بغداد ذات ربيع
نام الصبي عفياً ولطيفاً وبهي القسمات وكان منامه هادئاً كعادته لولا هذا الإصرار على أن يمسك بيدي طوال فترة نومه فيتجمد بدني على وضع واحد لاأغيره حتى لا ينزعج فيحترق قلبي.
غير أن تلك الليلة كانت اليد التي تحضن قلبي ساخنة فانتبهتُ ومسستُ الجبين الوضّاء فاذا بلفح اللهب وإذا بي أقفز إلى التليفون وأتصل بإم عفراء طبيبة أطفالي فخففتْ عني الخوف-ولها قدرة عجيبة على ذلك-وأمهلتْ الصبي لبعض الوقت وكررتْ: إعملي كمادات باردة و راقبي لون شفتيه. ومرت الساعات حالكة وأنا أراقب لون الشفاه واختنق من الخوف فقد حدث ما نبهتني له طبيبته فهرول الوالد فَزِعَاً، وانا أحمل حبة القلب وبي وجع غير ظاهر فلا أريد أن أخيف الرجل وقلبه لا يحتمل فآثرت السكينة الكاذبة.
لم يكن المستشفى بعيداً أدخلنا طاقم التمريض بسرعة وأجروا اللازم ونصحوني بالخروج من غرفة الطواريء حتى لا يرق قلبي لإبني وقد تحول ذراعة لساحة تفتيش وبحث عن وريد يحتمل حقنه بسائل يساعد على اتساع الشُعَب الهوائية فيسهل التنفس.
خرجت لثانية وسمعت زوجي يحتج على الممرضات فعدتُ مسرعة واستبدلنا الأدوار وتم الحقن في الذراع الصغيرة ثم!! وفوجئت بما قرروه. الصبي يحتاج لخيمة أكسجين ؟! ماذا؟ ياإلهي كيف؟
احتملتُ مايجري ونصحتُ مرافقي أن يعود إلى البيت ، ودخلت مع إبني فإذا بي أمام خيم كثيرة من الاكسجين في صالة مناسبة للأعمار التي أمامي وهي متنوعة وكلهم صغار ،وكان الصياح يعلو والأمهات منهارة من مقاومة الصبايا والصبية والأطفال لهذه الخيم .
دخلت بإبني متوجسة من ردة فعل الصبي إبن الستة أشهر المبتسم رغم التعب وألم الذراع ومنظر الصالة المليئة برفاق الحساسية الربيعية! سألت الممرضة هل عندكم حل آخر غير الخيمة ففنّصتْ* في وتابعت ياعزيزتي ياام علاء الحل الآخر لم يحتمله أحد من (الجهّال)*قلت لها وماهو الحل الآخر ياقلبي! ردت: كمامة الأكسجين فواصلتُ الإصرار لنجرب ونرى.
أحضرت السيدة اسطوانة الأكسجين ومدّدنا الصبي الظريف على السرير وقد ارتاح قلبه قليلاً بعد الحقنة،ووضعت الممرضة الكمامة فحاول إفلاتها فنظرتْ إليّ معاتبةً فطلبتُ منها ان تُحسن الظن بي وبإبني فانا اعرفه جيداً.
أحضرت لي كرسي وجلستُ بجواره، يدي في يده وقلبي يجاور قلبه الطري ويدي الأخرى ممسكة بالكمّامة وفمي على أذنه وهو يتملّص ويعافر و( تك تك تك يا ام سليمان تك تك تك زوجك وين كان، تك تك تك كان بالحقلي عم يزرع خوخ ورمان).
سرح الصبي مع الدندنة وارتخى جسده وما عاد يقاوم الكمامة الا اذا توقفتُ قليلاً لآخذ نفسي عندها يعاود تمرده !! ظللتُ على هذه الحالة ليلة كاملة حتى ظهر علينا الصباح واتمّتْ الكمامة مهمتها بنجاح واستعاد المتذوق الصغير للفن الجميل صحته وتنفسه بينما يصارع رفاق الغرفة امهاتهم خوفاً ورعباً من خيام الاكسجين.
قبل ان تنهي ورديتها سألتني الممرضة كيف صار؟لازم أفهم إحكي ياأم علاء قلت لها:( فيروز ) من فعلت ياصديقة الملائكة.
محبوبة خليفة
*فنّصت:نظرة غاضبة
*الجهّال: الأطفال
*تك تك تك ياام سليمان: أغنية لفيروز
نام الصبي عفياً ولطيفاً وبهي القسمات وكان منامه هادئاً كعادته لولا هذا الإصرار على أن يمسك بيدي طوال فترة نومه فيتجمد بدني على وضع واحد لاأغيره حتى لا ينزعج فيحترق قلبي.
غير أن تلك الليلة كانت اليد التي تحضن قلبي ساخنة فانتبهتُ ومسستُ الجبين الوضّاء فاذا بلفح اللهب وإذا بي أقفز إلى التليفون وأتصل بإم عفراء طبيبة أطفالي فخففتْ عني الخوف-ولها قدرة عجيبة على ذلك-وأمهلتْ الصبي لبعض الوقت وكررتْ: إعملي كمادات باردة و راقبي لون شفتيه. ومرت الساعات حالكة وأنا أراقب لون الشفاه واختنق من الخوف فقد حدث ما نبهتني له طبيبته فهرول الوالد فَزِعَاً، وانا أحمل حبة القلب وبي وجع غير ظاهر فلا أريد أن أخيف الرجل وقلبه لا يحتمل فآثرت السكينة الكاذبة.
لم يكن المستشفى بعيداً أدخلنا طاقم التمريض بسرعة وأجروا اللازم ونصحوني بالخروج من غرفة الطواريء حتى لا يرق قلبي لإبني وقد تحول ذراعة لساحة تفتيش وبحث عن وريد يحتمل حقنه بسائل يساعد على اتساع الشُعَب الهوائية فيسهل التنفس.
خرجت لثانية وسمعت زوجي يحتج على الممرضات فعدتُ مسرعة واستبدلنا الأدوار وتم الحقن في الذراع الصغيرة ثم!! وفوجئت بما قرروه. الصبي يحتاج لخيمة أكسجين ؟! ماذا؟ ياإلهي كيف؟
احتملتُ مايجري ونصحتُ مرافقي أن يعود إلى البيت ، ودخلت مع إبني فإذا بي أمام خيم كثيرة من الاكسجين في صالة مناسبة للأعمار التي أمامي وهي متنوعة وكلهم صغار ،وكان الصياح يعلو والأمهات منهارة من مقاومة الصبايا والصبية والأطفال لهذه الخيم .
دخلت بإبني متوجسة من ردة فعل الصبي إبن الستة أشهر المبتسم رغم التعب وألم الذراع ومنظر الصالة المليئة برفاق الحساسية الربيعية! سألت الممرضة هل عندكم حل آخر غير الخيمة ففنّصتْ* في وتابعت ياعزيزتي ياام علاء الحل الآخر لم يحتمله أحد من (الجهّال)*قلت لها وماهو الحل الآخر ياقلبي! ردت: كمامة الأكسجين فواصلتُ الإصرار لنجرب ونرى.
أحضرت السيدة اسطوانة الأكسجين ومدّدنا الصبي الظريف على السرير وقد ارتاح قلبه قليلاً بعد الحقنة،ووضعت الممرضة الكمامة فحاول إفلاتها فنظرتْ إليّ معاتبةً فطلبتُ منها ان تُحسن الظن بي وبإبني فانا اعرفه جيداً.
أحضرت لي كرسي وجلستُ بجواره، يدي في يده وقلبي يجاور قلبه الطري ويدي الأخرى ممسكة بالكمّامة وفمي على أذنه وهو يتملّص ويعافر و( تك تك تك يا ام سليمان تك تك تك زوجك وين كان، تك تك تك كان بالحقلي عم يزرع خوخ ورمان).
سرح الصبي مع الدندنة وارتخى جسده وما عاد يقاوم الكمامة الا اذا توقفتُ قليلاً لآخذ نفسي عندها يعاود تمرده !! ظللتُ على هذه الحالة ليلة كاملة حتى ظهر علينا الصباح واتمّتْ الكمامة مهمتها بنجاح واستعاد المتذوق الصغير للفن الجميل صحته وتنفسه بينما يصارع رفاق الغرفة امهاتهم خوفاً ورعباً من خيام الاكسجين.
قبل ان تنهي ورديتها سألتني الممرضة كيف صار؟لازم أفهم إحكي ياأم علاء قلت لها:( فيروز ) من فعلت ياصديقة الملائكة.
محبوبة خليفة
*فنّصت:نظرة غاضبة
*الجهّال: الأطفال
*تك تك تك ياام سليمان: أغنية لفيروز