وهو عائد من المقهى ، أو خارج من البيت ، كلما وضع السماعة في أذنه ، وشغل الهاتف ، إلا واستمع من غير قصد إلى إحدى أغنيات جيل جيلالة ، ظهرت في بداية الثمانينيات من القرن الماضي ، تحمل عنوان (وا أسفا عليك) .
عادت به الأغنية سنوات طويلة إلى الوراء . تذكر أستاذا ، يظن أنه من الشمال ، عُيّن بجامعة القاضي عياض . اكترى شقة بحي جيليز ، قريبة من شارع محمد الخامس . ولأنه لا زال عازبا ، فضل النزول في الصباح إلى مقهى مجاور للعمارة التي يقطن بها ، لتناول الفطور قبل الذهاب إلى العمل .
في أواسط فصل الربيع ، بدأ النادل يشنف أسماعه بشريط جديد لمجموعة جيل جيلالة ، ويتدخل من حين لآخر لرفع الصوت :
"وا أسفا عليك
غادي الهاوية لا من ياخذ بيدك
وا أسفا عليك
نهار كيلوحك لنهار
ساكت على مافيك
ولا شي نهار على هاد الحالة الغيرة تجيك . "
ولأن الأستاذ ينزل إلى المقهى في السابعة صباحا ، ولا يحتاج إلا لربع ساعة للوصول إلى الجامعة ، فقد كان يستهلك ما يتبقى له من وقت في احتساء فنجان قهوة ، وقراءة الجريدة ، وتدخين سيجارتين أو ثلاث .
الأغنية قصيرة . وكلما انتهت ، وانتقلت الفرقة إلى الأغنية الموالية ، تدخل النادل وأعاد الشريط من جديد . وتكررت اللازمة : غادي الهاوية ، إلى أن يحين وقت انصراف الأستاذ إلى عمله .
مرت ثلاثة أيام أو أربعة على نفس الحال ، فقرر الأستاذ تغيير المقهى ، بعد أن تحولت الأغنية إلى كابوس يقض مضجعه ، وهو لم يعثر على هذا المنصب في بداية الثمانينات إلا بعد أن مر من عين الإبرة ، فإذا به يتحول بقدرة النادل إلى هاوية .
لا يدري كيف تحولت معه هذه الذكرى إلى كابوس مثنى ، يجمع بين هاوية المقهى وهاوية البيت ، بعد أن أسقط التقاعد الضلع الثالث .
مراكش 18 يناير 2018
عادت به الأغنية سنوات طويلة إلى الوراء . تذكر أستاذا ، يظن أنه من الشمال ، عُيّن بجامعة القاضي عياض . اكترى شقة بحي جيليز ، قريبة من شارع محمد الخامس . ولأنه لا زال عازبا ، فضل النزول في الصباح إلى مقهى مجاور للعمارة التي يقطن بها ، لتناول الفطور قبل الذهاب إلى العمل .
في أواسط فصل الربيع ، بدأ النادل يشنف أسماعه بشريط جديد لمجموعة جيل جيلالة ، ويتدخل من حين لآخر لرفع الصوت :
"وا أسفا عليك
غادي الهاوية لا من ياخذ بيدك
وا أسفا عليك
نهار كيلوحك لنهار
ساكت على مافيك
ولا شي نهار على هاد الحالة الغيرة تجيك . "
ولأن الأستاذ ينزل إلى المقهى في السابعة صباحا ، ولا يحتاج إلا لربع ساعة للوصول إلى الجامعة ، فقد كان يستهلك ما يتبقى له من وقت في احتساء فنجان قهوة ، وقراءة الجريدة ، وتدخين سيجارتين أو ثلاث .
الأغنية قصيرة . وكلما انتهت ، وانتقلت الفرقة إلى الأغنية الموالية ، تدخل النادل وأعاد الشريط من جديد . وتكررت اللازمة : غادي الهاوية ، إلى أن يحين وقت انصراف الأستاذ إلى عمله .
مرت ثلاثة أيام أو أربعة على نفس الحال ، فقرر الأستاذ تغيير المقهى ، بعد أن تحولت الأغنية إلى كابوس يقض مضجعه ، وهو لم يعثر على هذا المنصب في بداية الثمانينات إلا بعد أن مر من عين الإبرة ، فإذا به يتحول بقدرة النادل إلى هاوية .
لا يدري كيف تحولت معه هذه الذكرى إلى كابوس مثنى ، يجمع بين هاوية المقهى وهاوية البيت ، بعد أن أسقط التقاعد الضلع الثالث .
مراكش 18 يناير 2018