- دعونا نرحب بالسيد كامل وهو الروائي المشهور والذي نال جائزة نوبل عن روايته الأخيرة... أمممم..
- صاعقة في الفردوس..
- نعم.. صاعقة في الفردوس.. عذراً فرواياتك كثيرة وإنتاجك غزير يا سيدي..
- أشكرك يا سيدتي..
- السيد كامل كل المشاهدين في كافة دول العالم يتسمرون الآن أمام الشاشات الطيفية ليعرفوا المزيد عنك.. فهناك غموض وضباب كثيف حول حياتك الخاصة..فلماذا فضلت الاعتزال عن وسائل الإعلام؟
- حسنٌ.. اشكرك سيدتي.. والحقيقة الأمر أبسط من أي شيء.. إنني لا أرى أن هناك شيئاً يستحق كل هذا الضجبج.. إنني شخص عادي.. يرى لا جدوى حياته فقرر أن يخلق بعض المعنى من خلال الكتابة.. إنني حتى لم أذهب للناشرين كل ما حدث هو أن..
-سنتحدث عن هذا لاحقاً فمن الضروري أن نتعمق في رحلتك الكتابية..ولكن..دعنا نرجع إلى الوراء ليس كثيراً لأنك لست كبيراً في السن..
- إنني في الستين يا سيدتي..
- حقاً.. هذا جيد..ولكن كيف كانت طفولتك.. طبيعة اسرتك..؟
- أه..حسن.. لم تكن هناك طفولة..لقد ولدت في ملجأ للقطاء يا سيدتي..وأخذتني إحدى النساء..
- تبنتك؟
- لا.. بل جعلتني خادماً..
- ماذا؟
- هذا ما حدث.. كان الملجأ يبيع اللقطاء كخدم ولكن بحجة التبني.. لم يكن ذلك تبنياً.. كان بعضنا قد تعرض للاغتصاب لسنوات طويلة..
- أرجوك لا أتحمل..
- حسنٌ .. أنا آسف..
- أعتذر للمشاهدين عن بكائي ..سأحاول أن أهدأ.. فاصل ونعود..
- أهلا وسهلاً بكم..ويستمر حوارنا مع الكاتب الكبير سيد كامل والذي حصل على جائزة نوبل في الأدب.. نرحب بك مجدداً وأعتقد أننا سنتجاوز فترة الطفولة التي لم تكن طفولة ونسأل عن بداية شغفك بالكتابة..كيف كان ذلك؟
(كاااامل...يا كااامل..تعال اتسمم)..
يلعنها السيد كامل في سره ويذهب لتناول الغداء.. فتقول زوجته:
- لماذا طلبت إحالتك للمعاش قبل إكمال مدتك..
يمضغ طعامه ببطء، فتواصل هي:
- خمس سنوات فقط تبقت..كنت ستجد ما تفعله في يومك بدلاً عن سرحانك الطويل هذا طوال اليوم..
بعد أن يأكل طعامه، يجرع كوب الماء بصوت مسموع... ثم يعود للجلوس أمام التلفزيون..ويرى المذيع يتحدث..
- السادة المشاهدون مرحبا بكم.. هذا هو الظهور الأول للسيد رئيس الجمهورية المنتخب السيد كامل في أول عملية دموقراطية تحدث في البلاد بعد عقود طويلة من الدكتاتورية.. سيدي الرئيس لقد شرفتنا بظهورك هذا.. وكل الشعب متشوق ليسمعك..ليعرف مستقبله..أحلامه وطموحاته.هل ستتحقق أم لا...تفضل سيدي الرئيس..
- اهلاً بكم وبكل المشاهدين..طبعا أود أن أعتذر عن تاخر هذا اللقاء ولكن هذا خارج عن إرادتي..فكم أحب أن أقابل شعبي..أن أسمعهم ويسمعونني.. ولكن منذ أن تم انتخابي كرئيس وبرنامجي ممتلئ بالكامل..
- نعم.. كل الشعب يقدر ذلك بالتأكيد..ولكن..اسمح لي أن أسألك عن السبب الذي دعاك للترشح في الانتخابات.. وخاصة ضد رئيس دكتاتوري وقوي في نفس الوقت.. ومع ذلك اكتسحته اكتساحاً بل وأجبرته على الإعتراف بالنتيجة..كيف حدث ذلك..إن الشعب نفسه لا يصدق..
- انظر يا بُني.. لقد قال شوبنهاور أن العالم تمثل وإرادة.. الإرادة في كل شيء.. الإيمان بأنك تمتلك القدرة على تغيير العالم وتوجيه إرادتك للفعل سوف تنتصر بدون شك.. أنت تعرف أو ربما تعرف لست متاكداً من ذلك..أنني قضيت بضع سنوات من حياتي كملاكم..كنت لم أبلغ العشرين وكنت سميناً ومترهل البطن.. لكنني قررت أن أكون ملاكماً وهكذا بدأت في التمارين الرياضية..لقد نزلت من مائة وعشر كيلو إلى ثمانين ثم سبعين ثم خمسة وستين ثم سبعة وخمسين كيلو.. وهكذا بعدها فوراً بدأت في تعلم الملاكمة لأبدأ من وزن الريشة..ونلت بطولة هذا الوزن ولكن للأسف أضطررت للسفر للدراسة.. وهناك كنت الأول على دفعتي..وألَّفتُ عشرات الكتب والأبحاث العلمية ثم قررت التفرغ للعمل السياسي..وكنت أرى البؤس الذي تعيشه البلد والحروب والصراعات والجهل والفقر والمرض..فأعددت خطة شاملة للتغيير.. وسعيت لإقناع الجماهير بها بدءً من الشباب والنساء وحتى من هم في مثل عمري من العجائز..
- لستَ كبيراً يا سيدي..فأنت بحسب ما ورد في سجلكم الانتخابي في الستين من العمر..
- نعم نعم..لقد وضعت برنامجاً طموحاً للنهوض بالبلد..اقتصاديا وثقافياً واجتماعياً وسياسياً ..ورياضيا بالتأكيد بحكم كوني رياضي سابق..وأيضاً في تطوير السياحة والفنون والآداب الخ الخ..أنتم أيضاً إهتممت.. بكم فالإعلام هو صوت الشعب..صوت صراخه عندما يشعر بالظلم وضحكاته عندما يشعر بالرفاهية والسعادة..
- نعم سيدي الرئيس..ولكن سيدي السيد كامل..ماذا عن المرأة..المرأة هي نصف المجتمع..
- دعني أخالفك القول..المرأة ليست نصف المجتمع ولا كل المجتمع..هذا تمييز لا معنى له..المرأة هي جزء لا يتجزأ من المجتمع.. والرجل كذلك .. الأطفال والمعاقون أيضاً.. يجب أن نتخلى عن تلك التمييزات حتى لا تُستغل بشكل فج في الصراعات السياسية..فالحديث عن كون المرأة نصف المجتمع أصبح حديثاً مبتذلاً ..أما أنا فاقول للجميع...نح...
(كامل..يا متعوس..ألا تسمعني.. أرجوك خفض صوت التلفزيون قليلاً.. ولا تنسَ شراء الكهرباء فلم يتبقَّ منها الكثير وأنت تعرف البعوض.. ولا أريد سماع حجج عدم توفر أموال..لقد قبضت معاشك قبل يومين فقط..أين أنفقته..ها..اخبرني)..
يصيح السيد كامل:
- في النساء والخمور يا عواطف..
يأتي صوتها:
- وهل لديك طاقة للنساء أو رأس للخمور...إذهب قبل أن تقفل شركة الكهرباء..لم يتبقَّ لها سوى ساعة..
ينهض السيد كامل بتثاقل، ويرتدي جلبابه ويخرج من المنزل، فيجد الظلام قد حل..والحر الخانق يكتم أنفاسه لكنه يستمر في السير..
- ندعوكم اليوم سادتي في صالة ماكس بلانك لهذه المناظرة التاريخية بين عالِمين كبيرين..أما الأول فهو السيد جي موريس آيزنهاور وهو بروفيسور في الفيزياء وأما المناظر الثاني فهو غني عن التعريف...إنه بروفيسور السيد كامل والمشهور بنظرية الإنحسار الكمومي التي أهلته لنيل جائزة نوبل عن جدارة..سنوجه اولاً الحديث للسيد أيزنهاور..والذي سيكون لديه خمس دقائق للحديث وخمس دقائق للسيد كامل لكي يرد عليه..فلنبدأ بالسيد آيزنهاور ونسأله عن الأخطاء التي لازمت تجربة التكاثر الكمومي والتي انتهت بدحض بروفيسور السيد كامل لها بنظرية الإنحسار..فلتتفضل سيد آيزنهاور.
- حسنٌ..اوؤتاؤلاةى...حهتيننتى....كتىرؤن. ظزوةءءت.... ظزككحاااب....ةىبابيسسي...رؤسللييي...
-انتهى وقتك سيد آيزنهاور...
- أرجو أن تسمح لي بثلاثين ثانية إضافية فقط؟
- نأسف سيدي ..تفضل بروفيسور السيد كامل..
- حسنُ..أرحب بكم وبكل الجماهير الذين هم معنا هنا في القاعة الكبرى ومن يشاهدوننا عبر المتلاقح الطيفي..الذي اخترعته انا (الجماهير تصفق وتضحك مغتبطة).. وليكن ذلك مدخلاً طيباً لمداخلتي في هذا الشأن..في الواقع كان إختراعي للمتلاقح الطيفي هو بداية انتباهي للمشاكل في نظرية التكاثر الكمومي.. تعرفون طبعا.. باعتباركم طلاب فيزياء أو حتى خبراء...أن النظرية التي كانت سائدة قبل ظهور فيزياء السيد كامل هي أن الأجسام ما دون الذرية ذات طبيعة مزدوجة، في بعض الأحيان تأخذ طبيعة جسيمية وتارة موجية..في الواقع لقد..تبانلببيبا...جختتةربل...ظوىرؤراتل..تاليءب...جخالون...وىؤبلل.....ظونلبلل...ةىبببي...
-انا اعترض..لماذا تمنحون السيد كامل وقتاً أطول مني؟
- نحن آسفون يا سيدي ولكن ها أنت ترى أن ما يقوله صاحب الفيزياء الحديثة أهم كثيراً مما تقوله أنت..
(انتبه يا حيوان..ألا ترى السيارات وأنت تقطع الشارع)..
ينظر السيد كامل من حوله فيجد السيارات أمامه متوقفة وأصوات أبواقها ترتفع بضجيج مزعج، فيرفع يده معتذراً..
- إنه رجل عجوز..
- يبدو أنه لا يسمع..أو انه مصاب بالخرف
- لا تخرج لوحدك يا عمنا...
- ستصاب بحادث سير...
يتلفت السيد كامل بجزع من حوله، ويصل إلى الرصيف فيتنفس الصعداء... ولكنه لا يجد شركة الكهرباء...فيهمس لنفسه: أين ذهبت شركة الكهرباء؟
يرى صبياً متسولاً فيسأله..حينها يشير الصبي بسبابته قائلاً:
- إنها بعيدة جداً يا عمو...هناك بعد الاستوب الثالث...لن تتحمل السير بقدميك..
يبتعد الصبي فيضع السيد كامل كفيه داخل جيوب جلبابه..ويتأمل الأفق..
- إنها بعيدة فعلاً لقد سرت أكثر مما يجب.. ولكن مع بعض الحوارات الأخرى سوف لن اشعر بمضي الوقت ولا بالتعب..ها.. هيا بنا..
- مرحباً بالسيد كامل في قناة القمة إسبورت..وجميعنا يريد أن يعرف أخبارك بعد اعتزالك منذ عقود .. فأنت كنت أحد نجوم كأس العالم لكرة القدم خاصة في السنوات من..
(تمت)
- صاعقة في الفردوس..
- نعم.. صاعقة في الفردوس.. عذراً فرواياتك كثيرة وإنتاجك غزير يا سيدي..
- أشكرك يا سيدتي..
- السيد كامل كل المشاهدين في كافة دول العالم يتسمرون الآن أمام الشاشات الطيفية ليعرفوا المزيد عنك.. فهناك غموض وضباب كثيف حول حياتك الخاصة..فلماذا فضلت الاعتزال عن وسائل الإعلام؟
- حسنٌ.. اشكرك سيدتي.. والحقيقة الأمر أبسط من أي شيء.. إنني لا أرى أن هناك شيئاً يستحق كل هذا الضجبج.. إنني شخص عادي.. يرى لا جدوى حياته فقرر أن يخلق بعض المعنى من خلال الكتابة.. إنني حتى لم أذهب للناشرين كل ما حدث هو أن..
-سنتحدث عن هذا لاحقاً فمن الضروري أن نتعمق في رحلتك الكتابية..ولكن..دعنا نرجع إلى الوراء ليس كثيراً لأنك لست كبيراً في السن..
- إنني في الستين يا سيدتي..
- حقاً.. هذا جيد..ولكن كيف كانت طفولتك.. طبيعة اسرتك..؟
- أه..حسن.. لم تكن هناك طفولة..لقد ولدت في ملجأ للقطاء يا سيدتي..وأخذتني إحدى النساء..
- تبنتك؟
- لا.. بل جعلتني خادماً..
- ماذا؟
- هذا ما حدث.. كان الملجأ يبيع اللقطاء كخدم ولكن بحجة التبني.. لم يكن ذلك تبنياً.. كان بعضنا قد تعرض للاغتصاب لسنوات طويلة..
- أرجوك لا أتحمل..
- حسنٌ .. أنا آسف..
- أعتذر للمشاهدين عن بكائي ..سأحاول أن أهدأ.. فاصل ونعود..
- أهلا وسهلاً بكم..ويستمر حوارنا مع الكاتب الكبير سيد كامل والذي حصل على جائزة نوبل في الأدب.. نرحب بك مجدداً وأعتقد أننا سنتجاوز فترة الطفولة التي لم تكن طفولة ونسأل عن بداية شغفك بالكتابة..كيف كان ذلك؟
(كاااامل...يا كااامل..تعال اتسمم)..
يلعنها السيد كامل في سره ويذهب لتناول الغداء.. فتقول زوجته:
- لماذا طلبت إحالتك للمعاش قبل إكمال مدتك..
يمضغ طعامه ببطء، فتواصل هي:
- خمس سنوات فقط تبقت..كنت ستجد ما تفعله في يومك بدلاً عن سرحانك الطويل هذا طوال اليوم..
بعد أن يأكل طعامه، يجرع كوب الماء بصوت مسموع... ثم يعود للجلوس أمام التلفزيون..ويرى المذيع يتحدث..
- السادة المشاهدون مرحبا بكم.. هذا هو الظهور الأول للسيد رئيس الجمهورية المنتخب السيد كامل في أول عملية دموقراطية تحدث في البلاد بعد عقود طويلة من الدكتاتورية.. سيدي الرئيس لقد شرفتنا بظهورك هذا.. وكل الشعب متشوق ليسمعك..ليعرف مستقبله..أحلامه وطموحاته.هل ستتحقق أم لا...تفضل سيدي الرئيس..
- اهلاً بكم وبكل المشاهدين..طبعا أود أن أعتذر عن تاخر هذا اللقاء ولكن هذا خارج عن إرادتي..فكم أحب أن أقابل شعبي..أن أسمعهم ويسمعونني.. ولكن منذ أن تم انتخابي كرئيس وبرنامجي ممتلئ بالكامل..
- نعم.. كل الشعب يقدر ذلك بالتأكيد..ولكن..اسمح لي أن أسألك عن السبب الذي دعاك للترشح في الانتخابات.. وخاصة ضد رئيس دكتاتوري وقوي في نفس الوقت.. ومع ذلك اكتسحته اكتساحاً بل وأجبرته على الإعتراف بالنتيجة..كيف حدث ذلك..إن الشعب نفسه لا يصدق..
- انظر يا بُني.. لقد قال شوبنهاور أن العالم تمثل وإرادة.. الإرادة في كل شيء.. الإيمان بأنك تمتلك القدرة على تغيير العالم وتوجيه إرادتك للفعل سوف تنتصر بدون شك.. أنت تعرف أو ربما تعرف لست متاكداً من ذلك..أنني قضيت بضع سنوات من حياتي كملاكم..كنت لم أبلغ العشرين وكنت سميناً ومترهل البطن.. لكنني قررت أن أكون ملاكماً وهكذا بدأت في التمارين الرياضية..لقد نزلت من مائة وعشر كيلو إلى ثمانين ثم سبعين ثم خمسة وستين ثم سبعة وخمسين كيلو.. وهكذا بعدها فوراً بدأت في تعلم الملاكمة لأبدأ من وزن الريشة..ونلت بطولة هذا الوزن ولكن للأسف أضطررت للسفر للدراسة.. وهناك كنت الأول على دفعتي..وألَّفتُ عشرات الكتب والأبحاث العلمية ثم قررت التفرغ للعمل السياسي..وكنت أرى البؤس الذي تعيشه البلد والحروب والصراعات والجهل والفقر والمرض..فأعددت خطة شاملة للتغيير.. وسعيت لإقناع الجماهير بها بدءً من الشباب والنساء وحتى من هم في مثل عمري من العجائز..
- لستَ كبيراً يا سيدي..فأنت بحسب ما ورد في سجلكم الانتخابي في الستين من العمر..
- نعم نعم..لقد وضعت برنامجاً طموحاً للنهوض بالبلد..اقتصاديا وثقافياً واجتماعياً وسياسياً ..ورياضيا بالتأكيد بحكم كوني رياضي سابق..وأيضاً في تطوير السياحة والفنون والآداب الخ الخ..أنتم أيضاً إهتممت.. بكم فالإعلام هو صوت الشعب..صوت صراخه عندما يشعر بالظلم وضحكاته عندما يشعر بالرفاهية والسعادة..
- نعم سيدي الرئيس..ولكن سيدي السيد كامل..ماذا عن المرأة..المرأة هي نصف المجتمع..
- دعني أخالفك القول..المرأة ليست نصف المجتمع ولا كل المجتمع..هذا تمييز لا معنى له..المرأة هي جزء لا يتجزأ من المجتمع.. والرجل كذلك .. الأطفال والمعاقون أيضاً.. يجب أن نتخلى عن تلك التمييزات حتى لا تُستغل بشكل فج في الصراعات السياسية..فالحديث عن كون المرأة نصف المجتمع أصبح حديثاً مبتذلاً ..أما أنا فاقول للجميع...نح...
(كامل..يا متعوس..ألا تسمعني.. أرجوك خفض صوت التلفزيون قليلاً.. ولا تنسَ شراء الكهرباء فلم يتبقَّ منها الكثير وأنت تعرف البعوض.. ولا أريد سماع حجج عدم توفر أموال..لقد قبضت معاشك قبل يومين فقط..أين أنفقته..ها..اخبرني)..
يصيح السيد كامل:
- في النساء والخمور يا عواطف..
يأتي صوتها:
- وهل لديك طاقة للنساء أو رأس للخمور...إذهب قبل أن تقفل شركة الكهرباء..لم يتبقَّ لها سوى ساعة..
ينهض السيد كامل بتثاقل، ويرتدي جلبابه ويخرج من المنزل، فيجد الظلام قد حل..والحر الخانق يكتم أنفاسه لكنه يستمر في السير..
- ندعوكم اليوم سادتي في صالة ماكس بلانك لهذه المناظرة التاريخية بين عالِمين كبيرين..أما الأول فهو السيد جي موريس آيزنهاور وهو بروفيسور في الفيزياء وأما المناظر الثاني فهو غني عن التعريف...إنه بروفيسور السيد كامل والمشهور بنظرية الإنحسار الكمومي التي أهلته لنيل جائزة نوبل عن جدارة..سنوجه اولاً الحديث للسيد أيزنهاور..والذي سيكون لديه خمس دقائق للحديث وخمس دقائق للسيد كامل لكي يرد عليه..فلنبدأ بالسيد آيزنهاور ونسأله عن الأخطاء التي لازمت تجربة التكاثر الكمومي والتي انتهت بدحض بروفيسور السيد كامل لها بنظرية الإنحسار..فلتتفضل سيد آيزنهاور.
- حسنٌ..اوؤتاؤلاةى...حهتيننتى....كتىرؤن. ظزوةءءت.... ظزككحاااب....ةىبابيسسي...رؤسللييي...
-انتهى وقتك سيد آيزنهاور...
- أرجو أن تسمح لي بثلاثين ثانية إضافية فقط؟
- نأسف سيدي ..تفضل بروفيسور السيد كامل..
- حسنُ..أرحب بكم وبكل الجماهير الذين هم معنا هنا في القاعة الكبرى ومن يشاهدوننا عبر المتلاقح الطيفي..الذي اخترعته انا (الجماهير تصفق وتضحك مغتبطة).. وليكن ذلك مدخلاً طيباً لمداخلتي في هذا الشأن..في الواقع كان إختراعي للمتلاقح الطيفي هو بداية انتباهي للمشاكل في نظرية التكاثر الكمومي.. تعرفون طبعا.. باعتباركم طلاب فيزياء أو حتى خبراء...أن النظرية التي كانت سائدة قبل ظهور فيزياء السيد كامل هي أن الأجسام ما دون الذرية ذات طبيعة مزدوجة، في بعض الأحيان تأخذ طبيعة جسيمية وتارة موجية..في الواقع لقد..تبانلببيبا...جختتةربل...ظوىرؤراتل..تاليءب...جخالون...وىؤبلل.....ظونلبلل...ةىبببي...
-انا اعترض..لماذا تمنحون السيد كامل وقتاً أطول مني؟
- نحن آسفون يا سيدي ولكن ها أنت ترى أن ما يقوله صاحب الفيزياء الحديثة أهم كثيراً مما تقوله أنت..
(انتبه يا حيوان..ألا ترى السيارات وأنت تقطع الشارع)..
ينظر السيد كامل من حوله فيجد السيارات أمامه متوقفة وأصوات أبواقها ترتفع بضجيج مزعج، فيرفع يده معتذراً..
- إنه رجل عجوز..
- يبدو أنه لا يسمع..أو انه مصاب بالخرف
- لا تخرج لوحدك يا عمنا...
- ستصاب بحادث سير...
يتلفت السيد كامل بجزع من حوله، ويصل إلى الرصيف فيتنفس الصعداء... ولكنه لا يجد شركة الكهرباء...فيهمس لنفسه: أين ذهبت شركة الكهرباء؟
يرى صبياً متسولاً فيسأله..حينها يشير الصبي بسبابته قائلاً:
- إنها بعيدة جداً يا عمو...هناك بعد الاستوب الثالث...لن تتحمل السير بقدميك..
يبتعد الصبي فيضع السيد كامل كفيه داخل جيوب جلبابه..ويتأمل الأفق..
- إنها بعيدة فعلاً لقد سرت أكثر مما يجب.. ولكن مع بعض الحوارات الأخرى سوف لن اشعر بمضي الوقت ولا بالتعب..ها.. هيا بنا..
- مرحباً بالسيد كامل في قناة القمة إسبورت..وجميعنا يريد أن يعرف أخبارك بعد اعتزالك منذ عقود .. فأنت كنت أحد نجوم كأس العالم لكرة القدم خاصة في السنوات من..
(تمت)