استيقظت من النوم.. وقد عقدت العزم للذهاب إلى طبيب نفساني.
لم أعد أستطيع التحمل وقد نفد صبري، كم يريني النوم عجبا، وعجبا لا أعرف شيئا؟
استقبلني الطبيب بابتسامة يجيدها مع مرضاه، بادرني بالسؤال التقليدى: ماذا تشتكي؟
كنت أتأمل الحجرة.. وألوان حوائطها المتداخلة بين الأصفر والأخضر والأزرق، وكذلك توزيع الإضاءة بعناية، والمفروشات الأرضية التى تداخلت ألوانها، لاحظ تأملي فردد سؤاله مرة أخرى، تطلعت لوجهه بابتسامة قائلا: الأحلام..!
– ماذا تعني؟
– أرى أحلاما غالبا ماتتحقق!
– اتسعت عيناه دهشة وسألني: غالبا أم دائما؟
– بل دائما.. وصمت ولم أكمل، لم يعرني اهتماما وهمّ واقفا طالبا مني أن أذهب للاستلقاء فوق مقعد هزاز فى الجانب المواجه للمكتب.
وجدت نفسي بحركة لا إرادية أتحرك مع حركة المقعد المنتظمة، بينما جلس هو على آخر خشبىي ثابت، في ود تحدث إلي.. قل كل شيء.. لن أقاطعك.. قل ماتريد.. هيا.. تحدث…!
– كانت البداية منذ سنوات بعيدة، رأيتها تحدثني عن أمي وهي تبكي، اختفت وهي تقول أنها تحبها كثيرا.
مرت أيام… وماتت أمي.
تذكرت الحلم بعد فترة، ودهشت كثيرا، قلت فى نفسي ربما كان حلما عابرا.
ومرت شهور، عاودتني، رأيتها.. حزينة.. وحيدة بفراشها، فى حجرة مظلمة!.. لم تتكلم ولم أتكلم.. كانت نظراتها حزينة، حتى تسللت خيوط الصباح إلى نافذتها، فمضيت وتركتها.
– قاطعني هذه المرة وسألني.. وماذا حدث بعد ذلك؟
– لم يحدث شيء لي..حدث لها هذه المرة، كانت تمر بأزمة كبيرة.. لكنها خرجت منها بعد ذلك..!
– اكمل..
– نسيت أن أخبرك.. أني في كل مرة أراها وقبل أن يحدث شيء أجد نفسي فى ضيق شديد.. وكأني أتعرض لضغط وإحباط شديدين.. مايلبث كل شيء أن يزول بوقوع حدث ما.
– هلا وضحت أكثر؟
– فى حلم قريب.. رأيتها.. كعادتها تفاجئني بظهورها.. ترتدي عباءة سوداء.. لم تتحدث ومضت
كأنها طيف مر سريعا.
قضيت ذلك اليوم حزينا.. لا أعرف لماذا؟
فلم أكن أذكر الحلم.. حتى رن هاتفي، وتلقيت مكالمة عرفت منها أن أمها قد ماتت!
– قاطعني مرة أخري: ألا توجد أحلام سارة تحققت؟
– نعم حدث كثيرا.. أذكر اني كنت أمر بضائقة مالية كبيرة وزارتنى دون استئذان كعادتها.. كل مافيها كان يشع نورا وابتسامتها التي أحببتها لاتفارقها، كان اليوم التالي غريبا، ثمة طاقة إيحابية جرت بأوردتى، ولم ينته اليوم حتى تلقيت أموالا كثيرة.
كنت استرسل فى استرخاء تام،مغمض العينين.. أتخيلها أمامي وهي تبتسم لكنها كانت تبعد شيئا فشيئا، فإذا بصوته يأتيني.. كفى.. لنذهب إلى المكتب.
كان قد غير إضاءة الحجرة وأعاد إليها اللون الأبيض من جديد.
استقبل مكتبه.. وغاص بجسده السمين فى الكرسي الأسود الدوار.. بينما جلست فى مواجهته مرة أخرى منتظرا أسئلة جديدة… فلم يسأل وظل يردد.. ياله من شيء غريب!
حتى وضع قلما فى فمه، ونظر إلي طويلا، ثم ترك مقعده وتوجه إلى جهاز تسجيل .. التقط اسطوانة، وضعها بداخله، بدأت الموسيقى تنبعث فى الحجرة من جديد وكأن ضربات القدر تنبعث مع نغماتها.
عاد إلى مقعده من جديد وهو يردد مرة أخرى ياله من شيء غريب!
توجست خيفة وقلقا، فبادرته قلقا: مالأمر يادكتور؟
أخذ نفسا عميقا وباغتنى بقوله:
السيدة التي تتحدث عنها كانت هنا بالأمس!
ساد الصمت بيننا ولم أعقب ولم يتكلم.. لكنه أخرج اسطوانة أخرى من درج مكتبه وضعها فى علبتها.. مد يده بها إلي، قائلا: لاشيء أستطيع أن أقدمه لك.. كل ماعليك أن تصغي لصوت القدر!
وتسمع هذه الأسطوانة كلما رأيتها!
هممت بمغادرة مكتبه.. وأنا أتذكرها، ووجدت نفسي أقول له: لقد أعطتني هي هذه الإسطوانة فىي حلم الأمس.
23 اكتوبر 2016
لم أعد أستطيع التحمل وقد نفد صبري، كم يريني النوم عجبا، وعجبا لا أعرف شيئا؟
استقبلني الطبيب بابتسامة يجيدها مع مرضاه، بادرني بالسؤال التقليدى: ماذا تشتكي؟
كنت أتأمل الحجرة.. وألوان حوائطها المتداخلة بين الأصفر والأخضر والأزرق، وكذلك توزيع الإضاءة بعناية، والمفروشات الأرضية التى تداخلت ألوانها، لاحظ تأملي فردد سؤاله مرة أخرى، تطلعت لوجهه بابتسامة قائلا: الأحلام..!
– ماذا تعني؟
– أرى أحلاما غالبا ماتتحقق!
– اتسعت عيناه دهشة وسألني: غالبا أم دائما؟
– بل دائما.. وصمت ولم أكمل، لم يعرني اهتماما وهمّ واقفا طالبا مني أن أذهب للاستلقاء فوق مقعد هزاز فى الجانب المواجه للمكتب.
وجدت نفسي بحركة لا إرادية أتحرك مع حركة المقعد المنتظمة، بينما جلس هو على آخر خشبىي ثابت، في ود تحدث إلي.. قل كل شيء.. لن أقاطعك.. قل ماتريد.. هيا.. تحدث…!
– كانت البداية منذ سنوات بعيدة، رأيتها تحدثني عن أمي وهي تبكي، اختفت وهي تقول أنها تحبها كثيرا.
مرت أيام… وماتت أمي.
تذكرت الحلم بعد فترة، ودهشت كثيرا، قلت فى نفسي ربما كان حلما عابرا.
ومرت شهور، عاودتني، رأيتها.. حزينة.. وحيدة بفراشها، فى حجرة مظلمة!.. لم تتكلم ولم أتكلم.. كانت نظراتها حزينة، حتى تسللت خيوط الصباح إلى نافذتها، فمضيت وتركتها.
– قاطعني هذه المرة وسألني.. وماذا حدث بعد ذلك؟
– لم يحدث شيء لي..حدث لها هذه المرة، كانت تمر بأزمة كبيرة.. لكنها خرجت منها بعد ذلك..!
– اكمل..
– نسيت أن أخبرك.. أني في كل مرة أراها وقبل أن يحدث شيء أجد نفسي فى ضيق شديد.. وكأني أتعرض لضغط وإحباط شديدين.. مايلبث كل شيء أن يزول بوقوع حدث ما.
– هلا وضحت أكثر؟
– فى حلم قريب.. رأيتها.. كعادتها تفاجئني بظهورها.. ترتدي عباءة سوداء.. لم تتحدث ومضت
كأنها طيف مر سريعا.
قضيت ذلك اليوم حزينا.. لا أعرف لماذا؟
فلم أكن أذكر الحلم.. حتى رن هاتفي، وتلقيت مكالمة عرفت منها أن أمها قد ماتت!
– قاطعني مرة أخري: ألا توجد أحلام سارة تحققت؟
– نعم حدث كثيرا.. أذكر اني كنت أمر بضائقة مالية كبيرة وزارتنى دون استئذان كعادتها.. كل مافيها كان يشع نورا وابتسامتها التي أحببتها لاتفارقها، كان اليوم التالي غريبا، ثمة طاقة إيحابية جرت بأوردتى، ولم ينته اليوم حتى تلقيت أموالا كثيرة.
كنت استرسل فى استرخاء تام،مغمض العينين.. أتخيلها أمامي وهي تبتسم لكنها كانت تبعد شيئا فشيئا، فإذا بصوته يأتيني.. كفى.. لنذهب إلى المكتب.
كان قد غير إضاءة الحجرة وأعاد إليها اللون الأبيض من جديد.
استقبل مكتبه.. وغاص بجسده السمين فى الكرسي الأسود الدوار.. بينما جلست فى مواجهته مرة أخرى منتظرا أسئلة جديدة… فلم يسأل وظل يردد.. ياله من شيء غريب!
حتى وضع قلما فى فمه، ونظر إلي طويلا، ثم ترك مقعده وتوجه إلى جهاز تسجيل .. التقط اسطوانة، وضعها بداخله، بدأت الموسيقى تنبعث فى الحجرة من جديد وكأن ضربات القدر تنبعث مع نغماتها.
عاد إلى مقعده من جديد وهو يردد مرة أخرى ياله من شيء غريب!
توجست خيفة وقلقا، فبادرته قلقا: مالأمر يادكتور؟
أخذ نفسا عميقا وباغتنى بقوله:
السيدة التي تتحدث عنها كانت هنا بالأمس!
ساد الصمت بيننا ولم أعقب ولم يتكلم.. لكنه أخرج اسطوانة أخرى من درج مكتبه وضعها فى علبتها.. مد يده بها إلي، قائلا: لاشيء أستطيع أن أقدمه لك.. كل ماعليك أن تصغي لصوت القدر!
وتسمع هذه الأسطوانة كلما رأيتها!
هممت بمغادرة مكتبه.. وأنا أتذكرها، ووجدت نفسي أقول له: لقد أعطتني هي هذه الإسطوانة فىي حلم الأمس.
23 اكتوبر 2016