عامر الطيب - تجرحني روحي الشفيفةُ

تجرحني روحي الشفيفةُ
التي نحتُّها من الحجر
عندما تسقط متكومةً على الطريق
و لا تصبح جدراناً.
يجرحني أي ضوء لا أتبينه
الآن وأنا أعبر هذا الليل بمهرة خرساء
وأنا أقول وداعاً
دون أن أطلق صوتاً كمتسكع بائس.
تحت سماء غير سوية مثل الأشجار
التي كنا نرسمها للتسلية
أبكي كمن يلمّع بشرته .
فمي غابةٌ و الكلمات التي ابتدعتها
ذاهبة إلى العدم!

أنا أيضاً أراجع حياتي
كدفتر شخصي لأعرف ما الذي خسرته
وما الذي ربحته.
أنا أيضاً
أهمل بعض الأشياء
و أتناسى بعضها،
لأي سبب أو لسبب لا أعرفه
أناجي إلهي بعظامي و قلبي
إلهي عظيم لكنّ يده الصغيرة
التي صنعت النجوم الزاهية
هي ذاتها التي ملأتْ العالم ليلاً !

لا شيء يشبه رقة قلبي
لا السماء الزجاجية التي انتهت ، لا الجثة المغطاة
بالكفن ولا القطة الممددة عند ركبتي.
طريق عشبي هو قلبي إذن
على نحو يجعلكم
تدوسونه كما تفعلون دائماً.
لكني أخاطبكم الآن
فليعبر أحبّّكم إلي بلا مبالاةٍ
كمن يجتازُ السّلمَ ثملاً !

لمَن سينتهي كمن يقتلع بالقوة ،
لمن يَصعد كغبار هائل
و يتقدم نحو موته كأرجوحةٍ،
لا حاجة بي لأقول
أنني أكتب
لهؤلاء الذين عيونهم مغمضة كنهودٍ،
الذين لو ملك أحدهم
حياتين طويليتين
لما وهب إحداهنَّ قرباناً !

هكذا ستهاجرين
دون منحي فرصة أن أكون حجراً
أو عيناً تنظر لوريقات الأزهار.
دون منحي الشوارع المعتمة
التي سأسمي
نفسي فيها رحالاً.
هكذا ستهاجرين
دون أن تدعي روحي
تكتفي برعبها كحيوان يغادر مغارته،
في هواء بارد
حيث ستنهض مدينتنا صامتة مثل مركبٍ نسيناه،
حيث سيربت على كتفي
الموتى لا الأحباب!

دور صغير على المسرح
طلب مني المخرج
ان أسعل وأنا أتذكر شخصاً،
أشرب الماء برغبة وأنا أتناساه ،
أن أقف في الظل
عند ممارسة الحب
ثم أبرز جسدي بالكامل وقد انتهيتُ من كل شي.
لكن أتعلمين
لقد فعلتُ كل ما يأمرني المخرج به
و بسبب حبك الفاضح كدخان مبخرة
لم يبد تحت الأضواء سوى وجهي!

رفرفة تنورتكِ
تسطع في المكان .
أجلس إلى مائدتي محاولاً أن أعرف
لأي طريق أنت تتجهين.
الأرض تتعفن تحت قدمي
و الغيوم البيضاء تبزغ كفرح إنساني
ضئيل.
رفرفة تنورتك تهزني
كما لو أنني على وشك الموت
في نهر باردٍ.
دائماً مثل قبعة رمادية
يطفو جزء من حبكِ لمرة واحدة فقط !

يا خياطو العالم اتحدوا
إنني مهموم بجسدي
ثمة إشارات حيث تمنحونه الحب
و ثمة ضوضاء حيث تكتفون بالنظر إليه
و هناك ما استطعت
أن أسميه العري الذي يحزنني
هو الذي الذي حدث منذ أسابيع
إذ حاولتُ أن
أفرز الكلمات المتلبدة
لأغطي فمي !

أحببتُ أمي أكثر مما فعل
أبي ، أخوتي أكثر مما استطاعت زوجاتهم،
أحببت رفاقي
أكثر مما أحبوا رفاقهم،
أحببت المسافرين
أيضاً
تركتهم ينامون مطولاً قبل أن نبلغ
المدن التي قصدناها.
أعرف إنكم ستظنونني مبالغاً
لكن هذا ما جرت عليه العادة ،
مثل ساعة جدار
سأرضي الجميعَ
و كما تعطل بطاريّتها
سأوبخ أعدائي!

عامر الطيب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى