الحبيب الغالي سميح ،
هزتني رسالتُك الرائعة.. القادمة من هناك ، حيث تُعلمُنا الأيدي الصغيرة مبادئ القراءة والكتابة بعدما تحوّلنا جميعاً إلى أمّيين..واخجلة الشعر يا سميح ، من هؤلاء الأنبياء الذين كسروا بحجارتهم زُجاج أبجدياتنا.. واغتصبونا حرفاً حرفاً.. وكلمة كلمة.. وحوّلوا دواويننا إلى أحذية عتيقة... وشعراءنا إلى بغايا...صدّقني يا سميح، إنني أشعر بالخجل أمام هؤلاء المبدعين الذين أقالونا جميعاً، كتَّاباً، وشعراء، ومفكرين، ومنظرين، ومنافقين، ومنجّرين، واستلموا السلطة.نحن ملوك مخلوعون .. والملوك الحقيقيون هم هذه السلالة الفلسطينية الطالعة من رحم الحجر..نحن ملوك "الكُوتشينة".. الذين يمضغون القات.. ويمضغون لحم النساء بالجملة.. ولحم الشعوب بالجملة.. ويغتالون القصائد بالجملة..نحن ملوك بني عثمان الذين دخلوا الحروب بالطرابيش الحمراء.. والسراويل المقصّبة. وسماورات الشاي.. حتى غرقوا جميعاً في مياه الدردنيل..نحن " الأنتينات " المرفوعة .. لا السيوف المرفوعة.. من المحيط إلى الخليج...نتوضأ بالأكاذيب.. ونمتطي خيولنا الإعلامية والديماغوجية والإيديولوجية.. على جميع الموجات الطويلة.. والقصيرة.. والحبرأنا لم أكتب في الحقيقة شيئاً..فقصيدتي " أطفال الحجارة " ليست سوى محاولة صغيرة لملامسة قامات هؤلاء الأنبياء..فليعذروني ، إذا لم أكن على مستوى بنوّتهم ..
أخوك نزار قباني جنيف 16/1/1988
====================
* في ملف مميز خصته صحيفة " المستقبل" اللبنانية للشاعر الراحل الكبير نزار قباني بمناسبة مرور 10 سنوات على رحيله عام 2008 كشفت عن رسالة لم تنشر لقباني أرسلها من مقره في جنيف إلى الشاعر الفلسطيني سميح القاسم هنا نصها :
هزتني رسالتُك الرائعة.. القادمة من هناك ، حيث تُعلمُنا الأيدي الصغيرة مبادئ القراءة والكتابة بعدما تحوّلنا جميعاً إلى أمّيين..واخجلة الشعر يا سميح ، من هؤلاء الأنبياء الذين كسروا بحجارتهم زُجاج أبجدياتنا.. واغتصبونا حرفاً حرفاً.. وكلمة كلمة.. وحوّلوا دواويننا إلى أحذية عتيقة... وشعراءنا إلى بغايا...صدّقني يا سميح، إنني أشعر بالخجل أمام هؤلاء المبدعين الذين أقالونا جميعاً، كتَّاباً، وشعراء، ومفكرين، ومنظرين، ومنافقين، ومنجّرين، واستلموا السلطة.نحن ملوك مخلوعون .. والملوك الحقيقيون هم هذه السلالة الفلسطينية الطالعة من رحم الحجر..نحن ملوك "الكُوتشينة".. الذين يمضغون القات.. ويمضغون لحم النساء بالجملة.. ولحم الشعوب بالجملة.. ويغتالون القصائد بالجملة..نحن ملوك بني عثمان الذين دخلوا الحروب بالطرابيش الحمراء.. والسراويل المقصّبة. وسماورات الشاي.. حتى غرقوا جميعاً في مياه الدردنيل..نحن " الأنتينات " المرفوعة .. لا السيوف المرفوعة.. من المحيط إلى الخليج...نتوضأ بالأكاذيب.. ونمتطي خيولنا الإعلامية والديماغوجية والإيديولوجية.. على جميع الموجات الطويلة.. والقصيرة.. والحبرأنا لم أكتب في الحقيقة شيئاً..فقصيدتي " أطفال الحجارة " ليست سوى محاولة صغيرة لملامسة قامات هؤلاء الأنبياء..فليعذروني ، إذا لم أكن على مستوى بنوّتهم ..
أخوك نزار قباني جنيف 16/1/1988
====================
* في ملف مميز خصته صحيفة " المستقبل" اللبنانية للشاعر الراحل الكبير نزار قباني بمناسبة مرور 10 سنوات على رحيله عام 2008 كشفت عن رسالة لم تنشر لقباني أرسلها من مقره في جنيف إلى الشاعر الفلسطيني سميح القاسم هنا نصها :