محمد عباس محمد عرابي - أثر البعد عن الطائف كما تصوره قصائد ديوان "الطائف". قراءة في "دفتر الذكريات" للشاعر /حامد الشريف

مدينة الطائف أشهر مصيف جبلي في العالم حيث الطبيعة الخلابة والخضرة الدائمة النضرة ،والمياه الجارية ،والهواء العليل ،ورحابة المكان ،والجبال العالية والأودية المنبسطة ،جمال وجمال تغنى به الشعراء ومنهم الشاعر القدير حامد محمد الشريف ابن الطائف ومولدا(1950م)ونشأة فعرف دروبها وأسرار جمالها فكانت أعماله الشعرية (ديوان: قرية اسمها السداد ،وديوان خربشة على جدران الوجدان ،وديوان :تغريدات شعرية ) وهذا الديوان الذي نحن بصدده (ديوان "الطا ئف .قراءة في دفتر الذكريات " )، وأعماله السردية كذلك :المجموعة القصصية :باب الريع ،ومجموعة سوق القفاصة ،ومعظمها يتحدث عن الطائف وجمالها الآخذ بالألباب، كما تحدث عن ذكريات الطائف الجميلة ،وأثر البعد عنها على نفسه ،وتمنى العودة إليها ،ويحاول هذا المقال أن يلقي الضوء على: أثر البعد عن الطائف كما تصوره قصائد ديوان "الطائف. قراءة في دفتر الذكريات "على النحو التالي:

حب الوطن واجب:

نستهل حديث بحديث الشاعر الشريف عن الوطن الذي نحتفل هذه الأيام باليوم الوطني تحت شعار نحلم ونحقق، ومن قبل شعار هي لنا دار، همة حتى القمة، للمجد والعلياء حيث يقول شاعرنا حامد محمد الشريف، مبينًا مدى حبه للوطن، فحب الوطن واجب مبينا جمال الوطن ومكانته المقدسة فهو قبلة المسلمين، وقبر الرسول (صلى الله عليه وسلم) الأمين؛ لذا فإن حبها واجب حيث يقول في قصيدة "يا بلادي :1442هـ":

قف تمهل وانتظر عزف النشيد

غير حبٍّ لبلادي لا أريد

حبها نحن رضعناه كما

رضع الحب من الأم وليد

وسكبناه بأكواب السنا

فيض إخلاس يبشر بمزيد

يا بلادي لست إلا أنهرًا

من غرام سال في كل وريدٍ

قتباهي يا ابنة العطر، ولا

تتركي الساحة لوغد وبليد

قبلة ٌ أنت وصرح شامخٌ

ومنارٌ للهدى عالٍ فريدْ

فيك بيت الله، يعلو دائمًا

ذكره عند قريب ٌ وبعيد

وهنا قبر نبي صادقٌ

بلغ الناس وعودًا ووعيد

فهواك يا بلادي واجبٌ

فاعزفي فوق الربى أحلى نشيد.

الطائف أجمل بقعة وخير مصيف:

وفي قصيدة "عزوف " يبين الشاعر أن الطائف أجمل بقعة وخير مصيف حيث يقول:

الطائف المأنوس أجمل بقعة

في هذه الدنيا وخير مصيف

أنا لا أساوي بالمصيف مدائنا

مهما حوت من روعة ووصوف

دلوعة الغيم التي في حُسنها

يهتز شعري روعة وحروفي

أتُرى إذا ما عدت سوف تضمني

أم سوف تهملني برغم ظروفي.

تذَكر الشاعر الدائم للطائف:

في قصيدة قراءة في دفتر الذكريات تحدث الشاعر عن تذَكره الدائم للطائف حيث يقول:

وتذكُر ُ حينما غنى

طلال مداح

"جينا من الطائف "

وكان الطائف المأنوس

مًرْبانا

كما كان الهدا

مرباكْ

الذكريات تشد الشاعر للطائف :

في قصيدة " الغرانيق :بين الشاعر حامد الشريف أن الذكريات تشده للطائف حيث يقول :

ما زال عشقي في ازدياد

تَشُدني للطائف المأنوس دومًا

ذكريات لا تكلُّ

وللسداد

ولطفلة كانت هناك

لم يبق من نيران حُسنٍ باذخ فيها

سوى

بعض الرماد

زعصا تهش بها

وجيش من سواد (24 يوليو 2020م)



النجمة مغنى بليل الطائف المحبوب

في قصيدة "أطلال " يبين الشاعر أن النجمة مغنى بليل الطائف المحبوب حيث يقول:

ونُشعل نجمة خفقت

كانت دائما مغنا

بليل الطائف المحبوب

ونحن على شفا تل ٍّ

وخل تاه في خل

نسامر على قمراء

تفصح عن جمال

عطّر الأجواء

حب الطائف والحنين إليها:

تحدث شاعرنا حامد الشريف عن حب الطائف والحنين إليها حيث يقول في قصيدة " الطائف ":

كتبت لطائفنا ذات يوم

قصائد في حسنها راقية

وألبستها من جمان الحروف

قلائد ألوانها زاهية

ويممتها نحو تلك الرُّ

قواف بكل المنى دانية

فتلك المدينة في خافقي

ومنذ طفولتنا غافية

أحن إليها حنين الرؤوم

على طفلة حلوة باكية

عشقت بها همهمات السحاب

لحقل الورود وللداليه

وأيضًا عشقت شموخ الجبال

وبوح البساتين للساقية

وخلفت فيها صدى ذكرياتٍ

لعهد طفولتنا الماضيه

وقلبا لدى طفلة حلوة

وبعض ليالي اللقا الدافية

وما زلت أغفو على ذكرها

وأصحو على ذكرها ثانية

فمن ذا يلوم محبا إذا

تذكُر محبوبة غاليهْ(ربيع الأول 1444هـ)



أثر البعد عن الطائف، وتمني العودة إليها :

في قصيدة "البين المر) تحدث الشاعر حامد محمد الشريف عن أثر البعد عن الطائف، وتمني العودة إليها حيث يقول:

أو للطائف يومًا

بعد مر البين عودة

بعد أن أخْلف حظي

رغم إلحاحي وعده

ودخلنا في سبات

من بعاد طال عهده

نسى الطائف وجهي

وأنا ما زلت بعده

أذكر السدر بوادٍ

كم غفا في القلب وده

وظلالا لهضاب

وسحابًا دنَّ رعدع

وشفا يقطر حسنًا

طوّف الآفاق شهده

وهدا كم قطفنا

عند فج النور ورده

وغزالا ذات يومٍ

كان كالتفاح خده

يتهادى حين يمشي

وتبث الريح نده

كان بين الريم دوما

يسلب الألباب وحده

كم فرحنا للقاه

كم ذرفنا دمع َ بُعدهْ

أترى نحظى بعودهْ

فيلاقي القلب سعدهْ

أم سنبقى لنعاني

لوعة البين وسُهده (صفر 1444هـ)



تمني العودة إلى الطائف

في قصية "ركض " تحدث الشاعر حامد الشريف عن تمني العودة إلى الطائف حيث يقول:

أتُرى سنرجع للحمى

يومًا ونفرح بالصحاب

ونعاود الركض على

أرضٍ تلحفت التراب

ونُعيد لثم أزِقة

أبكى نوافذها الغياب

ونُعيد رغم ذهولنا

طرقًا لذاكرة وباب

وندير طرفًا في السما

حينا وحينا في السحاب

ونعيد مجد طفولة

أمست بأعيننا سراب

ونلم بعض فتافيت

من ذكريات في كتاب

لمدينة حفلت بما

قد لذ من أنس وطاب

من أول الجبل الذي

زان الشفا حتى الرحاب

ومن السداد إلى الهدا

ومن السهول إلى الهضاب

هو طائف الأنس الذي

يهوى التبختر في الضباب

تأوي إليه سحائبٌ

ترويه قطرًا كالرضاب

فلئن بكيت بعادهُ

وشكوت هجرًا واغتراب

فلأن جُزءًا منه في

قلبي تحلل ثُم ذاب

فجرى دمًا في خافقي

وجرى هوى لا يستتاب .

(11 أكتوبر 2020م)

المراجع:

حامد محمد الشريف، ديوان "الطائف. قراءة في دفتر الذكريات، الشارقة، دار الانتشار العربي، الطائف، النادي الأدبي الثقافي ،2023م

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى