1
المُحرِّر مُقَيَّدٌ إلى قلمه عِلماً أن ما يخُطُّه يُحرِّر العقول من ربقة الأفكار المُتجاوزة ويُحرر معها البلاد، ولأنه يحرِّر الكلماتِ، كلماتِه أو كلماتِ الغيْر، فهو ليس مِلْكَ نفسه حين يضْطرُّ لِنَسْج علاقاته على منْطق الحِياد !
2
عيْنُه دائماً تغضُّ لأسفلٍ ماسحُ الأحذية، ولأنِّي كنتُ يومئذٍ أنتعل حذاء رياضياً (سبرديلا)، رمقني بعين مِلؤُها الأسى، وما كاد يهُمُّ بالانصراف إلى رزقٍ آخر، حتى ناديته دون سابق معرفة ليُشاطرني قهوة الصباح، اعتذَر في البدء بكبرياء ثم استسلم بعد أن أيْقن من إلحاحي أنه صار بمنزلة الحاجب فوق العين، فرح صديقي الجديد بضيافتي حتى محتْ الأساريرُ الطلقةُ تجاعيد وجهه، كانتْ حُرقته من صميم احتراقي في زمن كورونا، لذلك آثرنا الحديث بلغة الدخان، لم يقُل كلمةً وهو يداري بسواد القهوة حُلكة الأيام، ولكنني أقول الآن بعد أن انصرف صديقي باحثاً عن ضالَّته في حذاء غير رياضي، إنَّ بعض البشر أشدُّ على البشر من الجائحة !
3
لا أملك من الوقت إلا ما أسرقه من حياتي لِمَا تبقى من حياتي، لذلك لا أعرف هل أنا اللص أو الزمن !
4
أعرف رجلاً يكادُ يبزُّ بآرائه علماء الجمال، خاطبني مرة وأنا أحاول أن أجد للقبح الذي عمَّ العالم مَنْفَذاً آخر لا يفضي لنفسي: هل تعلم أن المرأة تبدأ في تفقُّد جسدها في سن الأربعين، أما قبْلَه بين عِقْدي العشرين والثلاثين، فثِقتُها المفرطة في جسدها تجعله مُهْمَلاً!
5
إسرائيل بأطماعها الاستيطانية المُسْترشِدة بأوهام البوصلة الدَّعَويَّةِ للأرض الموعودة، لا تريد فلسطين فقط، فهي تدمج وئيداً لكيانها اللقيط والهجين كل النِّحل المنْحلة والخارجة عن أصولها، لذلك لا غرابة اليوم وهي تنجح في دفع بعض الدول العربية للاعتراف بها رسميا في العلن، أنْ ينضم لكيانها النازي المشوَّه ما يمكن أن نسميه الاسلام الصهيوني، فهي تريد أن تبسُط سيطرتها على ربوع منطقة الشرق الأوسط بهدم وتخريب وطمْس معمار وتاريخ دولها، وإعادة تشكيل خريطة جديدة للمنطقة تخضع لنفوذها الاستعمارية، ولا غرابة أيضا حين ينبثق من تحت الأنقاض للوجود كما انبثقتْ أمريكا بعد إبادتها للهنود، دولة كبرى اسمها: الولايات الاسرائيلية المتحدة !
6
ضَرَبَ صَفْحاً عن كل المواعيد الغرامية حتى ضاق قلبه واتَّسع الفراغ، قال إن الفوتوشوب خيَّب كل آفاق انتظاراته في من أحَبَّهُن عن طريق فيسبوك، وما عاد يثق في المحْسُوس والملْمُوس !
7
هناك الكوفيد وثمة الكيوبيد، ورغم أنهما شقيقان من حيث الاشْتِقاق اللغوي، إلا أنهما يختلفان في المعنى، فالكوفيد فيروس وبائي بشع وقَميء، أما الكيوبيد فطفل أنجبته الأساطير اليونانية آيةً في الجمال يُوقِع الناس في الحب، كلاهما إذاً قاتلٌ يلقي بسهمه من قريب أو بعيد !
8
الصَّراحة كالحُقنة توجع في الأول، وحين يسري مفعولها في العروق، تنْقلب إلى خدرٍ جميل تتلوه الراحة !
9
البحر بطبيعته هادىءٌ، وبعُمْقه كتومٌ، لولا الموج الذي يُخْرجه أحياناً عن طوره، ويفشي أسراره للرمال التي تتناقلُها أوهن الرياح !
10
لا أعرف مَنِ المُجرم بالضبط، فالناس يمثِّلون بصورة الضحية في وسائل التكاسل الاجتماعي، أشد وأنكى مما مثَّل المُجرم وشوَّه الجسد قبل أن يواريه عن الأنظار !
11
قد تنحرف الكلمة وتصبح بيد من لا يَزِنها قبل الكتابة لَكْمة !
12
هو حضاريٌّ جِداً في زمنٍ تتشيَّد فيه الحضارات على الجماجم، وقد أكْسبه رُقِيُّهُ الحضاري المُمْعن في الحذر رقَّة في الصوت وحركة غير عادية في الجسد، ومن لا يعرف الرجل وهو يلتوي كلما تحدث كأفعوان ناعم، يحسبه مُخنَّثاً من فصيلة الحلزون، التقيْتُه ذات خطوٍ في طريقي وأنا أحاول في كل مرة أراه قادماً من بعيد أن لا ألتقيه، ولأنَّه يعْلَم أنِّي صحفي بادرني بالسؤال: ألم تخصِّصوا في الجريدة ملفاً عن اليوم العالمي للحيوان، وهو اليوم الذي عبَر خارج كل الأقفاص الزمنية في الرابع من أكتوبر، أجبتهُ وأنا الذي ينْسى أحياناً يوم مولدي: لا أحد يتذكَّر الإنسان في هذه الأيام العصيبة يا صديقي فما بالك بالحيوان!
طَأْطأ الرجل مهموماً وكأنه بات يحمِل عِوض الرأس جبلا، وجرْجَر رجليه مُنصرفاً دون أن تنصرف الحكمة التي تركها في أذني وهو يقول: من لا يتذكَّر اليوم العالمي للحيوانات فهو إنسان غير عاقل !
13
ما لا يكون على حدود الخطر، سواءً في التفكير أو الحب، يبقى بدون قيمة ولن يصل للقمة !
14
لا يُقاسمك الهموم إلا من يريدُ لكَ الفرح !
15
لأنه شاعرٌ رؤياوي مَتَّقِدٌ بالحُدوس، كلما كتب شيئاً اليوم تحقَّق غداً أو بعد غد، لذلك وصفُوه بجاسوس!
16
همستْ في أذني وأنا اُراقِصُها بذراعي التي طوتْ خصْرها النَّحيل: يا لكَ من بارعٍ أين تعلمتَ الرَّقْص؟
لم أجِدْ جواباً شافياً لأنِّي أعلمُ أن الرقص الحقيقي يكون مع الذئاب، ولكنني همستُ بدوري في أذنها: تعلمتُ الرقص عزيزتي من بعض البشر الذي ينبطحُ في طريقي كالحُفر!
.............................................
افتتاحية ملحق "العلم الثقافي" ليوم الخميس 5 نونبر 2020
المُحرِّر مُقَيَّدٌ إلى قلمه عِلماً أن ما يخُطُّه يُحرِّر العقول من ربقة الأفكار المُتجاوزة ويُحرر معها البلاد، ولأنه يحرِّر الكلماتِ، كلماتِه أو كلماتِ الغيْر، فهو ليس مِلْكَ نفسه حين يضْطرُّ لِنَسْج علاقاته على منْطق الحِياد !
2
عيْنُه دائماً تغضُّ لأسفلٍ ماسحُ الأحذية، ولأنِّي كنتُ يومئذٍ أنتعل حذاء رياضياً (سبرديلا)، رمقني بعين مِلؤُها الأسى، وما كاد يهُمُّ بالانصراف إلى رزقٍ آخر، حتى ناديته دون سابق معرفة ليُشاطرني قهوة الصباح، اعتذَر في البدء بكبرياء ثم استسلم بعد أن أيْقن من إلحاحي أنه صار بمنزلة الحاجب فوق العين، فرح صديقي الجديد بضيافتي حتى محتْ الأساريرُ الطلقةُ تجاعيد وجهه، كانتْ حُرقته من صميم احتراقي في زمن كورونا، لذلك آثرنا الحديث بلغة الدخان، لم يقُل كلمةً وهو يداري بسواد القهوة حُلكة الأيام، ولكنني أقول الآن بعد أن انصرف صديقي باحثاً عن ضالَّته في حذاء غير رياضي، إنَّ بعض البشر أشدُّ على البشر من الجائحة !
3
لا أملك من الوقت إلا ما أسرقه من حياتي لِمَا تبقى من حياتي، لذلك لا أعرف هل أنا اللص أو الزمن !
4
أعرف رجلاً يكادُ يبزُّ بآرائه علماء الجمال، خاطبني مرة وأنا أحاول أن أجد للقبح الذي عمَّ العالم مَنْفَذاً آخر لا يفضي لنفسي: هل تعلم أن المرأة تبدأ في تفقُّد جسدها في سن الأربعين، أما قبْلَه بين عِقْدي العشرين والثلاثين، فثِقتُها المفرطة في جسدها تجعله مُهْمَلاً!
5
إسرائيل بأطماعها الاستيطانية المُسْترشِدة بأوهام البوصلة الدَّعَويَّةِ للأرض الموعودة، لا تريد فلسطين فقط، فهي تدمج وئيداً لكيانها اللقيط والهجين كل النِّحل المنْحلة والخارجة عن أصولها، لذلك لا غرابة اليوم وهي تنجح في دفع بعض الدول العربية للاعتراف بها رسميا في العلن، أنْ ينضم لكيانها النازي المشوَّه ما يمكن أن نسميه الاسلام الصهيوني، فهي تريد أن تبسُط سيطرتها على ربوع منطقة الشرق الأوسط بهدم وتخريب وطمْس معمار وتاريخ دولها، وإعادة تشكيل خريطة جديدة للمنطقة تخضع لنفوذها الاستعمارية، ولا غرابة أيضا حين ينبثق من تحت الأنقاض للوجود كما انبثقتْ أمريكا بعد إبادتها للهنود، دولة كبرى اسمها: الولايات الاسرائيلية المتحدة !
6
ضَرَبَ صَفْحاً عن كل المواعيد الغرامية حتى ضاق قلبه واتَّسع الفراغ، قال إن الفوتوشوب خيَّب كل آفاق انتظاراته في من أحَبَّهُن عن طريق فيسبوك، وما عاد يثق في المحْسُوس والملْمُوس !
7
هناك الكوفيد وثمة الكيوبيد، ورغم أنهما شقيقان من حيث الاشْتِقاق اللغوي، إلا أنهما يختلفان في المعنى، فالكوفيد فيروس وبائي بشع وقَميء، أما الكيوبيد فطفل أنجبته الأساطير اليونانية آيةً في الجمال يُوقِع الناس في الحب، كلاهما إذاً قاتلٌ يلقي بسهمه من قريب أو بعيد !
8
الصَّراحة كالحُقنة توجع في الأول، وحين يسري مفعولها في العروق، تنْقلب إلى خدرٍ جميل تتلوه الراحة !
9
البحر بطبيعته هادىءٌ، وبعُمْقه كتومٌ، لولا الموج الذي يُخْرجه أحياناً عن طوره، ويفشي أسراره للرمال التي تتناقلُها أوهن الرياح !
10
لا أعرف مَنِ المُجرم بالضبط، فالناس يمثِّلون بصورة الضحية في وسائل التكاسل الاجتماعي، أشد وأنكى مما مثَّل المُجرم وشوَّه الجسد قبل أن يواريه عن الأنظار !
11
قد تنحرف الكلمة وتصبح بيد من لا يَزِنها قبل الكتابة لَكْمة !
12
هو حضاريٌّ جِداً في زمنٍ تتشيَّد فيه الحضارات على الجماجم، وقد أكْسبه رُقِيُّهُ الحضاري المُمْعن في الحذر رقَّة في الصوت وحركة غير عادية في الجسد، ومن لا يعرف الرجل وهو يلتوي كلما تحدث كأفعوان ناعم، يحسبه مُخنَّثاً من فصيلة الحلزون، التقيْتُه ذات خطوٍ في طريقي وأنا أحاول في كل مرة أراه قادماً من بعيد أن لا ألتقيه، ولأنَّه يعْلَم أنِّي صحفي بادرني بالسؤال: ألم تخصِّصوا في الجريدة ملفاً عن اليوم العالمي للحيوان، وهو اليوم الذي عبَر خارج كل الأقفاص الزمنية في الرابع من أكتوبر، أجبتهُ وأنا الذي ينْسى أحياناً يوم مولدي: لا أحد يتذكَّر الإنسان في هذه الأيام العصيبة يا صديقي فما بالك بالحيوان!
طَأْطأ الرجل مهموماً وكأنه بات يحمِل عِوض الرأس جبلا، وجرْجَر رجليه مُنصرفاً دون أن تنصرف الحكمة التي تركها في أذني وهو يقول: من لا يتذكَّر اليوم العالمي للحيوانات فهو إنسان غير عاقل !
13
ما لا يكون على حدود الخطر، سواءً في التفكير أو الحب، يبقى بدون قيمة ولن يصل للقمة !
14
لا يُقاسمك الهموم إلا من يريدُ لكَ الفرح !
15
لأنه شاعرٌ رؤياوي مَتَّقِدٌ بالحُدوس، كلما كتب شيئاً اليوم تحقَّق غداً أو بعد غد، لذلك وصفُوه بجاسوس!
16
همستْ في أذني وأنا اُراقِصُها بذراعي التي طوتْ خصْرها النَّحيل: يا لكَ من بارعٍ أين تعلمتَ الرَّقْص؟
لم أجِدْ جواباً شافياً لأنِّي أعلمُ أن الرقص الحقيقي يكون مع الذئاب، ولكنني همستُ بدوري في أذنها: تعلمتُ الرقص عزيزتي من بعض البشر الذي ينبطحُ في طريقي كالحُفر!
.............................................
افتتاحية ملحق "العلم الثقافي" ليوم الخميس 5 نونبر 2020