كانت الفتاة ذات التاسعة من العمر تنظر الى الصورة المهتزة في عينيّ أبيها وتصنع ابتسامة خجولة على وجهها المثلث الناعم . وكانت الزوجة تنظر الى رأس زوجها وترى الفتاة وهي تتجول في رأس أبيها مطعونة بقسوة صيف تموز . وكان الجيران يشاهدون البيت بأكمله يتسامى في توصيف مرتجف هو أقرب الى السراب منه الى الحقيقة ، لكن اليقين الراسخ أنه مجرد جدار وأبواب لحوم وعظام يطبخون على مهل داخل الجدران . وكانت البيوت أيضا دون وعي منها تنظر الى بعضها ، البيوت ذات الأبواب المتقابلة وجهًا لوجه تظهر كما لو أنها متوافقة مع بعضها ، على عكس البقية إذ تبدو وكأنها دخلت في مشاجرة . هناك في الطابق الرابع من عمارة الصالح في حي القاهرة ، نافذة صغيرة تشبه نوافذ شقة في فيلم مصري ، ينظر الصبي الصغير عبر مرآة معلّقةٍ على مساحة صغيرة من الجدار الى انعكاس المدينة وانبعاج الزوج والزوجة والفتاة والبيوت المجاورة كلها في صورة مهتزة يشعر معها الفرد بالمرض وعدم الثقة بالنفس .
كانت أم الصبي تجلس الى ماكنة الخياطة ، وتنظر الى الفتق في بنطال زوجها كيف بدأ بالاختفاء تدريجيا . عندما انتهت شاهدتْ في عينيّ ولدها الصغير ما شاهده من قبل . نظر الى أمه وشاهد فتقًا جديدًا في دشداشة قديمة تستخدمها للنوم . في لحظة عابرة اصطدمت نظرات الأم بالصغير ونظرات الفتاة بالأب ، فاخترقت النظرات بعضها كما لو انها قطارات تدخل الى نفق ، ثم يقودها النفق الى نفق آخر دون أن يعرف أي واحد منهم من أين انطلقت أول نظرة تحكي كل شيء دون كلام أو كتابة أو تلميح .
كانت أم الصبي تجلس الى ماكنة الخياطة ، وتنظر الى الفتق في بنطال زوجها كيف بدأ بالاختفاء تدريجيا . عندما انتهت شاهدتْ في عينيّ ولدها الصغير ما شاهده من قبل . نظر الى أمه وشاهد فتقًا جديدًا في دشداشة قديمة تستخدمها للنوم . في لحظة عابرة اصطدمت نظرات الأم بالصغير ونظرات الفتاة بالأب ، فاخترقت النظرات بعضها كما لو انها قطارات تدخل الى نفق ، ثم يقودها النفق الى نفق آخر دون أن يعرف أي واحد منهم من أين انطلقت أول نظرة تحكي كل شيء دون كلام أو كتابة أو تلميح .