شهادات خاصة مصطفى الشليح - أتذكَّرُ عبد الرحيم جيران

هذا الرجل أعرفُه.
أعرفُه مُذ يفاعةٍ طلابيةٍ في كلية آداب الرباط.
أعرفُه هادئا متأملا، ولا سبيلَ ينفذُ منها اللغوُ إليه، ثمَّ لا عديلَ له إلا الانضباط الصارم، والجدية الفاعلة، وإصاخة السَّمع إلى الآخر، فالإنصات الجلي إلى الخطاب أكان من زميل أم من أستاذ، ( حين كان بالجامعة أساتيذ مبرزون )، فالعكوف على مؤلفٍ تراثي ومعاصر، باللغتين العربية والفرنسية، قراءةً، فالعطوف عليه طررًا وذيولا، قبلما بدء حديثٍ، في المغرب، عن القراءة التفاعلية.
وأعرفه أستاذا قديرا وباحثا كبيرا ليسَ يفتح للثقافة كوى من كلام ما كان من الكلام، ولكنَّه ينحتُ من المعرفة أدواتٍ منهجيةً ليتكلمَ الكلام، ويبحثُ في السرد عن مداخلَ تجانفها سواه لوعورة مسالكها، ولجساوة مقترباتها، و لطِلابِها تريثا مبحرا في مختلف أشكال المعرفة، وسؤالها تؤدةً في تفعيل استقطار لحظة المكاشفة مع الكتابة فضاءً يرفدُ المشهدَ الثقافيَّ بما يفتقر إليه.
أقرأ، بتوقير علميٍّ، ما يكتبُ الأستاذ الدكتور عبد الرحيم جيران، إِنْ في مؤلفاته النقدية الوازنة، وَإِنْ في الذي ينشرُ من دراساتٍ على أنهار الجرائد، وَإِنْ في إبداعه شعرا وسردا.
أقرأ الرجل قائلا: لَوْ أنه التفتَ إلى " المقطعين أيديهم " لما أنجز هذا التراكم المبهج، مشاركا به محمد مفتاح ومحمد البكري وَعَبَد اللطيف محفوظ، وفئة قليلة؛ ولكان لبث، مثل غير قليل من " المحمولين على الثقافة "، وَقَدْ كفَّتْ عنهم الكتابة، منذ ثلاثين عاما، فآبوا بخسران عظيم تلافوه " بتسويق " مستجلبٍ كلاما ليدرَّ ما يدرُّ، ومستقطبٍ، من الصاغة، من بارت سلعته وكسدتْ بضاعته للاصطفاف ضدَّ كل باحث ومثقف ومبدع أنفوا الانتهاء إلى ما يعدو سدَّ الرمق وَإِنْ كان إلى نفق؛ وخفُّوا يبتدرون، مقتدرين، نشدان إعطاء قيمةٍ عليا للفعل الثقافي الجاد والملتزم.
أعرفُه أستاذا جليلا، ومثقفا أصيلا، ورجلا نبيلا.
أعرفُ عبد الرحيم جيران.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى