د. نصير الحسيني - من أيام الحجر

[SIZE=22px]دخل علينا عام ٢٠٢٠ بمجموعة من المفاجأت المقرفة حتى ظهرت مفاجأته الفريدة بولادة فايروس كورونا، فأصبحت كغيري أنام نهاراً وأسهر ليلاً وأستيقظ عند الساعة الثانية عشر ظهراً، وبعد الدوش النهاري فتحت التلفاز على قناة الحرة عراق وأزعجتني أرقام الموتى، حولت القناة على بريطانيا العظمى! BBC إنزعجت مرةً أخرى من عدد المصابين، ومن ثم إنتقلت الى قناة Franc 24 وإذا بها ذات الأخبار سوى بعض الرتوش وتحولت الى الجهة الأخرى RT الروسية حيث تضمن البث فيها بعض من نظرية الشك والمؤامرة !، وعلى أي حال كلها بطولات خائبة تزعج المستمع وفايروس صغير لم يقدر العالم عليه مجتمعاً ولو بعد حين ! ، وظهر لنا العالم برمته عارياً ! . خرجت الى حديقة الدار، فتحت صنبور الماء أرش هذا النبات وذاك وسرعان ما بدأت الأشجار تتحرك فرحاً بالماء وكأنها ترقص وتتغنج وتهز أغصانها على لحن هدير الماء . حاولت إبعاد الماء عن بعضها كونها تمر بفترة تكوين الثمر وتمر بمرحلة الفطام، لكنني لم أكن أبالي فأطعمتها من ماء السماء .. ماء الله. وفي هذا الأثناء سالت ذاكرتي الى أيام هذا العمر الذي قضيناه على هذه (الرنة) حين حمل الوطن بحربٍ طويلة إستنزفت كل شيء، ولا أدري لماذا تذكرت البروفسور راليف رحمه الله في كلية العمارة الأوديسية حين قال لي في بداية ثمانينات القرن الماضي : إنني أحسدك لأنك ستذهب الى العراق .. قلت له عندنا حرب فعلام الحسد ؟ ؛ قال لابد أن تنتهي الحرب يوماً وسيكون للمعمار دوراً كبيراً .. ضحكت مع نفسي .. حين إنتهت الحرب وسرعان ما حبل الوطن العزيز بحربٍ أخرى أهلكتنا، ثم حبل الوطن بحربٍ طويلة عبارة عن حصار قاسي حاصرنا من كل الجهات حتى ظهرت أضلاعها شبه مشوية، وقبل أن يأتي الصباح حبل الوطن بحربٍ طويلة أخرى ولدت له عدة أبناء على شكل أحزاب شتى، وظهرت طوائف وآلهة جدد لا عد لهم . عدت الى أوراقي على طاولة الكتابة ومزقت بعض مالم يرق لي، فتحت أربع كتب على التوالي لكنني ضجرت ولا أعرف ما أريد كأنني أفقد المتعة والتركيز .[/SIZE]
نادتني زوجتي لتقول الغذاء جاهز، وبسرعة أعددت بعض الخضار والزلاطة .. تكلمنا بجمل مقطوعة .. ونحن نستمع الى الأخبار، كنا ميالين الى الصمت الذي أصبح سارياً .. حتى الفيسبوك النافذة الوحيدة للهروب قد طغى عليه الحزن وأخبار الموتى وأمسى كلام في كلام حين حبل الوطن مرة أخرى بحرب الكورونا كما حبلت به باقي الأوطان . وعلى هذا الحال ننتظر الليل لنفر منه الى النهار وبين الليل والنهار فرار في فرار وانتظار لرحمة الله التي ما بعدها رحمة . وعلى هذا الحال جرت الأمور ننتظر ما يشاء الله .

الحلة ٢٠٢٠




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى