علي خليفة - مسرحية العاصفة لوليم شكسبير

هذه المسرحية هي آخر ما كتب شكسبير من مسرحيات، ونشعر من أحداثها أن شكسبير كان قد استشعر أن هذه هي آخر مسرحية يكتبها؛ ولهذا نراه يجعل بطلها بروسبيرو في نهاية هذه المسرحية يتخلى عن كتب السحر التي مكنته من كل خصومه الذين تآمروا عليه وخلعوه من إمارة ميلانو، فهو يتخلى عن مواهبه وقدراته السحرية، ويميل للحياة الهادئة المستقرة، كما فعل شكسبير نفسه بعد فراغه من هذه المسرحية بأن ترك قلمه الذي يكتب أعمالا تفيض بالعبقرية والسحر، ويترك حياة المسرح الصاخبة والممتلئة بالكفاح والصراعات، ويعود لمسقط رأسه في ستراتفورد ليقضي فيها سنواته الأخيرة في حياة هادئة مستقرة.
وفي اعتقادي أنه من الأقرب أن تصنف مسرحية العاصفة على أنها كوميديا أخلاقية، فالأحداث الكوميدية غالبة عليها، كما أننا نرى بها بعض الشخصيات الظريفة، مثل الجني الظريف آريل، والمسخ كاليبان الذي يثير الكوميديا بتصرفاته الغريبة التي تقربه من الحيوانات في ميوله وتصرفاته، وأيضا نرى فيها المهرج الظريف ترنكلو والخادم السكير الظريف استيفانو، وهذان الشخصان يبدوان مخمورين كثيرا، ويتصرفان تصرفات تثير الضحك خلال ذلك، لا سيما مع كاليبان الذي ظن أنهما يمكنهما أن يخلصاه من سطوة بروسبيرو عليه بسحره.
وعقدة هذه المسرحية عقدة خفيفة تناسب الكوميديا، فلسنا نرى فيها حوادث قتل، ولا جرائم بشعة، ولكننا نرى فيها بروسبيرو يتمكن بقدراته السحرية من أن يجعل بعض الجن الخاضعين له في احدى الجزر تثير عاصفة شديدة، وتسيطر على سفينة كان فيها بعض الأشخاص الذين أزاحوه عن إمارة ميلانو التي كان أميرا عليها من اثنتي عشرة سنة، ويأمر بيرسبيرو الجن الذين يخضعون له بعدم إيذاء أي أحد ممن في هذه السفينة، وبعدم تدمير السفينة نفسها.
ويظهر ركاب هذه السفينة متفرقين على هذه الجزيرة، وكل مجموعة منهم تظن أنها وحدها التي نجت من تلك العاصفة الشديدة التي ألقت بهم من السفينة في مياه البحر وسبحوا حتى وصلوا لشاطئ هذه الجزيرة.
وحين تري ميرندا فرديناند ابن ألونزو ملك نابولي تحبه، ويحبها هو أيضا، ويضعه بروسبيرو في اختبارات صعبة ليتأكد من حبه لابنته وينجح فيها، ويعدهما بروسبيرو بموافقته على زواجهما.
ويظن فرديناند أن والده قد هلك في البحر، كما أن ألونزو يظن أن ابنه فرديناند قد هلك في البحر، ويسر بذلك أنطونيو الذي اغتصب حكم ميلانو من أخيه بروسبيرو حين فوض إليه حكمها وانشغل بالقراءة والمعرفة، ويشترك معه سبستيان أخو الملك ألونزو في مؤامرة لقتل ألونزو؛ ليكون حكم نابولي لسبستيان، ولكن بروسبيرو يأمر الجني آريل بإفشال هذه المؤامرة.
وفي نهاية هذه المسرحية يجمع بروسبيرو كل من كانوا على تلك السفينة ويعرفهم بنفسه، ويقول لأخيه أنطونيو: إنه قد عفا عنه على ان يعود أميرا على ميلانو، وأيضا يعرف ألونزو انه قد عفا عنه، في مشاركته لأنطونيو في إبعاده عن إمارة ميلانو، ويسعد ألونزو حين يرى ابنه فرديناند حيّا، ويعرف أنه يرغب في الزواج من ميراندا ابنة بروسبيرو فيفرح بذلك ، ويشكر بروسبيرو صديقه جونزالوا لأنه هو الذي أمده بكتبه وبالطعام والشراب حين وضعه أخوه في قارب مع ابنته الصغيرة ميراندا آنذاك ليغادر ميلانو لينفرد هو بحكمها.
ويتخلص بروسبيرو في نهاية هذه المسرحية من كتبه السحرية، ويطلق الجن الذين كانوا خاضعين له خاصة الجني الظريف صاحب القدرات الكبيرة آريل، ويستعد مع كل ركاب هذه السفينة للعودة لوطنه بعد أن عاش على هذه الجزيرة مع ابنته اثنتي عشرة سنة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى