عبد الحكم بلحيا - على خيط في الهاوية... شعر

الأُكسِجين؛
شيطانُ هذا الكوكب
يجري في الكَون مَجرَى السُمّ،
يَسري في الإنسان..
مَسرَى الوَهم والعُدوان!
هوائيّ ،
أبَديّ الحرَكة،
مهوُوس بالفراغ!
قَرينُ الذات الأوْحَد،
كتالوچ المجموعة السرّيّ،
مفتاح كتاب الحيَوان!
بلا عظام، بلا دم،
وربما بلا دماغ..
لكن.. ليس بلا أكسِجين!
اِعبَثْ مع أيّ شيء
في هذا البيت المغلق..
لكن.. ليس مع ذلك الوَسواس الخنّاس!
اِنزل -إن شئتَ- إلى غيابات الماء
واصنع بنفسك؛
ضوءَك، وطاقةَ ضغطك..
أو.. فلْتنفجر عُبوةً فارغة!
تبًّا لي من ممسُوس؛
كلّما اتّجهتُ نحو السماء..
همزَتْني قبضةُ الفقدان!
وأنت..
أيّها الآتي من ظلُمات السوائل؛
هاك،خذْ.. لطمة الحياة،
وقل لي:
أهذه نَخسةُ شيطان،
أم نفحة أُكسِ-جان؟!
***
يا هذا الجنيُوس اللّعين؛
لو نفذتَ من أقطار السماوات!
أمْ كنتَ تجِدُ حرسًا ورجُومًا رصَدا؟
دعْنا إذن نخترق دونَك..
حجابَ هذه الزنزانة المفخّخة
التي ما برحْنا نَعِيثُ فيها ثقوبا !
لكنْ.. قبل ذلك، قُل لي:
ما الذي أغراك بنا..
حتّى أنزلتَنا إلى الأرض..
في جِيدنا حبلٌ من كذِب ؟!
وها نحن.. بلا هَوادة..
قد أكلنا كُلّ الشجر..
فما أصَبْنا عُشبة الخلود،
ولا ألفَيْنا مُلكًا لا يَبلَى!!
وأنت هناك مِن قبل أن نَعرفك..
مُتبَوّئٌ عرشَ الماء،
تتملّى انصهارَنا البَطيء!!
***
ليست الغابة،
بل الصحراء :
رئة الأرض !
وناهيك بالغَيم من وِشاح !
نهرٌ طائر،
يغيّر ريشَه باستمرار
أمّا عن ثُؤَباء الأرض؛
فحدّث عن الريح ولا حرج!
كُلّ شيء
يحيَا بكلّ شيء..
في هذه المركبة المقذوفة،
المُتصاديَة من أقصاها إلى أقصاها!
من أزمنة التصادُم والانفجارات والفوضى..
الْتقينا هنا، لنعيش..
على هذا الغشاء الأزرق الرفيع!
ولم نزَل أجِنّة،
في هذه الفقاعة العائمة..
المجهِشة بالتلاشي!
قبلَ ما نأتي؛
انسَجَرْنا..
وما نفتأ مُخضّبين بالهلاك..
نحن المتنازعين على شِبر
من حبل البهلَوان!
أيّها الأنتروبوسين؛
الأرض مضغوطة تحت قدمك،
وحالُ كلّ ألْسُنها:
-"إنّني أختنق"
-"لا أستطيع أن أتنفّس"!
***
%20,95
أيّةُ معجزة أو عبقريّة..
تسهر على حراسة الميزان ؟!
إن ابتعدنا عنه نختنق،
أو اقتربنا منه نحترق..
يا لَهذا الماكر الخفي..
الذي يتركنا في عتمة اليَمْبُوس!
23 ألفَ نفَس!
يا لك من هَلُوع..
أيّها الهوموسابيان !
4 ملايين سنة..
من حلقات الحياة والموت
وها كأنّنا الآن فقط..
شرَعنا نُمارس التنفّس!
شهيق، زفير..
زفير، شهيق...
إلى ما لانهاية
أو.. ربّما؛
إلى النهاية !
***
الأكسجين ؛ معطفُنا الشتويّ،
والأكسجين: قميصُنا الصيفيّ..
لكنّنا لِلعُري،
وإنّا إليه عائدون!!
هذا الهباء؛
طالما لا يزال مَجّانا..
فكل حروب الأرض عبَث !!
لا هواء يُصطنَع أو يُشترَى..
الهواء :
زكاةُ كوكبنا الرؤوم ..
لولا هذه الرحلة الرعناء!
والآن؛
ماذا ننتظر؟
هيّا إلى مقاهي الأكسجين..
نبتاع جرعات البهجة!
-أخي ، أختي؛ الإنسان،
أيُّهذا الولُود اللّدود..
هل وفّرت لنسلِك..
ما يحتاج من أنفاس !؟
-زُرْ أهلك، أو اتّصل بهم،
اطمئنّ عليهم..
هل لديهم ما يكفي من الأكسجين !؟
-مع السلامة يا بُنيّ..
اعتنِ بنفسك جيّدا ؛
ولا تنسَ المداومة على الزفير والشهيق !!
-هيّا.. خفّف أمتعتك،
ولا تنسَ قنّينة الأكسجين؛
أيها المسافر للمستقبل !!
***
شهقةٌ.. لحظةَ المجيء،
زفرة.. آنَ الرحيل..
يا لهشاشة العيش..
على خيط في الهاوية!!


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هامش:
(ظلّ هذا النصّ من يوم كتابته، محجورًا في مخزن آلة هاتف معطّلة، مع نصوص أخرى، حتى تمكّنتُ من استرجاعه مؤخّرًا، فأعدتُ صياغته، أي إنّني كتبتُه على مرحلتين، لذلك يبدو فيه روحان أو صوتان؛ روح تحتفي وتتمدّح، وصوت يحتجّ ويناكف، أو ربما كان من أصله هكذا هه).


الكتابة الأولى في: 20/01/2020
الصياغة الأخيرة في: 24/07/202 0

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى