سليم جداي - الدستور في الجزائر: بين مصداقية النصوص القانونية وغياب الشرعية الشعبية

إن مخرجات الإستفتاء في الجزائر وما دل عليها من عزوف شبه تام للمواطنين في الإدلاء بأصواتهم ضمن ما تقتضيه الضرورة والمصلحة السياسية والقانونية للدولة ،تبرز لنا في شقين متناقضين مما يساهم في شرخ كبيرة وهوة دائمة التباعد بين السلطة والشعب.
إن شرعية أي دستور أو رئيس هي مستمدة أولا وأخيرا من الشرعية الشعبية يعني الشعب هو مصدر كل سلطة وعليه فلا قوة لدستور دون وجود قاعدة إجتماعية ذات تعبئة شعبية توءيده وتويد مخرجاته ،كما يجب أن تكون هناك قوانين تنظمه لكي يكون علي شكل تنظيم ذو أبعاد قانونية مستمدة من الدين والأعراف والعادات والتقاليد المحببة والمرغوب فيها.
لكن ما حدث في دستور 2020,يكاد يكون ،في شقه إبعاد الشعب من حقه التام وذلك من خلال مايلي :
النصوص القانونية: أو مايعرف بالدستور القديم الذي كان ضمن مخرجات النظام السابق ،فالملاحظ أن الدستور الجديد موءيد من طرف الدستور القديم يعني أن الدستور الجديد من الناحية القانونية هو ذو أبعاد صحيحة وعلي أسس كذلك صحيحة ،ما يخبرنا أن من وضع الدستورين القديم والجديد ،قد وضع الأسس القانونية التي تضمن قبوله في حالة العزوف التام للشعب أو في حالة عدم إكتمال النصاب القانوني له ،أي نسبة فهي مقبولة لضمان إدخال هذا الدستور بكل المواد والإجتهادات القانونية ،يعني ان دستور 2020,من الناحية القانونية مقبول .
أما من الناحية السياسية فنلاحظ العزوف التام للشعب فكيف لدولة يقارب عددها 44مليون نسمة ،تكون بهيئة ناخبة ذات العدد24مليون والغريب أن النسبة التي إنتخبت لاتكتد تصل إلي 5"الخمسة ملايين "،ناخب والأغرب أن من صوتوا "بنعم" لا يتجاوز عددهم 3,5ثلاثة ملايين ونصف ،والذين صوتوا ب"لا"لا يتجاوز عددهم مليون وستمئة ألف ،فهل يعقل لدستور في الجزائر لا يتجاوز عدد المصوتين بنعم ثلاثة ملايين بينما عدد المقاطعين 41مليون نسمة ،هل حدث وأن وقع مثل هذا العزوف في دولة ،إن المقاربة السياسية تخبرنا بأن هناك شرخا كبيرا وهوتا دائمة التوسع والتفرق بين السلطة والشعب وأساسها عدم الثقة المتبادلة ,فالهدف الرئيسي من الدستور الجديد هو لم الشمل الجزائري وليس تفريقه ،لذلك يجب بل وجب علي رئيس الجمهورية ان يعيد النظر في مصداقية هذا الدستور ،لأن الوضع السياسي يوحي بإعادة نقد ماتم بنائه من ثقة بين الشعب والسلطة .فالأولي برئيس الجمهورية وقبل أن يبارك هذا الدستور وأن ينظر إلي مألات التي يمكن أن يحدثها في المستقبل .
إن المقاربة السياسية تدعم الشرعية الشعبية علي النصوص القانونية لسبيبن :
الأول قانوني وهو أن القانون أو القوانين التي تدعم مصداقية هذا الدستور الجديد ،ماهي إلا قوانين لم يستفتي عليها الشعب ،سابقا بل مررت علي برلمان غير شرعي وهو الذي صادق ومرر هذا الدستور وهو ما أدي إلي أزمة سياسية كنا في غني عنها ،كادت أن تودي بالجزائر دولة وشعبا .
الثاني ويتمثل في الشق السياسي وهو الإعتماد علي نفس الأشخاص الذين وضعو الدستور السابق ونفس الرموز السابقة ،والسؤال المطوح هنا هل في الجزائر إلا هذه النخبة التي أوكلت لها مهام وضع القوانين والمراسيم .اللي تبدوا في مجملها غير مضبوطة ولا مدعمة بضوابط وعوارض قانونية ،تسمح لنا بالإجتهاد فيها وقت الأزمات كما حدث في الدساتير السابقة .
ومن خلال ما تم عرضه نري أن الدستور الجزائري من الناحية القانونية فهو في حالة صحيحة للضمانات التي قدمت من طرف الدستور القديم وذلك لتقارب وجهات النظر بينهما ،ولأن من وضعهما نفس الشخص وفي نفس المكان ولكن تغير الزمان فقط ،أما الثاني والأهم فهو الجانب السياسي والذي يحتم شرعية شعبية تعزز من هذا الدستور وهي مفقودة بشكل شبه تام يعني دستور بشرعية لا تفوت 3%من النسبة الكلية للشعب ،لا يمكنه التكيف مع معطيات ومتطلبات الشعب ،فكيف لو تأزم الوضع أكثر وخاصة وما يمر به العالم اليوم من إنخناق إقتصادي وتوترات مناخية .
إن مخرجات الدساتير في جميع انحاء العالم تنم عن متطلبات شعوبها ،وموافقتها عليها ،اما الملاحظ اليوم وفي السياسة الجزائرية وهو تمرير ما تراه السلطة خيرا لها ،لذلك فالعقد الاجتماعي في الجزائر مازال يعاني من ترهلات كبيرة ومتداخلة ومتنوعة ،أولها الثقة الغير موجودة بين الشعب والسلطة ،وثانيها الولاءات والتبعية المفرطة وثالثها التقليد الاعمي دون أدني محاولة للتغير الجذري ورابعها وهو الاهم هشاشة البني السياسية للنخب وعامل النصلحي الذي يقدم المصلحة الضيقة الشخص علي مصلحة الدولة ،وكل هذه العوامل هي التي أدت وما زالت تسعي دائما الي افشال اي عقد إجتماعي جديد بين السلطة والشعب ،فالدول لا تبني بالقرارات الارتجالية او العواطف والنرجسايات الدول تبني علي اساس الموسسات والتنظيم والتكيف .
فاالدولة كائن حي ينموا ويموت فنموها بالموسسات الصحيحة والتنظيم الهيكلي وموتها بالفساد والتسلط والإنفراد بالرأي .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى