النساء في هذا الشارع كن يتغوطن ذعرا تحت ضربات ولكمات رجال الدرك ، كانوا يداهمونهن ليلا في قوة من المركز عليها ضابط برتبة عقيد ، ووكيل نيابة يحمل مكبر صوت لإضفاء شرعية مزيفة ، وبعض جنود لا يتعدون العشرة . كانوا يستقلون عربة كومر يعمدون علي إبقائها بعيدا عن الشارع عند المنعطف ، ينزلون مسرعين والعربة لم تتوقف بعد كأنهم يتدربون علي هذا النوع من القفز .. لم يطرقوا الأبواب كانوا يعتلون حوائط قصيرة من اللبن النيء تنتهي الي غرف متصدعة بأبواب خشبية تحدث صريرا مزعجا . يبعثرون ، ويرمونها أرضا ويرفعونها واحدة تلو الأخري وكأنهم في مزاد علني ؛ هذا سروال داخلي أحمر بخطين ورديين ، ذوقك مجنون ايتها اللعينة يالشحم مؤخرتك الذي يملأ كل هذا الكيلوت ، و هذا ثوب من الحرير به مزق وعدة ثقوب .. قطن طبي غير مستعمل ، أمواس حلاقة ، خاتم فضي عليه نقش لكبش بجناحين ، مصحف ملفوف بقماش أخضر فضوه ونظر أحدهم إليها شذرا ، تحتفظين بمصحف أيتها القحبة هل تقرئين مافيه من وعد ووعيد وجنة وثريد .. ركلها علي مؤخرتها خرجت دون ان تستر عريها بثوب ، أمرها بالصعود إلى العربة الكومر فصعدت بمشقة ووجدت رفيقاتها يتكورن في وضع جنيني بعضهن عاريات والدموع تحفر عميقا في خدودهن ، صاحت في الفتاة التي يسمونها في سوق الدعارة رودي في وجه الجندي الذي يعلق علي كتفه شريطين أين الرجال " الرجال أيها المرتشي قبحك الله ، هؤلاء النسوة لم يكن في حفلة سحاق بل كن برفقة رجال يضاجعونهن كم دفعوا لكم وتركتوهم يهربون .. موظفون وعمال سكك حديدية وفحامون وقضاة ودبلوماسيون وضباط متقاعدون ، زبائنهن من كل الطبقات . " كن فيما مضى " ثلاثة نسوة في هذا الشارع يمتهن البغاء والآن لايمكن حصرهن إذ توافدت النساء علي الشارع الذي تسبقه سمعته في هذه المدينة من أربعة أركان البلاد استأجرن منازل تركها أصحابها وهاجروا بعيدا بحثا عن غذاء وأمن وصحة وتعليم لأبنائهم وضمان اجتماعي وراتب تقاعدي . استخدمن تكنيكات عدة ليخطبن ود ساكني الحي فلم ينجحن ، كن يعلقن قطعا من الخشب بطريقة هندسية علي حائط المنزل ليستدل بها الزبائن علي مايقدمن من خدمات فهو تقليد متعارف عليه بين هذه البيوت . لقد تعاهدن علي قيمة موحدة نظير استخدام فروجهن فلمهنتهن أخلاق يلتزمن بها ؛ لا يقمن بالإتجار في الخمور البلدية لأنها تجلب المشاكل فالسكاري ينفلت عقالهم ويعودون أطفالا .. صفعها الجندي ذو الشارب الكث على خدها . كان يدس عجينة من التمباك وراء شفته السفلى " ضغط عليها لم تشعر هي بالصفعة التي طرحتها " على ظهر الكومر فاحتضنتها امرأة في الخمسين من اللواتي لم يعدن " صالحات " لمزاولة مثل هذا العمل لكن يبدو أنها مسئولة عن ترتيب المواعيد وجلب الفتيات الصغيرات ليعملن معها .. نظرت إليه " المرأة الخمسينية . - " وهي تبتسم ودت لو تحتضنه بقوة . لقد حرك وجهه المألوف لديها مشاعرها تجاه ماضي مازالت تذكره وكأنه وقع بالأمس .. كان أبيه الذي انفصل عن والدته يصطحبه معه إلى بيتها . لم يكن ليتركه وحده في المنزل يصارع الفراغ و "الحشرات و الثعابين المسمومة " .كانت تعتني به طيلة فترة مكوث والده بينهم . كان أبيه عاشقا لسيدة المنزل الخمسينية وكانت هي في العشرين من العمر تشتري لطفله من أجرها الزهيد أقراص الدوم المطحون وأصابع الشوكولاتة وحلوى النعناع . كان عندما يتغوط على ملابسه تأخذه إلى الحمام وتغسله وترش عليه من عطر كانت تستخدمه بعد كل جولة .. كانوا يتركون بصماتهم علي جلدها بعضهم له رائحة ثور هرم وآخر تنمو في إبطيه الحشرات ينز عرقا كما البيض الفاسد .. لم تكن لتتأفف فهذا عملها الذي لاتجيد غيره ومصدر رزقها . كانت تشعر بالفراغ يملا روحها عندما ينتزعه أبيه من أحضانها ليعود به إلى المنزل .. تنتظر الغد ليعود إليها ليضمد روحها تمنت لو تنجنب صبيا مثله لكن كيف مع قطيع الثيران هذا الذي يزورها كل مساء تحركت العربة الكومر صوب قسم الشرطة انزلوهن في حفلة من الشتائم والتجريح اودعن الحراسة ريثما يقدمن الي القاضي ودت لو تحتضنه لترمم روحها المتعبة لقد غفرت له قال القاضي هل حقا تمارسن البغاء كما يقول هذا الشرطي قالت له المرأة الشابة رودي وقد تصديت للدفاع عن النسوة لماذا تسميها بغاء سيدي القاضي لقد اتينا الي هذا الشارع بعدان اضعنا اهلينا تشردنا في مدينتكم واغتصبنا نزحنا برفقة نسوة تركننا للذ ئاب لتنهش عظامنا عملنا في مهن هامشية عديدة لكن دون جدوي مازال صوت فرقعة الأنتنوف يئن فوق اذناي كان ازيزا مرعبا وامي تصرخ دون ساقها اليمني تطاير ريش الدجاجات مكونا سحابة مع خيوط الدخان كانت حفلة شواء وفي الصباح دفنا ابي و اخي وعمي في حفرة مجتمعين ، لم يدعها القاضي تستر سل في مرافعتها صرخ في وجهها وهو يضرب المنضدة التي أمامه اصمتي ونطق حكم مغلظ خمس سنوات من السجن لها وسنتان لرفيقاتها وإخلاء سبيل الخمسينية بعد دفع غرامة قدرها خمسون جنيها .