محمود مهدي - خالد عبدالغني وثلاثية الأصالة والطلاقة والمرونة

ما أجمل أن يكون الأستاذ صديقا يرشدك ويدفعك للأمام يحبك دون مقابل ويسعد لنجاحك كسعادة أبيك وأمك، تتحدث معه دون حواجز أو قيود تجده سندا وعونا كأنه ظل لك عندما يتخلى عنك الآخرون ، يبثك من عطفه وحنانه وحبه ويمسح عنك دموعك... هكذا هو مؤلفنا د.خالد محمد عبدالغني عرفته منذ عام 1992 شخصية تكسر النمطية في التفكير صاحب شخصية مستقلة وفكر متطور يشتمل على مقومات الإبداع وهي الأصالة والطلاقة والمرونة فإبداعه متدفق كموج البحر لا يهدأ ولا ينضب . ينتمي مؤلفنا لأسرة بسيطة من بلقس إحدى قرى محافظة القليوبية ، وفرت تلك الأسرة له الكتب بكثرة منذ نعومة أظافره حصل على الماجستير والدكتوراه من آداب بنها وتمهيدي الماجستير ودبلوم علم النفس الإكلينيكي بآداب عين شمس ودرس الخط العربي بمدرسة خليل أغا بالقاهرة وحصل معارف طيبة بكلية الدعوة بجامعة الأزهر فرع القاهرة، منابع ثقافته إذن متعددة ما بين الفن والدين وعلم النفس واللغة والأدب ولهذا كانت مرونته الشخصية لا تحتاج لدليل ولم يعرف التشدد له طريقا أبدا،، هكذا رأيناه - أنا ورفاقي - في شبابه الباكر وكنا مراهقين صغارا لا نتجاوز السادسة عشرة عاما ، رأيته وطنيا قال لمسئول التجنيد إذا لم أدافع عن مصر فمن يدافع عنها،، كما عرفناه شاعرا وأديبا ورساما وخطاطا وباحثا .
وأما كتابنا الحالي فقد جاء فيه "استخدم الإنسان البدائي الرسم كوسيلة تعبيرية ، إذ يصور نفسه من خلالها وهو يعدو وراء فريسته .. أو ممسكاً بها .. وهو بهذا الفعل – الرسم – قد أعدَّ عُدَّته، وجهَّزَ نفسه لمواجهة الطبيعة لكي يتغلب عليها ، أو يحسن التعامل مع عناصرها ، ولعلَّ المصري القديم – منذ آلاف السنين–قد تجاوز ذلك الموقف التعبيري بالرسم ، عندما قام بالرسم على جدران المعابد والمقابر والأحجار وأوراق البردي ، وصور نفسه في ممارسته للأنشطة الاجتماعية والدينية وغزواته العسكرية ، ليصبح الرسم آنذاك تعبيراً عن الواقع ومحاكاة له ، حتى أنه ابتدع كتابة قوامها الأشكال والرسوم – اللغة الهيروغليفية – ولم يكن في ذلك بدعاً لأنه حاول تصوير نفسه كما فعل أصحاب الحضارات القديمة ، وهذا التصوير قد نبع من أعماق اللاشعور، و تحديداً من رغبة لاشعورية هي الرغبة في الموت , لأن الوعي بالوجود إنما يعني الرغبة فيه , ولأننا نريد أن نحيا فقد سُمِّيَت هذه الرغبة غريزة الحياة , ولكن الرغبة في الحياة تشير إلى وعيينا برغبة متناقضة معها وهى الرغبة في الموت , لأن تأكيدنا على الحياة يعني أن ثمَّة حالة موت نريد تجنبها , وسواءٌ في ذلك وعينا به – الموت - أم لا . و بهذا ينظر إلى الوجود البشري على أنه ذلك النسيج الفريد المتكون من دياليكتيك غرائز الموت والحياة سيانٍ- في ذلك- كانت طاقتهما .

محمود مهدي
مترجم عن الفرنسية وباحث نفسي وتربوي - مصري


1612824636441.png




1612824699218.png



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى