عمار حميد مهدي - اخر مرض على وجه الارض

لم يخطر على بال احد ان يسأل كيف ظهر او من اين اتى هذا الشخص ، فقد كان الاهتمام منصبا على قدرته الغريبة في التخلص من الامراض، اي امراض سواءً أكانت عاهاتٍ او اعاقات نفسية او جسدية ابتُلي بها الناس في جميع الأرجاء ولم يكن هو نفسه يولي اهتماما لشهرة او مكانة او ثروة كان صامتاً هادئاً طوال الوقت جاعلاً هدفه وتركيزه واهتمامه الوحيد ان يخلص الناس من آلامها وامراضها وأوجاعها ، كان يكتفي بأن يضع يده على جسم انسان مريض فيقوم بسحب المرض منه كأنه هالة سوداء تنتقل الى يده زاحفة ، ولكن ما بعد ذلك هو الأغرب والمحير في نفس الوقت فبعد سحب المرض بيده كان عليه ان يجد بُنياناً او حائطاً او نُصباً ، اي شيء يمكن ان يكون الإنسان قد أقامه أو أوجدهُ من الأبنية والشوارع والأبراج فيضع يده عليه لينتقل المرض الى ذلك البناء فيحيله الى كومة من الأنقاض والحجارة فعلم الناس بذلك ان أسقامهم وامراضهم هي من الأذى والسُميّة ما لايمكن ان يحتمله حتى البناء المسلّح بالحديد و الإسمنت او أقسى انواع الحجارة و الصخور المبنية، ومع الوقت استطاع ذلك المجهول ان يخلص البشر من كل امراضهم وان يشفيهم حتى من امراض الحقد والكراهية لبعضهم البعض حتى جاء اليه اخر شخص ليُبرِأه من سقمه فوضع يده على جسمه وسحب المرض منه التفت الشخص المجهول حوله فلم ير مبنىً واحدا قائما بعدما امتصت ملايين الأبنية ولسنواتٍ عديدة امراض ساكنيها من البشر متحولةً الى ركام لكنه وبحركة مطمئنة وضع المجهول يده على صدره وامتص جسده اخر مرض على وجه الارض فسكتت انفاسه وفارق الحياة بهدوء، نظر العالم الذي شُفيَ من امراضهِ حوله فشاهد ان كل ما بناه قد تحول إلى تراب، عم الصمت لوهلة ثم تكلم شيخ كبير... علينا ان نبدأ من جديد.
عمار حميد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى