة وجوارها أباها الشيخ العجوز هذا كل ماتبقي من اسري صومالية هي الاخري طحنت الحرب عائلها وشبابها ونسائها وبينما هو ينتحب من داخله دما وحزنا على الطفلة التي ذكرته باخته خدوج التي قتلت في الحرب وكانت تقاربها بالسن وتشبهها فجئتا بداء المركب يهدي من سرعته وتوقف تماما عن السير وتمركز خمسة عشر مسلحاً في أطراف المركب وهم يشهرون أسلحتهم الآلية ووقف ربان المركب قرصان التهريب يخطب انتباه أعيرونا أسماعكم مبروك وصلنا الي اليمن انتم الآن في المياه الإقليمية اليمنية حيث النعيم والخير ينتظركم, الآن بالدور وبهدوء كل واحد يأخذ سترة النجاة ويسبح باتجاه المكلا عاصمة مدينة حضرموت اليمنية ,أحتضنت الأم الصومالية صغيرتها الي صدرها وراحت تستعطف الربان القرصان قائلة له:- الماء بارد والمسافة طويلة ولن استطيع العبور بابنتي كما أنها جائعة ومريضة وأبي شيخ كبير لايقوي على ذلك دحرها القرصان الغاضب بركلة من قدمه اليمني في كتفها بدأت جلبه وعلامات تمرد على وجه اللاجئون لأكن زخات من الرصاص لعلعت في ظلمات البحر المخيف كانت كفيلة لهم لاستعادة ماسي الحرب وأهلهم الذين قضوا فيها فلاذوا بالصمت وبداو باستلام أطواق النجاة المتهرئة وتقافزوا في البحر الواحد تلو الآخر كان أخر الذين بقوا المرأة وطفلتها وأباها أشفقت على طفلتها و توسلت إليهم أن يأخذوها لهم يربوها لاكن احد القراصنة نخسها بسنكي بندقيته هيا لاوقت لدينا نضيعه معك لدينا مهمة آخري لاعتراض السفن التجارية التي ينتظرنا الصيد الثمين على متنها نطقت الأم وأباها بالشهادتين وأمسكت بيد أباها اليابسة المعروقة وقذفوا أنفسهم في غيابة البحر وتلقتهم ظلمته الموحشة وأمواجه العاتية بصفعات وهيجان ومزيد من الاضطراب
مدينة المكلا بزغ النهار وبداء رمح الشمس يرتفع وسطعت الشمس بقوة فوق شواطئ المكلا الجميلة وتجمعت جمهرة من الناس حيث لفظ البحر جسد عشرين جثة كان نفس المنظر يتكرر أمامهم بين الحين والآخر لاكن ما ادمي قلوبهم وفطرها هذه المرة ذلك المشهد المؤثر والحزين لتلك المرأة الميتة والتي ربطت الي صدرها جثة طفلة رضيعة ميتة هي الأخرى وبينما هم في غمرة حزنهم ووجوهم ذلك تناهي الي مسمع البعض أنين خافت كان يصدر من شاب اسود ملفوف بفوطة زرقاء ممزقة وقد تلطخت قدميه المرمريتين بسبخ البحر وتعفر شعره المجعد بالتراب وصلت سيارات الإسعاف التابعة للصليب الأحمر وتم حصر الجثث استعداداً لدفنها وتم إسعاف فرح, -تعافي فرح سريعا من حادثة الغرق وخرج يسأل عن صنعاء والصافية ورداع أخبروه أنها بعيدة وزوده بعض الأهالي بمزودة ماء وكيس به بعض الشطائر والخبز والكعك وأعطوه ملابس مستعملة لأكنها جيدة ودلوه على الطريق الساحلي الذي يمر به ويسير رفقته الذين يلقيهم اليم للشاطئ والذين يقطعون مئات الكيلومترات مشيا على الأقدام ميممين وجههم نحو صنعاء ورداع وصعده سواء للعمل في مزارع القات أو في مسح السيارات ربط فرح مزودة الماء بحبل وعلقها على كتفه واندفع نحو الطريق الساحلي وهناك شاهد رتلا طويلا من الأجساد السوداء النحيلة واندمج وانخرط بينهم بعد أن حياهم وانطلق معهم صوب المجهول لم يدري فرح ما الوقت وكم قد قطعوا وبدأت قواه تخور وعضلات فخذيه تؤلمه وكان يجد صعوبة بالمشي كانوا قد بعدو كثيرا عن العمران واو غلو في الصحراء الشاسعة المترامية الأطراف كان الوقت عصر والزمهرير يشوي أجسادهم وفي الطريق قابلو عدد من الأجساد المتكورة على أنفسها وقد فارقت الحياة وبعضها قد سلبت ملابسهم حيث أخذها زملائهم لمكافحة الصقيع الشديد الذي ينخر العظام ويكاد يفتتها اخذوا يتلفتون يبحثون عن مغارة اوتجويف صخري اوشجر يحتمون بها من شدة الصقيع لاكن لم يجدو سوي الطبيعة الصامتة للصحراء الباردة وزمجرة الرياح التي أخذت تعوي بشدة كان عقد الرتل قد انفرط بفعل تساقط العديد من حباته البشرية بفعل الجوع والعطش وبعضهم قضي بفعل موجة الصقيع الشديدة لدرجة انك لاتقوي على المشي حافيا من شدة برودة رمال الصحراء الناعمة والتي تحرق القدم وتلسعها بقوة وكأنها قدت من ثلج كان فرح هو الآخر لايقوي على المشي وقد نفد كل زاده ومائه وقد تورمت قدماه وبداء الجوع يعضه بنابه كان هو وخمسة من رفقته قد شردوا كثير وابتعدوا عن الرتل البشري المتصدع كانوا يمشون مترنحين أشبه بالموتى الأحياء الذين نشاهدهم بأفلام الرعب عندما لاحت لهم من بعيد أطلال مدينة وصلو الي أول المنازل طرقوا بوهن واستحياء طلبوا ماء وطعام أطعمهم أهل المنزل والمنازل المجاورة وسقوهم تناولوا الطعام بشراهة وعبو من الماء كالهيم التي تظل في الصحراء لأسابيع وتعود شديدة الظماء سئلوا عن رداع وصنعاء ومعسكر خرز وعسكر جحين قال لهم الاهالي انتم الآن بتخوم أبين والمعسكر يبعد بضع كيلو مترات نامو في احدي الخرابات وعند الفجر مضوا ينشدون معسكر جحين للاجئين الصومال بلغوه بعد مسيرة نصف يوم وهم يقتربون من أسواره تصدت لهم عصابة مكونة من ثلاثين صوماليا مسلحين بالفؤوس والسواطير وقطع الحديد قالوا لهم بغلظة المعسكر لايتحمل المزيد ويضج بمن فيه ونصحوهم أن يحثو الخطي نحو رداع حيث العمل في مزارع القات مقابل المأوي والطعام أوصنعاء حيث العمل بمسح السيارات وأعمال البناء أو صعدة حيث بإمكانهم العمل بمزارع العنب والرمان أو الانخراط مقاتلين في صفوف جماعة الحوثي التي توفر أكل ومأوي جيدين بالإضافة لراتب مغري فضلا عن تلك الأقراص والعقاقير المنعشة التي تشعرك بالبهجة والسرور وتعيد لك ليالي مقديشو الجميلة ورقصاتها الصاخبة أنهزمو عن أسوار معسكر جحين للاجئين وبداو رحلة أخري من المعاناة والسير الطويل نامو ليلتهم تلك في أنقاض احدي المنازل التي دمرت بفعل حرب اليمن مع تنظيم القاعدة كان الجو باردا والصقيع شديد جدا تجمدت عظام أربعة من الرفاق وماتوا من وطأة البرد والإرهاق سلب فرح ورفيقه ملابسهم المتسخة الخارجية والتفعو بها وأسنانهم تصطك بقوة وخبئوا في أكياسهم نعالهم البلاستيكية المتقطعة توجهوا في الصباح الباكر نحو احد المطاعم طلبوا طعام هز صاحب المطعم رأسه كان كريما ورحيما بهم وضع لهم خوان ممتلي بالطعام آكلو حتي تعبو ونزلت دموعهم من مآقي عيونهم من شدة الأكل وشربوا حتي الثمالة ملئوا زوادات الماء وخبئوا باقي الطعام بأكياس آخذو يغذون السير نحو صنعاء لابد من صنعاء وان طال الزمن اصرار عجيب وشوق غريب لصنعاء وكأنها فردوسهم الموعود كانوا يمشون تحت قبة الليل اجتازوا عدة مدن وقرى مرورا بالحبيلين والضالع وقعطبة أخير وصلو يريم نامو في باحة احدي المساجد حدث جوارى فرح مارايك لو نتوسل للسيارات المارة تقلنا الي صنعاء أو حتي ذمار وأشار الي قدميه القذرتين المتشققة رد عليه فرح أنا اشعر بتعبك ومعاناتك لاكن أنت تعرف إننا لاجئون والناس هنا لا يقوون على حملنا فالمواطن اليمني فقير ويعول أسرة ويبحث حتي يكاد يحصل على قوت أطفاله كما أن التوجس والخوف منا يجعلهم يعزفون عن صحبتنا ويقلونا معهم نام فرح الذي كان يحلم حلما جميلا بعمله في منظمة إغاثة في اليمن وراتب ضخم من الأمم المتحدة لأكنه انتفض مذعور في الهزيع الأخير من الليل وقد تبدد حلمه على صرخة الم شقت سكون الليل من رفيقه جوارى الذي كان يتلوى كالثعبان ممسكا بمنتصفه بكل يديه من شدة الألم والوجع ولم يجد فرح ما يداويه سوي أن يحتضنه الي صدره ويحاول أن يسقيه لاكن جوارى رمقه بنظرة أخيرة وعلى شفتيه ابتسامة شاحبة قبل أن يشخص ببصره يذوي كزنبقة في التراب ويفارق الحياة بسبب مغص كلوى حاد قضي عليه وضاعف من شدته البرد كانت ليلة ليلاء حالكة الظلام وشديدة القر أغمض فرح عيني جوارى و تأنيب الضمير يوخزه بقوة وكان يتمني لو جوارى لم يمت بعد أو يعود للحياة لوافقه الرأي وتحمس لمقترحه كم أنت قاسي وأناني يافرح حتي في لحظاته الأخيرة ترفض أن تسعد ذلك البائس الذي لم يكن يرجوان ينال من حطام الدنيا سوى أن يريح قدميه المتعبتين من المشي ولو لكيلو متر واحد ,استوحش من المكان ومضي تحت جنح الليل البهيم يسري ويتخبط لا يلوي على شيء مشي بكل اصرار وعزيمة اجتاز ذمار وقاع جهران ومعبر مر ببلاد الروس ونقيل يسلح هدئ من سرعته أمام نقطة تفتيش رمقه احد الجنود بازدراء وهو يشير له بيد أن يواصل مسيره وبالا خري كان يسف في فمه ذلك السعوط الكريه الذي يطلقة عليه بردقان, أصيب فرح بالتهتك العضلي لاكنه اخذ يجري ويجري بكل مايملك من قوة وقد تخلص من مزودته وأكياسه وتحول الي عداء اولمبي في سباق مارثون حتي كان على مشارف حزيز ودار سلم بدأت دقات قلبه تدق بعنف وأنفاسه تتسارع وأصابه الوهن التام أخيرا نال مبتغاه وبدأت قدماه تثقلان وخر جثة هامدة وقد أصابه مرض التعب العضلي وإجهاد السير الطويل الذي اتعب عضلات قلبه الحالم والبائس ومات ,مات وصنعاء والصافية على مرمى حجراً منه

رستم عبد الله عبدالجليل
تعز- كانون اول2013م

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى