* إلى غابرييل غارثيا ماركيز
وأنا أقرأُُُ ماركيز
وأنا أعيشُ مع الجنرال المتقاعدِ العَجُوز
تَذكرتُ أسلافَ الهنودِ الحُمْر
صَقيعَ الغاباتِ الجنوبية
خريرَ مياهِ الأمازون
لهيبَ الشمسِ في الصومال
سلاسلَ العبيدِ غربَ أفريقيا
فَقْرَ السوريين أيامَ الأتراك
جوعَ الماشية والبشر أيامَ السفربرلك
بُناةَ الإهراماتِ الفقراء
حفاري قناةِ السويس الموتى
أعوادَ الثقابِ المحترقةَ
عندَ جدولٍ ناشف.
بحَسرتِها التي ورثَتْها عن فَقْر جدَّاتها الكولومبيات
بهزيمةِ زوجِها التي فَتحتْ الطريقَ للديكتاتور
بحيرَتِها في تَدبيرِ قهوةِ الصَباحِ أو عَشاءِ الديك
بمرضِها السَقيم
بموتِها الذي عاشَتْه بطيئاً مثلَ روايةٍٍ مُملة
بكوابيسها الليلية
صحبةََ زوجٍ غَنيٍ بالأوهامِ
بحُزنِها الذي عَشَّشَ في أمعاءِ الشتاء
بيأسِها من بَريدِ الجنرال
بخيباتِها المتكررة
أقامتْ بيتاً خاوياً من حكمة
عَلَّقتْ سلالاً ملأى باليأس
جفَّفَتْ حليباً من أسى
خزَّنت آباراً من فجيعة
ميراثاً من هُراءٍ وطحينٍ زائف.
أيُّها الماضي
يا وريثَ الحشراتِ الشاردة
أيُّها البعيد،
يا (بويندا)* المُنهزم
أما نسيتَ بعضاً من زَهْو القُبَّرات
عندَ مقبرةِ الطائرِ العائدِ من جنةٍ فارغة؟
أيُّها الحريقُ الذي لم يندلعْ
إلا في حَطبِ الجوع
تلكَ شُرفةٌ للتثاؤب
مشنقةٌ للرحمة
استمتعْ بعَجْرَفة الأبدية.
أُيُّها المستقبلُ المعقوفُ مثلَ صليبِ النازي
أَمَا للحُروفِ من أَثرْ
أما للكلمات من مِديةٍ أو سَيف
أما للحلمِ من تَكوينٍ
على ظلِّ لوحةٍ لماتيس
أو جانبَ سورٍ في خيال الجنائز؟
أما للكهوفِ من غذاءٍ
سوى الظلمة واللصوص؟
انتهتْ متاعبُ الميِّتْ
اجعلْ حذاءَك القديمَ
مستودعاً للطيبة
تقدمْ حفلةَ المُغفلين
تلك التي تكشفُ للخالق
جرائمَ الحشرات
خديعةََََ المواعظِ والنظريات،
مبارزةُ الديوك
تفيضُ على حاجة المُعْدَم.
وأنتَ أيُّها الروائيُّ الطاعنُ في الصبر والرَويّْ
أما توقفتَ قليلاً
لتُطعمَ الجوعى من نِثارٍ السَردِ
أما كانَ ينبغي؛
أنْ تُدبِّجَ للكولونيل تلك الرسالةَ المرتجاةَ
ولو من بابِ الخِداعِ والتَزييف
أو على سبيلِ المُتعة الذهنية؟
أعرفُ أن الحياةَ لا تخضعُ لمزاجِ الكُتَّابِ المُحترفين أمثالكْ
لكن كثيراً ما تنحرفُ الكلماتُ
وقليلاً ما تتماهى الشخوصُ مع المصائر.
لم تكنْ لتخسر نوبلَ لو فعلتَ
ولن تخسرَ الواقعيةَ السحرية
لو حسمتَ أمرَ الديك،
القراء؟
دعكَ منهم؛
إنهم لا يُشكلونَ سوى الدخانَ المتصاعدَ
من رأسِ السيجارةِ المُشتعلة
إنَّهم يبحثون عن حبيباتِهم بينَ الأَسطر
وعن أطماعِهم داخلَ الجُمَل
والمحترفون منهم
يرمقونَكَ بعينِ الحَسد،
وكثيرٌ منهم يودُّ إدراكَ سرَّ فَشلِه فيما اقترف
دَعْكَ منهم ومنّا
القرويونُ أجملُ من عَناءِ الكُتب والنُقاد
خاصةً أولئك الذين يتحلقونَ حولَ أقراصِ العسلِ الآمنة
وهم يلبسون ملابسَ المُنحلين
وَشَبكَ الوقاية من إبر النظريات،
القُرى أكثرُ فائدةً للترجمةِ من تراجيديات يوربيدس،
لا تقبل نصيحتي؛
فكلُّ حكمةٍ تحملُ رعونَتَها
ولكن من باب التلفيق
لا تحتكمْ لتاريخِ الشجر
أو فلسفةِ الأوروبيين
في إسداء العِِبرةِ عبرَ الرواية،
تَقدمْ وَحْدَكَ السحرَ والقَشْعريرة؛
فحينَ جعلتَ تلكَ العَجوزَ تطيرُ مع الهواء
صدَّقَكَ الناسُ وكذَّبوا الطبيعة
فلماذا وضعتَ كلَّ قسوتِك فوقَ رأسين بائسين؟
لم تكنْ بيكيت لتحرمَ غودو من المجيء
أو موسى لتمتحنَ شعبَك في التيهِ
ولم تكنْ مُحمداً لتعلِّمنا السعيَ والطَّوافْ
أو المسيحَ لتمدَّ ذراعيكَ فوقَ الصَليب
ورجليكَ للمَساميرْ
لكنَّك عن سَبْق تَفكيرٍ وتَرصُّد؛
تربَّصْتَ بالهزيمةِ والإحباط
حتى آويتَهما إلى فراش النياشين.
ربَّ ذنبٍ جرَّه العارُ
ربَّ أوسمةٍ لم تنمْ على أكتافِ حامليها.
أطلقْ الديكَ يا ماركيز
أطلقْه ليشاركَ في السباق
أو بِِعْهُ بما يفكُّ عسرَ الطبيعةِ ويسكتَ الجوع
اذبحه بسكين الاشتهاء على الأقل،
لا يا غابرييل،
ليست العبرةُ يائسةً إلى هذا الحد
ليست الفضيلةُ في قهرِ أصدقائِنا بطريقةٍ روائية.
* اوريليانو بويندا اسم الجنرال في رواية ليس لدى الجنرال من يكاتبه.
وأنا أقرأُُُ ماركيز
وأنا أعيشُ مع الجنرال المتقاعدِ العَجُوز
تَذكرتُ أسلافَ الهنودِ الحُمْر
صَقيعَ الغاباتِ الجنوبية
خريرَ مياهِ الأمازون
لهيبَ الشمسِ في الصومال
سلاسلَ العبيدِ غربَ أفريقيا
فَقْرَ السوريين أيامَ الأتراك
جوعَ الماشية والبشر أيامَ السفربرلك
بُناةَ الإهراماتِ الفقراء
حفاري قناةِ السويس الموتى
أعوادَ الثقابِ المحترقةَ
عندَ جدولٍ ناشف.
بحَسرتِها التي ورثَتْها عن فَقْر جدَّاتها الكولومبيات
بهزيمةِ زوجِها التي فَتحتْ الطريقَ للديكتاتور
بحيرَتِها في تَدبيرِ قهوةِ الصَباحِ أو عَشاءِ الديك
بمرضِها السَقيم
بموتِها الذي عاشَتْه بطيئاً مثلَ روايةٍٍ مُملة
بكوابيسها الليلية
صحبةََ زوجٍ غَنيٍ بالأوهامِ
بحُزنِها الذي عَشَّشَ في أمعاءِ الشتاء
بيأسِها من بَريدِ الجنرال
بخيباتِها المتكررة
أقامتْ بيتاً خاوياً من حكمة
عَلَّقتْ سلالاً ملأى باليأس
جفَّفَتْ حليباً من أسى
خزَّنت آباراً من فجيعة
ميراثاً من هُراءٍ وطحينٍ زائف.
أيُّها الماضي
يا وريثَ الحشراتِ الشاردة
أيُّها البعيد،
يا (بويندا)* المُنهزم
أما نسيتَ بعضاً من زَهْو القُبَّرات
عندَ مقبرةِ الطائرِ العائدِ من جنةٍ فارغة؟
أيُّها الحريقُ الذي لم يندلعْ
إلا في حَطبِ الجوع
تلكَ شُرفةٌ للتثاؤب
مشنقةٌ للرحمة
استمتعْ بعَجْرَفة الأبدية.
أُيُّها المستقبلُ المعقوفُ مثلَ صليبِ النازي
أَمَا للحُروفِ من أَثرْ
أما للكلمات من مِديةٍ أو سَيف
أما للحلمِ من تَكوينٍ
على ظلِّ لوحةٍ لماتيس
أو جانبَ سورٍ في خيال الجنائز؟
أما للكهوفِ من غذاءٍ
سوى الظلمة واللصوص؟
انتهتْ متاعبُ الميِّتْ
اجعلْ حذاءَك القديمَ
مستودعاً للطيبة
تقدمْ حفلةَ المُغفلين
تلك التي تكشفُ للخالق
جرائمَ الحشرات
خديعةََََ المواعظِ والنظريات،
مبارزةُ الديوك
تفيضُ على حاجة المُعْدَم.
وأنتَ أيُّها الروائيُّ الطاعنُ في الصبر والرَويّْ
أما توقفتَ قليلاً
لتُطعمَ الجوعى من نِثارٍ السَردِ
أما كانَ ينبغي؛
أنْ تُدبِّجَ للكولونيل تلك الرسالةَ المرتجاةَ
ولو من بابِ الخِداعِ والتَزييف
أو على سبيلِ المُتعة الذهنية؟
أعرفُ أن الحياةَ لا تخضعُ لمزاجِ الكُتَّابِ المُحترفين أمثالكْ
لكن كثيراً ما تنحرفُ الكلماتُ
وقليلاً ما تتماهى الشخوصُ مع المصائر.
لم تكنْ لتخسر نوبلَ لو فعلتَ
ولن تخسرَ الواقعيةَ السحرية
لو حسمتَ أمرَ الديك،
القراء؟
دعكَ منهم؛
إنهم لا يُشكلونَ سوى الدخانَ المتصاعدَ
من رأسِ السيجارةِ المُشتعلة
إنَّهم يبحثون عن حبيباتِهم بينَ الأَسطر
وعن أطماعِهم داخلَ الجُمَل
والمحترفون منهم
يرمقونَكَ بعينِ الحَسد،
وكثيرٌ منهم يودُّ إدراكَ سرَّ فَشلِه فيما اقترف
دَعْكَ منهم ومنّا
القرويونُ أجملُ من عَناءِ الكُتب والنُقاد
خاصةً أولئك الذين يتحلقونَ حولَ أقراصِ العسلِ الآمنة
وهم يلبسون ملابسَ المُنحلين
وَشَبكَ الوقاية من إبر النظريات،
القُرى أكثرُ فائدةً للترجمةِ من تراجيديات يوربيدس،
لا تقبل نصيحتي؛
فكلُّ حكمةٍ تحملُ رعونَتَها
ولكن من باب التلفيق
لا تحتكمْ لتاريخِ الشجر
أو فلسفةِ الأوروبيين
في إسداء العِِبرةِ عبرَ الرواية،
تَقدمْ وَحْدَكَ السحرَ والقَشْعريرة؛
فحينَ جعلتَ تلكَ العَجوزَ تطيرُ مع الهواء
صدَّقَكَ الناسُ وكذَّبوا الطبيعة
فلماذا وضعتَ كلَّ قسوتِك فوقَ رأسين بائسين؟
لم تكنْ بيكيت لتحرمَ غودو من المجيء
أو موسى لتمتحنَ شعبَك في التيهِ
ولم تكنْ مُحمداً لتعلِّمنا السعيَ والطَّوافْ
أو المسيحَ لتمدَّ ذراعيكَ فوقَ الصَليب
ورجليكَ للمَساميرْ
لكنَّك عن سَبْق تَفكيرٍ وتَرصُّد؛
تربَّصْتَ بالهزيمةِ والإحباط
حتى آويتَهما إلى فراش النياشين.
ربَّ ذنبٍ جرَّه العارُ
ربَّ أوسمةٍ لم تنمْ على أكتافِ حامليها.
أطلقْ الديكَ يا ماركيز
أطلقْه ليشاركَ في السباق
أو بِِعْهُ بما يفكُّ عسرَ الطبيعةِ ويسكتَ الجوع
اذبحه بسكين الاشتهاء على الأقل،
لا يا غابرييل،
ليست العبرةُ يائسةً إلى هذا الحد
ليست الفضيلةُ في قهرِ أصدقائِنا بطريقةٍ روائية.
* اوريليانو بويندا اسم الجنرال في رواية ليس لدى الجنرال من يكاتبه.