عبدالله عيسى - الزائر الأعمى

يعيشُ معي، كعَينيّ، في غُرفةٍ مظلمةْ.
صامتاً مثل نسرٍ عجوزٍ ترمّلَ، أعمى
يُحدّقُ بي بين مقبرتينِ معلّقتينِ على معصميّ
- إليّ!
يصيحُ عليّ ،
إذا ضَجِرتْ فكرتي منهُ في ظُلُماتِ الكوابيسِ .
- ما قلتُ شيئاً .
فقطْ
دونَ أنْ أتمالَكَ نفسي ابْتَسمتُ .
لأنّي اكْتشفتُ
بأنّي ما زلتُ حيّا.
يعضُّ على وجعي بِنَواجِذهِ الصَدِئاتِ ؛
و لا يتلطّفُ، مثلي، بأنّاتيَ الراعشاتِ على طَرَفَيِّ السريرِ .
يعدّ خطايايَ كاملةً منذ يومِ وُلِدتُ
عليّ
- أنا لم أمتْ بعدُ!
خطايايَ حُريّتي الآثِمةْ.
و سأبقى
أحبُّ النساءَ
و أحمي روائِحَهُنّ الكليماتِ، بالحبّ، منكَ ،
و أشقى
بما أشتهي، مثلما أشتهي، كلّما أشتهي.
أشتهي، مثلاً، أن يكونَ ، كما الناسُ، لي وطنٌ
و حديقةُ بيتٍ أليفٍ ألاعبُ فيها، متى شئتُ،
إنْ شئتُ ،
كلبةَ جارتِنا فاطِمَةْ .
و أحنُّ إليهِ،
إذا عدُتُ
من حيث جئتُ .
أخَبّئهُ في منافيّ تحتَ الوسادةِ
عن حُلمِ أحفادِ أعدائيَ العابرينَ ،
و من خُبْثِ سرُّاقِ أخبارِهِ في الرواياتِ؛
أغدو لهُ عِبرةً بين عشّاقهِ العارفينَ بأوصافِهِ كلّها
و يصيرُ، كما أشتهي، مثلَ كل الخلائقِ قبراً إذا متُّ.
و قد أشتهي ما اشتهيتُ
فيا سيّدي الموتُ
لا تتّخذْني عدوّاً
و عدْ بيْ إلى نجمتيْ النائِمةْ.
ليسَ لي في الحياةِ سوايَ .
أنا أغْبَرُ الحَظّ مذْ جِيءَ بي .
خانَنِي صاحِبي و أخي ،
و رمى الأنبياءُ كلامَ الغريبِ عليّ
فتُهتُ
و ما لي سوى ألمي و هو يُوهِنُ عظمي خليلاً ؛
فخذُ ظلّيَ المنحني مثل قوسِ الحِدادِ على خوفِ عينيّ منكَ،
و عُدْ بي إلى بسمتيْ الحالمةْ

عبدالله عيسى


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى