خرجت فاطمة الى سوق الخضر . في الحقيقة هو ليس سوقا . مجموعة من العربات تحتل جزءا من الشارع بجانب المسجد وتعرض بعض الخضر والفواكه بأثمنة تقل عما هو موجود في الداكاكين . الاسعار تنخفض شيئا ما بعد غروب الشمس . كل ما تبحث عنه تجده أمام المساجد : الخبز ، الخضر ، الفواكه ، السمك ، العطرية ، كتب الادعية والسحر وتفسير الاحلام وتعليم الصلاة والروض العاطر وقرعة الأنبياء ، التمر ، الملابس الداخلية للرجال والنساء . والباعة المتجولون يلعبون مع القوات المساعدة لعبة الفأر والقط.
عربات ثلاثية العجلات أصبحت أكثر استعمالا . مرنة في الهروب ولا تكلف الشيء الكثير مثل كراء عربة يجرها بغل أو حصان بأكثر من ستين درهما في اليوم و ما يتبع ذلك من صعوبة في الفرار من قبضة القائد والخليفة . في بعض الاحيان تجد الساحة خالية إلا من سيارة القوات المساعدة.
اقتنت قليلا من البصل والبطاطس والطماطم والجزر والقزبر والمعدنوس ورمانتين والخبز بخمسة وعشرين درهما . وعليها ان تقتني ايضا الزيت من البقالة المجاورة للعمارة . الاسعار ملتهبة لا تترك لذوي الدخل المحدود خيارا آخر غير التخلي عن بعض الضروريات . لولا أن نفسها في الرمان ، ولم تذقه بعد ، لأرجعته إلى صاحبه ، ووفرت درهمان ونصف .
بدأت تتحرك بصعوبة . بطنها المنتفخ أصبح ظاهرا للعيان . تمشي بحذر ، تنتبه للصوص جيدا ، وهي تفتح كيس النقود ، وتقبض عليه بقوة في يدها . لا ينقصها سوى أن تتعرض للسرقة .
عندما عادت إلى البيت ، وجدت احميدة جالسا في الصالون . رجع هو الآخر من العمل واستبدل ثيابه ، وتوضأ وصلى المغرب . لم يخرج الى المسجد ، قال بأنه يشعر بالتعب .
وضعت الخضر في المطبخ ، وتناولت كاس ماء وهي تلهث ، وسلمت على احميدة ، وجلست بجانبه لتأخذ قسطا من الراحة . السلم والجنين أصبحا ينهكان جسمها الذي بدأ يميل الى الشحوب.
سألها احميدة وهو ينظر الى شاشة هاتفه:
ـ هل رأيت ما فعله بعض البرلمانيين بعد انتهاء الخطاب الملكي في البرلمان؟
كانت تنتظر أن يفاتحها في الموضوع . فهي استمعت الى الخطاب الملكي بتأن ، وتابعت ما جاء في المواقع الالكترونية من تعليقات و(تقشاب)* على بعض البرلمانيين . أجابته وهي لا زالت تتنفس بصعوبة:
ـ نعم رأيت تلك الشوهة التي وضعوا أنفسهم فيها ! حرفوا أنظار الناس عما جاء في الخطاب ، وهدموا كل ما جاء به من توجيهات . أغلب المتابعين انشغل بإخراج بقايا الحلوى بتلك الكمية التي ظهرت في بعض الفيديوهات ووضعها في سيارات فارهة . إنها كارثة بكل المقاييس.. الناس تتقاضى أكثر من أربعة ملايين سنتيم في الشهر ناهيك عن ممتلكاتها وتطمع في كيس من بقايا حلوى حتى لا يستفيد منه النوادل.
أضاف احميدة بنبرة ساخرة:
ـ هل هؤلاء من سيشرعون لنا القوانين ويقدمون مقترحات لإصلاح أوضاع البلد السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، ويدافعون عن الفقراء ، ويبحثون للشباب عن الشغل ، ويرفعون من أجور الموظفين والعمال ، وينهضون بقطاعي التعليم والصحة؟
أجابته بنبرة حزينة:
ـ في الحقيقة أنا أستغرب كيف يحتج عليهم الناس اليوم ! من اختار هؤلاء البرلمانيين ؟ هل سقطوا من المريخ ؟ رشحتهم أحزاب وصوت عليهم الناس . وأغلب الذين يسخرون منهم قاطعوا الانتخابات . وقدموا لهم فرصة من ذهب ليصعدوا بسهولة الى البرلمان!
المغرب يا احميدة بلد المتناقضات . المجتمع بكامله يتحمل مسؤولية هذه المهزلة أنا وأنت والذين يحتجون أمام البرلمان!
البلد في حاجة الى نقد ذاتي ينظفه من فوق الى تحت!
- (تقشاب)*: سخرية
مراكش 14 اكتوبر 2018
29
عربات ثلاثية العجلات أصبحت أكثر استعمالا . مرنة في الهروب ولا تكلف الشيء الكثير مثل كراء عربة يجرها بغل أو حصان بأكثر من ستين درهما في اليوم و ما يتبع ذلك من صعوبة في الفرار من قبضة القائد والخليفة . في بعض الاحيان تجد الساحة خالية إلا من سيارة القوات المساعدة.
اقتنت قليلا من البصل والبطاطس والطماطم والجزر والقزبر والمعدنوس ورمانتين والخبز بخمسة وعشرين درهما . وعليها ان تقتني ايضا الزيت من البقالة المجاورة للعمارة . الاسعار ملتهبة لا تترك لذوي الدخل المحدود خيارا آخر غير التخلي عن بعض الضروريات . لولا أن نفسها في الرمان ، ولم تذقه بعد ، لأرجعته إلى صاحبه ، ووفرت درهمان ونصف .
بدأت تتحرك بصعوبة . بطنها المنتفخ أصبح ظاهرا للعيان . تمشي بحذر ، تنتبه للصوص جيدا ، وهي تفتح كيس النقود ، وتقبض عليه بقوة في يدها . لا ينقصها سوى أن تتعرض للسرقة .
عندما عادت إلى البيت ، وجدت احميدة جالسا في الصالون . رجع هو الآخر من العمل واستبدل ثيابه ، وتوضأ وصلى المغرب . لم يخرج الى المسجد ، قال بأنه يشعر بالتعب .
وضعت الخضر في المطبخ ، وتناولت كاس ماء وهي تلهث ، وسلمت على احميدة ، وجلست بجانبه لتأخذ قسطا من الراحة . السلم والجنين أصبحا ينهكان جسمها الذي بدأ يميل الى الشحوب.
سألها احميدة وهو ينظر الى شاشة هاتفه:
ـ هل رأيت ما فعله بعض البرلمانيين بعد انتهاء الخطاب الملكي في البرلمان؟
كانت تنتظر أن يفاتحها في الموضوع . فهي استمعت الى الخطاب الملكي بتأن ، وتابعت ما جاء في المواقع الالكترونية من تعليقات و(تقشاب)* على بعض البرلمانيين . أجابته وهي لا زالت تتنفس بصعوبة:
ـ نعم رأيت تلك الشوهة التي وضعوا أنفسهم فيها ! حرفوا أنظار الناس عما جاء في الخطاب ، وهدموا كل ما جاء به من توجيهات . أغلب المتابعين انشغل بإخراج بقايا الحلوى بتلك الكمية التي ظهرت في بعض الفيديوهات ووضعها في سيارات فارهة . إنها كارثة بكل المقاييس.. الناس تتقاضى أكثر من أربعة ملايين سنتيم في الشهر ناهيك عن ممتلكاتها وتطمع في كيس من بقايا حلوى حتى لا يستفيد منه النوادل.
أضاف احميدة بنبرة ساخرة:
ـ هل هؤلاء من سيشرعون لنا القوانين ويقدمون مقترحات لإصلاح أوضاع البلد السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، ويدافعون عن الفقراء ، ويبحثون للشباب عن الشغل ، ويرفعون من أجور الموظفين والعمال ، وينهضون بقطاعي التعليم والصحة؟
أجابته بنبرة حزينة:
ـ في الحقيقة أنا أستغرب كيف يحتج عليهم الناس اليوم ! من اختار هؤلاء البرلمانيين ؟ هل سقطوا من المريخ ؟ رشحتهم أحزاب وصوت عليهم الناس . وأغلب الذين يسخرون منهم قاطعوا الانتخابات . وقدموا لهم فرصة من ذهب ليصعدوا بسهولة الى البرلمان!
المغرب يا احميدة بلد المتناقضات . المجتمع بكامله يتحمل مسؤولية هذه المهزلة أنا وأنت والذين يحتجون أمام البرلمان!
البلد في حاجة الى نقد ذاتي ينظفه من فوق الى تحت!
- (تقشاب)*: سخرية
مراكش 14 اكتوبر 2018
29