الوقت لم يزل ممهوراً بك، والنهايات التي تتجسدني بتمامها، تغادر الان طيفها العاري. والبدايات تلك، تلتقط أنفاسها بتؤدةٍ فاضحة كالعذوبةِ، ياسمين يرتشف الندى.
- إبق هنا، لا تغادر..
ليس بعد!
ترفّق بقلبي قليلاً، يحتوية حُنوّك وطفل أضاع فيض المحارة، يفتش عن سرب فراشات تلتقط آخر الأنفاس، تُلملم دفئها في قُمقُمٍ يزهر أُغنية ، يبارك غصنها الغيث، تعيد بناء الخلايا و ماإنفطر، محض المسافات، نقش مستلق على عرائه، ولا شئ سوى اللون، رشّة الرذاذ وهذا الفرح، لا يكف عن نبضك، وحذر السؤال:
- لماذا إرتأيت أن تدخّر وجعك، وتغادر المكان مبكراً!؟
- هل كان علينا أن نفترق أو نحترق؟
تباً لنزوحِ قبائل الحزن والإنتظار، لم يبق بيننا سوى حلمٌ شهيٌّ، بوح يطلع صلصالاً، يهش الداخل، ليعود من جديد بعشقٍ يلد صبرة الحميم:
- آه... من هذا الفيض الغارق فى حزنٍ لا يطاله إلا وجعاً آخر، أجمل وأعمق وخزاً!.
تداعت الأشياء مثل حبات الخرز، بوحٌ مانحاً لأسراره. لم يكن هناك وقتٌ للبكاءِ، أو غناء يرخى حزن التفاصيل الصغيرة، أسمائها، لونها، طعمها، ويحيل المخيلة إلى فنجان قهوة بنكهة القرفة، لتصحو على معرفة مكان ما، لا يضلُّ حنينه.
إمتصت آمنة حزنها النبيل، وتكاثفت ساطعة، كانت تشئ بصفاءٍ بهي، وفى ومضةِ لحظة خاطفة كرمشِ العين، كان للسؤال وخزه العاري، كنثارِ الأسئلة المزدوجة، رجّة الدهشة التي تتمادي في سرياليتها البازخة، وصمت صاخب يحاصر فضاءات المدى المعلّق علي همس راقد منذ زمان بعيد، يتصاعد الان بحنوّ بالغ:
- "وأني طفل هواكِ..
على حضنكِ الحلو أنمو وأكبر" *
رددت معه أجمل المقاطع لدرويش، والكلمات تتعثر في خطوِها نحوه بارتباكٍ يغلبه الحنين والفرح:
- يالله.. القلب ما زال دافئا به، كما لم يكن من قبل.
و إنفلتت أنّاتها بتواطؤٍ جميل لم تفلح فى إخفائه. كان لإبتسامتها الخجول إنبلاجة عريضة إرتسمت على شفتيها، وكست ملامح وجهها رقة وليونة، وقلبها السنجابي يكاد يقفز من نبضه مثل حبات المطر:
- ليكن سألحق به!
كلماتٌ وجله، ترتعش، تتبعثر بفوضي حميمة، ووحدها الاشياء من حولها تتوحّد، تتراص، تتبعثر، ينفكّ عقد الخرز.. الوجع، رهافة التهيؤ، و.. كان هناك..
مدّ إليها يديه منادياً:
- هذا أنا، لك من المدرار فى دمي باب:
- تعالي
همسٌ وشيشٌ، غيماتٌ تنسلّ، صوت أجنحة الفراشة.
تردد الهمس مثل فاكهة الصباح:
- تعالي
نسوي (سوا) تراب هذا اللون،
نخلق من حشاه أقواساً،
لكل قزحٍ أن يأتي توقه الحميم..
زمناً لنا، من بابه تمر الحياة آذنه للبروق والشمس أن يضيئا.
ولعينيك الطفلتين ناصية القوس والمدى..
تهجئة الحنين،
إن أنت ما خفتِ، الصعد،الفرح، الوجد الـ ينتظر الأرض حتى تستقيم ليضع عليها قدميه، الوجد الـ يقد أرضه.
فتحت آمنه بابها للونِ الغيم والشجر. فراشات حلقت فوق الأزهار، إحتواء يغلبه الحنين، ودفء يهطل بتقاطرٍ يكاد ينفجر بالفرح.
برمنجهام 16 أغسطس 2012
منى محمد صالح.
- البيت لمحمود درويش
- إبق هنا، لا تغادر..
ليس بعد!
ترفّق بقلبي قليلاً، يحتوية حُنوّك وطفل أضاع فيض المحارة، يفتش عن سرب فراشات تلتقط آخر الأنفاس، تُلملم دفئها في قُمقُمٍ يزهر أُغنية ، يبارك غصنها الغيث، تعيد بناء الخلايا و ماإنفطر، محض المسافات، نقش مستلق على عرائه، ولا شئ سوى اللون، رشّة الرذاذ وهذا الفرح، لا يكف عن نبضك، وحذر السؤال:
- لماذا إرتأيت أن تدخّر وجعك، وتغادر المكان مبكراً!؟
- هل كان علينا أن نفترق أو نحترق؟
تباً لنزوحِ قبائل الحزن والإنتظار، لم يبق بيننا سوى حلمٌ شهيٌّ، بوح يطلع صلصالاً، يهش الداخل، ليعود من جديد بعشقٍ يلد صبرة الحميم:
- آه... من هذا الفيض الغارق فى حزنٍ لا يطاله إلا وجعاً آخر، أجمل وأعمق وخزاً!.
تداعت الأشياء مثل حبات الخرز، بوحٌ مانحاً لأسراره. لم يكن هناك وقتٌ للبكاءِ، أو غناء يرخى حزن التفاصيل الصغيرة، أسمائها، لونها، طعمها، ويحيل المخيلة إلى فنجان قهوة بنكهة القرفة، لتصحو على معرفة مكان ما، لا يضلُّ حنينه.
إمتصت آمنة حزنها النبيل، وتكاثفت ساطعة، كانت تشئ بصفاءٍ بهي، وفى ومضةِ لحظة خاطفة كرمشِ العين، كان للسؤال وخزه العاري، كنثارِ الأسئلة المزدوجة، رجّة الدهشة التي تتمادي في سرياليتها البازخة، وصمت صاخب يحاصر فضاءات المدى المعلّق علي همس راقد منذ زمان بعيد، يتصاعد الان بحنوّ بالغ:
- "وأني طفل هواكِ..
على حضنكِ الحلو أنمو وأكبر" *
رددت معه أجمل المقاطع لدرويش، والكلمات تتعثر في خطوِها نحوه بارتباكٍ يغلبه الحنين والفرح:
- يالله.. القلب ما زال دافئا به، كما لم يكن من قبل.
و إنفلتت أنّاتها بتواطؤٍ جميل لم تفلح فى إخفائه. كان لإبتسامتها الخجول إنبلاجة عريضة إرتسمت على شفتيها، وكست ملامح وجهها رقة وليونة، وقلبها السنجابي يكاد يقفز من نبضه مثل حبات المطر:
- ليكن سألحق به!
كلماتٌ وجله، ترتعش، تتبعثر بفوضي حميمة، ووحدها الاشياء من حولها تتوحّد، تتراص، تتبعثر، ينفكّ عقد الخرز.. الوجع، رهافة التهيؤ، و.. كان هناك..
مدّ إليها يديه منادياً:
- هذا أنا، لك من المدرار فى دمي باب:
- تعالي
همسٌ وشيشٌ، غيماتٌ تنسلّ، صوت أجنحة الفراشة.
تردد الهمس مثل فاكهة الصباح:
- تعالي
نسوي (سوا) تراب هذا اللون،
نخلق من حشاه أقواساً،
لكل قزحٍ أن يأتي توقه الحميم..
زمناً لنا، من بابه تمر الحياة آذنه للبروق والشمس أن يضيئا.
ولعينيك الطفلتين ناصية القوس والمدى..
تهجئة الحنين،
إن أنت ما خفتِ، الصعد،الفرح، الوجد الـ ينتظر الأرض حتى تستقيم ليضع عليها قدميه، الوجد الـ يقد أرضه.
فتحت آمنه بابها للونِ الغيم والشجر. فراشات حلقت فوق الأزهار، إحتواء يغلبه الحنين، ودفء يهطل بتقاطرٍ يكاد ينفجر بالفرح.
برمنجهام 16 أغسطس 2012
منى محمد صالح.
- البيت لمحمود درويش