كان يبدو واضحا أنه يريد مفارقة الحياة في اللحظة والتو . لا. كان يبدو واضحا وجليا أنه يريد مفارقة الحياة قبل تلك اللحظة. لا . كان يبدو واضحا أنه استهان بخصمه تماما فجاءته الهزيمة في اللحظة التي ينتظر فيها النصر,النصر المبين.ثلاثة وسبعون عاما من الزهو والخيلاء.من النصر المتواصل علي الأعداء.كل أنواع الأعداء.قبل تلك اللحظة كان قويا ومهيبا وفوق ذلك كان في عز شبابه.فما الذي حدث بالتحديد. من سحب من عروقه فورة الشباب فبدا شيخا هزيلا.أي خطب جلل قوض أركان قوته.قوته. يالها من كلمة جوفاء. فما هي القوة؟ وهل بالبحث في المعاجم سوف نصيب المعني الحقيقي الواضح الجلي الذي لا يأتيه الباطل من جميع زواياه. قوة تعني. كان ذا طاقة علي العمل فهو قوي.ويقال رجل شديد القوي أي متين الخلق والقوي من أسماء الله الحسني.قوي الرجل أي أيده وأعانه.والقوة ضد الضعف أليس كذلك .لكن الضعف محدد رغم اشتقاق أته الكثيرة.أي قوه كان يمتلكها هذا الضعيف؟ وكيف تحول فجأة إلي النقيض.حتى الآن ؟ الله وحده يعلم ما حدث .ولكي نحاول فك تلك الرموز علينا أن نلتقي به قبل ساعات من وقع الخطب الجلل.استيقظ كعادته قبل آذان الفجر.منذ تسع سنوات حين أتم بناء البيت الملاصق للجامع وهو يتخذ من الحجرة الشرقية مكانا لإقامته .ورغم أن الله رزقه بابن واحد لم يعش حتي العاشرة إلا أن بيته دائما ماكان يعج بالأطفال التي تقوم علي خدمتهم الحاجة أم طه زوجته.كثيرة هي الأسماء التي دخلت إلي بيت الحاج طه.لكن سيظل هناك اسمان فقط هم كل ما حملته الذاكرة.فبعد موت الحج والحاجة ومرور أكثر من 25 عاما إلا أنه مازال هناك وجل في القلب حين يأتي ذكر قاسم وسكينة.ورغم أن الاسمين لا يختلفا عن كل الأسماء الكثيرة التي عاصرنا بعضها ويتحدا جميعا في شئ واحد ألا وهو أنهما ليسا من صلب الحاج أو زوجته.حتي طه نفسه الذي تنادي الزوجة باسمه لم نره أبدا.قليلة هي الأمهات اللاتي يدعين مشاهدة طه الصغير,وإن كان أغلبهن صاحبات وجوه بشوشة وقلوب يملكها الصدق إلا أنهن جميعا حين يسألن عن شكل طه يتهربن من الإجابة وأمي واحدة منهن. حين سألتها عن طه نظرت إلي البعيد وكأنها تستجمع ملامحه , ثم تركت فسحة من الوقت وأدخلت اسم طه ابن الحاجة.كنت أعلم أنها تخاف القسم ومن أجل ذلك أقسمت عليهاأن تصدقني القول.لما تأكد لها إنني انتظر وصفا دقيقا لطه الذي لعب معي وأنا صغير حسب قسمها المقسوم علي شئ آخر سحبت عيونها بعيدا عن عيوني التي تتربص بها لاكتشاف لحظة افتضاح الأمر ووصفت قاسم.كنت وأنا استمع لها أحس أن مخالفة جسيمة تقوم بها أمي.نهضت من جوارها وأمسكت برأسها وأدرتها في اتجاه عيوني لكي أ قول لها إن ما توصفه قاسم وليس طه ولكن ملأني منظر عيونها الدامعة فزعا أكبر.أجمعت شجاعتي وقلت لها.:
ـ أنت تصفين قاسم يا أمي.
انزلت وجهها إلي الأرض لبقعة محددة تماما بالنسبة لها مبهمة تماما أيضا بالنسبة لي ثم قالت :
ـ الكبر عبر,وبعدين قاسم زي طه وطه زي أحمد,وأحمد زي محمد,ومحمدزي ياسين.كلها كلها أسماء المصطفي عليه الصلاة والسلام.
هل كانت أمي تحكي عن المصطفي أم أن ماجاء في بالها هو ماحدثت عنه فجاء بهذا السياق الغريب لاسماء النبي صلي الله عليه وسلم. قاسم . لأفتح القلب قليلا لكي يتحدث عنك. تذكرون يوسف الصديق ونسوة المدينة. لأفتح أكثرحتي يخرج ضياء نورك. تعرفون صورة السيد المسيح. لاشك يعرفن البنات اليوم صورة بطل تيتانك. ياقلب لا تتسع أكثر من ذلك؟ تعرفون أحلامكم.هي أجمل ماتملكون أليس كذلك؟ كان قاسم كذلك هو أجمل ما تمني القلب من جمال مطلق.لاأحد منا ينسي صوت الشيخ رفعت في مغارب رمضان.لاأحد ينسي دعاء النقشبندي.لسنوات كثيرة منحنا الله نحن ساكني منشية جمال عبد الناصر صوت جمع بين الاثنين.لسنوات قليلة عشقنا قصص الأنبياء وهي تخرج متحركة علي شاشة صوت قاسم.أكثر من مرة سمعنا منه ياعشاق النبي صلوا علي جماله.الكثير من الآباء والأمهات كن يرين جمال النبي في وجهه وصوته. لأيام قليلة حدث التغير,قال آباؤنا حين سأل كل منا بعد الرجوع من صلاة الجمعة وسماع خطبة الشيخ عاطف الذي كان يشبه إلي حد بعيد صوت جحش علم بعد عذاب لغة غير التي ظل طوال حياته يتكلم بها. كانت الخطبة عن أشياء كثيرة لم نعرف منها شيئا واحدا,اتمني كثيرا في هذه اللحظة التي أتكلم فيها بالنيابة عن الشيخ عاطف أن أمسك به وأضعه أمامكم لتشاركوني الاستماع إلي صوته وتشاهدون لحيته وملامح وجهه.لم تنتابني تلك الرغبة من قبل.يالله .ما أسعد من لم يستمع إليه.وما أسعد من يكتبه كما كان.إن الرجل الذي يستطيع أن يجعل الآخرين يسامحونه له نصف الجنة.هذا ما قرأته يوما ما.فماذا عن الرجل الذي يكرهه كل الأ طفال حتي أبنائه؟ وقاسم هذا سامحه كل الناس إلا الحاج طه .فهل يدخله الله الجنة؟هل ما أكتبه عن قاسم حقيقة؟ هل كان هناك في يوم من الأيام شخص بتلك المواصفات واسمه قاسم؟لأاعرف أين الواقع وأين الخيال . البعض منا قرأ رواية قلب الليل لعمنا نجيب محفوظ.والبعض الآخر شاهد الفيلم الذي قام بدور البطولة فيه الفنان نور الشريف.الرواية تحكي عن جعفر إبراهيم الراوي,ذلك الولد الذي جاء إلي بيت جده وهو في السادسة من العمر بعد موت أمه وأبيه الذي طرد من ذلك البيت ذات يوم حين أحب وتزوج واحدة من عامة الشعب. كان الجد أزهريا ورث عن أبيه وأجداده الثراء الواسع.وبهوهه كان ملتقي لرجال الدين والتصوف والسياسة والأدب .لقد كان الراوي كما قال نجيب محفوظ إنسان إلهي يعايش الله في كل حين.وفي لحظة واحدة حين كان جعفر إبراهيم الراوي ينهي دراسته في الأزهر شاهد فتاة بدوية كتب نجيب علي لسان جعفر بعد أن شاهد عيون البدوية فقال:.
ـ سأصف لك الآن ما وقع,لقد شعرت بأنني مت وبأنني شخص جديد يبعث من مكاني وسوف تصدق أنه شخص جديد بكل معني الكلمة.لاعلاقة له بالشخص الميت. شخص جديد ثمل. يفيض قلبه بالأشواق والقدرة الخارقة علي التحدي والالتحام.
هل عرف نجيب قاسم؟ أم قرأ قاسم قلب الليل؟ كيف لكاتب أن يكتب ما حدث بالفعل لقاسم مع تغيرات طفيفة؟إن البنت التي نظر قاسم إلي عيونها فاقتحمه الجنون كانت راقصة.رغم اختلاف الأقوال عن مستوي جمالها إلي النقيض إلا أن الاتفاق كان عن مهنتها.عرف الحاج طه بما حدث وفعل مثلما فعل الراوي مع جعفر في قلب الليل.اختار لقاسم عروسا وفعل قاسم مثلما فعل جعفر الراوي واختار ممارسة الحب والجنون والقتل.إنه الجنون الباهر الذي سحر به جعفر وقاسم.استيقظ كعادته قبل الفجر,فتح الباب وخرج إلي الممر الطويل وفتح باب الجامع ودخل .توضأ وراح يصلي حتي سمع المؤذن يعلن صلاة الفجر.وقف وصلي ركعتين وسلم ثم وقف وصلي ركعتين لم تنبس فيهما شفتاه بكلمة.كان خلالهما قد أسلم القلب لله .خرج من الباب بعد أن صلي الصبح ومن بعيد شاهد قاسم الذي ظل طيلة الوقت ينتظره.كاد يهرول إليه.كاد يقع.كاد ينسي قصته.لم يتحرك.نظر إليه طويلا ثم قال قاسم.:
ـ هل تأتي معي؟
قالها وأنزل عيونه في الأرض وراح يبحث عن شيء ما.علي الناحية الثانية كان الحاج طه يبحث في السماء عن طاقة نور.كتب محفوظ عن تلك اللحظة فقال.:
ـ إني أري الإنسان نوعين.إنسان إلهي وإنسان دنيوي.الإنسان الإلهي هو من يعايش الله في كل حين ولو كان قاطع طريق.والدنيوي هو من يعايش الدنيا ولو كان من رجال الدين.لقد ترك قلبه يتحدث في ركعتين والآن جاء وقت التحدث بالسان.انسحب قاسم وترجل الحاج ودخل إلي خلوته.كان الإفطار علي التربيذة أمسك به ووضعه علي حافة السرير.كانت نفسه حزينة.كان قلبه يدعو وعقله حائر.أمسك بلقيمة ثم سمع صوت قلبه.
ـ انوي الصيام فربما يكون يومك الأخير.
استقر في عقله ماحدث به قلبه فوضع الفوطة البيضاء علي الصينية ووقف ووضعها علي التربيذة وأمسك بالمصحف وراح يقرأ سورة الكهف ويس والدخان والرحمن والواقعة والملك واختتم بأحد عشر من قل هو الله أحد.سحب اللحاف الستان علي قدميه ووسطه وترك لقلبه أن يتحدث مع الله.ماذا قال؟ ماذا سمع؟ لقد كان بالنسبة لمن يراه نائما.استيقظ قبل صلاة الجمعة.خرج إلي الممر كعادته.لم يستمع إلي الشيخ عاطف.كانت يديه علي المسبحة وقلبه مع الله.لم يلحظ الفراغات الكثيرة في المسجد الذي بني فيه دورا جديدا منذ أن بدأ قاسم الخطبة فيه.وقف بعد إقامة الصلاة ورأي الإمام..لم ينتبه إلي تحرك قاسم بعد الصلاة.كان مازال بقلبه وعيونه المسبلة مع الله .انتبه إلي صوت قاسم وهو يلقي السلام علي المصلين.بعد نهاية كلمات قاسم القليلة كان يبدو أنه يريد مغادرة الحياة في اللحظة والتو. لا. بل كان يبدو واضحا وجليا أنه يريد مفارقة الحياة قبل أن يستمع إلي دعوة قاسم لأهله وعشيرته بالوقوف معه يوم عرسه.لا. كان يبدو واضحا أنه استهان بمفارقات القدر فجاءته الطعنة حين كان يستمع إلي صوت قاسم وأحس للحظة أن دعاءه بقلبه وصومه قد أعاد إليه قاسم ابنه الحبيب مرة أخري. لكنها الهزيمة جاءت حين كان يرفع يديه ويشكر بقلبه الله الذي منحه النصر المبين.
ـ أنت تصفين قاسم يا أمي.
انزلت وجهها إلي الأرض لبقعة محددة تماما بالنسبة لها مبهمة تماما أيضا بالنسبة لي ثم قالت :
ـ الكبر عبر,وبعدين قاسم زي طه وطه زي أحمد,وأحمد زي محمد,ومحمدزي ياسين.كلها كلها أسماء المصطفي عليه الصلاة والسلام.
هل كانت أمي تحكي عن المصطفي أم أن ماجاء في بالها هو ماحدثت عنه فجاء بهذا السياق الغريب لاسماء النبي صلي الله عليه وسلم. قاسم . لأفتح القلب قليلا لكي يتحدث عنك. تذكرون يوسف الصديق ونسوة المدينة. لأفتح أكثرحتي يخرج ضياء نورك. تعرفون صورة السيد المسيح. لاشك يعرفن البنات اليوم صورة بطل تيتانك. ياقلب لا تتسع أكثر من ذلك؟ تعرفون أحلامكم.هي أجمل ماتملكون أليس كذلك؟ كان قاسم كذلك هو أجمل ما تمني القلب من جمال مطلق.لاأحد منا ينسي صوت الشيخ رفعت في مغارب رمضان.لاأحد ينسي دعاء النقشبندي.لسنوات كثيرة منحنا الله نحن ساكني منشية جمال عبد الناصر صوت جمع بين الاثنين.لسنوات قليلة عشقنا قصص الأنبياء وهي تخرج متحركة علي شاشة صوت قاسم.أكثر من مرة سمعنا منه ياعشاق النبي صلوا علي جماله.الكثير من الآباء والأمهات كن يرين جمال النبي في وجهه وصوته. لأيام قليلة حدث التغير,قال آباؤنا حين سأل كل منا بعد الرجوع من صلاة الجمعة وسماع خطبة الشيخ عاطف الذي كان يشبه إلي حد بعيد صوت جحش علم بعد عذاب لغة غير التي ظل طوال حياته يتكلم بها. كانت الخطبة عن أشياء كثيرة لم نعرف منها شيئا واحدا,اتمني كثيرا في هذه اللحظة التي أتكلم فيها بالنيابة عن الشيخ عاطف أن أمسك به وأضعه أمامكم لتشاركوني الاستماع إلي صوته وتشاهدون لحيته وملامح وجهه.لم تنتابني تلك الرغبة من قبل.يالله .ما أسعد من لم يستمع إليه.وما أسعد من يكتبه كما كان.إن الرجل الذي يستطيع أن يجعل الآخرين يسامحونه له نصف الجنة.هذا ما قرأته يوما ما.فماذا عن الرجل الذي يكرهه كل الأ طفال حتي أبنائه؟ وقاسم هذا سامحه كل الناس إلا الحاج طه .فهل يدخله الله الجنة؟هل ما أكتبه عن قاسم حقيقة؟ هل كان هناك في يوم من الأيام شخص بتلك المواصفات واسمه قاسم؟لأاعرف أين الواقع وأين الخيال . البعض منا قرأ رواية قلب الليل لعمنا نجيب محفوظ.والبعض الآخر شاهد الفيلم الذي قام بدور البطولة فيه الفنان نور الشريف.الرواية تحكي عن جعفر إبراهيم الراوي,ذلك الولد الذي جاء إلي بيت جده وهو في السادسة من العمر بعد موت أمه وأبيه الذي طرد من ذلك البيت ذات يوم حين أحب وتزوج واحدة من عامة الشعب. كان الجد أزهريا ورث عن أبيه وأجداده الثراء الواسع.وبهوهه كان ملتقي لرجال الدين والتصوف والسياسة والأدب .لقد كان الراوي كما قال نجيب محفوظ إنسان إلهي يعايش الله في كل حين.وفي لحظة واحدة حين كان جعفر إبراهيم الراوي ينهي دراسته في الأزهر شاهد فتاة بدوية كتب نجيب علي لسان جعفر بعد أن شاهد عيون البدوية فقال:.
ـ سأصف لك الآن ما وقع,لقد شعرت بأنني مت وبأنني شخص جديد يبعث من مكاني وسوف تصدق أنه شخص جديد بكل معني الكلمة.لاعلاقة له بالشخص الميت. شخص جديد ثمل. يفيض قلبه بالأشواق والقدرة الخارقة علي التحدي والالتحام.
هل عرف نجيب قاسم؟ أم قرأ قاسم قلب الليل؟ كيف لكاتب أن يكتب ما حدث بالفعل لقاسم مع تغيرات طفيفة؟إن البنت التي نظر قاسم إلي عيونها فاقتحمه الجنون كانت راقصة.رغم اختلاف الأقوال عن مستوي جمالها إلي النقيض إلا أن الاتفاق كان عن مهنتها.عرف الحاج طه بما حدث وفعل مثلما فعل الراوي مع جعفر في قلب الليل.اختار لقاسم عروسا وفعل قاسم مثلما فعل جعفر الراوي واختار ممارسة الحب والجنون والقتل.إنه الجنون الباهر الذي سحر به جعفر وقاسم.استيقظ كعادته قبل الفجر,فتح الباب وخرج إلي الممر الطويل وفتح باب الجامع ودخل .توضأ وراح يصلي حتي سمع المؤذن يعلن صلاة الفجر.وقف وصلي ركعتين وسلم ثم وقف وصلي ركعتين لم تنبس فيهما شفتاه بكلمة.كان خلالهما قد أسلم القلب لله .خرج من الباب بعد أن صلي الصبح ومن بعيد شاهد قاسم الذي ظل طيلة الوقت ينتظره.كاد يهرول إليه.كاد يقع.كاد ينسي قصته.لم يتحرك.نظر إليه طويلا ثم قال قاسم.:
ـ هل تأتي معي؟
قالها وأنزل عيونه في الأرض وراح يبحث عن شيء ما.علي الناحية الثانية كان الحاج طه يبحث في السماء عن طاقة نور.كتب محفوظ عن تلك اللحظة فقال.:
ـ إني أري الإنسان نوعين.إنسان إلهي وإنسان دنيوي.الإنسان الإلهي هو من يعايش الله في كل حين ولو كان قاطع طريق.والدنيوي هو من يعايش الدنيا ولو كان من رجال الدين.لقد ترك قلبه يتحدث في ركعتين والآن جاء وقت التحدث بالسان.انسحب قاسم وترجل الحاج ودخل إلي خلوته.كان الإفطار علي التربيذة أمسك به ووضعه علي حافة السرير.كانت نفسه حزينة.كان قلبه يدعو وعقله حائر.أمسك بلقيمة ثم سمع صوت قلبه.
ـ انوي الصيام فربما يكون يومك الأخير.
استقر في عقله ماحدث به قلبه فوضع الفوطة البيضاء علي الصينية ووقف ووضعها علي التربيذة وأمسك بالمصحف وراح يقرأ سورة الكهف ويس والدخان والرحمن والواقعة والملك واختتم بأحد عشر من قل هو الله أحد.سحب اللحاف الستان علي قدميه ووسطه وترك لقلبه أن يتحدث مع الله.ماذا قال؟ ماذا سمع؟ لقد كان بالنسبة لمن يراه نائما.استيقظ قبل صلاة الجمعة.خرج إلي الممر كعادته.لم يستمع إلي الشيخ عاطف.كانت يديه علي المسبحة وقلبه مع الله.لم يلحظ الفراغات الكثيرة في المسجد الذي بني فيه دورا جديدا منذ أن بدأ قاسم الخطبة فيه.وقف بعد إقامة الصلاة ورأي الإمام..لم ينتبه إلي تحرك قاسم بعد الصلاة.كان مازال بقلبه وعيونه المسبلة مع الله .انتبه إلي صوت قاسم وهو يلقي السلام علي المصلين.بعد نهاية كلمات قاسم القليلة كان يبدو أنه يريد مغادرة الحياة في اللحظة والتو. لا. بل كان يبدو واضحا وجليا أنه يريد مفارقة الحياة قبل أن يستمع إلي دعوة قاسم لأهله وعشيرته بالوقوف معه يوم عرسه.لا. كان يبدو واضحا أنه استهان بمفارقات القدر فجاءته الطعنة حين كان يستمع إلي صوت قاسم وأحس للحظة أن دعاءه بقلبه وصومه قد أعاد إليه قاسم ابنه الحبيب مرة أخري. لكنها الهزيمة جاءت حين كان يرفع يديه ويشكر بقلبه الله الذي منحه النصر المبين.