سناء هلال - يا حبُّ..

يا حبُّ: لا تعنيني منكَ هناءةَ الأوقاتِ البليدةِ
ولا حتى النهاياتِ السعيدةِ
أحبُّ رَجحانَكَ والعشّاقَ المُياومينَ على الهاويةِ
أولئكَ الذين يحفرونَ أبداً في مجرى الدمِ الراكدِ
يشيّدونَ ممالكَ من دخانٍ ثم يعودونَ بأجسادٍ مشتعلةٍ
وحتى إن سمعوا أصواتاً تناديهُم في الفضاءِ النائحِ
لا ينقّبونَ ليلاً عن جراحِهم القارّةِ..
يقيمونَ لِماماً في رائحةِ الأماكنِ
كما يرتادُ عطرٌ جامحٌ نُزلاً جبلياً
ليستعيرَ من النُدمانِ فلسفةَ النبيذِ
ومن شاعرٍ مخمورٍ هرطقةَ الجنون
وحين ينامُ وحيداً على وسادةِ المطلقِ
وينضجُهُ الغيابُ..
ينجبُ من حبيبتِهِ البعيدةِ طيفاً ويسقيه..
*
كلُّ الذينَ قالوا كلاماً واثقاً من قبيلِ:
(نكونُ أو لا نكون)
عادوا وقالوا: ليأتِ الحبُّ كيفما يشاء
ليأتِ خائفاً كظلٍّ حسيرٍ
أو في اختراقٍ سافرٍ للدورةِ الدمويَّةِ
ليأتِ كنهارٍ مدرسيٍّ رتيبٍ
أو كالنِمالِ سعياً في العشبِ النابتِ
ليأتِ حيِّياً من شفتينِ مُمعنتينِ في الصدِّ
أو ليُؤتَ في جسدٍ منحازٍ إلى رجلٍ فسيح
ليأتِ هارباً كامرأةٍ ريفيةٍ حزمَتْ صِباها إلى ركنٍ ظليلٍ
أو كرجلٍ متطيِّرٍ واقفتْهُ ريحُ الشمالِ
فاتّخذَ من الهبوبِ قدمينِ محرَّرتينِ في مدنِ الجنوب
ليأتِ منقَّباً بالكبرياءِ أو طليقاً في عينينِ عسليّتينِ
ليأتِ شبِقاً كموتٍ مُحتّمٍ أو ضنيناً في جسدينِ موصدينِ..
سواءَ جاء من غمّازتينِ تفتحانِ شبّاكَ الابتسامِ على الروحِ المأسورِ أو في مواعينِ الكلام..
مفعماً بشعرِ الناشئةِ أو رصيناً كحديثِ المُنظّرين
ليأتِ مُشهراً أهواءَهُ أو رائياً خلفَ الروحِ الأثيريّةِ
ليأتِ زاهداً أو معربداً.. شريداً أو مُريداً
وليأتِ في الزوالِ أو في الغسقِ الشفيفِ
ليأتِ معجّلاً قبلَ الفواتِ أو مؤجلاً حتى تفتُّح النهدين
ليأتِ زرعاً أو حرثاً وما مَلكتْ يدانِ تنزلقانِ على الرخامِ
ما دام سيطرحُ الغلالَ
وينحني كقوسِ قزحٍ إلى صدرِ البحيرةِ
ويأتي بالسماءِ إلى الماءِ..
وكغزالٍ شاردٍ سيصبغُ بالحناءِ كفَّي مهرةٍ جبليَّةٍ
ويقرنُ الأعمارَ بالأعمارِ والأسماءَ بالأهواءِ
فما الجدوى من قلبينِ منقّبَين بالكمالِ
يغتسلانِ بالمنامِ الحلوِ
ثم يقفانِ كموقدينِ بغيضينِ على الحِياد..
لا يَغِيرانِ كالإعصارِ على سرايا الرماد
لا يتهجَّيانِ لغةَ الرغيفِ الطازجِ بين المئزرِ والنار
لا يسألانِ ما جدوايَ من عدمي!
لا يقولانِ أَيتنيهِ من فمِ المُحالِ
فما الحكمةُ في الحبِّ
ألّا تقعَ على نقصانِها الأشياء..!



يا حبُّ

يا حبُّ: لا تعنيني منكَ هناءةَ الأوقاتِ البليدةِ
ولا حتى النهاياتِ السعيدةِ
أحبُّ رَجحانَكَ والعشّاقَ المُياومينَ على الهاويةِ
أولئكَ الذين يحفرونَ أبداً في مجرى الدمِ الراكدِ
يشيّدونَ ممالكَ من دخانٍ ثم يعودونَ بأجسادٍ مشتعلةٍ
وحتى إن سمعوا أصواتاً تناديهُم في الفضاءِ النائحِ
لا ينقّبونَ ليلاً عن جراحِهم القارّةِ..
يقيمونَ لِماماً في رائحةِ الأماكنِ
كما يرتادُ عطرٌ جامحٌ نُزلاً جبلياً
ليستعيرَ من النُدمانِ فلسفةَ النبيذِ
ومن شاعرٍ مخمورٍ هرطقةَ الجنون
وحين ينامُ وحيداً على وسادةِ المطلقِ
وينضجُهُ الغيابُ..
ينجبُ من حبيبتِهِ البعيدةِ طيفاً ويسقيه..
*
كلُّ الذينَ قالوا كلاماً واثقاً من قبيلِ:
(نكونُ أو لا نكون)
عادوا وقالوا: ليأتِ الحبُّ كيفما يشاء
ليأتِ خائفاً كظلٍّ حسيرٍ
أو في اختراقٍ سافرٍ للدورةِ الدمويَّةِ
ليأتِ كنهارٍ مدرسيٍّ رتيبٍ
أو كالنِمالِ سعياً في العشبِ النابتِ
ليأتِ حيِّياً من شفتينِ مُمعنتينِ في الصدِّ
أو ليُؤتَ في جسدٍ منحازٍ إلى رجلٍ فسيح
ليأتِ هارباً كامرأةٍ ريفيةٍ حزمَتْ صِباها إلى ركنٍ ظليلٍ
أو كرجلٍ متطيِّرٍ واقفتْهُ ريحُ الشمالِ
فاتّخذَ من الهبوبِ قدمينِ محرَّرتينِ في مدنِ الجنوب
ليأتِ منقَّباً بالكبرياءِ أو طليقاً في عينينِ عسليّتينِ
ليأتِ شبِقاً كموتٍ مُحتّمٍ أو ضنيناً في جسدينِ موصدينِ..
سواءَ جاء من غمّازتينِ تفتحانِ شبّاكَ الابتسامِ على الروحِ المأسورِ أو في مواعينِ الكلام..
مفعماً بشعرِ الناشئةِ أو رصيناً كحديثِ المُنظّرين
ليأتِ مُشهراً أهواءَهُ أو رائياً خلفَ الروحِ الأثيريّةِ
ليأتِ زاهداً أو معربداً.. شريداً أو مُريداً
وليأتِ في الزوالِ أو في الغسقِ الشفيفِ
ليأتِ معجّلاً قبلَ الفواتِ أو مؤجلاً حتى تفتُّح النهدين
ليأتِ زرعاً أو حرثاً وما مَلكتْ يدانِ تنزلقانِ على الرخامِ
ما دام سيطرحُ الغلالَ
وينحني كقوسِ قزحٍ إلى صدرِ البحيرةِ
ويأتي بالسماءِ إلى الماءِ..
وكغزالٍ شاردٍ سيصبغُ بالحناءِ كفَّي مهرةٍ جبليَّةٍ
ويقرنُ الأعمارَ بالأعمارِ والأسماءَ بالأهواءِ
فما الجدوى من قلبينِ منقّبَين بالكمالِ
يغتسلانِ بالمنامِ الحلوِ
ثم يقفانِ كموقدينِ بغيضينِ على الحِياد..
لا يَغِيرانِ كالإعصارِ على سرايا الرماد
لا يتهجَّيانِ لغةَ الرغيفِ الطازجِ بين المئزرِ والنار
لا يسألانِ ما جدوايَ من عدمي!
لا يقولانِ أَيتنيهِ من فمِ المُحالِ
فما الحكمةُ في الحبِّ
ألّا تقعَ على نقصانِها الأشياء..!



[SIZE=26px]سناء هلال[/SIZE]


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى