لم تدخن أمامي إلا بعدما توطدت علاقتنا وصرنا صديقتين لا نفترق إلا لوقت محدود في اليوم تحديدا ساعات بقاء زوجي في البيت . عرفتها برائحة الدلكة والمحلب التي تعبق الهواء كلما مرت ، الحنة التي تخضب كعب قدمها والنقوش التي تتسلق ساقها . خلطها النطق بين حرف القاف وحرف الغين جعلني أتأرجح بين احتمال أن تكون سودانية أو أسوانية.
ذات يوم اشتبك طرف الجرجار الذي كانت ترتديه بعربة التسوق الخاصة بي وأنا أتجول في ممرات السوبرماركت. الجرجار جعلني أرجح أنها أسوانية ومن النوبة. اعتذرت لها بابتسامة غير أنها عبرتني بسرعة خاطفة دافعة عربتها بيد واحدة بينما اليد الأخرى مشغولة بشاشة الموبايل.توطدت علاقتنا وظلت أيضا مشغولة بشاشة الموبايل. أراها جالسة في ركن بعيد من الكافيهلا تنتبه لدخولنا وغالبا ما يصاحب دخولناضجة صوت الأطفال وصوت المقاعد التي تنسحب من تحت المناضد. اختلس فرصة انشغال أفراد اسرتي بطلب المشروبات فارسل لها على الماسينجر " أنا هنا ". ترفع عينها عن الشاشة بحثا عني ، تبتسم وخلسة تطير لي قبلة في الهواء .
في بداية تعارفنا التقينا في مدخل العمارة التي أسكنها. استقبلتها بفرحة غريب يبحث عن وجه يعرفه . أظهرت هي فرحة هشة بتعارفنا ورغم أنها رحبت بي بلكنتها الأسوانية التي هي مزيج من النوبية والعربية الفصحى إلا أنها لم تهتم لاهتمامي بها ولا رغبتي لتوطيد علاقتنا . لا تبادر بالتحية كلما التقينا مصادفة في مدخل العمارة أو في ممرات المول، وعندما حملت كوب العصير بفرح لرؤيتها وغادرت منضدتي في الكافيهوسحبت الكرسي المقابل لها استأذنت بمجرد جلوسي واعتذرت لانشغالها وانصرفت تاركه كوب العصير أمامها لم يمس . بينما أناملها تمرر صفحة على شاشة الموبايل .
كلما هربت مني كنت أبحث عنها واقترب منها رغم اعتراض زوجي الذي لمح به مرات وصرح به مرات أخرى وخلال فترة قصيرة لم يعد السقف الذي يفصل شقتها عن شقتي حاجزا بيننا صرنا صديقتين . أما الذين اعتادوا أن يرونا سويا فكانوا يظنون أننا أختان بل توأمان . لنا نفس البشرة السمراء واللكنة الأسوانية التي لا يفهمها للوهلة الأولى سكان المكان . كما أنني صرت اهتم بنقش رسوم الحنة على يدي وقدمي . مثلها أحب الحنة وأعشق رائحتها وقبل معرفتها لم أكن أهتم بصبغ جسمي بها ولا نقش رسومات بعجينتها في كل مساحاتي الشاغرة . تعشق هي الحنة منذ الصغر وكانت تضعها في كفها فقط إذ يحرم على غير المتزوجة الحنة الا في هذا المكان وفقط . تقول وهي ترفع البلوزة لتريني النقوش المرسومة على بطنها ضاحكة .
- كسبنا فايدة من الجواز.
- بس هي دي الفايدة ؟
- تقريبا .
تعقب بصوت أقرب للهمس وهي تنفخ دخان سيجارتها ليصنع سحابة كثيفة تحجب عن بصري ملامح الزوج المعلقة صورته على الحائط المقابل .
تشير بيدها وتقول :
- شوفي .
أضواء بعيدة نابضه كنجوم في سماء حالكة السواد .تستعيد نبرة صوتها المرحة وتغني
والنجمة دي أنا عارفاها وتمللي باسهروياها .
اندهش لقدرتها العجيبة على تغير حالتها المزاجية . أفاجئها بسؤالي :
- بتحبيه ؟
تبعد عينها عن وجهه المحبوس خلف زجاج الاطار وترد بسرعة :
- لا
سرعتها غير متوقعة في الإجابة تفجر داخلي أسئلة عديدة لا تنتظر حتى أنطقها لتنهمر حكايتها بصوت حزين هامس .تحكي عن دائرة الاختيار الضيقة التي فرضته . رشحته مع آخرين . كان أفضلهم من وجهة نظر الجميع لم تفكر فقط كانت مهيأة لدور عروس تستسلم ليد الحنانة تنعم جسمها وتدلكه بالدلكة المعتقة وتخضبه بالحنة وتنقش عليه رسومات مثيرة للرجل الذي سيكشف الجسد للمرة الأولى . بعد شهور لم تعد تلك المبررات كافية لتضفي عليه صورة فتي الأحلام وتعيش كما تحب .غالبا لا تمر الأيام بسلام. انفجار يعقبه انفجار ثم انفجار آخر . لحظة خاطفة يتحول خلالها الانفجار الداخلي لصوت مرتفع ، يزعق ليقمع صوتها . تصرخ وتصرخ، قرارات سريعة حاسمة يلقيها بصوت متوتر مندهش من رعونتها. يواصل قمعها ويأمر بكوب من الكركدية المثلج بينما يستعيد هدوءه المستفز ويأخذ مكانه في الشرفة . تصرخ وتضرب برأسها و كلتا يديها الحائط حتى تسقط في إغماءه قصيرة تفيق منها على وجهها الباكي المنعكس على زجاج نافذة القطار المتجه جنوبا . بطول المسافة الطويلة تتابع شريط الحياة البائسة والدموع المنهمرة .
كم مرة خبأتها الأم في غرفة داخلية من بيت الأهل خشية أن يعرف أحد بمجيئها المفاجئ . تستسلم وتضغط رأسها بالوسادة لتحجب وجهه بجلافته من وعيها وتستسلم لخدر النعاس والاسترخاء عقب الرحلة الطويلة في القطار. حين تستيقظ تكون العربة قد توقفت أمام البيت. يدفعها الأخ أمامه بعدما يسمع توصيات الأب و الأم بألا يعود حتى يطمئن أن الأمور بينهما على ما يرام . غالبا تعود في نفس القطار الذي جاءت فيهبعدما أفرغ ركابه وغير اتجاهه وعاد يجمع المنتشرين على طول الطريق. في العودة لا سبيل للتفكير في التغير،فشلت عدة محاولات للخروج دون رجوع .
- وبعدين ، وبعدين ؟
أتساءل بنفاد صبر ، و كمن يبحث عن ثقب الخروج .
- سافر
السفر فرصة طيبة لاستراحة طويلة. وأيضا لتوقف المحاولات الفاشلة للذهاب دون رجوع .
يأتي كل عدة أشهر ليقضي أسبوعًا أو أكثر تستعد له كحبيبة وتنتظره كعشيقة .. لا تبدو مختلفة عن تلك التي أعرفها ونجلس سويا في الشرفة المطلة على الخلاء ونثرثر في ركن بعيد من الكافيهأو نتعارك بصوت ضاحك ونحن نسحب عربات التسوق . فقط تغيب السيجارة عن يدها ويقبع الموبايل في عمق شنطة يدها تعلق يدها بذراعه وتشير لي باليد الأخرى وكعادتها تطير لي قبلة خاطفة في الهواء .
أشاركها الأوقات قبيل مجيئه نتصل بالحنانة السودانية.تتعرى بالكامل أمامنا تستلقي على الأرض مانحة الحنانة السودانية جسدها في استرخاء لدن . يد الحنانة قوية تنتف وتنعم وتفرك بالدلكة المعتقة قشرة الجسد الخشنة. تنقلب مرة على ظهرها ومرة على بطنها حتي تنتهي الحنانة من فرك كل سنتيمتر في جسمها تنام على ظهرها وتستعد برفع ساقيها لتزحف عليها رسوم الحنة من اصبع قدمها وتتفرع عند الفخذ مشكلة أغصان موردة . لا تصبر حتى تنتهي الحنانة من تسلق كامل للجسد برسومها إذ تضع في كفها عجينة الحنة التي ستصبغ باطن الكف بنقوش برتقالية قانية .
تضم عليها أصابعها بقوة وتفرد ذراعيها على امتداهما . فيما يسترخي بطنها يرتفع صدرها و تطلب مني أن أناولها سيجارة . اجلس على ركبتي بجوار رأسها أضع السيجارة في فمها واقرب منها عود الثقاب تشعلها وتسحب نفسا منها واسحب السيجارة من بين شفتيها لانشغال يديها بالحنة انتظر حتى تطلق الدخان في فضاء الغرفة وأعود ألقمها السيجارة مرة أخرى تضم شفتيها عليها بقوة و تشير للحنانة التي تواصل تسلق الجسد برسوم الحنة أن ترسم بين النهدين قلب وسهم وحول الحلمة وردة متفتحة وأن ترسم تحت السرة غصنا يتفرع ويهبط حتى مكمن الغواية.
ذات يوم اشتبك طرف الجرجار الذي كانت ترتديه بعربة التسوق الخاصة بي وأنا أتجول في ممرات السوبرماركت. الجرجار جعلني أرجح أنها أسوانية ومن النوبة. اعتذرت لها بابتسامة غير أنها عبرتني بسرعة خاطفة دافعة عربتها بيد واحدة بينما اليد الأخرى مشغولة بشاشة الموبايل.توطدت علاقتنا وظلت أيضا مشغولة بشاشة الموبايل. أراها جالسة في ركن بعيد من الكافيهلا تنتبه لدخولنا وغالبا ما يصاحب دخولناضجة صوت الأطفال وصوت المقاعد التي تنسحب من تحت المناضد. اختلس فرصة انشغال أفراد اسرتي بطلب المشروبات فارسل لها على الماسينجر " أنا هنا ". ترفع عينها عن الشاشة بحثا عني ، تبتسم وخلسة تطير لي قبلة في الهواء .
في بداية تعارفنا التقينا في مدخل العمارة التي أسكنها. استقبلتها بفرحة غريب يبحث عن وجه يعرفه . أظهرت هي فرحة هشة بتعارفنا ورغم أنها رحبت بي بلكنتها الأسوانية التي هي مزيج من النوبية والعربية الفصحى إلا أنها لم تهتم لاهتمامي بها ولا رغبتي لتوطيد علاقتنا . لا تبادر بالتحية كلما التقينا مصادفة في مدخل العمارة أو في ممرات المول، وعندما حملت كوب العصير بفرح لرؤيتها وغادرت منضدتي في الكافيهوسحبت الكرسي المقابل لها استأذنت بمجرد جلوسي واعتذرت لانشغالها وانصرفت تاركه كوب العصير أمامها لم يمس . بينما أناملها تمرر صفحة على شاشة الموبايل .
كلما هربت مني كنت أبحث عنها واقترب منها رغم اعتراض زوجي الذي لمح به مرات وصرح به مرات أخرى وخلال فترة قصيرة لم يعد السقف الذي يفصل شقتها عن شقتي حاجزا بيننا صرنا صديقتين . أما الذين اعتادوا أن يرونا سويا فكانوا يظنون أننا أختان بل توأمان . لنا نفس البشرة السمراء واللكنة الأسوانية التي لا يفهمها للوهلة الأولى سكان المكان . كما أنني صرت اهتم بنقش رسوم الحنة على يدي وقدمي . مثلها أحب الحنة وأعشق رائحتها وقبل معرفتها لم أكن أهتم بصبغ جسمي بها ولا نقش رسومات بعجينتها في كل مساحاتي الشاغرة . تعشق هي الحنة منذ الصغر وكانت تضعها في كفها فقط إذ يحرم على غير المتزوجة الحنة الا في هذا المكان وفقط . تقول وهي ترفع البلوزة لتريني النقوش المرسومة على بطنها ضاحكة .
- كسبنا فايدة من الجواز.
- بس هي دي الفايدة ؟
- تقريبا .
تعقب بصوت أقرب للهمس وهي تنفخ دخان سيجارتها ليصنع سحابة كثيفة تحجب عن بصري ملامح الزوج المعلقة صورته على الحائط المقابل .
تشير بيدها وتقول :
- شوفي .
أضواء بعيدة نابضه كنجوم في سماء حالكة السواد .تستعيد نبرة صوتها المرحة وتغني
والنجمة دي أنا عارفاها وتمللي باسهروياها .
اندهش لقدرتها العجيبة على تغير حالتها المزاجية . أفاجئها بسؤالي :
- بتحبيه ؟
تبعد عينها عن وجهه المحبوس خلف زجاج الاطار وترد بسرعة :
- لا
سرعتها غير متوقعة في الإجابة تفجر داخلي أسئلة عديدة لا تنتظر حتى أنطقها لتنهمر حكايتها بصوت حزين هامس .تحكي عن دائرة الاختيار الضيقة التي فرضته . رشحته مع آخرين . كان أفضلهم من وجهة نظر الجميع لم تفكر فقط كانت مهيأة لدور عروس تستسلم ليد الحنانة تنعم جسمها وتدلكه بالدلكة المعتقة وتخضبه بالحنة وتنقش عليه رسومات مثيرة للرجل الذي سيكشف الجسد للمرة الأولى . بعد شهور لم تعد تلك المبررات كافية لتضفي عليه صورة فتي الأحلام وتعيش كما تحب .غالبا لا تمر الأيام بسلام. انفجار يعقبه انفجار ثم انفجار آخر . لحظة خاطفة يتحول خلالها الانفجار الداخلي لصوت مرتفع ، يزعق ليقمع صوتها . تصرخ وتصرخ، قرارات سريعة حاسمة يلقيها بصوت متوتر مندهش من رعونتها. يواصل قمعها ويأمر بكوب من الكركدية المثلج بينما يستعيد هدوءه المستفز ويأخذ مكانه في الشرفة . تصرخ وتضرب برأسها و كلتا يديها الحائط حتى تسقط في إغماءه قصيرة تفيق منها على وجهها الباكي المنعكس على زجاج نافذة القطار المتجه جنوبا . بطول المسافة الطويلة تتابع شريط الحياة البائسة والدموع المنهمرة .
كم مرة خبأتها الأم في غرفة داخلية من بيت الأهل خشية أن يعرف أحد بمجيئها المفاجئ . تستسلم وتضغط رأسها بالوسادة لتحجب وجهه بجلافته من وعيها وتستسلم لخدر النعاس والاسترخاء عقب الرحلة الطويلة في القطار. حين تستيقظ تكون العربة قد توقفت أمام البيت. يدفعها الأخ أمامه بعدما يسمع توصيات الأب و الأم بألا يعود حتى يطمئن أن الأمور بينهما على ما يرام . غالبا تعود في نفس القطار الذي جاءت فيهبعدما أفرغ ركابه وغير اتجاهه وعاد يجمع المنتشرين على طول الطريق. في العودة لا سبيل للتفكير في التغير،فشلت عدة محاولات للخروج دون رجوع .
- وبعدين ، وبعدين ؟
أتساءل بنفاد صبر ، و كمن يبحث عن ثقب الخروج .
- سافر
السفر فرصة طيبة لاستراحة طويلة. وأيضا لتوقف المحاولات الفاشلة للذهاب دون رجوع .
يأتي كل عدة أشهر ليقضي أسبوعًا أو أكثر تستعد له كحبيبة وتنتظره كعشيقة .. لا تبدو مختلفة عن تلك التي أعرفها ونجلس سويا في الشرفة المطلة على الخلاء ونثرثر في ركن بعيد من الكافيهأو نتعارك بصوت ضاحك ونحن نسحب عربات التسوق . فقط تغيب السيجارة عن يدها ويقبع الموبايل في عمق شنطة يدها تعلق يدها بذراعه وتشير لي باليد الأخرى وكعادتها تطير لي قبلة خاطفة في الهواء .
أشاركها الأوقات قبيل مجيئه نتصل بالحنانة السودانية.تتعرى بالكامل أمامنا تستلقي على الأرض مانحة الحنانة السودانية جسدها في استرخاء لدن . يد الحنانة قوية تنتف وتنعم وتفرك بالدلكة المعتقة قشرة الجسد الخشنة. تنقلب مرة على ظهرها ومرة على بطنها حتي تنتهي الحنانة من فرك كل سنتيمتر في جسمها تنام على ظهرها وتستعد برفع ساقيها لتزحف عليها رسوم الحنة من اصبع قدمها وتتفرع عند الفخذ مشكلة أغصان موردة . لا تصبر حتى تنتهي الحنانة من تسلق كامل للجسد برسومها إذ تضع في كفها عجينة الحنة التي ستصبغ باطن الكف بنقوش برتقالية قانية .
تضم عليها أصابعها بقوة وتفرد ذراعيها على امتداهما . فيما يسترخي بطنها يرتفع صدرها و تطلب مني أن أناولها سيجارة . اجلس على ركبتي بجوار رأسها أضع السيجارة في فمها واقرب منها عود الثقاب تشعلها وتسحب نفسا منها واسحب السيجارة من بين شفتيها لانشغال يديها بالحنة انتظر حتى تطلق الدخان في فضاء الغرفة وأعود ألقمها السيجارة مرة أخرى تضم شفتيها عليها بقوة و تشير للحنانة التي تواصل تسلق الجسد برسوم الحنة أن ترسم بين النهدين قلب وسهم وحول الحلمة وردة متفتحة وأن ترسم تحت السرة غصنا يتفرع ويهبط حتى مكمن الغواية.